أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2














المزيد.....

معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6416 - 2019 / 11 / 22 - 04:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدستور الحالي كتب ومرر وصار واقعا مفروضا على الشعب العراقي وفقا لظروف خاصة ومعادلات أنتجتها حالة الأحتلال، ورغبة الكثير من الأطراف الساعية نحو مصالحها الخاصة، لقد غرر بالشعب العراقي عبر أكبر عملية غسيل للدماغ تعرض لها بالموافقة على الدستور، أو الأختيار الثاني البقاء في ظل الأحتلال الأجنبي وتحمل تبعاته، لم يكن للكثيرين رأي محدد فهم مخيرون بين السيء والأسوأ، والغريب أن من وضعهم في هذه الزاوية الحرجة ثلاث جهات تشكل عماد قوة المحتل الأمريكي، حكام كردستان للمزايا والحقوق التي حصلوا عليها فوق الأستحقاق النسبي، والمرجعية الدينية في النجف التي أغراها عنوان الأغلبية السياسية للشيعة، والإخوان المسلمون الذين كسروا في اللحظات الحرجة خيار الرفض وتنازلوا بصفقة مشبوهة عن حماية المكون الذي يدعون تمثيله.
هذا الحال جر العراق إلى سلسلة من الإشكاليات السياسية والأجتماعية والقانونية، منها ما هو متعلق بوصف الدولة ومنها ما هو متعلق بطبيعة العقد الأجتماعي، بطرفيه الدولة والشعب وغياب مفهوم المواطنة والأنتماء الواحد، فقد بني الدستور كفكرة ومضمون على أعتبار أن الشعب العراقي الذي سيكون الدستور الحالي مفتاحه لحياة جديدة، إنما هي مكونات لا تربطها بالوضع القائم ولا بالعلاقة البينة بينهم رابط سابق، وأعتبر الدستور أن ما يجب أن يكون هو إعادة تجميع لشتات متفرق على أساس بقاء حالة الفرقة المتوازنة، والحفاظ على هذا التوازن المكوناتي كي يستمر المجتمع الجديد بعلاقة قانونية لم يكن لها وجود سابق.
والأنكى من كل ذلك أن الدستور بمبانيه ولغته ونظمه يعتبر مهلهلا ناقصا في الكثير من جوانبه إلى روح الدستورية ذاتها، القارئ المتمعن فضلا عن المختص الأكاديمي يرى فيه الكثير من الجوانب المتناقضة مع بعضها، والكثير من الأفكار والصياغات المتكررة والحشو الذي لا يليق بنصوص من المفترض أنها عامة مجردة محكمة موضوعية في بنائها القانوني واللغوي، غير أن فيه الكثير أيضا من النصوص المعطلة والنصوص التي تحتاج إلى تفسير وتأويل، وهنا دخل الشيطان ليجعل منه مأزقا للشعب بدل أن يكون هو سبيل الإرشاد والضبط.
لم تحترم الجهات التي وضعت الدستور ما جاء فيه وكل يحاول أن يبرر هذا الحال وفقا لتأويلاته الخاصة، بالرغم من أنه وضع نصا جعل من المحكمة الأتحادية هي صاحبة الأختصاص النوعي بالتفسير والتأويل، وجعلت من رئاسة الجمهورية الحامي الأول له، ومع ذلك لا المحكمة الدستورية التي لم يشرع لها قانون بالرغم من مرور أكثر من أربعة عشر سنه على تشريعه قد مارست هذا الدور بحيادية، ولا رئاسة الجمهورية كان لها الدور الفعلي والعملي في حمايته، بل أنها في كثير من الأحيان هي من مارست دور المنتهك والمتعدي عليه.
ليست معضلة الدستور تتوقف على هذه العيوب الشكلية التي شلته وجعلت منه أشبه بخزاعة الحقل، بل أن السلوك السياسي للطبقة الحاكمة برمتها تشكل المعضلة الأكبر التي يجب أن تكون في مقدمة أسباب التغيير أو التصحيح، الكل ينادي بالدستور ووجوب الاحتكام له عندما تتعلق الأمور بالمصالح الخاصة والفئوية، ولكنهم في الواجبات الأساسية التي يفرضها عليهم وتتعلق بالشأن العام المجتمعي مثل الخدمات والألتزامات والضمانات الكبرى، تجدهم أبعد الناس عنه والأقل أحتراما لحاكميته على الوضع، وحتى حينما نجد نصوصا إلزامية تتعلق بحقوق العامة من الشعب وأولها الحريات والحقوق السياسية والأجتماعية، لا تجد لهذه النصوص أي أعتبار أو تنفيذ حقيقي طالما أنها لا تصب في مصلحة سلطة الحكم وحكم السلطة.
لقد عبثت الطبقة السياسية بكل الدستور مضمونا وروحا وسخرته حيث تشاء هي لتعيد بناء نظام ديكتاتوري متعدد الأقطاب والرؤوس بدل النظام الديكتاتوري الفردي الذي جاءت على أنقاضه، وأدعت زورا أنها تتمسك بالديمقراطية الشعبية المؤسساتية كخيار لقيادة العراق لحالة التقدم والتطور، هذا ليس إتهاما من الكاتب بقدر ما هو إقرار وأعتراف غالب الطبقة السياسية التي أقرت بفشلها وعجزها عن إحداث أي تطور في حياة المجتمع والدولة، وقادته إلى أسوأ المراتب بالتصنيفات العالمية حول الحرية وحقوق الإنسان والعيش الأفضل.
لقد وضعت أنتفاضة تشرين كامل الطبقة السياسية الحاكمة أمام حقيقتها وكشفت عورتها أمام الجميع، بعد مرور ستة عشر عاما من حالة الخذلان والفساد والنكوص في كل ميادين الحياة، لم يعد أمام السلطة وقواها السياسية أيا من الخيارات التي كانت متوفرة قبل هذا الوقت، وبالرغم من طرح الحلول الجزئية والترقيعية التي تتوهم أنها تخدم بذلك هدفها في كسب الوقت وقمع الثورة، إلا أن الرؤية الحقيقية الأن تشير إلى حتمية زوال هذه المنظومة الفاسدة بأي ثمن، لأن الإبقاء عليها أو السماح لها بكسب الوقت أعلان موت حقيقي لما تبقى من فرص إصلاحية لعودة النظام الأجتماعي السليم، الذي يحمي المجتمع العراق من التشرذم والتجزؤ وأول تلك الخطوات هو إعادة كتابة الدستور وفق بصمة عراقية خالصة.
أزمة الدستور إذا ليست أزمة مفاهيم أو إشكاليات تطبيقية أو فهم مختلف بين أطراف صنعته وأستعبدته، إنها أزمة أنغلاق أفق أمام كل الطبقة السياسية أولا ومن خلالها أزمة سلطات غير قادرة على أن تمنح الدستور الذي يلفظ أنفاسه جرعة حياة، في نظري المتواضع أن الدستور الآن مجرد جسد مسجى ينتظر من يدفنه ليحل محله عقدا حضاريا إنسانيا ديمقراطيا يحترم مفهوم الدولة والمواطنة والحقوق والواجبات، دون أن يحتاج لتدخل أو إنعاش في كل مشكله تواجهه، أنا على ثقة تامة أن كل المحاولات الجارية الآن لإنعاشه عبر تشكيل لجان أو عقد لقاءات للتغيير الجزئي لن تنجح في أي تغيير يلبي مطاليب الشعب، قبل أن يلبي المفاهيم الدستورية المعتادة، ولن يجد الساعون للتعديل أي فرصة ممكنة مع أشتراط عدم ممانعة ثلاث محافظات عليه، وهذا ما مجزوم به سلفا حين يرفض حكام كردستان أي تغيير نحو عدالة حقيقية ووضع قانوني ديمقراطي حقيقي يمنع عليهم التحكم بمصير الشعب العراقي وثورته في كل مناسبة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج2
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج1
- بيان الحراك الشعبي العراقي ومجموعات من تنظيمات ناشطي ساحة ال ...
- تفصيلات الدستور والنصوص (فن الصياغة)
- لماذا تشرين؟
- أزمة العقلية الحاكمة في العراق ومستقبل الحراك الشعبي.
- أساسيات الدستور العراقي ثالثا _الصيغة الأتحادية
- أساسيات الدستور العراقي ثانيا _التعددية الديمقراطية
- أساسيات الدستور العراقي
- خارطة الطريق التي اعدها الحراك الشعبي في العراق
- لماذا الحاجة ملحة لتعديل الدستور العراقي؟


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2