أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ابو منصور حرب - حول الثورة الثقافية















المزيد.....

حول الثورة الثقافية


ابو منصور حرب

الحوار المتمدن-العدد: 6395 - 2019 / 10 / 31 - 21:26
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


" إن كلمة ثورة لا تنطبق إلا على الثورات التي يكون هدفها الحرية " كوندورسيه

في شهر ماي الماضي ، يكون قد مر على اندلاع الثورة الثقافية البروليتارية الصينية 53 عام والتي انطلقت بقرار من الرئيس ماو تسي تونغ في 16 ماي سنة 1966 وانتهت بقرار منه كذلك في سنة 1976 ، وقد كثمت الصين ( و العالم كله) أنفاسها وهي تتابع مجريات هذه الثورة العظيمة. ولا شك أن أسباب ومجريات هذه الثورة قد كانت موضع خلاف بين القوى الماركسية في العالم ، بين من اعتبرها " الحدث السياسي الأكثر أهمية في النصف الثاني من القرن العشرين ، وأنها تشكل مرحلة ثالثة في الماركسية بعد التأسيس وبزوغ اللينينية وخاصة علاقة الحزب بالدولة " آلان باديو. وبين من اعتبرها أعمال فوضى وعنف و " العشر سنوات الجحاف " كما وصفها دينك كزاوبينغ أحد القادة الصينين الذين كانوا الهدف الرئيسي للثورة الثقافية .
لكن عامة يمكن الاتفاق على أن الثورة الثقافية جاءت كإجابة لمعضلة حل التناقض بين البرجوازية و البروليتاريا في ظل البناء الاشتراكي ، وهذا وصف وتحليل رسمي قدمه الحزب الشيوعي الصيني خلال مؤتمره العاشر المنعقد سنة 1973 في أوج الثورة " إن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى في بلادنا هي ثورة سياسية كبرى قامت بها البروليتاريا في ظروف الاشتراكية ضد البرجوازية وسائر الطبقات المستغلة لتوطيد ديكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون عودة الرأسمالية ، ومثل هذه الثورة ستجرى مرات عديدة في المستقبل " ( المؤتمر العاشر للحزب ش ص 28 غشت 1973) . وبالتالي فهي ثورة سياسية في ظل الاشتراكية تركز الصراع على كل مستوياته الاقتصادية و السياسية و الثقافية بين البرجوازية من جهة و البروليتارية من جهة اخرى .
لقد أعادت هذه الثورة البريق للفكر الشيوعي الذي جرى قولبته من طرف قادة الاتحاد السوفياتي ونشرت تعاليمها في كل العالم ، لقد كانت " ثورة داخل ثورة لكن في فوق " أي في البنية الفوقية وقد شمل نقدها كل مؤسسات الحزب و الدولة وزعزعت كل التقاليد القديمة الرجعية التي كانت لاتزال راسبة في ذهن الشعب الصيني، وقد كانت هذه الثورة ضرورة تاريخية لإستكمال البناء الاشتراكي وخلق إنسان جديد . وهاهي اليوم لازالت أفكارها وتعاليمها النيرة ترشد الالاف من الشباب الثائر ضد الاستبداد كما ألهمت شباب فرنسا في سنة 1968 .
إن استحضارنا للثورة الثقافية اليوم ليس بهدف التأريخ ( رغم أهميته ) بل عبر استخلاص الدروس و العبر من هذه الثورة الفريدة من نوعها ، فاستحضارنا هذا يمرعبر طرح سؤال يروج في العديد من المناسبات لكن دون استحضار مضمونه وترابطه مع باقي مجالات الصراع الاخرى وهو سؤال : هل المغرب اليوم في حاجة الى ثورة ثقافية ؟
لقد تحدثنا سابقا على أن الثورة الثقافية لها سياقها التاريخي الخاص وبالتالي لها مضمون وهدف خاص كذلك ، فهي جاءت بعد الثورة الصينية التي توجت باعلان الجمهورية سنة 1949 وبعد أن اتخذت الدولة الصينية و الحزب الشيوعي خطوات جبارة نحو التحول الاشتراكي ( القفزة الكبرى الى الامام ) وبشكل نوعي جاءت لكي تقوم الاعوجاج الذي أصاب الاتحاد السوفياتي في تجربته لبناء الاشتراكية ( رغم أن لينين نادى في اخر ايامه بضرورة اعلان ثورة ثقافية في الاتحاد السوفياتي تقوم الاعوجاج البيروقراطي الذي اصاب الموظفين السوفييات ) . إن طرحنا لهذه القضايا التي تحتاج الى تفصيل ( لا يسمح المجال لذكرها هنا ) بغية التمييز المنهجي بين الثورة الثقافية في الفكر الماركسي التي تأتي لتوطيد البناء الاشتراكي ، وبين الثورة الثقافية أو المشروع الثقافي الذي ينادي به الثوريون و الثوريات لبناء النظام الوطني الديمقراطي الشعبي .
فهل المغرب بحاجة الى ثورة ثقافية اليوم ؟
إن العديد من المثقفين و حتى بعض قادة اليسار اليوم بالمغرب لا يملون من ترديد هذه العبارة - المغرب في حاجة لثورة ثقافية - فهناك من يحصر المسألة في جانبها التعليمي أي في سن سياسة تعليمية تنويرية قادرة على إطلاق ثورة ثقافية " تخلص المجتمع من الافكار المغلقة "! وهناك من يرى في الندوات الفكرية للمثقفين عامل أساسي في اطلاق هذه الموجة الجبارة .
نعتبر نحن الماركسيون أن الثقافة هي شكل من أشكال الايديولوجية وهي تركيز للأساس الاقتصادي للمجتمع عبر السياسية في البنية الفوقية ، وبالتالي فالثقافة هي انعكاس لسياسة مجتمع معين واقتصاده ( الاقتصاد هو القاعدة والسياسة هي التعبير المركز عن الاقتصاد ) وتبعا لذلك فإن الشكل الثقافي المعين يتقرر أولا بالشكل الاقتصادي والسياسي المعين ثم بعد ذلك فقط يترك أثره ومفعوله في ذلك الشكل السياسي والاقتصادي المعين ، ووفق هذا التحليل فالحديث عن ثورة ثقافية تقضي على الثقافة الرجعية القديمة لا ينفصل عن ثورة سياسية و اقتصادية تقضي على السياسة و الاقتصاد القديمين . وهذا كله أتبته التاريخ الانساني عامة وليس تاريخ الثورات العمالية و فقط ، فعصر النهضة الذي عاشته أوربا خلال القرون 14/17 من اصلاح ديني وحركة أنسنة المجتمع والنهضة الثقافية التي انطلقت من إيطاليا كان له أساس اقتصادي و سياسي تمثل في الثورة الصناعية الانجليزية و الثورة الفرنسية البرجوازية ، وما سبب هزيمة النهضة الفكرية العربية خلال القرن 19 هو في نهاية التحليل انفصالها عن قاعدتها السياسية و الاقتصادية التي كانت بحاجة أيضا الى ثورة .
لقد عاش المغرب خلال السنوات الاخيرة ما يمكن أن نطلق عليه " ثورة ثقافية " خلال المقاطعة الاقتصادية الشعبية لثلاث شركات احتكارية كبرى بالمغرب ، وقد كان المكمل السياسي التي قامت عليه هذه الثورة الثقافية هي المكتسبات السياسية المعنوية التي حققها الشعب المغربي خلال السيرورة الثورية الذي انطلقت في 20 فبراير2011 ، لقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر ثقافة البحث و التقصي خلال حملة المقاطعة واصبحت الجماهير تعرف من هم " الحيثات الكبرى " التي تنهش الاقتصاد المغربي وفتحت نقاشات سياسية في كل الاماكن العمومية بل أصبحت الجماهير تفكر في البديل الشعبي الاقتصادي لهذا الاقتصاد الريعي المنخور .
إن دور حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين اليوم يجب أن ينصب في قيادة النضال الطبقي على كل مستوياته عبر اشراك كل المثقفين – ات المرتبطين بهموم الشعب وكل الديمقراطيين –ات من أجل بلورة مشروع مجتمعي متكامل أساسه اقتصاد وطني موجه لتلبية حاجات الجماهير تقوم عليه سياسة ديمقراطية مبنية على مراقبة الشعب لكل " شادة وفادة " في دواليب السلطة وثقافة ترتكز على مبدأي الدمقرطة و العلمنة، و تعمل على النهوض بكافة أبعاد هوية الشعب المغربي الأمازيغية و العربية و الإسلامية و الإفريقية، فالهدف ليس اختلاق ثقافة وهوية " بروليتارية " بل الهدف هو تطوير خيرة نماذج وتقاليد ونتائج الثقافة الموجودة من وجهة نظر تقدمية عن العالم وذلك عبر تدابير تمس كل الحقول : التعليم و الإعلام و الحقل الديني و الإنتاج الثقافي و الفن.



#ابو_منصور_حرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيش العمل الاحتياطي و تناقضات الطبقة العاملة
- الطبقة العاملة : من طبقة في ذاتها ، الى طبقة لذاتها
- في الجمود العقائدي
- في المركزية الديمقراطية
- التحالف العمالي الفلاحي : هل لازالت قضية راهنة؟
- مفهوم الهيمنة / القيادة في الفكر الماركسي
- لينين و المسألة القومية
- الحزب الشيوعي الصيني وخط الجماهير
- الاممية الأولى : بداية التنظيم السياسي للطبقة العاملة
- كيف يفهم مناضلو تيار - البديل الجذري - الصراع الايديولوجي و ...
- أحمد بيان : من الدعوة للمقاطعة الى البحث عن الشماعات !
- هل يشكل البرلمان في المغرب منبرا للدعاية الثورية؟ -2-
- هل يشكل البرلمان في المغرب منبرا للدعاية الثورية ؟ -1-
- حول تصحيح النزعات الخاطئة في صفوف اليسار الجذري - 2 -
- حول تصحيح النزعات الخاطئة في صفوف اليسار الجذري
- من هو الشعب ؟ من هم أصدقائه ؟وأعدائه؟ الجزء 2
- من هو الشعب ؟ من هم أصدقائه ؟وأعدائه؟


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ابو منصور حرب - حول الثورة الثقافية