أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....9














المزيد.....

انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....9


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 6394 - 2019 / 10 / 30 - 05:00
المحور: الادب والفن
    


انسان مع وقف التنفيذ ....رواية 9..
*****************************

شعر بانحباس شديد في شرايين رأسه ، وأحس بانقباض فظيع في جهاز تنفسه ،كأنها دوخة وقد ألمت به ، احساس شديد بالغثيان يستبد به ، وضع كلا كفيه على رأسه واتكأ بمرفقيه على الطاولة بعد أن أغمض عينيه .
وما هي الا لحظات قليلة حتى بدأ يسمع صوت سيوف تضرب بعضها البعض ، ويتوهم رجالا يلبسون دروع المحاربين القدامى ، وضجيج المعركة الصاخب . حاول ان يغلق اذنيه ، لكنه عجز عن طرد الصوات المزعجة ، بل كانت تزداد شدة وقوة .
عجز عن المقاومة ، ونهض وهو يضرخ باعلى صوته " او قفوا هذه الحرب " ، تفاجأ الجميع بصوته ، بل ان هناك من دب في أوصاله قرع الخوف . حين هدأ قليلا انتبه انه يجلس في مقهى الحي ، وتلك الأصوات كانت أصوات نرد البارشي . حيث كان بعض أبناء الحي ومرتادي المقهى بلعبون اللعبة الاسبانية الشهيرة بمدن الشمال ، البارشي .
وكان لغطهم وكلامهم ، صراخهم وضجيجهم يتحول في ذهنه الى أصوات معركة حقيقية .
اتجه عمر الدب توا الى المرحاض ، صب بعض الماء على رأسه لعله ينتشي قليلا ويرتاح من هذا الصداع الهائل الممزوج بدوخة كبيرة .
وهو تحت الصنبور كان يحس بشيئ من الراحة ، لكنه بمجرد خروجه منه ، عاوده نفس الاحساس ، لكن هذه المرة بعنف شديد .
خرج من المقهى يترنح ، وببعض خطوات قليلة ، اتده الى زاوية حميدو ورمى نفسه فوق مطربة من البونج ، واستسلم لنوم عميق .
ربما كان افراطه في تناول مادة الكوكايين سببا في تلك الحالة المفرطة .اضافة الى تدخين الحشيش ، مع اهمال تام للأكل .
هنا في شوارعنا البسيطة الهامشية ، الشباب يهتم كثيرا بتوفير المواد المخدرة من توفير الغذاء والمأكولات . حتى الشراب يحتسونه جافا دون مقبلات او مرطبات ، يستعملون في هذه الأيام الكحول المنزلي ، وما أدراك ما الكحول المنزلي ، يكتفون بخلطه بالماء ويبدأون في عبه وشربه دون اكتراث بالعواقب والتأثيرات الخطيرة ، وكانهم ينتقمون من ذاتهم ، من واقعهم ، من محيطهم .
بعد ساعة نهض عمر الدب ، اقتعد فوق فراش البونج ، وراح يحاول استعادة رباطة جأشه ، يفرك عينيه ، فلا يرى غير أشباح تمر امامه او من بعيد . وأشباح اخرى واقفة تتجاذب أطراف الحديث .
بالكاد قام ، واتجه نحو المقهى مرة اخرى .
لا محيد عن المقهى ، رغبة مسلطة في داخله للذهاب نحوها والنوم فوق طاولتها .
لقد كان مرتاحا في فراش حميدو . لكن شيئا داخليا يحثه ويلزمه بالذهاب نحو المقهى . يدفعه دفعا الىة تلك الأجواء المليئة برائحة الحشيش والكيف والتبغ ، والهيروين . هم عبيد الأماكن المغلقة شكلا ومضمونا .
امثال عمر الدب ، تمثل المقهى بالنسبة اليهم أكثر مما تمثل لهم منازلهم التي نشا وا وتربوا فيها .
في المقهى لا يحاسبه أحد ، ولا يعاتبه أحد ، يقضي نهاره فيها وحاجته البيولوجية ، ثم يعود الى مكانه مرتاح البال .
قد تتوفر له أسباب أكل شيئ ما مع الأصدقاء والزملاء ، وقد يذهب الى مطعم با العياشي فيطلب منه قطعة خبز وسردينة أو شطونة ، وبعض المرق ، أو محشوة بالحمص اوالعدس .
ولن يبخل عليه با العياشي بشيئ .
يحرك رأسه لااراديا . متلازمة توريت ، تضطره الى تحريكه دون ارادته . لم ينشأ بهذه المتلازمة ، لكنه اكتسبها بفعل افراطه في تناول المخدرات ، رغم صغر سنه ، فهو لم يتجاوز بعد الثلاثين من عمره .
للحظات عجز عن تثبيت رأسه على طبيعته ، ظل رأسه يشتغل كالرقاص ، فالجهاز العصبي لم يعد فعالا ، وأصبح خارج التحكم . كلما اضطرب الشخص او تعرضت الخلايا العصبية لضغط ما يحدث اهتزاز لاارادي للرأس .
تعود عمر على هذه العادة ، ولم يبحث يوما عن علاج نفسه ، فهو يظن أن ذاك هو قدره ، وأن تلك الحركة بسيطة ، صارت حركة عادية ياتيها جسده في لحظات معينة ، تتحكم فيه .
هو لا يدرك أنها ناتجة عن حصول خلل في الأعصاب ، والا فقد كان بامكانه أن يعالج نفسه ، كباقي المرضى الذين أصيبوا بنفس المرض بفعل تناولهم المفرط للمخدرات .
متروكون لقدرهم كجرذان لا يهتم بهم أحد . لم يتعلموا كيف يهتموا بانفسهم . جاؤوا الى الدنيا ليرحلوا . هذه هي قناعتهم . لا يريدون شيئا آخر . ماتت كل خلايا الارادة ، وهرمونات الوجود .
عكس فؤاد البركاك الذي ولد بهذا المرض ، لكنه في الاونة الأخيرة ازدادت حالته سوءا . البعض يرجع السبب الى كونه مسخوط الوالدين ، عاق لأبويه ، والآخرون يربط ذلك بشرهه واقباله على المحرمات وسرقة أرزاق الناس .
حين يريدون تفسير شيئ ما يربكونه بعاداتهم وثقافتهم الدينية ، وكأن الشخص غير مسؤول عن أفعاله ونذالته ، خسته ودونيته ، انحطاطه وبذاءته .
هو شخص عصبي ، متقلب المزاج ، سرعان ما يضطرب وينزعج . في حين أن متلازمة توريت تتطلب كثيرا من الهدوء ، فصاحبها بطبيعته رغم هدوئه ، سرعان ما يغضب ويتعصب . ربما ذلك الاحساس بالنقص وبفقدان السيطرة على عضو حساس من الجسم تزيد من انفعالاته .
انتفخ خلال السنتين الأخيرتين بطريقة ملحوظة ، مثله مثل آكلي أرزاق الناس من السياسيين المغاربة ، همهم هو ملء بطونهم ، كالحيوانات البرية .
أحيانا هو نفسه يفد على المقهى لعله يعثر على ضحية ما لينصب عليه . وما يثير الدهشة انه ،ورغم كونه معروفا في الحي بنصبه وخسة طباعه ، فانه غالبا ما يجد ضحاياه السذج . وحتى هؤلاء الذين يعرفون وضاعته يرحبون به ويجلسونه بينهم .
قد تقول انه مجتمع هجين ، مجتمع بلا قيم ، مجتمع بلا معايير . وما تلاحظه في هذه المقهى قد تجده بين الكتاب ، وبين الشعراء ، وبين المفكرين ، وبين الصحفيين ، وبين التجار ، وبين رجال السلطة ، وبين من يحكمونهم .
خلاصة القول مجتمع تافه ، وانسان مع وقف التنفيذ .
مجرد أحياء يرزقون ، لكنهم ﻻيعيشون .حتى الحياة هاته اللفظة الجميلة الخالية من أي خدش لفظي ، شوهوا معناها .فاقدون لﻻرادة ، عديمو اﻻختيار ، محرومون من ابداع ذواتهم وتغيير واقعهم .هم في النهاية ﻻشيئ



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية...8
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....7
- أبي أحمد علي ، شخصية السلام العالمية . من هو ؟
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....6
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية ...5
- ايران تنتصر مرة أخرى ، متى يتعلم العرب فن الانتصار ؟
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية...4
- مواطن مع وقف التنفيذ ....رواية -3-
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية -2-
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية
- انما الامم الاخلاق....قصة
- حوار مع زيغموند باومان حول دور وأهمية المواقع الاجتماعية
- يخت الملك الفاخر وفقر المغاربة المذقع
- الربيع الايراني
- انتحار في عيد الأضحى ....قصة قصيرة
- حدود الملكية المطلقة بالمغرب
- لن أيأس
- أمينة بوعياش تخرج الفيل من خرم ابرة
- عشرون سنة من الحكم ، عشرون سنة من اللاحكم
- خطأ الملك ، كيف نتعامل معه ؟


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....9