أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل















المزيد.....

التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6417 - 2019 / 11 / 23 - 02:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف


في مثل الأزمة السياسية والأجتماعية والأقتصادية التي يمر بها العراق الآن لا بد من إدارة وإرادة سياسية مسئولة تتولى زمام قيادة هذه المرحلة والعبور إلى الشاطئ الأخر بأقل ما يمكن من الخسائر، فليس من مصلحة أحد (من غير الفاسدين والذين لا يحملون النفس الوطني وروح التحضر والإنسانية) أن ينزلق الوضع العام نحو العنف والعنف المتبادل، لكن وقائع الأرض تشير إلى أن غالبية المتحكمين بالشأن السياسي سواء من الطبقة السياسية الحاكمة وغيرهم، غير مبالين بهذا المنزلق الخطير، بل هم من يدفعون بقوه نحو ذلك أملا في جولة جديدة من تصفية الحسابات مع القوى المنتفضة والتي أغلبها شباب لا يملك إلا المعاناة وحب الوطن.
قد يظن البعض أن مجرد خروج الشعب للشارع وإعلان موقفه ورفضه للواقع السياسي كفيل بأن يدفع القوى الحاكمة للتحرك نحو الإصلاح، وهذا ما تم فعلا خلال السنين الماضية وبأكثر من مناسبة أبتدأ من شتاء 2011 إلى تموز 2018، وقد برع المتسلطون على مقاليد الحكم والسلطة في التسويف والخداع والمماطلة، حتى تولد لديهم اليقين التام بأنهم قادرون على اللعب في كل مرة على نفس الوتر، ويستجيبوا ظاهريا لبعض المطالب بإصلاحات شكلية سرعان ما يتم الالتفاف عليها بصورة قانونية والجهة الفاعلة ما زالت موجوده وتقرر ذلك بأي وقت.
هذه المرة ومع تفجر التظاهرات والأحتجاجات في الأول من تشرين الأول عام 2019 لعبت القوى السياسية والسلطة التي تهمين هي عليها ذات اللعبة المعتادة، وحاولت أولا التشكيك بها وبأهدافها وأن ورائها أجندات ومن يدعمها سفارات والخ من التهم، لكنها لم ولن تجد إذنا صاغية لها ولم يستجيب أحد لترهاتها، مما حدى بها أن تنزل بقواها القمعية ظاهرة ومتخفية وبعناوين كثيرة لتجابه ثورة الشعب المنتفض بسيل من الضحايا، وكأنها تجابه عدو شرس مدجج بأحدث الأسلحة والتقنيات، ومع كل ذلك لم تفلح أن تسكت هذا الصوت الهادر ولم تنجح في فرض إرادتها.
لذا لم تجد بدا من إعلان نفسها حكومة إصلاح وأنها مع التغيير وقدم جملة من الإجراءات البعيدة كل البعد عن روح وجوهر الأحتجاجات وطلبات الشارع العراقي، وهي تعلم تماما أن هذه الحلول كلها لا تنتج حل للمعضلة التي خرج بسببها الملايين من شعب العراق، وتعلم أيضا أنه بمجرد عودة المحتجين إلى بيوتهم ستنهض المحكمة الأتحادية بدورها بإبطال كل الإجراءات المتخذة، كونها تخالف الدستور ولا بد من عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الأول من تشرين الأول.
المفاجأة هذه المرة أن المتظاهرين عرفوا مقدما ما يحاك لهم وعرفوا أن سر فشلهم في المرات السابقة يعود بالأساس إلى نقطتين وهما:.
• تدخل وركوب الموجة من قبل تيارات وأحزاب هي جزء من عملية فساد السلطة، وبالتالي ولكي يكون الحراك الشعبي عراقيا بكل منطلقاته وعناوينه وأدواته، رفعوا شعار (لا تركب الموجة) وحصنوا صوتهم من كل ما يمت للعملية السياسية المدانة من قبلهم من أي خرق أو مشاركة تخلط الأوراق.
• ثقتهم بالسلطة في المرات السابقة وبوعودها كانت تذهب بجهودهم وحراكهم، لذا عليهم في هذه المرة أن لا يثقوا بأي كلام أو وعد أو إجراء، طالما أن النظام في كل مرة يعود ليلحس ما قاله ويتناسى أن السلطة عندما تفقد ثقة شعبها فإنها بالأحرى فقدت مشروعيتها وفرص بقائها.
هذا التقاطع بين صوت الحراك والسلطة وأطرافها وكل ما يمت لها بصلة حصن الأنتفاضة من أن تخدع أو تصادر إرادتها وقرارها لتجير لمصلحة جهة أو عنوان ما، فمن الضروري جدا أن يعي شباب الثورة وهم في خضم هذا الصراع أن يبتعدوا جدا عن المجاملة أو منح الفرص للسلطة كي تلتقط الأنفاس، لتعاود مشوارها السابق وكأنها لا تعي أن هذا الشعب حين يقرر ويقدم الضحايا وبإصرار قوي، إنما يناضل من أجل وجوده وحريته وكرامته، ولا يصح أن نساير رغبات هذه الجهة أو تلك طالما أنها تقر بالفساد والخراب والفشل، ولكنها تحاول أن تحافظ على البنيان الذي أسسته ورعته تحت ذرائع وتبريرات مختلفة، لأنه وإن كان في الكثير منه لا يصح لها ولا يصلح أن ينتسب لها، ولكن المصالح والخطط البعيدة تعيدهم مرة أخرى للتحالف والتكاتف في وجه الشعب وتطلعاته.
التسويف والمماطلة وحتى اللعب على عامل الزمن وتداعيات طول فترة الأحتجاج وظهور أصوات متذمرة من الفوضى التي يشيعها النظام، أدوات رئيسية في تفكير السياسي العالي يظن أنها تمنحه القوة والمطاولة، في الجانب الأخر يظهر المحتجون مزيدا من الإصرار والثبات في مواقعهم وهم يعلمون حقيقة واحدة، إن الزمن له أستحقاقات وأن المنازلة ليست بالهينة وعليهم أن يتكيفوا ويجددوا من أساليب الأحتجاج والتظاهر، وهذا ما يزيد زخم الحراك ويعطيه قوة أمام أساليب السلطة وأدواتها القذرة.
لقد تحمل المتظاهرون والمحتجون كل أشكال القمع والتقتيل والخطف والتغييب القسري من أجل المحافظة على سلمية الحراك وتنظيمه، لكن السلطة والقوى القمعية المساندة لها تتحين كل فرصة هدوء لتخلط الأوراق وتجابه المحتجين بسيل من قذائف الدخان المسيل للدموع مصحوبا برمي بالرصاص الحي، لتدفع الشباب المنتفض إلى ردة فعل قد تنشب عنفا مضادا تتحين السلطة لحدوثه وتتمنى ذلك، كي تجعل من هذا العنف والعنف المضاد ذريعتها وما يسبب من خسائر وأضرار لتنهي كل الأحتجاجات، بعنوان المحافظة على الأمن والنظام العام وخوفا من أن تتطور الأمور، لقد كان الحراك أكثر ذكاء من تفكير السلطة وأدق في التعاطي مع الواقع، فلم يمنحوهم الفرصة ولم ينخرطوا به وهم يعلمون الكمين المنصوب لهم، رغم أن السواد الأعظم منهم شباب لا تتجاوز أعمارهم الخمسة والعشرين عاما وما يحمل هذا العمر من نزق وحماس.
إن غياب الرؤية والتخبط الحكومي والانقسامات والتناحر بين كتلها وخاصة في طريقة مواجهة الشارع وأصوات الأحتجاج، أعطى الفرصة للأصوات المتشددة وما يمثلونه من أمتداد إقليمي يتدخل في الشأن العراقي الخاص، هو الخطر الأكبر والأكيد على الوضع العام وسيرورة الحدث الأمني والمطلبي، وهذا ما يزيد من أحتمالات ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل، والوقائع على الأرض تثبت ذلك وحتى التصريحات الحكومية التي تردد مصطلحات غبيه في التعامل مع ردود فعلها، مثل الطرف الثالث والمجهولين والقوى اللا مسئولة وغيرها، تؤكد عجز الحكومة وفشلها في التعاطي مع الأزمة ومسبباتها وفق رؤية عقلانية مسئولة.
إن مسئولية المحتجين والمنظمين والشباب اليوم أكبر وأعظم في حماية الدولة ومؤسساتها من عبث أزلام وقوى السلطة الخفية، وعليهم أن يقدموا النموذج الوطني القادر على التعامل مع الأحداث بحكمة وعقلانية تفوت على أعداء العراق أي فرصة لمزيد من التخريب والعبث بالأمن المجتمعي، وأظن أن هذه الفكرة ليست بالخافية أو الغائبة عنهم ولكن مع أشتداد المواجهة لا بد أن يكون للعقل السياسي الحراكي دزر مهم في توجيه مجريات الأحداث حتى لو أدى ذلك إلى بعض التراجع أو التقهقر، وهي بالتأكيد حالة مؤقتة لا يمكن لها أن تستمر طالما أن هناك إرادة تحدي وإصرار على تحقيق أهداف الأنتفاضة والنصر الناجز.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج2
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج1
- بيان الحراك الشعبي العراقي ومجموعات من تنظيمات ناشطي ساحة ال ...
- تفصيلات الدستور والنصوص (فن الصياغة)
- لماذا تشرين؟
- أزمة العقلية الحاكمة في العراق ومستقبل الحراك الشعبي.
- أساسيات الدستور العراقي ثالثا _الصيغة الأتحادية
- أساسيات الدستور العراقي ثانيا _التعددية الديمقراطية
- أساسيات الدستور العراقي
- خارطة الطريق التي اعدها الحراك الشعبي في العراق


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل