أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5














المزيد.....

دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6415 - 2019 / 11 / 21 - 00:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد هذا العرض المستفيض نأت إلى البداية ومن العنوان (ما هو مصير المؤسسة الدينية في العراق بعد تشرين؟)، من المؤكد أن عملية التغيير القادمة والتي يقودها شباب الثورة لن تتوقف قاطرته عند محطة السياسيين الفاسدين والمفسدين وينتهي الحال، لقد تعلم الشعب ومن خلال تجربة الستة عشر عاما الفائتة أن أساس الإصلاح والتغيير في الواقع العراقي مرتبط بإنهاء وتصفية منظومة الحكم السياديني هيكلة وأرتباطات وتأثيرات وأدوات ومنهج وفكر، وبالتالي فإن الأفق القادم مفتوح في أعلى مستويات الرؤية التي تشخص الأخطاء وتحدد العلل المؤسسة وأهمها زج الدين في السياسة والتخادم المتبادل بين السياسي الذي يتخفى خلف شعارات الدين والمؤسسة الدينية المهادنة واللاعبة على حبال الفرقة والصراع الخفي بين أجنحتها، ولا بد من حسم الموقف في نقطة أن الدين والفكر الديني والمؤسسة الموجهة والداعمة والساكتة لا بد أن تأخذ مكانها الطبيعي وتعود إلى دور أخلاقي إرشادي تخييري في حدود الجامع والكنيسة والمعبد.
لكن المشكلة الأساسية التي ستواجه الطبقة السياسة القادمة والتي ستخلف منظومة الحكم السياديني هو كيفية تطبيق الرؤية هذه وتأطيرها في شكل قانوني مقنن أولا، وثانيا مدى نجاحهم في حصد مكتسبات الثورة وتوظيفها في الصراع مع بقايا الحرس القديم، خاصة وأن عملية البناء التجديدي لهيكلة النظام القادم لن تمر بسهولة ويسر كما يتصور البعض، من الضروري وحتى تكون العملية ممكنة وتتوفر لها سبل الترسخ والبقاء لا بد من تحديد عدة مفاهيم وأساسيات لازمة من الآن، أولها ضرورة ألا يسمح بأي حال من الأحوال عودة القوى والحركات والأحزاب مرة أخرى بطريقة حصان طروادة بعناوين وشعارات مختلفة ولكنها في الواقع لن تتخلى عن نهجها القديم، ولكي يكون الأمر في أوضح صوره الواقعية يجب أن يصار إلى تضمين الدستور مبدأ الفصل بين الوظيفة السياسية والإدارية للدولة ككيان جامع يوحد العراقيين ويعمل لخدمتهم حصرا، وبين واجب ووجود وعمل المؤسسة الدينية على شاكلة مبدأ الفصل بين السلطات كما هو مؤطر حاليا في الدستور النافذ.
وإستكمالا لهذه المسألة لا بد أيضا التنبيه على أن قيم المجتمع المدني ليست ضد الدين والمعتقد، ولن تكون كذلك ولكن المبدأ لأساس في القضية هو أن ما هو شخصي وفردي يجب أن يبقى في حدود الشخصية والفردية، وما هو عام وتشاركي يجب أن يقنن حتى لا يكون هناك قهرية ولا أستبداد لأكثرية على أقلية أو بالعكس، المدنية تعني في ملخصها المفيد أن المجتمع عبارة عن سلسلة من الترابطات المنتظمة فيما بينها وفق قانون أساسي هو (لا إلجاء في الخيارات ولا تدخل من قبل أي جهة لتحديد ما هو واجب وما هو ممنوع).
في الدولة المدنية الدولة غير مسئولة عن تأمين متطلبات خارج أختصاصاتها الدستورية والقانونية وهي توفير البيئة الطبيعية لكل الأفراد بالتساوي، لا تفضل أحد على أحد ولا تمنح أمتياز لأحد خارج حدود المواطنة، ولكنها أيضا مسئولة أن تحمي من الإكراه أو المبالغة والأفراط في الحرية الفردية التي تتعدى على حق شخص واحد حتى لو كان من عداد الملايين من الشعب، ولا تسمح بالتعدي على المعتقد والرأي والفكر، هنا ستجد المؤسسة الدينية نفسها في حماية الدولة والمجتمع وتعمل بكل ما بوسعها وواجبها دون أن تخشى المنافسة اللا قانونية أو بحاجة لحماية من خارج إطار الدولة ومؤسساتها.
الصورة التي نستشفها الآن ووفقا للتجربة التاريخية وما نتوقعه من تفاعلات الأحداث في الواقع العراقي وتطورات الوعي الشعبي، تؤكد أن أكبر الخاسرين من هذا الحراك والمتضررين من عملية تجديد الأسس الفكرية والسياسية للنظام السياسي الذي (سيتشكل) ستكون المؤسسة الدينية بكل أفرعها وتشكيلاتها، ليس هذا أنتقاما ولا إنقلابا على قواعد العمل المجتمعي ولا هو تغيير في المزاج العقائدي للشعب العراقي، بقدر ما هو حصاد طبيعي لما أقترفته من أخطاء وإخفاقات ومراهنة على أن الشعب مجرد غوغاء، يمكن أن يقاد بمواقف ومقولات عفي عليها الزمن ولم تحسب حساب الإرادة الشعبية حين توضع في الزاوية الحرجة، دون خيارات ودون رؤية أعمق لسيرورة الحدث.
قد لا يكون هناك الآن مجال حقيقي لتعديل موقف المؤسسة الدينية من سيرورة وصيرورة الواقع الجديد، ولا في الإمكان أن تعالج هذه المؤسسة كل الأخطاء والإخفاقات التي رافقت عملها حتى لو أرادت ذلك، والسبب في رأي الخاص هو ضراوة النقمة الشعبية ضد مواقفها وسلوكها وقد حملها أخطائها وأخطاء الذين تعلقوا بذيالها من مدعي التدين أو راكبي الموجة الدينية، هذا الجزم أكيد ومن الواضح أيضا أنها لن تفعل وهي محاطة بقوى مسلحة لا تتورع في أستخدام القوة ضدها لو أرادت فعلا أن تساير الناس في مطالبهم ورغباتهم العامة، وهي بالأصل جزء وأستحقاق طبيعي من أصول العقيدة الدينية التي تسعى للإصلاح والتجديد.
المؤسسة الدينية اليوم في مفترق طرق أحلاها مر والخيارات المتاحة أمامها لا تتعدى الخسارة والتضحية بجزء مهم من وجودها، حتى لو قدمت ما يمكن أن يساهم بتلميع صورتها ستكون الخسارة متحققة، التراكم في الفشل المزمن تاريخيا وفكريا وخلاصة التجربة وعوامل الصراع كلها تتظافر نحو هذه النتيجة المتوقعة، ومن أصل الفكرة التي تقوم عليها أسس المؤسسة ووجودها الفعلي وثقافة الصراع والتنازع مع الأخر لا تسمح أبدا بالإنقلاب المفاجئ على تاريخها وعلى علل وجودها الأساسية، هنا علينا أن نفهم حقيقة واحدة أن عصر مثل هذه المؤسسات والأفكار لم يعد قادرا على التزاوج مع عقليات الشعوب ولا مع قوانين الزمن، لسبب بسيط جدا أنها ما زالت تعيش في عالم الأموات وتصر على إحيائه مهما كلف ذلك من ثمن، وهذا هو المحال الطبيعي الذي يجعلنا أن نقول على هذه الكيانات أن تعيد حسابها مجددا وتبدأ التكيف من الآن مع حصاد الثورة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج2
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج1
- بيان الحراك الشعبي العراقي ومجموعات من تنظيمات ناشطي ساحة ال ...
- تفصيلات الدستور والنصوص (فن الصياغة)
- لماذا تشرين؟
- أزمة العقلية الحاكمة في العراق ومستقبل الحراك الشعبي.
- أساسيات الدستور العراقي ثالثا _الصيغة الأتحادية
- أساسيات الدستور العراقي ثانيا _التعددية الديمقراطية
- أساسيات الدستور العراقي
- خارطة الطريق التي اعدها الحراك الشعبي في العراق
- لماذا الحاجة ملحة لتعديل الدستور العراقي؟
- في العراق ... أزمة حكم أم أزمة حكام؟.
- استراتيجية التك تك في مواجهة السلطة الفاسدة.


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5