أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (183) مخاطر اخفاق التنبؤ















المزيد.....

مباحث في الاستخبارات (183) مخاطر اخفاق التنبؤ


بشير الوندي

الحوار المتمدن-العدد: 6388 - 2019 / 10 / 23 - 19:24
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مباحث في الاستخبارات (183)

مخاطر اخفاق التنبؤ

بشير الوندي
-----------
مدخل
-----------
في هذا المبحث نتكلم عن فشل استخباري عالمي في التنبؤ بأخطر حرب كونية هي الحرب العالمية الثانية , خطأ كارثي تسبب في تدمير اوروبا ومقتل الملايين , ولا يشك احد بانها الكارثة الاكبر في تاريخ الانسانية , خطر غفلت عنه اجهزة الاستخبارات وهو يكبر أمام أعينها يوماً بعد يوم , وهو درس بليغ لما يمكن ان يسببه التراخي الاستخباري في تقدير المخاطر.
-------------------
سوء التقدير
-------------------
تأتي أهمية الاستخبارات لأنها عين النظام وتبحث عن التحديات والتهديدات والأزمات ومخططات الإطاحة قبل وقوعها , فالاستخبارات اجيرة النظام , سواء كان دكتاتورياً او تداولياً , فهي جرس انذار متقدم تدافع عن النظام ضد العدو الخارجي والداخلي وتفشل مخططات العدو , (انظر مباحث في الاستخبارات (87) حماية النظام).
ولعل من اخطر الدروس التاريخية للإخفاق الاستخباري في توقع المخاطر الجسيمة هو ماحصل في اوروبا في ثلاثينات القرن العشرين , فلقد كان الاخفاق الكارثي في استقاء وتحليل المعلومات عما يخطط له هتلر في اخضاع اوربا بقوة السلاح , فشلاً استخبارياً كبيراً غير مبررٍ ادى الى كوارث انسانية لاحقاً , ولاتوجد وثيقة استخبارية اوروبية او امريكية واحدة انذاك تتكلم عن مخاطر او ملامح لحرب كونية او غزو شامل , وقد اثبتت الدراسات التاريخية ذلك , رغم ان الجميع كان يتكلم عن ماكنة عسكرية في حاله تطور ونمو سريع مع نظام دكتاتوري يفرض سيطرته على المانيا .
كان الكل غافلاً , وكانت الاولوية هزيلة تتمثل في التقليل من خطر الفكر القومي النازي فقط كفكر , والوقوف بوجه الفكر القومي الاشتراكي الالماني الحاكم , بل ان البعض حبذ الى ترويج هذا الفكر لانه مواجه للشيوعية العالمية المتصارعة مع الرأسمالية في اوروبا في حينها , فصار خوفهم من انتشار الشيوعية دافعاً لسكوت اوروبا عن جنون هتلر .
---------------------------
لم يقرا احد الكتاب
---------------------------
كانت النازية حركة سياسية تأسست في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، حيث تمكن المنتمون للحزب القومي الاشتراكي العمالي الألماني تحت زعامة أدولف هتلر من الهيمنة عام 1933 على السلطة في ألمانيا وإنشاء ما سمي بالرايخ الثالث.
ولم تكن المانيا بلدا منغلقاً او جزيرة منعزلة عن العالم , وكانت الوفود الاجنبية والسياحة دائبة التوافد على المانيا كما قامت لديهم الالعاب الاولومبية عام 1936 , وبرغم ذلك كانت القوة العسكرية تتعاظم دون ان يتنبه لها احد , ولنكون دقيقين , فانه لم يتنبه لمخاطرها احد , فكان هتلر يصور كرجل سلام ومعاهدات , واوروبا تخطب ود المانيا لدرجة شعر هتلر معها انهم نائمون مغيبون عن نواياه التي كان قد سطرها في مذكراته .
ففي عام 1923 , وبعد أن سُجن أدولف هتلر اثر فشل انقلابه على حكومة بافاريا في نوفمبر 1923، قام بتأليف كتابه كفاحي، وتحدث فيه عن ضرورة توسع الشعب الألماني، أولا باستعادة كل الأراضي التي يقطنها أخوتهم الألمان في دول أخرى، ثم التوسع نحو الشرق، أي على حساب الاتحاد السوفيتي. وبعد وصول هتلر إلى السلطة عام 1933، بدأ رويداً رويداً تنفيذ مشروعه التوسعي , ورغم ان افكار هتلر التي بثها في كتابه كانت منشورة بعدة لغات الا ان لاحد في اي من الاستخبارات الاوروبية تنبه الى ان هتلر كان صادقاً تماماً في الافصاح عن طموحاته في الكتاب , بل يبدو ان مامن احد من محللي الاستخبارات قد قرأ الكتاب .
-------------------------
كسر قيود فرساي
-------------------------
كانت لدى هتلر مشكلة لتحقيق طموحه , فبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى .في 1919، تم تقييد المانيا بمعاهدة فرساى التي تقيد بناء الجيش بما لايزيد عن سبعة ألوية مشاة وثلاثة ألوية فرسان وعدد من القطع البحرية المعدوده على الأصابع , وكان لزاما على الجيش ان يبقى على قواته في حدود ال 100.000 , فكان يتم تدريب قوة بنفس العدد كل عام , وعندما ارادت الحكومة الألمانية تسليح قواتها بشكل لا يجذب انتباه الدول المحيطة , قامت بعدة اساليب لتحقيق هذا الهدف . فبدات بوضع قوانين سرية في مجلس الوزراء التي تسمح باعادة التسلح , وبدا هذا البرنامج في 29 سبتمبر 1929 من قبل رئاسة الأركان الألمانية الذي يعد الأول من نوعه في رفع المستوى التسليحي للجيش الألماني عن طريق تسليح 16 فرقة من الجيش بالسلاح وزيادة عتاد وذخيرة القوات المسلحة ضمن برنامج متكامل مدته خمس سنوات ويخصص للبرنامج 350 مليون مارك ألماني تستقطع من ميزانية الجيش اي 70 مليون سنويا للسنوات الخمسة للخطة. بعد وصول النازيين إلى السلطة وتعيين هتلر مستشارا لألمانيا عام 1933 ازدادت وتيرة التسلح خلال عهد الرايخ الثالث حيث أصبحت عملية إعادة التسلح ذات أولوية قصوى للحكومة الألمانية. وأصبحت التوسعات في الإنتاج الصناعي والمدني في ألمانيا هي الأفضل على الإطلاق.وتم تأسيس شركات وهمية مثل MEFO من أجل تمويل إعادة التسلح. كما أنشأت منظمات سرية مثل Verkehrsfliegerschule التي أنشئت تحت ستار المدنية من أجل تدريب الطيارين تدريبا عسكريا. وتحول اسم وزارة الدفاع الى وزارة الحرب , ثم بعد 1933 جاهرت المانيا بتسليحها , وفي مايو ١٩٣٣ تم تطوير مكاتب الشفيرة السرية , فقبل وصول هتلر للحكم كان القسم المختص بفك الشفيرة والمرتبط برئاسة اركان الجيش الالماني عبارة عن مكتب متواضع فيه ٢٠ موظف فقط , وخلال عام ونصف ارتفع عدد عناصر المكتب الى ٦٠٠٠ عنصر وتم استقدام امهر ضباط الاتصالات وفك الشيفرة ممن اشتركوا في الحرب الاولى واعادتهم للخدمة , لكن ذلك لم يثر اي شبهة لدى اجهزة الاستخبارات الاوروبية .
كما استحدث الالمان وزارة للطيران , وخلال عامين اكملت هيكلتها حتى صارت تضم عام 1936 ثلاثة فيالق هي فيلق قاذفات القنابل و فيلق الطائرات المقاتله وفيلق خفر السواحل , وقد قدر البريطانيون بعد الحرب أنه كان لألمانيا حوالي 4,161 طائرة، في حين كان لديها عند غزو بولندا 1929 طائرة منها 897 طائرة قاذفة , وحينما اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 كان تعداد الجيش الألماني مع الاحتياط يبلغ 2.758 مليون جندي.
------------------------
صرخات مكتومة
------------------------
لم يكن سوء تقدير الاوروبيين ذاتياً , فقد كان الجهاز الاستخباري العملاق الذي اعتمده الرايخ الثالث وراء الكثير من معطيات التضليل , فقد كانت لدى الالمان منذ تسنم هتلر للحكم عام ١٩٣٣ ثنائية في اجهزة الاستخبارات , فكانت هنالك اجهزة مرتبطة بالدولة واخرى بالحزب , فهنالك جهاز مكافحة تجسس حكومي واخر حزبي , وكان هنالك جهاز استخباري حكومي وآخر حزبي وجهاز امن حكومي وآخر حزبي , وقد ادت تلك الاجهزة دوراً لايستهان به في التقليل من مخاوف الاوروبيين فيما كانت وزارة الحرب تحد السكين لذبح اوروبا.
ومع ذلك , كانت صرخات مكتومة هنا وهناك تحذر ولكن دون جدوى , فقد كان روبرت فانسيتارت وكيل وزير الخارجيه البريطاني يطالب حكومته بضرورة التنبه للخطر الالماني , وبدلا من لانصات لحججه جرى نقله الى منصب ثانوي واعتبر غير موضوعي ومبغض للالمان , وكذا الامر مع تشرشل الذي كان وقتها في مجلس العموم حيث كان يحذر باستمرار من تعاظم الصناعات والتكنلوجيا عند الالمان , كانت دوائر الاستخبارات الاوروبية متضاربة بشان المانيا , وحتى داخل البلد الواحد , ففيما كانت تشير تقارير وزارة الدفاع البريطانيه واستخباراتها ان الالمان يمتلكون ٤٠٠٠ طيار مدرب , كانت الاستخبارات الخارجيه البريطانيه تقول ان الرقم ٨٠٠٠ طيار , كل ذلك جعل الدول الاوروبية عمياء عن نوايا المانيا , وحتى ساعة الهجوم الجوي الالماني على بريطانيا عام ١٩٤٠ عبر مطارات بلجيكا وفرنسا وهولندا , لم تكن الاستخبارات البريطانية قد صنفت هتلر بالعدو , وكان رئيس الاستخبارات البريطاني قد زار المانيا عام 1935, وكان مما دونه رئيس الاستخبارات البريطاني ان "القوة العسكرية التي صنعها هتلر هي لاشباع غلوا النازيين وهي للاستهلاك المحلي , وان وعود هتلر في عدم زيادة عديد جيشه حقيقي " .
لم تتنبه دوائر الاستخبارات العالمية الى مايدور في المانيا رغم ان تقديراتهم لبناء القوة الالماني كان اعلى حتى من الحقيقي , فاذا كانت الاستخبارات الاوروبية قد قدرت القوة الالمانية الضاربة بأقل من حجمها بمقدار الربع , فان الامريكان كانت تقديراتهم قد ضاعفت العدد الحقيقي مرتين ونصف , ولكن كلا التقديرين لم تكن لهم اجراس انذار تقول لهم ان هتلر سيشعل حربا عالمية , فالاستخبارات الاوروبية كانت تدفع رؤوسها في الرمال خوفا من التفكير بأهوال الحرب . ومن ثم لم يثبت التاريخ اي تنبؤ او تقييم يقول بإمكانية قيام حرب عالميه.
------------
خلاصة
------------
لقد ادت كل تلك الاخفاقات في تحليل تعاظم بناء القوة الالمانية الى اندفاع الجيش النازي في ابتلاع الدول الاوروبية واحدة تلو الاخرى ابتداءأ من بولندا وتشيكوسلفاكيا وانتهاءاً بفرنسا وانكلترا , والى تمزق العالم بين جبهات متناحرة وحروب بالنيابة واستنزاف للتراث البشري وحضارته , وكل ذلك بسبب سوء تقدير محللي الاستخبارات الاوروبية والامريكية , وادى تضارب تقديرات وقلة تنسيق الاجهزة الاستخبارية المتعددة في تقديراتها وتحليلاتها وتحضيراتها الى ان يغفل العالم اجمع عن اكبر كارثة بشرية وهي الحرب العالمية الثانية التي تعد اكبر الصراعات العسكرية دموية على مر التاريخ والذي قُدّر إجمالي عدد ضحاياها بأكثر من من 2.5% من إجمالي تعداد السكان العالمي بما يصل الى 60 مليون قتيل , وليس ببعيد عنا مافعله سوء التقدير الاستخباري من انهار من الدماء ومئات الوف المهجرين وتحطيم مدن وشواهد على يد داعش ...وعلى كاهل من اخفقوا في تقدير المخاطر ..والله الموفق.



#بشير_الوندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث في الاستخبارات (182) التوزيع الاعلامي
- مباحث في الاستخبارات (181) التوزيع التبادلي
- مباحث في الاستخبارات (180) التوزيع الدوري
- مباحث في الاستخبارات (179) بطاقات الائتمان
- مباحث في الاستخبارات ( 178) فايروسات الحواسيب
- مباحث في الاستخبارات (177) الهكرز (الاختراق الالكتروني)
- مباحث في الاستخبارات (176) انظمة المراقبة والاستخبارات
- مباحث في الاستخبارات (175) المدرسة الاستخبارية البريطانية
- مباحث في الإستخبارات (174) التوزيع المرجعي
- مباحث في الاستخبارات (173) التوزيع المعالج او الميداني
- مباحث في الإستخبارات (172) التوزيع القضائي
- مباحث في الاستخبارات (171) المدرسة الصهيونية
- مباحث في الاستخبارات ( 170) التوزيع الرأسي
- مباحث في الاستخبارات (169) تضارب التحليلات
- مباحث في الاستخبارات (168) الاستخبارات في الحرب العالمية الا ...
- مباحث في الاستخبارات (167) الاستجواب الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات ( 166) التجنيد بالإلهام (الذئاب المنفرد ...
- مباحث في الاستخبارات ( 165)
- مباحث في الاستخبارات (164) التجنيد الاختباري
- مباحث في الاستخبارات (163) التجنيد الإيهامي ( تجنيد من خلف ا ...


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (183) مخاطر اخفاق التنبؤ