أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اغتراب الغربة














المزيد.....

اغتراب الغربة


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


الزمن شتاء
بدأ رشيد يعتاد على النظرات التعيسة لأصدقاء الحي الذين أعاد ربط علاقاته القديمة معهم ،فبعد أربع سنوات في الجامعة عاد مكللا /مكبلا بورقة يتضايق كثيرا من ذكر اسمها .
حفظ كذلك الجواب الجاهز والردود غير المقنعة له ولو ظاهريا:مازلت أنتظر ؟دفعت طلبا لهذه الجهة أو تلك...لقد اكتسب خبرة لا بأس بها في الردود اللبقة كل يجيبه حسب مستواه ونوعه وجنسه..بل أخذ يكتسب كذلك تجربة متميزة في قمع كل من تسول له نفسه إهانته عبر أسئلة استنكارية.
أحيانا يحس أنه يتيم، تخلى عنه الجميع بعد تخلي الدولة التي آمن أنها ستوفرله فرصة عمل ،لكن من حسن حظه أنه ليس الوحيد فبحيه هذا صديقان حميمان مجازان كذلك
علي مجاز في الكيمياء منذ سنتين ومن سوء حظه تزوج عند تخرجه مما أضاف له أعباء أخرى كبيرة كان أعنفها مشاكل داخلية لزوجته مع أمه مما دعاه إلى الطلاق إرضاء لأمه وشفقة على زوجته من الجحيم الذي وجدا نفسيهما فيه بشكل مفاجئ :يلتقي به يوميا فيتناجيان بعضهما البعض ويعيدان رسم ترنيمات حياتهما و الإستعداد الوهمي كما يقولا لإمتحانات تستنفرهما إعلاناتهما في الجرائد والانترنيت وتحبطهما نتائجهما المخيبة للآمال .
أما الصديق الثاني فاسمه صابر مجاز منذ أربع سنوات في الجيولوجيا لكنه لم ينتظر طويلا وأحس بالإهانة التي تلحقه وهو ينتظر السراب فأقسم على عدم الإلتحاق بالوظيفة العمومية فاشتغل على مراتب في أحد مصانع التعليب الخاصة بالتمور حتى وصل منصب مراقب للشافات، بل ينوب عن المدير أحيانا أثناء غيابه.
عاش الثلاثة طفولة مشتركة وزمالة متميزة في الإعدادي والثانوي لكنهم افترقوا بعد الباكالوريا بعد أن اختار كل منهم شعبة خاصة قدر أنها قد تلبي طموحاته المستقبلية/وهاهم يلتقون من جديد وكعربون على صداقة الطفولة تكلف صابر بمصاريف رشيد وعلي في المقهى والجرائد.
أحس رشيد أن السنة تمر بسرعة فقد تغير موعد غروب الشمس ،وعوضا عن غروبها في السابعة أصبحت تغيب في السادسة إلا دقائق، فاتحة جسد النهارلهيجان الليل الذي يقتحم الجميع فيه الجميع إلا ذاته، فلا تجد ما تقتحم سوى السراب وإعادة حكي مترادفات الحياة البئيسة.
الليل طويل لذلك يكسر رشيد روتينه بالتفرج على التلفاز تارة قناة خاصة التي تبث أفلام الخيال العلمي وتتحدث عن الهجرة خارج الأوطان.
ينام متأخرا لكنه يحرص على الإستيقاظ المتأخر ،حينها ينصرف إخوته إلى المدرسة وأباه إلى عمله في الثانوية ،فلا يحس بإحراج في الفطور مثلما يكتفي بما يتبقى منه شفقا على أمه من إعادة الطهي ،ورغم أن أمه طردت عنه مرارا هذه الوساوس والأفكار التي تخالجه والتي يصرح بها أحيانا رغم أنها لا توجد إطلاقا لكن أحيانا يصرخ وسط الجميع ما موقعي من الإعراب في العائلة؟ في المجتمع ؟ مما يزيد من آلامه المعنوية.
كل صباح جمعة يترك له أبوه مبلغ عشرين درهما يقدر أنها هي المصاريف المتعددة لرشيد طوال الأسبوع، ورغم أنها تكفيه كثيرا فيصر على عدم صرف الكثير منها، لقد فكر في جمعها لتدبر أي سفر محتمل، وكلما كانت الفرصة مواتية يلمح أنه صرفها في المقاهي والجرائد والانترنيت...
حرص على استعارة الجرائد من صديقه صابر في إشارة لأبيه أنه لا ينفق مصروفه اليومي في الأشياء التافهة كشرب خمر أو تدخين سيجارة أما الغراميات فظن أن أباه لن يمانع في ذلك كتفريغ لمكبوتات على أهبة الإنفجار ،وكل ما ذكر مآرب تمنى تحقيقها لكن ظروفه الذاتية والموضوعية الحالية تمنعه من ذلك،وهي التي أقنعته بتحمل الحرمان على أشياء أخرى لا يدرك عواقبها خاصة سمعته التي حرص كثيرا على المحافظة عليها بالغالي والنفيس.



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى النكبة
- اغتراب الغربة 2/15
- اغتراب الغربة 1/15
- الخريطة الدينية بالمغرب من خلال صناعة النخبة بالمغرب
- نخبة النخبة بالمغرب
- العطب المدني والثقافي في المجتمع المغربي من خلال صناعة النخب ...
- الأحزاب المغربية ومتاهات السياسة من خلال كتاب صناعة النخبة ب ...
- البدون التائه
- قراءة في كتاب صناعة النخبة بالمغرب للكاتب عبد الرحيم العطري
- تساؤلات حزينة
- التقرير العام للملتقى الأول للمرأة
- رسالة إلى مثقف
- ملاحظات حزينة في ذكرى ثامن مارس
- كيف أصبح يوم 8 مارس يوما عالميا للمرأة ؟؟؟؟
- الإرهاب الآخر
- مالك الحزن
- التقرير العام للمنتدى الأول للشباب
- شارون والعرب ومعضلة النسيان
- مارسيل خليفة :التراث الخالد
- أنا أو الطوفان


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اغتراب الغربة