أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟















المزيد.....

تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 448 - 2003 / 4 / 7 - 03:46
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

     تصورات أخرى حول الحرب (2):

 

     #  الخطة والواقع. هناك قاعدة قديمة تقول: "لا تدوم أية خطة عسكرية بعد أول اصطدام بالعدو." وهذا الأمر صحيح دائما. إلا أن ما حدث للأمريكيين في هذه المرة كان أكثر قسوة من ذلك بكثير.

     بهدف بيع فكرة الحرب للجمهور في أمريكا وفي العالم، صوّر بوش وبعض اصحابه الحرب على أنها "حملة جراحية".

     ببساطة: سيخرج الأمريكيون إلى بغداد بقوة هائلة. وسيخرج الجمهور العراقي، الذي مل صدام الطاغية، لاستقبال المحررين، وستمطر عليهم الشيعة في الجنوب وابلا من الأرز والسكاكر. وسيقتل صدام وينهار نظامه كبرج من ورق. سيدخل الأمريكيون أبواب بغداد بمسيرة الظفر. هذا كل ما في الأمر. سيستغرق هذا الأمر اسبوعا واحدا على الأكثر، بدون قتلى وبدون أسرى.

     لم يكذب بوش وأتباعه، فقد آمنوا بأن هذا ما سيحدث فعلا، ولكن ما حدث لهم هو ما يحدث عادة للمروجين والدعائيين، فهم قد صدقوا انفسهم.

     بعد ان وضعوا خريطة خيالية، حاولوا تطبيق مخططاتهم بموجبها. وها هم الآن يواجهون الواقع. فبسبب الاستهتار بالعدو، لم يتم تأمين خطوط الإمدادات كما يجب ولم يجهزوا أنفسهم للمعركة في الجبهة الداخلية. وصلوا بسرعة إلى بغداد، وتقدموا باتجاهها في الصحراء القفرة وقد كان هذا مجرد حملة من المواصلاات وقد اعتقدوا بأن الباقي سيأتي من تلقاء نفسه.

    

     #  "التناذر الإسرائيلي". يمكن أن نسمي ذلك "التناذر الإسرائيلي": الاستهتار القوي بالعرب والإيمان بأنهم لا يقدرون على القتال، كان سبب فشل الجيش الإسرائيلي في حرب اكتوبر وفي حرب لبنان وفي الانتفاضتين. ففي كل مرة يقاتل فيها العرب ببسالة وهم مستعدين لتقديم أرواحهم، يكون هذا بمثابة مفاجئة تخيب الآمال. (وكما يقولون هنا وهناك: "لا يمكن الاتكال على العرب، فهم لا يستسلمون").

 

     #     "الخائفون!" إن رد فعل الشعب العراقي هو كرد فعل أي شعب عادي، فهو يتكاثف ضد المحتل الأجنبي عندما تكون هناك حاجة لحماية الوطن. ومعارضو النظام يدعمون الزعيم. حتى المعتقلين في سجون غولاغ هتفوا لستالين عندما اجتاح النازيون بلادهم.

     كثير من العراقيين يودون بالطبع التخلص من صدام، إلا انهم لا يريدون ان يحدث هذا من قبل دخيل أجنبي وخاصة الأميركيين، الذين أتوا لاستلاب نفطهم. (وجود الإنجليز، السادة المستعمرين للعراق فيما مضى يزيد الوضع تعقيدا).

     لم تخرج الحشود لاستقبال المحررين، ووحدات الجيش النظامي لم تستسلم. كيف يمكن تفسير ذلك؟ يحاول السياسيون والجنرالات اختلاق عذر يبدو سخيفا: يخاف الملايين من سكان البصرة والجنوب من عملاء صدام، الذين بقوا هناك. إنهم يتوقون إلى الترحيب بالأمريكيين، ولكن ليست لديهم الجرأة على ذلك. يا لهم من مساكين.

     حتى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي لم يجد عذرا أسخف من هذا.

 

     #  المثال الفلسطيني. لا يمكن لأي عربي، سني كان أو شيعي، أن يرى في الإمريكيين منقذا، لانه يشاهد يوميا، ومنذ سنين على شاشات التلفزيون ما يقترفه الجيش الإسرائيلي، تحت غطاء بوش، تجاه الشعب الفلسطيني.

      الأمريكيون النبلاء الذين لا يكترثون لمشاعر الغير، لا يقدرون على تخيل مقدار الغضب والكراهية التي تراكمت ضدهم في أوساط الشعوب العربية، لذلك لم يستخلصوا العبر من أحداث 11 سبتمبر الرهيبة. حتى الآن، وفي خضم الحرب، يقوم تلفزيون صدام ببث صور التنكيل في المناطق الفلسطينية المحتلة، وذلك كي يظهر للشعب العراقي كيف يقدم الشعب الفلسطيني، بأطفاله، نفسه فداء للوطن أمام قوة الجيش الإسرائيلي الهائلة.

 

     #  لحظة الصدمة. لقد كانت عدد من لحظات الصدمة الوطنية في تاريخ دولة اسرائيل.

     إحداها كانت في حرب أكتوبر، وقد طبعت هذه اللحظة في ذاكرتي، فقد جلسنا نشاهد التلفزيون في بيت بعض الأصدقاء، عندما ظهرت على الشاشة مجموعة من الجنود الإسرائيليين الذين أسرهم الجيش المصري.

     لقد جلسوا على الأرض مطأطئين الرأس وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم، يرتجفون مرعوبين، محاطين بالجنود السوريين يرقصون ويهللون، وقد بدا الرعب في أعينهم جليا.

     حتى تلك اللحظة كان الاعتقاد السائد بتفوق المقاتل الإسرائيلي التام هو واحدة من ركائز الإدراك الإسرائيلي. وقد تغذى هذا الاعتقاد على حكايات لا تعد ولا تحصى، بعضها حقيقي والبعض الآخر هو من وحي الأساطير. في تلك اللحظة تهاوى هذا الاعتقاد كبرج زعزعه الزلزال. فجأة رأينا جنودنا على أنهم بشر عاديين، ينتابهم الفزع ويرتعدون من الخوف في الحالات المخيفة فعلا.

     هذا ما يحدث الآن للأمريكيين. إنهم يشاهدون أبناءهم في حالة مشابهة. ولا عجب في محاولة البيت الأبيض لإخفاء هذه المشاهد، وهو يتشبث بمعاهدة جنيف. أين كانت هذه المعاهدة عندما تم عرض آلاف الجنود الأسرى التابعين لحكومة الطالبان، على أنهم حيوانات في معسكر غواطنامو؟

 

     #  الأسرى. لقد عرض الجيش الإسرائيلي دائما صور الأسرى لأهداف إعلامية.

     أذكر بالأخص النجم التلفزيوني إيهود يعاري، الخبير الكبير في الشؤون العربية، وهي ضابط استخبارات سابقا، يحقق مع ضباط سوريين ومصريين أسرى أمام كاميرات التلفزيون، على طريقة المحققين المهنيين. لم يتم البت بأي معاهدة تدعى معاهدة جنيف.

     #  صلاح الدين. هناك أمر مؤكد واحد: لقد حصل صدام حسين على ما يريد.

     ليس من المهم ما سيحدث من الآن فصاعدا، فهو سوف يدخل التاريخ العربي كأحد الأبطال المحبوبين، الذين لم يهربوا من وجه الأعداء رغم قوتهم الهائلة. أجيال من الأولاد في كافة الدولة العربية ستتعلم في المدرسة عن صدام كأحد ابطال الأمة العربية وكوريث صلاح الدين الأيوبي.

     لقد انقض أكبر آلية عسكرية في التاريخ، كما يعرفونها، على شعب عربي صغير، تم تدمير أغلبية أسلحته قبل الحرب، وقد قاوم هذا الشعب ببسالة القنابل والصواريخ، دون أن يكون لديه غطاء جوي.

     هذا ما يبدو الآن بالنسبة لكل العرب أينما كانوا وهم يقارنون صدام بزعمائهم، حسني مبارك، الملك فهد، الملك عبدالله وبشار الأسد.

    ابتداء من هذه اللحظة ستتعاظم الخرافة وتتحول إلى أسطورة وطنية.



 

22.3.03

 



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرز المُر - التصورات حول الحرب
- هجم الذئب؟
- أين الورقة إذن؟
- لا عليكم، كلوا الشوكولاطة
- رجل يواجه العالم بأسره
- حرب ذات رائحة لا صلة لهذه الحرب بالإرهاب
- السيدة السمينة لم تغن بعد
- نشيد الصداقة
- السوفييت الأعلى الخاص بليبرمان
- إنقلاب نداف
- حيوان غريب جدا
- كيف نساعد شارون
- الهدف: انقلاب!
- الثأر لطفل
- عزيزي عمرام ميتسناع
- كان لنابوت كرم
- لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة
- الحرب الان


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟