أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6386 - 2019 / 10 / 21 - 10:03
المحور: الادب والفن
    


في منزل عروسه، إذن، أقام عليكي الصغير وبالرغم من اعتراض والده. وكان للأب، هذه المرة، حجّته المبنية على أساس أن أم العريس باتت متفرّدة ببيتهم على أثر وفاة ضرّتها. على أنّ ليلو، إلى الأخير، كان لها القول الفصل في إقناع زوجها وكانا ما زالا خطيبين: " إنه بيت أبي، وأنا وحيدته كما تعلم. العم عثمان وامرأته، كانا ضيفين لدينا وقد صارا الآن كأنهما أصحاب البيت. إنهما طيبان، ما في ذلك من شك، وأنا مدينةٌ لهما إلى أبعد الحدود "، قالتها ذات مرة انفردت فيها معه بحديقة المنزل. ثم أضافت سارحة بعينيها، كمن يذهب فكره إلى غير عالم اليوم، " ولكن، هل سيكون ابنهما بنفس الطيبة يا ترى؟ ما أدراني، لو رحل والديه بعد عمر طويل، أن يدّعي ملكية البيت بما أنني لا أقيم فيه؟ ". ابتسم عندئذٍ خطيبها، وذلك لفكرة أنّ " حاجي "، المعنيّ بحديث الريبة، كان ما يفتأ غلاماً صغيراً بأعوامه الثلاثة. فيما بعد، سيلمّ عليكي الصغير بمعلومة أكثر واقعية تخصّ الغلام: مداركه العقلية تنمو ببطء، مثلما أن عثرته بنطق الكلام كانت واضحة. ولكن ليلو كانت تؤكد سلامة عقل الطفل، دون أن تستبعد أن ينشأ غبياً بعض الشيء. والدته، من ناحيتها، نحت بالملامة على زوجها، كونه على رأيها لم يفِ بوعده أن يترك شرب المنكر وهوَ من سبقَ أن حجّ لبيت الله الحرام.
عندما ذكرت ليلو لخطيبها موضوعَ الميراث، المتعلق ببيت أبيها، أنهمك تفكيره في مشكلة مشابهة، يُمكن أن تلقي ظلاً من الشُبهة على سمعته مستقبلاً. إذ أمكنه تأمينَ تكاليف الزواج من ميراثٍ لا يعود إليه في حقيقة الأمر. المصاغ والمال، الذي قدمهما أباه له، إنما هما من حق أخيه غير الشقيق. ها هوَ يُقسم في نفسه، مُخلصاً، أن يُعيد لأخيه الوحيد كل قرشٍ من ورثة والدته الراحلة. في مقابل ذلك، كان همّ آخر نصبَ عينيه، ولم يكن من السهل أن يطمئنَ إلى أنه سيزيحه عن كاهله في وقتٍ قريب. لقد شقّ عليه، هوَ الحاصل على شهادة علمية تؤهله لوظيفة محترمة، أن يعود للعمل على عربة العم أوسمان. الرجل، من جهته، وعد أجيره السابق أن يحث الحاج حسن على الإسراع في إلحاقه بديوان الوالي أو أي وظيفة مشابهة. إنه تركَ أمرَ قيادة الكرّوسة لعريس ربيبته، كي يتفرغ للتأمل طوال النهار في مسألة تشغله: إنّ ابنه قد نجا من المصير الفاجع، المودي بأخوته قبلاً إلى القبر الواحد بأثر الآخر. إلا أنّ ما لحظه بنفسه عن أحوال الطفل، جعله يميل إلى تفسير شملكان؛ وهوَ أنّ ثمة غضباً إلهياً من مسلك أبيه، المتعلق باستمراره في سهرات المجون برغم أنه باتَ يحمل لقب الحاج منذ قرابة الأربعة أعوام.

***
علي آغا الكبير، الأخ غير الشقيق، لاحَ أنه سيُحقق أمل والده بالانضمام لسلاح الدرك. كان في العشرين من عمره، وسيماً؛ بحَسَب نظرة الفتيات إلى مَن يحظى ببشرة ناصعة مع شعرٍ فاتح وعينين ملونتين. شخصيته، اتصفت بالمفارقة، بجمعها بين الجد والعبث. لعل هذا الجانب الأخير، كما يأمل الأب، ستشكمه تقاليدُ المدرسة العسكرية، المتسمة بالصرامة والقسوة. من ناحية أخرى، كنا قد علمنا أن علاقته حسنة مع أخيه الوحيد. إنه سرّ كثيراً لعودة عليكي الصغير بعدما اعتبرَ مصيره في عالم الغيب. كذلك، لم يُظهر ضيقاً حينَ حصل الأخير على جلّ ميراث أمه من الحلي والمال كي يحل أزمته لدى شروعه بالزواج.
حتى لحظة مفاتحة الأب له بموضوع الدراسة العسكرية، كان عليكي الكبير يعمل مساعداً لحلاق الحارة، الكائن دكانه البسيط بالقرب من مسجد سعيد باشا. أجره كان زهيداً، ولكنه دأبَ على تعويضه في القشلة العسكرية المجاورة، والتي كان يُستدعى كل آونة لحلاقة رؤوس ضباطها وعناصرها. دخله، كان يكفي سجائره ذات الماركة المصرية الفاخرة، علاوة على مشاوير اللهو مع أترابه. الآن، مع رحيل الوالدة، ارتاحَ من المشادة اليومية المعتادة مع ضرتها، كما أن القسم الخاص بها قد آل إليه. كونه يهوى تربية الحمام، فإنه انشأ على سطح الدار كوخاً لهم مزوداً بشبكة عريضة لالتقاط السرب حين يهبط من الجو بعد تلقي أفراده الإشارة المطلوبة من الأرض. علاوة على الكوخ، استغل فسحة في السطح، تشبه الرواق، ليشيد فيها ما يُشبه الجنينة المعلّقة. ضيف أخيه، المدعو حمّوكي، كان قد أعرب عن دهشته لما جاسَ المكان لأول مرة. إذ بدا له أشبه بالبستان، بما حفل به من نباتات وأزهار وشجيرات وعرائش، استزرعت في سلال من القصب وجرار فخارية وأحواض ذات هندسة متناسقة. هنالك في زاوية من تلك الروضة، وجد له مضيفه بقعة مظللة بالصفيح كي يتخذها منامة. كون الجو ربيعاً، ذا هواء طريّ إلى خلوه من الأمطار، فإنّ الإقامة هناك ليلاً كانت حسنة. وإن صاحبها، أحياناً، انقضاض خفاش تائه على أم رأسه ليلاً، أو صباحاً حين يفيق وشعره مبتل من الندى. بيد أن إقامة الضيف لم تدم سوى بضعة أيام. الوالد، السيّد نيّو، كان قد تدبّر للرجل عملاً كملاحظ لنواطير البستان فضلاً عن حجرة مناسبة لمبيته. وها هوَ الأب، يستعد الآن لإقناع الابن بضرورة الالتحاق بالمدرسة العسكرية، التي تخرّج ضباط صف ذوي هيبة واعتبار.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل الثالث
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 3


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3