أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اشرف عتريس - عتريس بين التوهة وقلب الكون - د.محمد عبد الله حسين















المزيد.....

عتريس بين التوهة وقلب الكون - د.محمد عبد الله حسين


اشرف عتريس

الحوار المتمدن-العدد: 6398 - 2019 / 11 / 3 - 01:40
المحور: الادب والفن
    


عتريس بين التوهة وقلب الكون
----------------------------

اذا جاز لنا أن نقول مع عبد الكريم برشيد (اذا كان التجريب فى معناه الحقيقى فى حاجة الى أن يكون صداميا بالضرورة
فان الأمر اذن يتعلق بكتابة مالم يكتب ،وبتقديم ما لم يقدم بالدخول فى الفضاءات البكر الجديدة)
فان هذه المقولة تنطبق على مسرحتيى أشرف عتريس فى (قلب الكون والتوهة ) ..
فى قلب الكون ..
يحاول اشرف عتريس أن يقرأ منطوق التراث وصامته محاولا أنيلامس سطحه ويسبر أغواره – ان صح التعبير- فى آن واحد وهذا من شأنه يترجم عنا حضورا ويحوله من حالة السكون الى حالة الحركة وينقله من
الماضى الى الحاضر ويستشرف من خلاله المستقبل مما يجعله فى اتجاه ماهو انسانى ، وحيوى ومدنى وحقيقى وعقلى وعلمى أيضا..
وعلى الرغم من الكاتب أشرف عتريس فى مسرحيته القصيرة الا انه تجول فى منلداطق عديدة من التراث ، شعبية وتاريخية محاولا من خلالها طرح قضايا معاصرة أهمها ضياع الانسان فى واقع مختلف تبدو فيه دائما الصورة مقلوبة فى ظل آلة جهنمية جبارة تستطيع أن تقلب الحقائق وتجعل الحق باطلا والباطل حقا ، والنسرحية لا تجد تفسيرا لهذا بل تطرح أسئلة تبحث عن اجابات .
(قلب الكون ) مكونة من برولوج قبل فتح الستار وافتتاحية ثم ستة مشاهد معنونة كالتالى .
.(الشبكة، بركة الدم ، كهف الندم ، قصر الكرم ، السجن ، المحاكمة ) وهى مشاهد سريعة الايقاع جدا ومتلاحقة يطرحها الكاتب على لسان البطل سين وسؤاله الحائر : الصورة مقلوبة ولا عنيا اللى صابها العما..
من خلال صورتين متضادتين تماما ، خالقا بذلك نوعا من التواصل بين الماضى والحاضر عن طريق الايحاء غير المباشر بما حدث فى الماضى ليجعله جزءا لا يتجزأ من اللحظة الحاضرة وهذا فى رأيى أهم ما يميز (قلب الكون ) ..

اعتمد عتريس فى مسرحيته على قراءاته المتعددة والمتنوعة (الكوميديا الالهية ) لدانتى اليجيرى ، التراث الشعبى المصرى ، التاريخ الحديث والمعاصر
وقد بدا ذلك جليا من خلال سيم وصديقه (غزال) الصياد الصبور وهما رمزان لانسان هذا العصر التائه الضائع المقهور فى رحلة البحث عن اجابات لأسئلة كونية ووطن انسانى
نستشعر هذا فى البرولوج قبل فتح الستار حيث الظلام الحالك –فالمسرح كله فى حالة اظلام تام ..

سين صارخا : ياعيون الليل يا عياط البحر يا جنون الريح كلمونى
يا نجوم فى عب السما بتسقط باللهب
ياقوة النار اللى تكوى الحديد..بسألكم
مين اللى خلاّ الغنوة موال وآهة حزن جوانا
حاسس بالتوهة
الشمس بتلم الباقى منها وناوية تغيب على طول
والليل عفريت بعين واحدة
مشتاق لحلم – محتاح لحضن المدى
جاى من موت ومعرفش رايح لفين ..
فات الوقت ولاّ لسه
فات الوقت ولاّ لسه
كان البرولوج هو المدخل لمضمون العمل ولا يخفى علينا شعرية اللغة وهذا لايعيب النص اطلاقا
ويرجع هذا الى أن الكاتب شاعرعامية متميز من شعراء الصعيد وكاتب درامى ايضا
تأتى الافتتاحية لتؤكد المعنى الذى استشعرناه من خلال الحوار بين سين والأصوات ليجذب انتباه المتلقى
عن طريق خلقموقف قابل للتطور – كما أشرت آنفا .

أصوات : من عهد قديم مقفول عليكو من أربع جهات
مين اللى شار عليك بالسكة اللى ماتعرفهاش
البعيد شبورة يعنى قلبك رايح ينتحر
فى المشهد الأول يحاول عتريس اضفاء أجواء اسطورية على بداية رحلة البطل سين الى قلب الكون
ولكى يجداجابةعن سؤاله يجب ان يمر من بركة الدم ثم كهف الندم ثم قصر الكرم وهى رحلة محفوفة بالمخاطر
وكأنها رحلة أرواح الموتى فى الميثولوجيا المصرية القديمة أو كأنها رحلة أبى العلاء المعرى
فى رسالة الغفران أو دانتى أليجيرى فى الكوميديا الالهية ..
وفى أجواء اسطورية صنعها الكاتب بمهارة فائقة يبدأ المشهد الثانى (بركة الدم ) حيث أرض مينوس ومينوس هو حارس بوابة الجحيم وصاحب الوجوه القبيحة المتعددة
..(مينوس الملاح ، مينوس همام ، مينوس العمدة، مينوس حارس السجن / مينوس القاضى ) الخ ..
انه الآلة الجهنمية المسيطرة ناضيا وحاضرا ومستقبلا أيضا – القوة الغاشمة التى لا يستهان بها .
التى لا تبق ولا تذر أيضا ..
مينوس الملاح : أقدر أخليها قميرة طوب وتبقى خراب
قادر أجيب عاليها واطيها وتبقى بركة نار
لازم يبقى وقيدها بشر وحجارة – حطب وناس – جسم وروح

المعذبون : جوانا جرح غويط لابيطيب ولا بيخلص
الحزن قد العمر اللى راح واللى جاى
متحملين بالخطايا متعشمين فى السماح
بس مين يقبل

نعم ..من هنا نستشعر الواقع من خلال الحوار السابق ولعلى لاأكون متعسفا فى التأويل اذا قلت أن مينوس
تلك القوةالغاشمة فى العالم (أمريكا واسرائيل ) والمعذبون هم (العرب وفلسطين ) ربما !!
ان عتريس يضغط على الجرح من خلال التنويع على تيمات القهر البادية فى النص لعل هذا يظهر فىالمشهد الثالث (كهف الندم )
وهوبداية الخطوة المهمة فى ارتفاع خط الصراع الرئيس نحو ذروته حيث تتوقف رحلة سين وصديقه القدرى غزال عند المقهورين أصحاب القيم ووالشرف والعشق
(ناعسة ، أيوب ، حسن ، نعيمة )
وسبب وجودهم فى هذا الجحيم وعلى الجانب الاخر توجد الالة الجهنمية (مينوس همام ومينوس العمدة )
فى الجانب الاخر والمعذبون يقومون بدورالكورس فىالتعليق على الحدث الغريب الذى يتفاجأ به سين ...
يصل الصرا الى نقطة هامة من نقاط التأزم فى المشهد التالى مباشرة حيث الصورة الضد فى (قصر الكرم ) حيث الجبابرة –الطغاة ينعمون فيه وفى حالة اريحية يراها سين بغرابة
مثل (نيرون / تيمور لنك، هتلر ، كرومر ،هرتزل ، بم جوريون ) والعلاقة واضحة جدا فى هذا المشهد الجيد الذى لا يعيبه سوى بعض الجمل الحوارية
الفاضحة للمشهد السياسى العام وهذا نتيجة تحمس الكاتب لقضيته .
هكذا يظل الصراع وتتطورالاحداث ثم يأتى المشهد الخامس فىالسجن بتهمة اختراق عالم مينوس ويدخل سين السجن
ونفاجأ بانه ملئ بالحيوانات المفترسة وكأن العالم تحول الى غابة لا مكان فيه للضعفاء
غير ان الكاتب أشرف عتريس يجعل البطل سين يلتقى دانتى ويدور حوار بينهنا على غرابة الشخصيات وتوحش مينوس وتقزم الجميع أمامه .
.ويعيد طرح السؤال من جديد والبحث عن الحقيقة ..

سين: هاقعد هنا فى السجن ده أكتبمن جديد
ميم يعنى مطرحك يا تغيب ياترجع يا زمن
هندور على الحقيقة مع بعض من تانى

ينتهى المشهد ويبدأ السادس بالمحاكمة للبطل سين ويصطدم بمينوس الزعيم الخصم والحكم فى آن .
.وقد يدفع الشهود ايضا الى الكذب والزيف لصالحه ضد البطل الذى لا يستكين ولا يهدأ ولا يلين .ويعلن عصيانه وتمرده تحديا لكل الصعاب ..

اما مسرحية (التوهة ) ..
هى مسرحية قصيرة تعد محاولة تجريب ناجحة الى حد بعيد فى التراث الشعبى خاضها الكاتب اشرف عتريس
بوعى يعكس من خلالها الواقع السياسى والاجتماعى فى اللحظة الراهنة التى تمر بها الشمس
وحكامها الطغاة الذين قهروا أبناءها واستباحوها على مر العصور بمعاونة الخونة والمرتشين الفاسدين والذين يمثلهم فى النص (سليم، سعدية ، حميدة بن العمدة )
اما حسن فهو البطل المنتظر القادم من الوعى الشعبى الجمعى ..
فهوالوحيد الذى يعرف قيمة نعيمة ويقدرها ..امه الوحيد الذى يستحق أن يتزوجها ومع ذلك تضيع نعيمة ولا ينالها حسن .
فى ظل اب مقهور وحكام ظالمين رغم عشق نعيمة للمغنواتى العاشق حسن فى ظل تسلط ام وتصميمها على زواجها من حميدة ابن العمدة طمعا فى المال والجاه ..
واما الخونة والكلاب المسعورة التى تحاول أن تنهش نعيمة تقرر الهروب مع حسن وتمكثسبعة أيام عندحسن الذى حافظ عليها واحتوتها امه فى حنو ورعاية
..واما جبروت العمدةوتسلطه واما مخطط التوريث حيث التخطيط على قدم وساق من أجل ان يصبح حميدة عمدة البلد القادم والعريس الجاهز .
يقيد حسن وتقيد نعيمة وتغتصب امام الجميع ..
ان هذا النص القصير صرخة مدوية من كاتب مهموم بالوطن كان بمثابة نبوءة بما حدث من ثورة فى يناير 2011 ضد الظلم والتسلط والتوريث وتكميم الافواه
ليطرح السؤال ..هل حسن مازال قادرا على الغناء ؟!
هل هناك امل فى زواج شرعى بين حسن ونعيمة ليتجاوز الموال الشعبى والحكاية الشعبية المعرفة فى بلادنا
ربما تكون الاجابة عن هذين السؤالين حاسمة فى المستقبل القريب .


ا.د محمد عبد الله حسين -مصر
ج المنيا - كلية دار العلوم



#اشرف_عتريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجرد دردشة معكم
- قصايد من ديوان (انت متورط معايا)
- أمينة خائنة فى ثلاثية محفوظ
- توهم العظمة
- هم جيل مختلف عن جيل جاهين - وائل الخطيب
- ملامح التجربة الصوفية عند عتريس د.أسماء عطا
- قصايد من ديوان ( ليها طعم جديد خالص ) 1998
- النخبة يا رفيق - ليست خائنة دائماً
- شوف بنفسك وراجع معى
- المذنب الجميل - دراسة اسماعيل حلمى
- قصايد من ديوان ولد مفتون
- ظاهرة الخوابير فى العالم
- التمكين الثقافى -2
- التمكين الثقافى ومايحتاجه ذوى الاحتياجات الخاصة للتمكين ..
- قصيدة العامية المصرية تحتاج إلى ثورة
- لماذا لا يقرأ المصريون !!
- نحن وكل أنواع المسرح
- بالتاكيد هى عقول مشوهة
- ما المانع فى الورش المسرحية فى مصر والوطن العربى
- قصايد من ديوان (جلد الشوارع )


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اشرف عتريس - عتريس بين التوهة وقلب الكون - د.محمد عبد الله حسين