أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - اللقاء بين مفلح أسعد وكميل أبو حنيش















المزيد.....

اللقاء بين مفلح أسعد وكميل أبو حنيش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6396 - 2019 / 11 / 1 - 09:24
المحور: الادب والفن
    


كتب كلا من الشاعرين "مفلح أسعد وكميل أبو حنيش" قصيدة، ووجدت أن هناك حضور وأثر للموضوع المتناول "المرأة/هبة اللبدي" عند مفلح أسعد، والنص التوراتي" عند "كميل أبو حنيش" في القصيدتين، الأول تحدث "هبة اللبدي"، فخرج من الواقع القاسي إلى عالم المرأة والفرح، والثاني تحدث عن واقع فلسطين، مستخدما النص التوراتي، فبقى أسير وتحت سياط وعنف وقسوة النص المتكئ عليه، سنحاول تبيان أثر ووقع الموضوع في القصيدتين، والطريقة التي سلكها كلا منهما.
قصيدة مفلح تتكون من ثلاثة أقسام/مقاطع يقول في الأول:
"ضَحيّة ثلّةٍ مُلِئت كراهِيةً وعُنف
هُمُ السرطانُ في جسد الخليقة
وأعداءُ الجمال وكل أنماطِ الحياة
بِكُلِ عتادِهم _ جبروتهم
والحقدُ ينبوعٌ تفجّر في ضمائرهم
جيوشُ الكُرهِ تغتالُ الأنوثة"
القسوة والعنف حاضر في المقطع الأول، فهناك كم كبير من الألفاظ السوداء: "ضحية، كراهية، عنف، هم، السرطان، أعداء، عتادهم، جبروتهم، الحقد، تفجر، جيوش، الكره، تغتال" وهذا يشير إلى تأثر الشاعر بالحدث "اعتقال هبة اللبدي" فنعكس ذلك على ألفاظه وعلى مضمون القصيدة، وكان هناك صراع بين الخير والشر في أكثر من موضع، منها:
"جيوشُ الكُرهِ تغتالُ الأنوثة".
لكن في المقطع الثاني نجد القسوة والعنف أقل حدية من القسم الأول، وهذا يعود إلى حضور "هبة اللبدي"، وكأن الشاعر لا يريد أن يؤذيها/يؤلمها، فهي تتألم في المعتقل وتتوجع، لهذا تراجع الشاعر قليلا عن استخدام ألفاظه السوداء والقاسية:
"هبة اللبدي
تُناشدُ ما تبقى من كرامةِ كل قائد
وتصرُخُ علَّ معتصمٍ يُجاوِبُها
ولكن قد تحولت الأسود الى خراف
ومات الكبرياء"
نجد المقطع أقصر من سابقه، والسواد أقل: "تصرخ، مات"، وإذا ما تقدمنا من بقية الألفاظ سنجدها بيضاء: "تناشد، كرامة، قائد، معتصم، الأسود" وهذا يشير إلى قوة المرأة "هبة اللبدي" فرغم أنها معتقلة إلا أن حضورها غير منحى القصيدة، ونعكس ذلك على الألفاظ المستخدمة، حيث قل السوداء وتقدمت عليها الألفاظ البيضاء، فالشاعر بهذا المقطع ـ بطريقة غير مباشرة، وبالعقل الباطن ـ يقول أن "هبة قوية، منحته القوة، والتي انعكست عليه/علينا، وعلى القصيدة، فأحدثت تحولا ايجابيا فيها، مضمونا ولفاظا.
" هبة اللبدي
تحلِّقُ في فضاءِ المجد أغنية ً
صداها طيفُ أحلامِ التحرُّرِ والخلود
كمريمَ في طهارتها
تسامَت فوق جرحٍ
سوف يُنبِتُ زهرة بيضاء تقهر كل أعداء الأمل"
"هبة اللبدي" تؤثر على الشاعر بحيث تمحو/تزيل كل السواد والقسوة التي جاءت في المقطع الأول، فتبدو وكأن هناك قصيدة جديدة مغايرة لتلك التي بدأ بها الشاعر، فالبياض يكاد أن يكون مطلقا: "تحلق، فضاء، المجد، أغنية، صداها، طيف، أحلام، التحرر، الخلود، كمريم، طهارتها، تسامت، فوق، ينبت، زهرة، بيضاء، الأمل" إذا ما استثنينا الفاظ: "جرح، تقهر، أعداء" وهذا (الانقلاب) في مضمون وألفاظ القصيدة، يؤكد على أن المرأة "هبة اللبدي" أقوى من الواقع الأسود، فلقد تغلبت عليه، وقد انعكست قوتها على الشاعر، بحيث تخلى وتجاوز فاتحة القصيدة السوداء وقدم خاتمة ناصعة البياض.
ونتوقف هنا عند هذا التحول/الانقلاب في القصيدة وأسبابه، فهناك شيء مخفي، وعلينا البحث عنه وكشفه، والمتمثل بقوة وأثر "هبة"، فهي حُولت الأسود إلى أبيض، واليأس إلى أمل، فجعلت الشاعر يتحول/ينقلب إلى اتجاه معاكس، فهل هو ناتج أن صمودها واستمراها في الأضراب عن الطعام الذي تجاوز الخمس والثلاثين يوما؟، أم هو ناتج أن قوة وأثر "المرأة/هبة اللبدي بصفتها المجردة كمرأة، أم أن الشاعر ـ بعقله الباطن ـ أراد أن يجد/يخلق لنفسه ولنا (نحن القراء) نموذج يحتذى به لنقف صامدين بوجه الواقع، ونوقف حالة التقهقر التي نمر بها، متقدمين من الحياة والفرح؟.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.

أما قصيدة "كميل أبو حنيش" "مملكة الخراب" فقد جاءت اقسامها الثلاثة متكاملة ومتواصلة، يفتتح الشاعر القصيدة بقوله:
"هذا يشوعُ وجندهُ
من جوقة الدجل الجديد وأهله
هبطوا الينا من عمود النار
والتمسوا التمثل في حكايات الضفادع والذباب
قدموا الينا من بعيد
ليوقفوا شمس الأصيل ويكملوا خوض الحروب
ويذبحوا الأشجار في قممِ الجبالِ
ويزرعوا راياتهم فوق التراب"
تستوقفنا كثرة الأفعال في المقطع السابق: "هبطوا، التمسوا، قدموا، يكملوا، يذبحوا، يزرعوا" والتي تشير إلى تركيز الشاعر على الفعل وليس على الوصف/التأمل، فهو هنا ناقل للحدث ومتأثرا به، وإذا عدنا إلى النص التوراتي الذي يتحدث عن "يوشع/يشوع" سنتأثر سلبا به، فهو نص غارق في الدماء والوحشية، حيث تكثر عبارة "لم يبقى فيها نسمة حياة" وهذا الأمر انعكس على الشاعر الذي لم يستطع أن يتحرر من وقع النص التوراتي ولا من أثره، فكان أسير له، وهذا ما وجدناه حتى في الألفاظ المجردة: "عمود، النار، الضفادع، والذباب، بعيد، الحروب، ليوقفوا، يذبحوا".
"لم يعبروا الصحراء من جهة التلال
على ضفاف النهر
بل عبروا البحار على بوارج حربهم
من أرض روما لا هدهدٌ يأتي إليهم هادياً
ودليلهم في غزوهم ظلُ الغراب
يتداخل "الوعد الإلهيّ" الأسير
بوعد بلفور الصغير
ويمزج الوعد "المُقدس" بالمُدنس
باحثين بفتحهم عن وكرِ عاهرةٍ
تقوم مقام عاهرةِ القديمِ "رحاب"
كانوا برابرةً "جنودُ الرب"
في صولاتهم مُذ قلدوا سفر الخروجِ"
إذن الشاعر لم يقدر أن يتحرر من وقع النص التوراتي، واستمراره في الاتكاء عليه أبقاه في دائرة الأسر، يدور ويلتقط الألفاظ التوراتية، مما جعل القصيدة تبقى تحت سياط الألفاظ التوراتية، وإذا أضفنا إلى ذلك وجود الاحتلال الصهيوني الذي تماثل وأكمل ما فعله "يوشع" بالفلسطيني/الكنعاني، يمكننا فهم واستيعاب حجم السواد في الفكرة وفي الألفاظ المجرة التي استخدمها الشاعر: "لم، الصحراء، حروبهم، لا، غزوهم، الغراب، بالمدنس، وكر، عاهرة، برابرة، جنود"، وإذا ما توقفنا عن ذكر الحيوان/الطيور/الحشرات "الضفادع، الذباب، الغراب، الهدهد" في القصيدة والتي تشير إلى حالة السواد والقسوة، وغالبا ما يأتي ذكر الحيوان/الحشرات ليشير إلى حالة الألم والقسوة التي يعاني من الكاتب/الشاعر، نتأكد أن الواقع/المحيط الخارجي ـ الآن ـ يؤثر على "كميل أبو حنيش"، وأن وقع النص التوراتي عليه كان ثقيلا جدا، بحيث أبقاه وأبقى القصيدة أسيرة لألفاظها القاسية والسوداء.
"لا صوت للعُقلاء في هذا المكانِ
فإنهم قد يزعجون مُهندسي الجغرافيا
ممن يقيسون المكان بحذاء جندي
مُدججة بالبنادق والحراب
لا وقت للشعراء في هذا الزمان فإنهم
قد يشعلوا غضب المؤرخ والدجاجلة الكبار
ممن يقيسون الزمان بحسبة المرات
في هدم الهياكل وشتات "شعب الله"
عن أرض الغزالة والشِعاب
لا حظ للفقراء في هذا المكان وذا الزمان
فإنهم قد يقلقون الأثرياء
ممن يقيسون الحياة بمعجم الطبقات أو شكل الثياب
فجنودُ "يهوه" الفاتحين يواصلون قتالهم حتى
يُقيموا هيكل الذهب العظيم على الجماجم والرقاب"
يستمر الشاعر على ذات المنحى في المقطع الثاني، مستخدما ألفاظ ومضمون يكمل ما جاء في المقطع الأول: "لا، يزعجون، بحذاء، جندي، مدججة، بالبنادق، الحراب، يشعلوا، غضب، الدجاجلة، هدم، قتالهم، جماجم" يشير إلى إبقاء القصيدة ما زالت تحت تأثير واقع الحال، وإلى تأثرها بالنص التوراتي، لهذا نجدها غارقة في السواد والحروب، فهي انعكاس لأسفار التوراة، ومرآة لها.
"وعلى ثرى أرض الغزالة واليمام
يتناسلُ القتلى سريعاً فيما جنود "يشوعُ" ينتظرون
حضور مسيحهم للأرض من رحم الغياب
ليدوس أكوام الجماجمِ ويُقيم دولته "المجيدة"
فوق أرضٍ من يباب
وسيبتسم رب الجنود ويعودُ منتشياً إلى عيائه في "الميركافا"
وتقومُ مملكة الخراب"
نهاية تنسجم تماما مع البداية، فمن خلال "القتلى، جنود، يشوع، الغياب، ليدوس، الجماجم، يباب، الميركافا، الخراب" يمكننا أن نتأكد ان القصيدة تتواصل وتكمل ما بدأت به، فهي بألفاظها ومضمونها تعكس النص التوارتي وما فيه من قسوة اتجاهنا نحن، الذين نتعرض لقسوة يوشع وجنوده في فلسطين والمنطقة العربية".
... وقد يقول قائل: "وهل يمكن لأسير محكوم بتسعة مؤبدات أن يكتب عن الأمل/الفرح؟، إن القصيدة إلا انعكاس لواقع الشاعر، وما يمر به من يأس وقهر ليس أكثر!!"، ونرد على هذا القول (المفترض)، من يقرأ للشاعر "كميل أبو حنيش" يتأكد انه شاعر تجاوز السجن، ويكتب بحرية بعيدا عن الزنزانة، فهو كشاعر يستطيع الخروج من وقع الجدران عليه وأكثر، وهذا ما وجدناه في قصيدة ""سِرُ الشِفاءِ من الحنين" وغيرها من القصائد التي يهيم بها محلقا في فضاء المرأة والجمال والأسطورة، من هنا نقول أن قصيدة "مملكة الخراب" جاءت قاتمة لأنها أسيرة للنص التوراتي، وليس لأن الشاعر أسير ومحكوم بأكثر من مئة سنة.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال أبو حنيش.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الومضة عند عبود الجابري
- اربع مسرحيات
- مناقشة رواية تايه للروائي صافي صافي في دار الفاروق
- مسرحية جفرا
- فلسطين والمسرح
- قصيدة المرأة إسماعيل حاج محمد
- -تصفيق وتهريج- للشاعر الفلسطيني شهاب محمد
- مرة أخرى الاتحاد
- الاتحاد والقبول بما هو مفروض/موجود
- السهولة في مجموعة -أريد حذاء يتكلم- شيراز عناب
- شعبية السرد في رواية -تايه- صافي صافي
- مناقشة كتاب دنان للكاتبة لينة صفدي
- التقديم السهل في قصيدة -غربة- هاني عبد الله حواشين
- المرأة والمجتمع في رواية -غالية- مفيد نحلة
- الفنية والسرد في رواية مريم/مريام
- الأسرة في رواية مريم/مريام كميل أبوحنيش
- الفلسطيني والصهيوني في -مريم ومريام-
- رواية التيه والبحث عن الذات مريم/مريام كميل أبو حنيش
- المرأة والطبيعة في قصيدة -أنا زوجي- حسين جبارة
- مجموعة كفاف البوح هاني أبو انعيم


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - اللقاء بين مفلح أسعد وكميل أبو حنيش