|
فشل وقفة باريس ، وفشل وقفات المغرب --
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6392 - 2019 / 10 / 27 - 12:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فشل وقفة باريس ، وفشل وقفات المغرب L’échec des Si – Tins ما هو الدرس الذي یجب استخلاصه من فشل وقفة باريس ، وفشل الوقفات التي نظمت بالمغرب ؟ والسؤال كم عدد المسيرات التي تم تنظيمها للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين الريفيين ؟ مع العلم ان المعتقلين غير الريفيين ، لم يحظوا باهتمام الواقفين وراء تلك المسيرات ؟ اولا ، مثلما فشلت وقفة باريس ، فان الفشل كان نصيب جميع الوقفات التي جرت بالمدن الاوربية في وقت سابق ، وإنّ اسباب فشل وقفة فرنسا ، كان نفسه السبب في فشل الوقفات السابقة . ثانيا ، في المغرب جرت ثلاثة مسيرات مرخص لها من قبل السلطات ، واحدة بالرباط ، ومسيرتان بالدارالبيضاء ، من اجل المطالبة باطلاق سراح المسجونين الريفيين ، واكرر الريفيين ، دون غيرهم من المسجونين الآخرين غير الريفيين . فهل عدم استجابة النظام لمطالب المسيرات التي رخص لها ، يمكن تفسيره بفشل المسيرات التي جرت بالمغرب ، مثل فشل المسيرات التي جرت باوربة ؟ وإذا اكانت لامور تقاس بخواتمها ، فان الفشل طبعا كان هو عنوان مسيرات المغرب الثلاثة ، مع العلم ان نفس الفشل كان هو عنوان وقفات 26 اكتوبر بالمغرب . إذن ماهي اسباب الفشل الذي عمّ جميع الخرجات ؟ اولا ، إن اكبر خطإ سقط فيه حراك الريف ، هو حين انطوى وانغلق على نفسه ، وتخندق وتمايز ، بدافع عنصري يميز بين ابناء الشعب الواحد . ولعل ما شجع الرغبة العنصرية التي تمثلت في الانغلاق الاثني ، او العرقي ، هو شعور الحراك بنرجسيته العرقية ، التي هي النرجسية الريفية ، وليست المغربية . ان رفع شعار " عاش الريف " ولا عاش من خانه ، عوض رفع شعار عاش المغرب ولا عاش من خانه ، اعطى صورة ليست تقريبية ، بل واضحة ومعبرة ، عن طبيعة المشروع الخطير الذي انزلق اليه الحراك ، والذي هو الانفصال عن المغرب ، والدعوة الصريحة لاحياء جمهورية الريف ، حلم جميع الريفيين بدون استثناء .. والسؤال هنا ، ما الغاية من رفع راية الجمهورية الريفية ؟ اليس المشروع هو الانفصال ؟ فهل راية الجمهورية الريفية ، كانت راية كل المغرب ، ام انها كانت فقط راية الانفصال لاحياء مشروع الانفصال عن المغرب التراب ، والمغرب الشعب ؟ ثم ماذا عن رفع راية الصهيوني الفرنسي ، جاك بنيت ، التي يسمونها ظلما براية ( الامازيغ ) ؟ اليس رفع تلك الراية الفرنسية الصهيونية ، هو دعوة لاحداث فتنة ، واكثر من ذلك ، دعوة لاشعال حرب اهلية بين العروبيين ، وبين البرابرة بمختلف اثنياتهم واعراقهم ، كما يحلم بذلك التحالف الصهيو – مسيحي كاثوليكي ، بروتستاني ، وماسوني " ؟ ماذا عن الدعوات العنصرية لطرد العرب من المغرب ، بدعوى انه بربري ، وليس عروبي ، لان العرب ، وحسب هذه الدعوات ، هم محتلين غزاة ، يجب ارجاعهم الى الجزيرة العربية التي قدموا منها ؟ ثم ماذا حين يردد الزفزافي ان الاستعمار الاسباني ، ارحم من الاستعمار العربي ؟ فهل العرب هم من ضرب الريف بالغازات السامة ؟ وهل العرب هم من تجند في جيش الجنرال فرانكو لمحاربة الشعب الاسباني خلال الحرب الاهلية ، ام ان الريفيين ، هم من تجند في قوافل فارنكو ليس فقط لضرب الشعب الاسباني ، بل ضرب ابناء جلدتهم من الريفيين الداعين لجمهورية الريف الانفصالية ؟ ومثل هذه الاخطاء الخطيرة التي ارتكبها حراك الريف ، بدعوى الشعب الريفي ، وليس الشعب المغربي ، فان نفس الاخطاء كانت سببا في فشل جميع الخرجات والوقفات ، باسم الدفاع عن الريف ، وعن شعب الريف ، وباسم اطلاق سراح المعتقلين الريفيين . فما شاهدناه في وقفة باريس البارحة ، كان من المفارقات الغريبة ، التي جست الطابع الانفصالي ، بدعوى استقلال الريف ، وجست من خلال الشعارات المرفوعة ، الطابع العنصري الفاشي الذي ينفي انتماءه الى المغرب ، وينفي انتماءه الى الشعب المغربي . وحتى وقد انقسمت جحافل الواقفين في الوقفة ، الى مجموعتين متباعدتين ، واحدة ترفع صراحة شعارات الانفصال ، وتلوح وتلتحف براية الانفصال التي يسمونها براية الجمهورية الريفية ، فان المجموعة الثانية كذلك ، لم تنجو شعاراتها من طابعها العنصري ، رغم تأكيدها على الملف المطلبي الذي تم طرحه اول الامر كتكتيك ، عند بداية الحراك ، ولينتقل بعد مدة ، من مرحلة المطالب الاجتماعية والاقتصادية ، الى مرحلة خدمة المشروع الانفصالي بوجه عارٍ وواضح .. ان هذا الانقسام في صفوف الريفيين ، وخاصة بعد دخول حركة 18 شتمبر الجمهورية الانفصالية على الخط ، انعكس على الريفيين بالداخل ، اي داخل المغرب ، وقد تعمق الانقسام ، عندما بدأت كل مجموعة تُخوّن الاخرى ، وانتشرت لغة السب والقدح ، وهو ما يتنافى مع الفكر الشيعي الذي يغلف فكر ، وعقل الريفيين منذ احداث يناير 1984 ، التي رفعوا فيها صور آيات الله الخميني في المظاهرات .. ومثلما فشلت مسيرة باريس ليوم 26 اكتوبر ، وفشلت قبلها جميع المسيرات التي تم تنظيمها باوربة ، وفشلت ثلاثة مسيرات تم تنظيمها بالمغرب واحدة بالرباط ، واثنتان بالداراالبيضاء ، كذلك فشلت بالامس دعوة النزول بالمغرب ، والسبب ان المواطن العادي الذي كان البعض يراهن عليه لانطلاق حراك ، لتغيير النظام ( الملكية البرلمانية ) ، او لاسقاط الفساد ، اي النظام ، او لتحقيق مطلب طلاق سراح المعتقلين الريفيين ، كان غائبا ، وكان يجهل كل شيء عن شيء سموه ب " دعوة النزول " . فمن خلال المعطيات ، فان عدد الواقفين بفاس لم يتعدى المائتي فرد ، وكلهم طلبة يناضلون ضمن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، خاصة فصيل " النهج الديمقراطي القاعدي " ، " البرنامج المرحلي " ، وبمدينة الدارالبيضاء كان الحضور عاديا ، وكذلك المدن التي عرفت وقفات ..... وقد ساهم في هذا ، ان الوقفات كان متحكم فيها ، ومسيرة من قبل السلطات التي كانت تضبط الوضع ، كما ساهم فيها كثيرا ، تحديد مدة الوقفة في الساعة 18.30 ، وهو ما جعل الوقفات لا تتعدى ساعتين ، تخللتها دردشات بعد الانتهاء من رفع الشعارات ... ان اكبر خطر كان يمثله حراك الريف ، بخدمته على مشروع الانفصال ، لا يكمن فقط في فصل الريف عن المغرب ، بانشاء الجمهورية الريفية ، بل ان الخطر الاعظم والاخطر ، أنّ ذاك الانفصال ، فيما لو حصل ونجح ،كان سيسهل تفتيت المغرب وتشتيته ، لانه كا سيسهل ذهاب وانفصال الصحراء ، وما ترديد الريفيين في باريس لشعارات تناصر ( الشعب الصحراوي ) ، وتناصر ( الجمهورية الصحراوية ) ، الاّ اعترافا وتأكيدا للمخطط النفصالي ، والتقسيمي ، والتشتيتي الذي كان يحضر ، ويطبخ للمغرب الارض ، والمغرب الشعب . فما هو الدرس الذي يمكن استخلاصه من كل هذا الفشل ؟ بدون وحدة ، سيستمر الفشل ، وستستمر الانقسامات ، وستتعمق الازمة الذاتية للاحرار والشرفاء ، وسيبقى الوضع على ما هو عليه ، اي انتاج غير الفشل .. اتمنى الاّ تصبحون على فشل ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفاديا لكل ما من شأنه
-
هل النظام المغربي ( مخلوع ) خائف من دعوة النزول الى الشارع ف
...
-
فلادمير بوتين ( يُمقْلبْ ) -- مقلب -- البوليساريو .. Poutine
...
-
على هامش دعوة النزول الى الشارع في 26 اكتوبر الجاري من اجل م
...
-
دعوة النزول الى الشارع في 26 اكتوبر الجاري
-
عمار سعداني يعترف بمغربية الصحراء
-
كتالونية انفصال ام استقلال ؟
-
الاستاذ محمد الساسي يحمل النظام ، والاحزاب مسؤولية الازمة ال
...
-
تحليل خطاب الملك بالبرلمان
-
النظام السياسي الإيراني
-
العربان -- Les Arabes
-
الدكتاتور . المستبد . الطاغية
-
تجار اللحم البشري
-
فرنسا صديق حميم للمغرب
-
النائب البرلماني عمر بلفريج
-
مجلس الأمن -- Le conseil de sécurité
-
تقرير الامين العام للامم المتحدة عن نزاع الصحراء الغربية - L
...
-
التعديل الحكومي
-
الثورة سلسلة -- La révolution est une chaîne
-
الاسلام الشعبي . الاسلام الرسمي . الاسلام السياسي --
المزيد.....
-
جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ
...
-
الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
-
وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/
...
-
غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
-
رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
-
أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
-
شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
-
ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
-
بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|