أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - إعادة اعمار شرعية النظام فى مصر!















المزيد.....

إعادة اعمار شرعية النظام فى مصر!


سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)


الحوار المتمدن-العدد: 6403 - 2019 / 11 / 8 - 03:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"ستختطف ارواح كثيرة بعد
عن طريق "البؤس المخطط له"،
اكثر منه عن طريق الرصاص".
رادولف والش


"ان الذهاب بعيداً فى استخدام الالم المباشر
قد يؤدى الى التحدى والثقة
عوضاً عن الخضوع والتراجع."
من كتيب لوكالة الاستخبارات الامريكية.



ان مع العسر يسر ..


القاهرة، الجمعه 8/11/2019م

لم يتعرض المجتمع المدنى المصرى لعملية هدم فى تاريخه المعاصر، مثلما يتعرض لها منذ منتصف القرن الماضى عامةً، وخلال السنوات القليلة الماضية على وجه الخصوص، - سنوات مواجهة واجهاض اى امكانية لعودة 25 يناير 2011 -؛ حتى خلال فترات الحروب، لم تشهد مصر مثل هذا الهدم، كل المؤشرات المادية والروحية للمجتمع المدنى المصرى خلال حروب 67، 73، تشير الى انه لم يشهد مثل هذا القدر من التدهور الحاد.

لم تكن 25 يناير 2011، بالنسبة لسلطة يوليو مجرد انتفاضة، ولا حتى ثورة، لقد كانت اعلان "فك ارتباط"، الغاء للعقد الاجتماعى، - الذى وقع فى ظروف محددة -، بين المجتمع المدنى المصرى وسلطة يوليو الممتده، منذ اكثر من سته عقود. 25 يناير 2011 عنت بالنسبة لسلطة يوليو، حالة "اعلان حرب" من قبل المجتمع المدنى، ضد شرعية سلطة يوليو الممتدة منذ يوليو 1952. وقد تصرفت السلطه مع قيم وشخوص يناير على هذا الاساس. كما كان الحال بالنسبة لباقى انظمة دول الربيع العربى، انظمة القمع العربية "الجمهورية"!.

لقد عملت سلطة يوليو بشكل حاسم لا هوادة فيه منذ 25 يناير 2011، لاستعادة بعضّ من هذه الشرعية المفقودة، تلك الشرعية المفقودة ليس منذ 25 يناير 2011، بل المفقودة قبلها بزمان جراء عدم تلقى المجتمع المدنى المصرى من سلطة يوليو الممتدة، سوى الفشل والوعود الجوفاء على مدى اكثر من سته عقود. لم تكن 25 يناير وقوعاً لحالة فك الارتباط او الغاءً للعقد الاجتماعى بين المجتمع المدنى وسلطة يوليو، بل كانت، اعلان، اشهار، فقط، لهذه الحالة.

لذا لم يكن غريباً ان تشرع النسخة الاحدث لسلطة يوليو، فى تبنى عملية اعادة اعمار لشرعيتها بعد ان اشهر هدمها اعلان يناير، ولانها لم يكن لها ان تستمد مواد اعادة اعمار شرعيتها من نفس الـ"مورد" الذى هدم هذه الشرعية ذاته، لم يكن امامها سوى ان "تستورد" مواد اعادة اعمار شرعيتها من "مورد" خارجى، وقد كان.

اخذت سلطة يوليو فى اعادة اعمار شرعيتها على كافة المستويات، السياسية، الاقتصادية، العسكرية، الامنية، الاعلامية، الثقافية، الفنية، الرياضية .. الخ، اعادة اعمار عنت مصادرتها وتأميمها جميعاً.

وبسبب انتقال مركز "مورد" الشرعية الى الخارج، فقد كان لزاماً ان يشرع النظام فى تنفيذ متتطلبات الخارج، متتطلبات حكام عالم اليوم، ولم تتسم هذه العملية بالسرعة والحدة فقط، بل اتسمت ايضاً بالمبادرة والمبادأة على المستويين الاقتصادى والسياسى، فكانت القضية الوطنية وموارد الوطن هما مجالى التنازل والعطاء. فكان صندوق النقد وصفقة القرن.

صندوق النقد ومتتطلبات السوق الحر .. لانه ليس من الممكن تأسيس "اقتصاد خاص" حر، بدون "دعم"، بانشاء معتقلات فى ارجاء الوطن، وسجن عشرات الالاف، فان قمع الاكثرية، ومنح "الحرية الاقتصادية" لمجموعات محظوظة قليلة، يشكلان وجهان لعملة واحدة. هناك انسجام داخلى بين "السوق الحرة" و"الرعب اللامحدود". الرعب هو الوسيلة المركزية فى عملية التحول الى السوق الحرة.

ان عقيدة الحرب على الارهاب هى جزء من صفقة القرن. بالرغم من تعدد التسميات، من حرب ضد الارهاب الى الحرب ضد الاسلام المتطرف، والحرب ضد الفاشية الاسلامية، .. الخ، لكن شكله الاساسى واحد، فهو غير محدد من حيث الزمان او المكان او الهدف. تجعل هذه السمات الممتدة والمبهمة، من الحرب ضد الارهاب، من الناحية العسكرية، توليفة لا يمكن الفوز من خلالها، لكنها تجعلها من الناحية الاقتصادية حلاً لا يقهر: فهذه الحرب ليست بحرب يمكن ربحها بين ليلة وضحاها، بل هى عنصر جديد وثابت فى التركيبة الاقتصادية العالمية.

بعد ان كانت الهجمات الارهابية تخفض الارباح فى الدورة الاقتصادية، اصبحت الان تترك صدى ايجابياً فى السوق: سجلت اسهم "داو جونز" بعد 11 سبتمبر 2001، تدهوراً بنسبة 685 نقطة حالما افتتحت السوق من جديد، فى المقابل، اغلقت السوق الامريكية فى 7 يوليو 2005، اليوم الذى دوت فيه اربعة انفجارات فى شبكة نقل لندن العامة مؤدية الى مقتل العشرات وجرح المئات، مسجلة ارتفاعاً من سبع نقاط فى اسهم "ناسداك"، مقارنة مع اليوم السابق. اما فى اغسطس التالى، وفى اليوم الذى اوقفت فيه وكالات تطبيق القانون 24 مشتبهاً فيهم فى التخطيط بتفجير طائرة نفاثة متجهة الى الولايات المتحدة، سجل الـ"ناسداك" ارتفاعاً بـ11,4 نقطة، وذلك بفضل ارتفاع اسهم الامن القومى.(1)

طريقة عمل صندوق النقد، العمل بالاهداف .. يتحدد دور صفوة الخبراء فى الشركات الاستشارية الكبرى فى استخدام المنظمات المالية الدولية لخلق ظروف تؤدى الى خضوع الدول النامية لهيمنة نخبة رأس المال العابر للجنسيات، التى تدير الحكومة والشركات والبنوك، فالخبير يقوم باعداد الدراسات التى بناءاً عليها توافق المنظمات المالية على تقديم قروض للدول النامية المستهدفة بغرض تطوير البنية الاساسية وبناء محطات توليد الكهرباء والطرق والموانئ والمطارات والمدن الصناعية، بشرط قيام المكاتب الهندسية وشركات المقاولات الكبرى العالمية، والتى غالباً ما يكون المكون الاساسى فيها امريكياً، تقوم بتنفيذ هذه المشروعات.

وفى حقيقة الامر فان الاموال بهذه الطريقة لا تغادر رأسالمال العابر للجنسيات، حيث تتحول ببساطة من حسابات بنوك خاصة او صندوق النقد او البنك الدولى، الى حسابات الى نفس هذا الرأسمال، ورغم ان هذه الاموال تعود بشكل فورى الى اعضاء فى الكوبورقراطية "حكم الشركات" فانه يبقى على الدولة المتلقية "مصر" سداد اصل القرض والفوائد.

ومقياس نجاح خبير الصندوق او البنك الدوليان، يتناسب طردياً مع حجم القرض بحيث يجبر المدين على التعثر بعد بضع سنوات! وعندئذ تفرض شروط الدائن التى تتنوع، مثل، الموافقة على صفقة القرن، او السيطره على موارد البلد المدين "مصر"، العولمة، فتح السوق على مصراعيه، استهلاكاً وتملكاً، وتبقى الدوله المصريه بعد ذلك كله مدينه بالاموال.(2)

ليس الانجاز الاهم لعمليات "الهدم واعادة الاعمار"، تحقيق الارباح حتى لو كانت بالمليارات، - حتى لو كانت عمليات الهدم ناتجة عن "حرب اقتصادية" ضد الشعب -، الانجاز الاهم بما لا يقارن، هو خرط "الدولة" على مخرطة "الهدم واعادة الاعمار" لتتشكل للدولة هويتها الجديدة القابلة للاستنزاف الدائم بأدنى قدر ممكن من المقاومة، هوية الانبطاح التام للعولمة.

النخبة النيوليبرالية الاقتصادية، حكام عالم اليوم، "الشركاتية"، "حكم الشركات"، تدير الشركات والحكومات والمؤسسات المالية والدولية، كادارات لشركاتهم العملاقة العابرة للجنسيات.

كل عملية هدم لابد وان تعقبها عملية اعادة بناء، "اعادة اعمار"، اياً كان مجال الهدم، الجسد، الشخصية، النظام، الشرعية، المدن، القيم .. الخ، واياً كانت اسباب الهدم، امراض، كوارث طبيعية، حروب ايديولوجيه، حروب عسكرية، فشل مزمن مستمر، حروب اقتصادية .. الخ.


المصادر:
(1) عن الكتاب الملهم "عقيدة الصدمة"، صعود رأسمالة الكوارث. للكاتبة والباحثة الفذة الامريكية، كندية الاصل، نعومي كلاين.
https://www.4shared.com/office/WE6mvlL6/____-_.htm
فيلم مترجم للعربية عن نفس الكتاب. https://www.youtube.com/watch?v=YRDDQ9H_iVU&feature=youtu.be
(2) الاغتيال الاقتصادى للامم، اعترافات قرصان اقتصادى، جون بيركنز.
https://www.books4arab.com/%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%84-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-pdf/



#سعيد_علام (هاشتاغ)       Saeid_Allam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: حكاية وطن دٌمر لعظمته ؟!-2-* الموت القادم من المنطقة ...
- العراق: حكاية وطن دٌمر لعظمته ؟!-1-* اين سيقضى -بوش-، سهرة ل ...
- ليس صدفة: الاعلان عن طرح شركات للجيش المصرى، وارامكو السعودي ...
- اليسار يهزم صندوق النقد فى الارجنتين .. عقبالنا!
- أحجية الثورة المصرية ؟! لن تكتمل ثورة فى وجود الاخوان، ولن ت ...
- ليس كل ما يلمع ذهباً !
- فى وداع الاستاذ ابراهيم فتحى!
- ثمن المنصب! (2) عندما يدفع المثقف ثمن المنصب. احمد السيد الن ...
- ثمن المنصب ! (1) عندما يدفع المثقف ثمن المنصب. احمد السيد ال ...
- الاستثناء التونسى: بهجة الوداع ؟! بين رحيل مرسى ورحيل السبسى ...
- السودان .. رحلة الهزيمة تبدأ بخطوة !
- 30 يونيه وفن صناعة الغضب !
- الرئيس الوسيلة: من الترشيح الى الترحيل !
- لماذا العدوان الامريكى على ايران، حتمى ؟!
- ثلاثية التشوش: يناير، الشرعية، الاصطفاف !
- الحرب على الارهاب، وجدت لتبقى! اهدار غير مبرر لنتائج مفترضة ...
- فى مصر، لا يرحل الرؤساء وفقاً للدستور! هل يرحل -السيسى- بعد ...
- الطريق الى -صفقة القرن- مر عبر 25 يناير!
- فوق النخبة: -جمهورية- ايمن نور فى تركيا !
- قراءة من -الخارج-، اكثر قرباً ! بهى الدين حسن من الخارج، يحر ...


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد علام - إعادة اعمار شرعية النظام فى مصر!