أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامي عبد العال - زواج إعلام الجزيرة















المزيد.....

زواج إعلام الجزيرة


سامي عبد العال

الحوار المتمدن-العدد: 6397 - 2019 / 11 / 2 - 00:50
المحور: كتابات ساخرة
    


الآن بلغت قناة الجزيرة ثلاثةً وعشرين عاماً(23) منذ انطلاقها. أصبحت فوق العشرين، سنوات من الأوهام والضغائن واصطناع الدسائس وإدمان الكواليس المجهولة والعلاقات السرية. هي كعادة الثقافة التي نشأت فيها، تصطنع الإخفاء العمدي واللاهوتي للأسرار والممارسات اللاأخلاقية. أضحت الجزيرة كالمرأة العجوز، ترهل جسمها وتدلت أكتافها وانتفخت أردافها بلا طائل وبرزت ملامحها الشمطاء نتيجة الإحراجات الكثيرة( في مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن وفلسطين)، خرجت لها أنياب سامة وابيضَّ شعرُها مبكراً وباتت على أبواب ماركات "صناعة الأخبار" لا نقلها، و"فبركة الأحداث" لا معرفة الحقائق، و"النفخ فيها" لا التعبير عنها و"تضخيم الوعي الزائف" لا الاشباع بالنقد واليقظة.

الجزيرة – لمن لا يدرك- عقيدة في الكذب( حيال رؤية الواقع، الأحداث، صور الجماهير، التحليلات والتغطية الإخبارية). عقيدة لها تراث وأدوات وحقائق ومعامل لإنتاج فصائل جديدة من التصورات والخطابات والأوهام. ثلاثة وعشرون عاماً في عمر الإعلام تلخص خيبات عرب العصر الراهن ومؤامراتهم وقدرتهم الفذَّة على ألاَّ يكونوا صادقين، وعقدهم العزم أن يتفقوا على ألا يتفقوا!!

هكذا كان حصاد العرب الضارب في الدسائس والإخفاق والتزييف عبر أغلب مجالات الحياة المتحضرة. بالطبع هذا لا يحول دون وجود أطنان من قيم الشهامة العربية البلهاء مع الغرباء والقوى العظمى وشيوع الفروسية الفارغة من مضامينها الإنسانية، بينما هناك أرتال من الأحداث والرجال والهيئات التي تتقاتل داخل كواليس الدواوين السياسية والوزارات والمؤسسات والجمعيات الإقليمية.

الجزيرة عروس هذا التراث القريب والبعيد بلا منازع، إنها درة التاج التاريخي لثقافة الفشل. هي بأفضل الأحوال- طالما ثُقبت مصداقيتها- الخطيئة القطرية تجاه نفسها وتجاه العرب وبصدد الاجيال القادمة. وما لم تتطور الجزيرة إلى مؤسسة اعلامية مستقلة وحرة من أية انحيازات، لن تكون سوى بوقاً صدئاً للرجعيات العربية. ليس مزايدةً ولا تزلفاً لأحد، لقد بلغت الجزيرة عتبات النضج(23) عاماً، لكنها بالحقيقة مازالت في طفح المراهقة (الميوعة) الإعلامية والسياسية. فمن يعي كيف تعالج المشكلات وكيف تسيسها وعلى أية أوتار تعزف، سيدرك جيداً ما هي تغطيات الجزيرة. لم يعد الأمر– بعد بلوغ ما بعد العشرين- أن تذهب وتجيء هكذا، ولا ينبغي تجنب عمليات الحفر والنقد والغربلة لخطاباتها وممارساتها الإعلامية إذا أرادت أن تقدم اعلاماً بملء الكلمة!!

المعروف أنَّ الثالث والعشرين ربيعاً من العمر هو (سن الزواج) في المجتمعات العربية وقد يكون قبل ذلك بالخامس عشر في مجتمعات البداوة والصحارى والأرياف والحارات والعشوائيات. لكن بصدد قناة الجزيرة سنكتشف أنَّها كانت متزوجة سرياً بالفعل، إنها متزوجة من أول يوم ولدت فيه. وهذه معجزة ما بعدها معجزة. كيف لمولودة أن تصبح من فورها عروساً وطفلة خلال ساعتها الأولى بالحياة؟! سيبطل العجب إذا عرفنا أن "زواجها السري" هذا لم يعلن بعد، لم يعرف ولم يفضح في مجتمعات العرب التي تتعبد بالجهل المقدس. وأن دولتها مازالت تتكتم عليه طوال الوقت وتراها "عذراء بكراً" لم يمسسها بشر. ما الذي يخيف الجزيرة من اعلانها عقد الزواج؟! لماذا تخاف ابناءها الذين قذفت بهم إلى الحياة مثل التضليل، التسيس، الإرهاب، التوظيف والتخويف والتعمية. يجب أن تشهر الجزيرة هذه الأمور أمام القاصي والداني من البشرية والأجيال التالية.

من يومها الأول كانت الجزيرة حامل، حبلى بالأكاذيب. و جاء شعارها الوهمي(ثقة تجدد العهد) على هذا المنوال، كيف تجدد العهد وهي ليست عذراء وهي تمتهن الانحياز لا المعرفة ولا الإخبار، فقد حملت سفاحاً في قلب الأحداث والتحولات، وهي آخر من تعلم أن المشاهدين يعلمون!! ومن السذاجة أن تكذب طوال الوقت معتقداً أن ما يتابعك ويراك لا يدرك. قمة الغباء أن تستغبي الآخرين ولا تطلعهم على الحقائق، لأن هناك مصادر أخرى تقوم بهذه المهمة، وبخاصة في عصر التقنيات والتغطيات المتنوعة التي لا تتوقف عن ملاحقة الأحداث.

جاء حبل الجزيرة في كافة بطونها الإخبارية والوثائقية والرياضية والحقوقية والإعلامية. حبلت بالتجهيل الممقوت وصناعة الأخبار الكاذبة، لأجل مصالح القوى التي تحركها. فهي ليست بريئة ولن تكون. و عن أية ثقة تتحدث في شعارها، وما المقصود بالثقة هل هي الثقة في مآربها أم في تنفيذها لسياسات التعمية وحجب العقل النقدي حتى مات؟!

وكان لزواج الجزيرة أنواع، هو زيجات فاشلة في دائرة الإعلام. لدرجة أنها مندرجة تحت مفاهيم العار والفضائح. من قبيل النساء اللائي يقمن علاقات محرمة اجتماعياً ودينياً في المجتمعات العربية التقليدية. الجزيرة نقلت – ولها قصب السبق- العار الاجتماعي إلى عار سياسي واعلامي.

أولاً: زواج الإعلام بالدعاية والأيديولوجيا.... حيث لم تكن الجزيرة وسيلة إعلامية لمعرفة الحقائق والوعي بها. كلمة الاعلام أكبر منها كثيراً وأبلغ تعبيراً على ما دونها في أدق التفاصيل. الجزيرة في أحداث المجتمعات العربية وبخاصة ما تقف ضد سياساتها كانت بوقاً دعائياً. كانت مجرد وسيلة أيديولوجية توظف كل ممارسات التزييف لرسم صور مخالفة للواقع والضرب على مناطق الضعف في جسد المجتمعات العربية. والجنين الناتج عن الزواج السفاح كان مخلوقاً مشوهاً، حيث الترويج للإسلام السياسي الأبلة والساذج واعطاء مساحة لشيوخ الفتنة ولرموز الإرهاب والتطرف.

ثانياً: زواج الجزيرة بسياسات القوى الكبرى ...لا فرق لدى الجزيرة بين أمريكا وخريطة أطماعها الاقتصادية والسياسية. الجزيرة في هذا الزواج كانت وسيطاً أميناً للخطط الأمريكية والتواطؤ معها لتفتيت المنطقة. فقطر تتخذ من النموذج الإسرائيلي نموذجاً إقليمياً لكن من داخل مجتمعات العرب. تتحدث عن خطورة أمريكا وإسرائيل شكلاً، بينما تروج لأهمية إسرائيل وتفتح كل المجالات أمام أمريكا. ليس هذا فقط بل دفعت قطر ( دولة الجزيرة) أمالاً طائلة كمساعدات لاستكمال مشاريع الاستيطان والتهام القرى الفلسطينية. الجنين الوارد من هذا الزواج كان خطاب الجزيرة المنفصل عن الواقع وجعل منها ظلاً خفياً يضرب حثيثاً على أيدي العرب لتنفيذ ما يطلبه قادة الدول الكبرى وأذيالها الإقليميون.

ثالثاً: زواج السياسة والدين... قناة الجزيرة تحبل من موسم لآخر بهذا الزواج الواضح. فهي متقدمة باستديوهاتها وأساليب العرض والتغطية والنقل والتواصل، لكنها متطرفة جداً في خطابها الديني التحريضي. وهو خطاب مرحلي ينعقد على شرف المشاهدين لتسييس الجماعات الإرهابية لصالح نظامها الحاكم. وليس غريباً أن تسمى قطر بكعبة الجماعات الإرهابية الوظيفية مثل طالبان وداعش ومن قبلهما القاعدة. وظلت مساحة إقليمية مفتوحة لهؤلاء والإغداق عليهم دون حساب.

رابعاً: زواج المال بالإعلام ...الجزيرة تجسد هذا أبلغ تجسيد من خلال تمويل الهيئات الدولية الهشة والجمعيات الخيرية لشراء رمزيتها لصالح الجماعات التي تدعمها قطر. والجزيرة تدفع الأموال الطائلة للمحللين والمساهمين بالرأي والمقدمين للدراسات لأجل تدعيم مواقفها الإحداثية في الخطاب الاعلامي. وهي تعلم مدى قدرة هؤلاء المؤثرين في المجتمع الدولي على لي عنق الحقائق وخلق رأي عام موالِّ. الجنين الوارد نتيجة ذلك كان ضياع الشفافية ودقة الآراء والمعقولية في النقاش والحوار.

خامساً: زواج التخلف وثقافة الجهل بتقنيات التواصل.. الجزيرة تجسد هذا القران، فالشكل براق والألوان قشيبة لكن القضايا التي تدافع عنها تنم عن جهل عميق بحجم الرمال المتحركة في الجزيرة العربية. بدا ذلك بالتغطية الواضحة لمسألة مقاطعة قطر من دول الجوار وبعض الدول العربية. اهتمت بالكيد والمغايظة والعنف والنكاية ولم تقدم الحقيقة إطلاقاً. وكأن الموضوع برمته موضوع شخصي وخاص ببعض الممارسات الفردية وأن قطر دولة الفيء الحضاري واللاهوتي والثقافي!!

سادساً: زواج الإعلام بالدولة ... الجزيرة كانت لافتة بحجم الإقليم على جلباب الدولة القطرية. هي سترة، ورقة التوت الأخيرة التي تحجب عورات الدولة من الانكشاف. والغريب أنها لم تقترب من المجتمع القطري من قريب أو بعيد ولا من سياسات دولتها إلاَّ إذا اقتضت الضرورة القصوى والعاجلة. ورغم أن الجزيرة متخصصة في الشؤون العربية والدولية إخباراً وإعلاماً وتواصلاً، إلا أن ارتباطها بأهداف قصيرة النظر تخص قطر أعدم حريتها وأفقدها المشروعية الاعلامية. حتى أن قطر غدت دولة القناة بامتياز، لا ذكر ولا مكانة ولا مساحة لها من الفعل والحركة والتأثير خارج مساومات القناة كما فعلت مع مصر وفشلت ومع الأردن ونجحت.

سابعاً: زواج الإعلام بدعاة الظلام وبمثقفي الفشل... الجزيرة نظرية بحالها وبكيانها في هذا الشأن. حيث هناك ترسانة من المثقفين والكتاب والدارسين الذين يقفون بكواليسها متى أرادت منهم شيئاً. ولذلك فإن مردودها التنويري ضحلاً بل وظيفياً، لدرجة أن مركز البحوث والدراسات الذي يمدها بمعارف ومعلومات تستعمله كالحذاء عند اللزوم وتوظف نتاجه لخدمة أغراض دولتها. وهنا أخطر زواج كانت الجزيرة حبلى على أثره بكم مهمول من إشاعة قيم الاستسهال والشللية والترويج لمشاريع وهمية وإطلاق عبارات التمجيد على حقب تاريخية وتبخيس حقب أخرى. واستعمال الثقافة ونتاجات مراكز الدراسات في تأجيج الصراعات وتشكيل جيل من "الخدم الثقافي" الناقل لتخلف العقل الذي تؤكده الجزيرة. وهؤلاء الخدم لا يختلفون عن العمال الذين يخدمون في قصور الأمراء وفي دواوين السلطة القطرية. جيء بهم من بقاع العالم ليقدموا مجهودا مقابل اجور زهيده، وفي النهاية يُلقون بجوار الجدران عائدين إلى بلدانهم مرضي ومنزوعي الإنسانية.

هكذا كان زواج اعلام الجزيرة زيجات لا زواجاً واحداً، كان متعدد العلاقات المشبوهة ... وإذا كانت الجزيرة قد فقدت عهدها إلاَّ مع مأربها واتباعها، فلماذا لا تُظهر زيجاتها في العلن، لماذا لا تسمح لمدمني العلاقات السرية بأنْ يأتوا استديوهاتها بوضح النهار عياناً بيانا؟! ربما يكون ذلك تكفيراً عن سنوات الحجب والتعمية، فلم يعد الوعي قادراً على تحمل المزيد.



#سامي_عبد_العال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معنى الوديعةِ السياسيةِ
- غير القابل للاحتمال: في عداء الشعوب!!
- الجيش المحمدي
- المَرْحُوم: ماذا لو اصبحت الثقافة قبْراً؟!
- سرطان الإرهاب
- السُلْطة وأُنطولوجيا الجسد
- الدين والعلمانية: القطة... سوداء أم بيضاء؟!
- قداسةٌ دون مقدسٍ
- المجدُ للأرانب: إشارات الإغراء بين الثقافة العربية والإرهاب! ...
- لِماذا الصِراعُ على الجَسدِ؟!
- لعنةُ الإرهابِ: الفلسفة والأرواح الشريرة!!
- دواعِش الفلسفة
- أسئلةُ الأطفالِ: شغفٌ فلسفيٌّ
- في مفهوم ( المُفكِّر العَابِر للثَّقَافات)
- حفريات المواطنة: استعارات الهوية في الخطاب السياسي(2)
- حفريات المواطنة: استعارات الهوية في الخطاب السياسي(1)
- طواحِينُ الأوهام: حين تَضْرِبُ رأسَك بجدار العالم
- سياساتُ الجمالِ: هل يمكن الثأرُ بالفنِّ؟
- شيطَّانُ الديمقراطيةِ: هذه هي السياسة !!
- حول استعادة الله من الجماعات الإرهابية


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامي عبد العال - زواج إعلام الجزيرة