أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مصطفى فؤاد عبيد - نحو التطوير الاستراتيجي لمنظومة وفلسفة التشريع الضريبي - استخدام معايير الجودة في تصنيف الممولين وتحديد الشرائح الضريبية














المزيد.....

نحو التطوير الاستراتيجي لمنظومة وفلسفة التشريع الضريبي - استخدام معايير الجودة في تصنيف الممولين وتحديد الشرائح الضريبية


مصطفى فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 6403 - 2019 / 11 / 8 - 16:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


نحو التطوير الاستراتيجي لمنظومة وفلسفة التشريع الضريبي
النظام الضريبي التصنيفي
استخدام معايير الجودة في تصنيف الممولين وتحديد الشرائح الضريبية

بقلم: مصطفى عبيد *

تلجأ معظم الدول حول العالم إلى منح الإعفاءات والمزايا الضريبية لنوعيات معينة من الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية فيها، وذلك وفقاً لمعايير تختلف من دولة إلى أخرى تتعلق بتحديد الحاجات الملحّة والأولويات التي تضعها الدولة ضمن خطتها الاستراتيجية التنموية والقطاعات التي ترغب في تشجيع العمل والاستثمار فيها. كما قد تلجأ الدولة غالباً إلى التمييز بين الشرائح الضريبية التي يخضع لها الأفراد الذين يقومون بنفس النشاط وفقاً لمقدار الدخل أو الأرباح التي يتم تحقيقها، وذلك بأن تفرض نظام الضريبة التصاعدية الذي يتناسب مع حجم الدخل ويحقق العدالة الضريبية النسبية فيما بينهم.

ومن أمثلة ذلك أن تمنح الدولة مزايا وإعفاءات ضريبية لمدد محددة في القطاع الزراعي بشكل عام أو عند زراعة محاصيل معينة ترغب الدولة في تشجيعها مثلاً لسد الحاجات الملحة في المجتمع، أو أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك إذا أرادت تشجيع زراعة محاصيل معينة في مواسم محددة تشح فيها تلك المحاصيل بحيث تمنح المزايا الضريبية الموسمية لتساهم في تلبية حاجات المجتمع في كل الأحوال وفي أسوأ الظروف البيئية والمناخية.

وفي نظام الضريبة التصاعدية، فإن الدولة تلجأ إلى فرض أسعار مختلفة للضريبة تتناسب طردياً مع مقدار صافي الدخل أو الأرباح التي يحققها الممول، بحيث يتصاعد سعر الضريبة كلما تصاعد مقدار هذا الدخل أو الربح، بما يحقق العدالة والتوازن في "القيمة النسبية" لما يتم تحصيله من أموال من جميع الممولين على اختلاف دخولهم.

ومع تزايد الأعباء والالتزامات التي تثقل كاهل الدولة، سواء في الدول النامية أو حتى في الدول المتقدمة، والناتجة عن التضخم السكاني والنمو الهندسي للأجيال المتعاقبة فيها ووما يناظره من نمو هندسي لمشكلاتهم وحاجاتهم الأساسية، تلجأ بعض الدول إلى فرض المزيد من الضرائب أو حتى إلى زيادة أسعار الضريبة بشكل عام في المجتمع بهدف زيادة الدخل الذي يتم تخصيصه لحل تلك المشكلات وتلبية حاجات السكان المتزايدة فيها.

وبالرغم من كل الجهود التي تُبذل في معظم الدول بهدف تطوير القوانين والتشريعات الضريبية واستحداث القواعد والنظم والشرائح الضريبية التي تنسجم مع الخطط الاستراتيجية لكل دولة وتتفق مع أولويات التنمية المستدامة فيها وتحقق العدالة النسبية بين الأفراد على أساس الاختلاف الكمي لمقدار دخولهم، إلاّ أن أي منها لم يهتم بتحقيق العدالة الضريبية النسبية بين الأفراد على أساس الاختلاف الكيفي لأسلوب تحقيق تلك الدخول وطبيعة وجودة النشاط الذي تم في سبيل تحقيقها.

فلا يوجد في العالم، مثلاً، نظام ضريبي يفرّق بين من يحقق دخلاً من صناعة الأعمال الفنية الهابطة ومن يحقق دخلاً من صناعة الأعمال الفنية الجيدة أو الهادفة، فكلاهما متساويان أمام النظم الضريبية السائدة ويخضعان لنفس الشريحة الضريبية عند تساوي الدخل، في الوقت الذي يساهم الأول في إفساد الأجيال المتعاقبة في المجتمع وخلق المشكلات الاجتماعية والأخلاقية المركبة والمتشعبة فيه ويساهم بالتالي في تفاقم أعباء الدولة المتزايدة أصلاً، أما الثاني فهو يحاول جاهداً إصلاح ذلك الفساد باستخدام الأعمال الفنية ولكن دون جدوى!

إن الحل الأمثل لهذه المعضلة، الاقتصادية الاجتماعية، هو استحداث نظام شرائح ضريبية جديد مبني على أسس تصنيفية تتعلق بالجودة كلما أمكن ذلك، يتم فيه تصنيف الممولين الممارسين لنشاط معين وفقاً لمعايير الجودة السائدة في هذا النشاط ومدى تأثيره الإيجابي أو السلبي في المجتمع سواء أكان نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو زراعياً أو كان من الأنشطة المهنية أو غير التجارية. ثم يتم بناءً على هذا التصنيف فرض أسعار مختلفة للضريبة بحيث تتناسب عكسياً مع طبيعة وجودة تلك الأعمال والمنتجات أو الخدمات والأنشطة والمهن، وبما يحقق العدالة الضريبية النسبية بين الأفراد على أساس تصنيفي كيفي وفقاً لطبيعة وجودة النشاط الذي يقومون به.

وبتطبيق هذا النظام على المصانع الإنتاجية مثلاً، فإنه يمكن تصور أن المصنع الملتزم بتعليمات الوقاية والسلامة وشروط ومعايير المحافظة على البيئة المحيطة وطرق التصرف بالنفايات وجودة المنتجات يمكن تصنيفه وفقاً لمعايير الجودة الصناعية بدرجة أعلى من تصنيف مصنع آخر غير ملتزم بتلك المعايير، ومن ثم يمكن وفقاً لهذا التصنيف فرض سعر ضريبة يتناسب عكسياً مع درجة الجودة في كل مصنع، ويدفع بالتالي المصنع الجيد ضريبة أقل من التي يدفعها المصنع الرديء حتى وإن كان صافي الأرباح السنوية لكليهما يقع في نفس الشريحة الضريبية.

من جهة، فإن استحداث نظام ضريبي تصنيفي بهذا الشكل سوف يساهم بالدرجة الأولى في بسط العدالة الضريبية النسبية في المجتمع على أسس كيفية وليست كمية فقط، كما أنه يساهم في زيادة الدخل القومي للدولة حتى تستطيع تلبية الحاجات المتزايدة للسكان فيها وحل مشكلاتهم المتفاقمة بحيث يكون تحصيل هذه الزيادة من الأفراد الأكثر تسبباً في تفاقم تلك المشكلات دوناً عن غيرهم من الأفراد، ومن جهة أخرى، وهي الأكثر أهمية، سوف يساهم هذا النظام في دفع الأفراد والشركات والمؤسسات باتجاه تحسين الأعمال ورفع كفاءة وجودة المنتجات والخدمات والمهن التي يقومون بها بهدف دخول الشريحة الضريبية الأدنى ودفع ضرائب أقل، وحتى في تلك الحالة لن تُعاني الدولة من شح الموارد الضريبية اللازمة لحل المشكلات، لأنهم سوف يساهمون، بدون قصد، في التخفيف عن كاهلها عن طريق تحسين أعمالهم ومنتجاتهم وبالتالي عدم التسبب بالمشكلات أصلاً.

* باحث قانوني واقتصادي وعالم رياضيات وكمبيوتر



#مصطفى_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة وأسس قوانين الضمان الاجتماعي في القانون المقارن - الثق ...
- فلسفة التطوير والتجديد في الفكر الإداري المُعاصر، الغطاء الذ ...
- قوانين حماية البيئة.. الفكرية والثقافية واللغوية!
- فلسفة المراجعات الفكرية
- فلسفة الفقه والفقه الُمقارن .. بين الشريعة والقانون!!
- الأديان ونظم تشغيل الكمبيوتر Religions & Operating Systems
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الاقتصاد (4) تصحيح ثقافة ترش ...
- ثنائية العالِم والمثقف العربي في العصر الحديث
- نحو التطوير الإستراتيجي للنظم القانونية (3) استقراء القاعدة ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة التربية والتعليم (6) مفارقة ...
- تصورات نقدية حول نظرية المؤامرة
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة التربية والتعليم(5) تعدد فتر ...
- نظريات تطوير المناهج التعليمية الحديثة (3) التطوير التفاعلي
- نظريات تطوير المناهج التعليمية الحديثة (2) المعايير العقلية ...
- نظريات تطوير المناهج التعليمية الحديثة (1) نظرية الثبات الكم ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الأمن (6) نظريات الإدارة الأ ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الفساد (2) درجات الفساد
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الفساد (1) مخارج الطوارئ
- نظريات الإدارة الأمنية الإستراتيجية (5) التنسيق والتعاون الأ ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة التدريب والتنمية البشرية (1) ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مصطفى فؤاد عبيد - نحو التطوير الاستراتيجي لمنظومة وفلسفة التشريع الضريبي - استخدام معايير الجودة في تصنيف الممولين وتحديد الشرائح الضريبية