|
خطاب الملك محمد السادس : - خطاب تحد للجزائر ، وللامم المتحدة ، ومجلس الامن
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6402 - 2019 / 11 / 7 - 18:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بمناسبة مرور أربعة وأربعين سنة عن استعادة الصحراء الى المغرب ، القى الملك محمد السادس خطابا ، قد نعتبره غريبا ، لأنه لم يتعود على القاء مثله ، في خطاباته السابقة . ان وجه الغرابة التي فاجئت جميع المهتمين ، ان الخطاب هذا ، حمل رسائل عديدة لعدة جهات ، كما اعتبر تحديا عضليا musclé للجزائر ، ولصنيعتها جبهة البوليساريو ، وفي نفس الوقت تحدٍ للأمم المتحدة ، وتحدٍ لمجلس الامن ، كما انه تحدٍ للاتحاد الافريقي الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية ، وتحدٍ للاتحاد الأوربي . كما ان وجه الغرابة ، هو جرأة الخطاب في تحديد جدول اعمال كل الهيئات ، والمنظمات التي تشتغل على ملف الصحراء ، وفرض تصور واحد للمشكل ، لا يخرج عن مقترح الحكم الذاتي المُعلّق ، والذي لا علاقة له بنظام الجهوية الموسعة الاختصاصات ، التي تم تعويضها مؤخرا بالجهوية المتقدمة ، كجواب لتدبير ملف الصحراء ، بعد فشل الحكم الذاتي في إرضاء خواطر ، ورغبات الصحراويين ، الذين يتشبثون فقط بحل الاستفتاء ، لإنشاء جمهورية ، رغم وجود جمهورية تندوف التي خلقتها الجزائر ، وليبيا في سنة 1976 . فالملك في خطابه الأخير هذا ، ذهب بعيدا في تصوره لأصل الصراع ، والذي حله في نظره ، لا ولن يكون الاّ مغربيا . هنا فان الملك ، يكون قد اغلق جميع الأبواب ، التي تؤدي الى وجهة تنتهي بالانفصال ، وتشريع تقسيم المغرب كخطوة أولية ، للوصول الى المشروع الكبير ، الذي خططت له دول الاستكبار العالمي ، الذي هو مشروع سايكس بيكو جديد بالمنطقة .. الملك عندما التجأ الى هذه المعادلة الجديدة ، في تحديد سقف أي نقاش ، او مفاوضات ، والتي لن تخرج عن حل الحكم الذاتي ، فانه على علم مسبق ، بتأثير نزاع الصحراء على نظامه ، ومنه على الدولة . ان الملك يعلم علم اليقين ، ان الحسن الثاني عندما طرح نزاع الصحراء في بداية سبعينات القرن الماضي ، فذلك لاستعمال الصحراء لحجب ، وحفاظ نظامه المهدد بالسقوط ، وقد نجح فعلا في تحويل الصراع الداخلي حول الحكم ، الى صراع خارجي حول عدو جديد ، يهدد وحدة المغرب ، تم تجسيده في الجزائر ، وفي الأحزاب الماركسية ، والشيوعية الاوربية ، وفي كل من يتربص شرا بوحدة المغرب ، ووحدة شعبه . هكذا سيتطور الملف المطلبي للمعارضة آنذاك ، من مجرد المطالبة بالحكم ( الجمهورية ) ، الى اقتسامه ( الملكية البرلمانية ) ، وانتهى مؤخرا بمجرد المطالبة للسباق قصد تنفيذ برنامج الملك .. اذن ملف الصحراء ، يرتبط ارتباطا مباشرا ، بوجود النظام ، الذي بقاءه من عدمه ، محكوم ببقاء ، او عدم بقاء الصحراء تحت سيطرته .. يحمل الخطاب الذي القاء الملك محمد السادس ، وهو خطاب ، وبالنظر لما جاء فيه من تحديد لسقف المفاوضات ، تحديا للجزائر ، وتحديا للأمم المتحدة ، ولمجلس الامن .. فكون تحديد موضوع المفاوضات فقط في حل الحكم الذاتي ، يكون بذلك الخطاب ، قد اغلق الأبواب على أي حل قد ينتهي بفصل الصحراء عن المغرب ، وانشاء جمهورية صحراوية ، ستفصل بينه ، وبين ما اعتبره ، باعتبار الصحراء امتدادا طبيعيا للمغرب نحو افريقيا .. والسؤال هنا ، وبعد هذا الخطاب الذي قد تعتبره البوليساريو من اخطر خطابات التطرف ، ماذا بعد الخطاب الذي يكون قد اغلق باب المفاوضات القادمة برعاية الأمم المتحدة ؟ فهل بعد هذا الخطاب الحاسم في تحديد شروط التفاوض ، وموضوع اللقاء ، لا زالت جبهة البوليساريو ومعها الجزائر ، تأمل في مناقشة الاستفتاء تحت رعاية الأمم المتحدة ؟ وما الجدوى ، وامام هذا الموقف الصارم والحاسم ، من تعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة بملف الصحراء ، ما دام ان الملك تشبث فقط بحل الحكم الذاتي ، ورفض أي نقاش لحل يقود الى الانفصال . ان المفاوضات التي يحضر لها من قبل الأمم المتحدة ، ستكون مضيعة للوقت ، واجترارا لوقت لم يعد ضائعا ، بل انتهت صلاحيته ، ولم يعد نافعا لشيء .. ومآلها الفشل حتى قبل ان تبدأ . إذن ما هي رسائل التحدي التي وجهها الخطاب الى الجرائر ، ومعها صنيعتها جبهة البوليساريو ؟ وماهي الرسائل التي وجهها الخطاب الى الأمم المتحدة ؟ والى مجلس الامن ؟ 1 ) رسالة الخطاب الى الجزائر : فبعد ان نصّت جميع القرارات الأممية ، وآخرها القرار 2494 ، على اعتبار الجزائر طرفا رئيسيا في النزاع ، مع ما سيترتب على هذا التوريط من نتائج قانونية ، على اية محاولة تخالف منطوق القرار 2494 ، وامام الارتباك الذي تعاني منه الجزائر ، بفعل الحراك الشعبي الذي يطالب بإسقاط النظام السابق الواقف وراء ملف الصحراء ، وانتشار دعوات شعبية لطرد البوليساريو من الجزائر ، وامام تأكد النظام المغربي من ضعف الجزائر كنظام وكمؤسسات ، فانه وجد الفرصة سانحة لتوجيه خطاب لن يحيد عن مغربية الصحراء ، فالخطاب هو تحدٍ للجزائر الواقفة وراء حل الاستفتاء ، والمساندة للجمهورية الصحراوية ... فالخطاب إذن لم يعد يكتفي بالدفاع ، بل نه تعداه الى الهجوم .. 2 ) رسالة الخطاب الى جبهة البوليساريو : لا اعتقد ان الخطاب يقصد الجبهة مباشرة ، لأنه يعتبرهم مجرد حفنة انفصاليين ، تستخدمهم الجزائر كدريعة للوصول الى مياه المحيط الأطلسي ، وخاصة وان قوة البوليساريو تلاشت ، بسقوطه في مقلب وقف اطلاق النار ، الذي وقعه تحت اشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 . انّ انتظار الجبهة لمدة ثمانية وعشرين سنة من وقف اطلاق النار ، لتنظيم استفتاء اضحى متجاوزا ، ومرفوضا من قبل النظام المغربي .. وانّ تأكد النظام من تلاشي الجبهة ، وفقدها لقوتها التي كانت لها قبل التوقيع على وقف اطلاق النار ، وتحولها الى مجموعة من الثرثارين التي تتقن البكاء على الاطلال ، وفي كل مرة ، وبالتزامن مع مناسبة من المناسبات ، كانعقاد دورة لمجلس الامن ، او للجمعية العامة ، تقوم بالتهديد باستعراض مزنجرات ، واسلحة جزائرية ، لإسكات صوت المعارضين ، خاصة من الشباب الذي ضاق درعا بالعيش في مخيمات الذل والعار بتندوف .... كل هذا اعطى للنظام المغربي فرصة مواتية ، لتجدير خطابه الذي يتمحور فقط على حل الحكم الذاتي ... ورفضه لأي حل آخر خارج مغربية الصحراء .. فهل ستستمر الجبهة ، بعد غلق الأبواب هذا ، في التباكي على حل مرفوض ، وهل ستستمر في التعويل على لقاءات الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، التي فشلت فشلا ذريعا ، في حل نزاع عمر لأكثر من أربعة وأربعين سنة مضت ؟ وكيف ستتقبل جبهة البوليساريو موقف النظام الحاسم في النزاع ؟ هل ستختفي وراء اكذوبة انعقاد المؤتمر الوطني الخامس عشر ، الذي سيكون امتدادا للمؤتمر الوطني الرابع عشر ؟ أي استمرار نفس الوجوه الفاشلة ، واستمرار سيطرة نفس القبيلة ؟ ومن خلال جميع المحطات التي مر منها ، وبها الصراع منذ سنة 1991 ، نكاد نجزم بانتهاء شيء كان يسمى فيما مضى ب " البوليساريو " . 3 ) رسالة الأمم المتحدة ومجلس الامن : هنا سنجد ان الخطاب تحدى كذلك ، كل القرارات الصادرة عن مجلس الامن ، وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، لأنه وامام طول مدة النزاع التي استغرقت أربعة وأربعين سنة ، وعجز هذه الهيئات في إيجاد حل ينهي المشكل من اصله ، فان تحديد الخطاب لجدول عمل الأمم المتحدة ، ومن موقف متعالي ، هو موقف يقفز على الشرعية الدولية التي تتلاعب بأطراف النزاع ، من خلال اصدار قرارات متناقضة ، ومركبة ، وتحمل في طياتها عوامل استحالة تطبيقها ... ان الرسالة التي وجهها الخطاب لكل الأطراف المعنية بنزاع الصحراء ، هو اقفال النظام لباب أي مفاوضات ، او لقاءات ، تحصل في المستقبل ، تحت اشراف الأمم المتحدة . وامام هذا الموقف المتصلب ، الذي اكد على فشل المفاوضات حتى قبل بدأها ، فان أي لقاء محتمل بين اطراف متناقضة ، تتمسك بمواقفها المتعارضة ، سيكون مضيعة للوقت . ان اقدام النظام على غلق أبواب أية مفاوضات ، ستخرج عن تأكيد مغربية الصحراء ، في اطار الحكم الذاتي ، كما يفهمه وينظر اليه النظام المغربي ، لا كما يحدده القانون الدولي ، ما كان ليحصل لولا الدعم الذي يتلقاه النظام من الاتحاد الأوربي ، الذي رغم ان محكمة الاتحاد الاوربية استثنت الأقاليم الجنوبية المغربية ، من الاتفاقيات المبرمة بين المغرب ، وبين الاتحاد الأوربي ، فان الاتحاد لم يلتزم ببنود تلك الاحكام ، بل تحداها حين جدد توقيع اتفاقية الصيد البحري ، واتفاقية التجارة والفلاحة ... كما ما شجع النظام المغربي على تحدي الجميع ، واغلاق أبواب نزاع الصحراء ، هو التماهي الذي بدآ يطفو على سطح العلاقات بين الرباط ، وبين واشنطن ، التي لا تعير نزاع الصحراء ادنى اهتمام ، او موضوعية . والسؤال : ماذا ستفعل البوليساريو ؟ هل ستعود الى الحرب ، وهي اكبر منها ، بفعل مرور ثمانية وعشرين سنة من وقفها في سنة 1991 ؟ هل ستقرر العودة الى المغرب طوعا ، وبدون شروط مسبقة ، وليكون حالها حال جيش التحرير ، والمقاومة المغربية ، ويكون حالها حال الجنود الذين ماتوا في الصحراء ، وسجنوا بسببها لمدد تتجاوز ستة وعشرين سنة ، وعندما عادوا وجدوا هراوة النظام في انتظارهم .. ؟ فماذا انتم فاعلون بعد خطاب الملك الذي اعتبره العديد من المهتمين ، طياً لمرحلة ، وفتحا لصفحات مرحلة أخرى عنوانها ، الصحراء مغربية ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغربيون وقضية الصحراء الغربية
-
الى الرأي العام الدولي -- A lopinion public Internationale .
...
-
التخلي عن السلاح : منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ، وجبهة البو
...
-
تمخض الجبل فولد القرار 2494 -- Analyse de la résolution 2494
...
-
لبنان الى اين ؟
-
تحليل مشروعية الملك في الحكم
-
فشل وقفة باريس ، وفشل وقفات المغرب --
-
تفاديا لكل ما من شأنه
-
هل النظام المغربي ( مخلوع ) خائف من دعوة النزول الى الشارع ف
...
-
فلادمير بوتين ( يُمقْلبْ ) -- مقلب -- البوليساريو .. Poutine
...
-
على هامش دعوة النزول الى الشارع في 26 اكتوبر الجاري من اجل م
...
-
دعوة النزول الى الشارع في 26 اكتوبر الجاري
-
عمار سعداني يعترف بمغربية الصحراء
-
كتالونية انفصال ام استقلال ؟
-
الاستاذ محمد الساسي يحمل النظام ، والاحزاب مسؤولية الازمة ال
...
-
تحليل خطاب الملك بالبرلمان
-
النظام السياسي الإيراني
-
العربان -- Les Arabes
-
الدكتاتور . المستبد . الطاغية
-
تجار اللحم البشري
المزيد.....
-
جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس
...
-
العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ
...
-
إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع
...
-
شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
-
هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
-
الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل
...
-
لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق
...
-
ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
-
فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم
...
-
قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|