أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد الحمداني - عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز الحلقة الأولى















المزيد.....

عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز الحلقة الأولى


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 1559 - 2006 / 5 / 23 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دأب العديد من الكتاب القوميين والناصريين على تزييف تاريخ العلاقات المصرية العراقية في الفترة التي أعقبت قيام ثورة 14 تموز المجيدة ، والمواقف الخاطئة التي اتخذها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر سامحه الله، والتي سببت للشعب العراقي من الكوارث والويلات والمصائب على يد انقلابيي 8 شباط 1963 بدعم مباشر من نظام عبد الناصر.
وكان من بين من كتبوا عن العلاقات العراقية المصرية على عهد عبد الناصر الشخصية المصرية التي لعبت دوراً أساسياً في التآمر على ثورة 14 تموز وقيادتها المتمثلة بالزعيم عبد الكريم قاسم ، والسعي المحموم لإلحاق العراق بالجمهورية العربية المتحدة بقيادة عبد الناصر، السيد [أمين هويدي] الذي شغل منصب السفير المصري في بغداد آنذاك ، والذي حاول تزييف الحقائق عن تلك العلاقة ومحاولته التغطية على الدور التآمري الذي مارسه ضد ثورة 14 تموز ، ومحاولته تبرئة الرئيس عبد الناصر في كتابه [ عبد الناصر والعراق ]، وبغية كشف الحقائق عن تلك الأحداث التاريخية كي تكون الشعوب العربية على بينة منها ، أرى لزاماً علي وأنا الذي عايشت تلك الأحداث بأيامها وساعاتها بكل أمانة وموضوعية.
وقبل الولوج في هذه المتابعة أحب أن أؤكد للقارئ الكريم أنني لم أقف يوماً موقفاً معادياً من الرئيس عبد الناصر ، بل على العكس من ذلك كنت أكن له كل الاحترام والمحبة لمواقفه وكفاحه ضد الهيمنة الإمبريالية على العالم العربي ، شأني شأن الكثيرين من الجماهير العربية ، ولقد كان لي شرف المساهمة في انتفاضة عام 1956 احتجاجاً على العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر ، واستنكاراً لمواقف حكومة نوري السعيد اللا وطنية ،والمعادية لمصالح الأمة العربية بوجه عام و لمصر وعبد الناصر بوجه خاص .
لكن هذا لا يعني أننا ينبغي أن نسكت عن الأخطاء التي يرتكبها أي حاكم عربي ، ولاسيما تلك التي ارتكبها عبد الناصر بحق العراق وثورة 14 تموز 1958 وقائدها عبد الكريم قاسم ، والتي لو لم يقع بها عبد الناصر وسعى لتحقيق أوسع الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية التي دعا إليها العراق متمثلاً بحكومة الثورة وقائدها عبد الكريم قاسم ، وبسائر الأحزاب الديمقراطية ومن بينها الحزب الشيوعي ، لكان للعرب شأن آخر غير هذا الواقع البائس الذي نشهده اليوم ، كان يمكن للتعاون النزيه بين العراق والجمهورية العربية المتحدة أن يبعث الأمة العربية من جديد ، لكن عبد الناصر رحمه الله كان عجولاً في أكل العنب فأكله حصرماً ، وأطعم العراقيين شعباً وحكومة من ذاك الحصرم ، ودفعته رغبته الجامحة لإلحاق العراق بالجمهورية العربية المتحدة ولما يمضي على ثورة 14 تموز سوى أيام قلائل ، مستعيناً بحزب البعث والعديد من العناصر المدعية بالقومية العربية وعلى رأسها عبد السلام عارف ، وسلك أسلوباً غير دستوري وغير ديمقراطي لتحقيق هذا الهدف ، وشن حملة شعواء على قيادة الزعيم عبد الكريم قاسم ، والحزب الشيوعي ، والقوى الديمقراطية ، متهماً الجميع بالشعوبية ، حتى لكأنما القومية كانت حكراً عليهم ، وأن القوى التي عارضت الوحدة الفورية ودعت إلى قيام اتحاد فدرالي مع العربية المتحدة متجردين من قوميتهم !!!.
إن الوحدة العربية أمل عزيز لكل عربي محب لشعبه ووطنه ، لكن العبرة في أسلوب قيام هذه الوحدة المرتكزة على الدستورية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ، واحترام خصائص أقطارنا ظروفها الموضوعية .
لكن عبد الناصر لم يعير أي اهتمام لمسالة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في تطلعه لقيام وحدة عربية تستطيع الصمود والديمومة ، وتلبي طموحات الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم ، وكانت الوحدة المصرية السورية خير مثال لما آلت إليها الحال في سوريا بعد الوحدة التي لم تستطع الصمود سوى 3 أعوام ، وانتهت بالانفصال .
لقد سعى البعثيون الذين كانوا يخوضون صراعاً مريراً مع قوى اليسار عام 1958 ، وأخص منها الحزب الشيوعي السوري الذي كان يتمتع بشعبية واسعة في صفوف الشعب السوري ، مما أقلقهم وأقلق القوى القومية الأخرى وعلى رأسها شكري القوتلي [ رئيس الجمهورية ] من إمكانية وصول اليسار إلى السلطة ، فسارعوا إلى عبد الناصر يطلبون الوحدة بدعوى خطورة النشاط الشيوعي آنذاك في سوريا.
وتلقف الرئيس عبد الناصر الطلب وقد امتلأ بهجة لتحقيق نوات لوحدة عربية من المحيط إلى الخليج ، وجاءت الوحدة بين القطرين بولادة قيصرية ولما يكمل الجنين وتتحقق شروط الوحدة وعوامل استمرارها .
لقد وقع عبد الناصر في الخطأ الذي نبه إليه الحزب الشيوعي السوري الذي كانت له وجهة نظره وشروطه لقيام الوحدة الراسخة الحاملة لشروط بقائها واستمرارها ، لا كما زوّر دعاة القومية المزيفون مواقف الحزب الشيوعي واتهموه بمعاداة الوحدة .
لقد قامت الوحدة بالتعاون بين البعثيين والقوميين في سوريا وهي تحمل بذور فشلها لافتقادها إلى أهم الركائز وهي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ، ولم يكد يمضي وقت طويل حتى بادر عبد الناصر إلى إلغاء الأحزاب السياسية وقمع سائر الحريات التي كان الشعب السوري يتمتع بها ، ولم يسلم منها حتى حزب البعث نفسه صانع الوحدة ، وانقسم الشعب السوري على نفسه إلى ثلاثة أقسام ، القسم الأول ضم المعارضة الشيوعية والديمقراطية ، والقسم الثاني ضم دعاة القومية الناصرية الذين أيدوا وساندوا إجراءات عبد الناصر في قمع الحريات الأساسية للشعب السوري ، وبقي القسم الثالث وهم البعثيون الذين أخذت تتنازعهم الرغبة بين بقاء الوحدة ومقاومة الغاء دورهم السياسي في حكم سوريا الذي تركز في يد [عبد الحكيم عامر] و[عبد الحميد السراج ] وبدأت علامات فقدان الثقة بينهم وبين عبد الناصر آنذاك ، وتعمقت الخلافات فيما بينهم بمرور الأيام حتى وقوع الانفصال عام 1961 ، وهكذا انتهت هذه التجربة خلال ثلاث سنوات ، وكما قلنا آنفاً أنها كانت تحمل بذور فشلها منذ قيامها بسبب فقدان الديمقراطية .
ولم يتعظ الرئيس الراحل عبد الناصر بأخطائه التي أدت إلى الانفصال ، وحاول تكرارها مع العراق ولم يكن قد مضى على قيام ثورة 14 تموز سوى أياماً، محاولاً فرض الوحدة الفورية مع مصر على العراق ، وقدم أوسع دعم سياسي و حتى عسكري للقوى البعثية والقومية من أجل هذا الهدف ،وقد جمعت حولها القوى الرجعية والاقطاعية التي تضررت مصالحها من قيام الثورة وإصدار قانون الإصلاح الزراعي وعلى رأسهم الشيخ [ أحمد عجيل الياور] الذي لعب دوراً رئيسياً في انقلاب الشواف في الموصل ، لتقود حملة يتصدرها عبد السلام عارف بالدعوة للوحدة الفورية ، وسيّروا المظاهرات الصاخبة في شوارع بغداد لهذا الغرض مما دفع القوى الديمقراطية وفي المقدمة منها الحزب الشيوعي إلى تسيير المظاهرات المضادة رافعين شعار الاتحاد الفدرالي مع مصر ، وداعين إلى احترام إرادة الشعب واحترام خصائصه وظروفه الموضوعية ، وقد أدى ذلك الاختلاف والتباين في المواقف إلى شق الصف الوطني إلى نصفين مما هدد الثورة ومستقبل الشعب العراقي بكوارث لا تعد ولا تحصى منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا .
فقد جرت محاولة الانقلاب التي أعد لها [رشيد عالي الكيلاني] بالتعاون مع عبد السلام عارف وزمرته ، وانقلاب العقيد الشواف الفاشل في الموصل والأحداث التي رافقته ، ثم محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم في رأس القرية والوثوب إلى الحكم ، تلك المحاولة التي تم إفشالها بسرعة ، ونجاة عبد الكريم قاسم من موت محقق ، وتلاها بعد ذلك انقلاب 8 شباط الأسود الذي أغرق العراق بالدماء وملأ السجون والمعتقلات بخيرة المواطنين المؤمنين بالحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية . .
وتوالت الانقلابات العسكرية بعد ذلك فكان انقلاب 18 تشرين الثاني الذي قاده عبد السلام عارف لإخراج البعثيين من الحكم ، والمحاولات التي قام بها عارف عبد الرزاق لقلب حكم العارفين عبد السلام وعبد الرحمن ، وتوجت انقلاباتهم في 17 تموز 1968 الذي أعاد لنا عصابة البعث لتعيث فساداً في ربوع عراقنا المنكوب بحكامه الذين أجرموا بحق الشعب والوطن طوال 35 عاماً من حكمهم البغيض .
وبعد غد لنا لقاء مع القراء الأعزاء المتتبعين لهذه المرحلة التاريخية من حياة شعبنا لكي أتناول انقلاب العقيد الشواف ، ودور عبد الناصر في دعمه والدور الإعلامي الكاذب والمضلل لأحمد سعيد ، وللأحداث التي رافقت قمع الانقلاب ، ومسؤولية عبد الكريم قاسم في معالجة الأزمة في الموصل قبل وقوع الانقلاب رغم تنبيهه إلى تنامي النشاط التآمري في الموصل بقيادة العقيد عبد الوهاب الشواف آمر موقع الموصل وآمر اللواء الخامس بالتعاون مع العديد من الضباط القوميين ومع حزب البعث ، والقوى الرجعية ، وشيوخ الإقطاع ، وخطورة الوضع في الموصل ، حيث بات وقوع الانقلاب أمر حتمي .



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذار قبل أن يأتي الطوفان
- حكومة إنقاذ وطني علمانية مستقلة هو الحل
- تسييس الدين يفسد الدين والسياسة
- ماذا يريد الجعفري ؟
- تحية للحزب الشيوعي العراقي في عيد ميلاده الثاني والسبعين
- العراق والثروة النفطية والمطامع الإمبريالية
- مسؤولية الولايات المتحدة عن المأزق العراقي الراهن
- جريمة حلبجة ومسؤولية النظام الصدامي والمجتمع الدولي
- الأحزاب السياسية العراقية وسلال عنبها
- المخدرات وأخطارها على ابنائنا المراهقين
- واقع المرأة العراقية يتطلب نضالاً دائباً لتحقيق طموحاتها في ...
- الإسراع بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو السبيل لدرء أخطار الح ...
- تطوير المناهج الدراسية ضرورة ملحة لبناء مجتمع ديمقراطي
- من يقف وراء جريمة تفجير مقامي علي الهادي وحسن العسكري في سام ...
- من أجل منع تسيس الجيش العراقي وخلق دكتاتور جديد في البلاد
- السرقة ودوافعها وسبل علاجها لدى الأطفال والمراهقين
- أعيدوا لقائد ثورة 14 تموز الشهيد عبد الكريم قاسم حقوقه
- هكذا وقع انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963
- مسؤولية النظام السوري في الأعمال التخريبية في سوريا ولبنان
- حماس وجهاً لوجه مع إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها الغربي ...


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد الحمداني - عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز الحلقة الأولى