أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد جواد سيفاو - التربية وصناعة الإبداع... أوهام يجب التحرر منها















المزيد.....

التربية وصناعة الإبداع... أوهام يجب التحرر منها


محمد جواد سيفاو

الحوار المتمدن-العدد: 6385 - 2019 / 10 / 20 - 23:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


أن الإنسان الذي تود التربية ان تحققه فينا ما هو الإنسان الذي خلقته الطبيعة، و إنما الإنسان كما يريده المجتمع أن يكون"
العالم الإجتماعي "إيميل دوركايهم

التربية..كصناعة اجتماعية
عاد مفهوم التربية يطرح نفسه من جديد في زخم التحولات الكونية الهائلة و التغيرات الهادرة التي تجتاح علم اليوم.و قد يبدو أن لفظ "التربية" قد استقر معناه نتذ زمن بعيد و ما هو كذلك، فما نكاد نقبل على تعريف مفهوم للتربية حتى تجابهنا منذ الخطوات الأولى صعوبات جمة ،حيث تثير التربية بين المفكرين و المهتمين اختلافا كبير بالنظر إلى طبيعة بنيتها وظيفتها .
و منذ أمد ليس بالقريب رأى بعض العلماء أن التربية و سيلة من وسائل الهيمنة الإجتماعية، فهي أداة من أدوات السيطرة الاجتماعية التي يمتلكها المجتمع إن لم تكن أداته الأساسية، وبهذا يمكن مقارنتها حتى بأدوات القسر المباشر التي توجد في حوزة المجتمع، و كل الإختلاف بين التربية و هذه الادوات هو أن التربية تستعمل بهدف "كبت" المظاهر السلوكية غير المرغوب فيها و منع وقوعها، حين أن أجهزة القسر الأخرى تتول قمع تلك الظواهر عند استفحالها.
و ذهب علماء النفس المعنيون بنمو الطفل إلى التربية تعني عملية تطبيع اجتماعي Socialization حيث ترمز عملية التطبيع إلى العملية التي بواسطتها يتعلم الفرد كيف يتكيف وفق جماعته عن طريق اكتساب السلوك الإجتماعي الذي ترضى عنه تلك الجماعة.
ينهي عالم الإجتماع إيميل دو كهايم إلى "أن الإنسان الذي تود التربية ان تحققه فينا ما هو الإنسان الذي خلقته الطبيعة، و إنما الإنسان كما يريده المجتمع أن يكون" و على ذلك فإن التربية هي صناعة الكائن صناعة اجتماعية، و لا يمكن أن يكون للتربية غير هذه الصفة، لأن الإنسان لا يمكن أن يعيش في غر الحال الإجتماعية، فلا تربية بدون مجتمع ، و النموذج البشري الذي يهدف المجتمع إلى تحقيقه عن طريق التربية ليس نموذجا نوعيا، بل إنه يلبي الفكرة التي يكونها المجتمع عن نفسه، وبالتالي عن الإنسان فيه و عن وظائفه، و من ثم فهو ينقل إلى الناشئين إرثه من المعارف و التجارب و العادات، أي طراز حياته من جهة و نظرته إلى الوجود من جهة أخرى. إنها اذن صناعة اجتماعية للفرد.
ينبني على ذلك أن التربية الإجتماعية تربية محافظة في جوهرها، و إلى جانب كونها تربية محافظة، هي بالضرورة، تربية إلزامية قائمة على السلطة ، وفي الحقيقة لا يشك أحد أن تكون التربية تكاملا في المجتمع و اندماجا فيه ، كما لا يشك أحد في كونها تكيفا مع البيئة الطبيعية.
و لكن نحن بصدد تكوين الإنسان المبدع بكل ما تتصف به شخصية هذا المبدع من قدرة على التحرر من التسلط و القدرة على مواجهة الأخرين و تبني قيما مختلفة، و عدم الخوف من الإختلاف و حب المخاطرة و النفور من القمع وتأكيد الذات و استقلال التفكير و الفردية و الطلاقة الفكرية و المرونة و الأصالة وغيرها. و هل لا يعني التربية في مفهومها الصحيح سوى تكامل الفرد مع المجتمع و صناعته صناعة اجتماعية.
من حقنا أن نعيد النظر في هذا المفهوم المطروح للتربية من وجهة النظر السوسيولوجيا، و أن نتساءل : ما عسى ان يكون طابع تربية من هذا النوع ؟ إن الجواب من غير تردد – فيما يرى بعض علماء التربية – أننا إذا تعمقنا الأمور لما اختلفت مثل هذه التربية عن الترويض المحض، و التربية إذن عرفت بالاستناد إلى هذا الفهم تصبح إذن وثيقة الصلة و النسب بالترويض، إنها تغدو تعليم ضروب الانقياد اللازمة لبقاء الزمرة الاجتماعية، و إنها اؤدي إلى طمس الشعور بالفردية طمسا كاملا إنها بذلك تتعارض مع التربية التي تستهدف الإبداع. من حيث تركيزها على مركزية الفرد في العملية التربوية حيث الفرد هو الذي يبدع، والفرد هو الذي يغير نفسه بنفسه ويطورها تمهيدا لتغيير الوضع الاجتماعي الذي ينتسب إليه.
حين نتحدث عن تربية الابداع و تمكين الفرد المبدع ثمة أوهام ينبغي التحرر منها مثل العبقرية الموروثة، والذكاء الجيني الوراثي ، فمفهوم الذكاء قد استخدم على انحاء شتى لتبرير التمييز العنصري، و لتأكيد زعم تفوق شعب على شعب آخر، و من ثم لتبرير الاعتداء على الشعوب المفترض انها اقل ذكاء، و إقرار اللامساواة بين البشر، باعتبار ان الطبقات الدنيا هي ضحيا الجينات الوراثية .
الذكاء مفهوم افتراضي و مجرد، استخدم لأمور سياسية و اجتماعية غاية في الخطورة و من ثم يجب تجاوز و عدم ربطه بالإبداع، لأن الابداع نتاج العقل، و العقل أداة الوصول إلى الحق، وهو أداة انسانية محضة و قدرة يجب تدريبها كي تنمو، ويحتاج الى بيئة ابداعية ، كي يزدهر ويقيد ابداعاته الخلاقة، كما أن عقل الانسان واحد، رغم أنه محكوم بثوابت اجتماعية وثقافية وسياسية .
استطاع العقل الانساني ان يزدهر في الغرب على يد فلاسفة التنوير الذين استطاعوا ان يحرر العقل الغربي من الاغلال التي كانت تكبله و تحرمه من تقديم تجلياته الابداعية، وكانت النقلة التنويرية على على يد ديكارت و فرنسيس بيكون وكانط وفولتير وغيرهم من الفلاسفة العظام . وقد صك كانط شعاره : طن جريئا في استخدام عقلك، فلا سلطان على العقل إلا العقل ذاته، و أن العقل هو السيد الذي ينبغي أن يطاع، وأن هذه السيادة لا تتحقق إلا في بيئة تشجع على الابداع بالتسامح بين الانا والآخر وتجاوز الجمود الذهني، ومن ثمة يستطيع العقل أن يقد ابداعاته.
إن أصحاب الزعم بأن الذكاء والابداع يحددهما جين وراثي، وان الظواهر البشرية الاجتماعية هي النتائج المباشرة لخصائص جسدية وفطرية، أصحاب هذا الزعم يقصدون أمرا سياسيا غاية في الخطورة ذلك أنه إذا كان التنظيم البشري وما فيه من عدم المساواة في الوضع الاجتماعي و الثروة و السلطة، إذا كان ذلك كله نتيجة مباشرة لبيولوجيتنا فإنه ما من إجراء يمكن عمله لأحداث تعديل جوهري في البيئة الإجتماعية أو في الأفراد و الجماعات من داخلها، فما نحن عليه هو أمر طبيعي، و إذن هو ثابت، و ربما ناضلنا و أصدرنا القوانين بل قمنا بالثورات ، لكننا نفعل كل ذلك سدى، فثمة فروق طبيعية بين الأفراد و الجماعات تلعب دورها إزاء خلفية من الكليات البيولوجية للسلوك الإنساني، وسوف يهزم في النهاية كل ما قد نبذل من جهود في سبيل إعادة تكوين المجتمع .
النظرية العقلية في مقاربة الإبداع:
تذهب هذه النظرية إلى أن الابداع نتاج العقل ووليد الفكر، و أنه فعل مستنير واع يحققه عقل ناضج قد امتلك زمام نفسه، وتحققه إرادة مضاءة بنور الفكر، وتمثل ناقد وتفكير بصير. يقول "رودين" : " إن الفنان يعرف تماما ما يفعل، وينفق وقتا وجهدا في سبك أفكاره، وحتى أولئك الذين يقولون بالوحي و الإلهام لا ينكرون الدرس و السعي وراء المعرفة عند الفنان" وإدا كان الفيلسوف الفرنسي "باسكال" قد قرر ان عظمتنا تنحصر في الفكر، فإن أصحاب النظرية العقلية يقررون أن كل ابداع إنما هو نتاج فكري، وإن أي عمل مبدع كائنا ما كان لا يمكن أن يرى النور إلا إذا مسته عصا العقل البشري، وإلا إذا خضع لتأمل ورؤية و إرادة وتصميم.
لقد أرجح كانط الفن إلى نوع من اللعب العقلي الحر، و أخضع هيجل الفن للفكرة المطلقة، وربط شبنهاور بين الابداع الفني و بين الفكر و الإرادة، و أرجع بوزانكيت عملية الابداع إلى تامل وخيال عقلي، و ذهب جيلفورد إلى أن الإبداع إنما يقوم على الفكر المبدع.
ورأى جيلفورد و هو من ابرز أصحاب هذه النظرية إلى أن الابداع هو تنظيم يتكون من عدد من القدرات العقلية منها الطلاقة والمرونة والأصالة والحساسية تجاه المشكلات . وهذه القدرات العقلية تعني قدرة الفرد على انتاج الجديد في عالم الأفكار وفي مناحي الحياة المختلفة، و هذا النتاج يجب أن يتميز بالجدة في زمن معين، و ضمن مواقف معينة، يمكن قياسها ويميز جيلفورد في هذا الصدد بين نوعين من التفكير:
التفكير المحدد Convergent و التفكير المنطلق Divergent، و التفكير الأول يعني أنه هناك إجابة صحيحة لما يفكر فيه الفرد،و أن إجابته محددة بما يوجد في المجال موضوع الفكر، و اما التفكير المنطلق فيتميز بانطلاق صاحبه عبر الشائع و المألوف، وهذا النمط من التفكير يكمن وراء كل انتاج ابداعي .
ويندرج تحت التفكير المنطلق - فيما يرى جيلفورد – عدد من العوامل العقلية والقدرات المتمثلة في الطلاقة بأنواعها اللفظية و الارتباطية و التعبيرية والفكرية، والمتمثلة في المرونة بنوعيها التلقائية و التكيفية، ثم الأصالة والحساسية للمشكلات و إعادة التحديد.
الابداع الفني إذن وثيقة الصلة بالعقل وبالتفكير وثمرة قدرات تتمثل في التنظيم والصياغة، وكل عمل فني مبدع هو نتاج فكر كما قال "باسكال"، و أن للعقل دوره الذي لا ينكر في الابداع الفني و أنه ليس ثمة إبداع فني دون فكر وعقل.
و الجانب العقلي من الإبداع يمكن أن يفسر بثمانية عوامل : فهناك أولا ما أطلق عليه جيلفورد بالحساسية للمشكلات، فالمبدع يكون أكثر قدرة للإحساس بوجود مشكلات تتطلب حلا، وهناك ثانيا عامل التنظيم أو إعادة التحديد، و المقصود به أن كثيرا من الاختراعات و الإبداعات قد نجمت عن تحوير أو إعادة تنظيم لشيء كان موجودا بالفعل، وقد لاحظ (ثيرستون) Thurstone أنه كثيرا ما ينحصر حل مشكلة ما في إعادة صياغة المشكلة نفسها، ثم حل المشكلة الجديدة، وكذلك اعتبر (ولش)Wolch أن القدرة على إعادة تنظيم الأفكار و إعادة ربطها بسهولة تبعا لخطة معينة تمثل أساسا جوهريا لكل أنواع التفكير الإبداعي، وهناك ثالثا عامل الطلاقة ويقصد به أن من لديه القدرة على انتاج على انتاج عدد كبير من الأفكار في وحدة زمنية تكون له فرصة أكبر إبداعية، و هناك رابعا عامل المرونة ويقصد به درجة السهولة التي يغير بها الشخص وجهة عقلية معينة، وهناك خامسا عامل الأصالة حيث تعتبر القدرة على انتاج أفكار أصيلة عنصرا أساسيا في التفكير المبدع ويشير العامل السادس إلى قدرات تحليلية وتأليفية، أي تحليل المركبات إلى بسائطها ثم التركيب بين هذه البسائط، و تنظيمها على نحو جديد مبتكر، اما العامل السابع فهو يشير إلى قدرة الفرد على التركيب و التعقد في البناء التصوري، و أخيرا يشير العامل الثامن إلى التقييم، فكل فعل ابداعي يتضمن عملية انتخاب، وهذه بدورها تتضمن تقييما، فمن الشروط التي لابد من توافرها لدى اي مبدع أن يعرف أي مشكلة وأي منهج ينتخب .
وأكد أهمية الجانب العقلي في عملية الإبداع (ماكينون) حيث الابداع عنده يعني القدرة على انتاج شيء جديد من عناصر قديمة من خلال عمليات عقلية، ولتأكيد هذا الجانب عرف كل من( تورانس ومايرز) الإبداع بأنه عملية إدراك الثغرات في المعلومات وتحديد العناصر المفقودة التي تؤدي إلى عدم التناسق، ثم البحث عن مؤشرات ودلائل في الموقف الذي يواجه الفرد و في المعلومات التي لديه، وصياغة الفروض لسد الثغرات، واختبار الفروض مرة اخرى.
واقعنا التعليمي يجافي الإبداع :
إذا تأملنا واقعنا التعليمي بعيدا عن ما هو مرفوع من شعارات، تبين لنا انه تعليم يعايش نظما عرفها الانسان منذ زمن قديم، قوامها غرفة الفصل ذي العدد من التلاميذ، و المعلم، و الكتاب، والسبورة ولم نفكر حتى بعد أن داهمتنا التحولات الكونية و ثورة المعلومات و الاتصالات، وبعد أن واجهتنا تحديات العولمة التربوية متمثلة في كيفية التعامل مع عالم الواقع و عوالم الفضاء المعلوماتي من خلال الوسيط الإليكتروني من شاشات العرض ووسائل الاتصال والتحكم وشبكات الإنترنيت، وضرورة تعامل الإنسان مع العوالم الخائلية التي يزخر بها الفضاء المعلوماتي وهي عوالم من صنع أنساق الرموز، لم نفكر رغم ذلك في تجاوز هذا النظام التقليدي.
إننا نربي أولادنا على ما قاله الآخرون، لا على مواجهة الأشياء ليستخرجوا بمشاهدتهم ومعالجتهم لهذه الأشياء معرف و حقائق كل حسب قدراته وإمكاناته، إن عليهم فقط أن يقرأو عن الأشياء ثم ليحفظوا ما قرؤوه، وفرق بين يتعلق بتكوين الفرد المبدع و تنمية قوى الابداع بين من اعتاد بالتعليم استخراج معرفته من معالجة الاشياء معالجة مباشرة، وبين من اعتاد أن يتجه بحياته العقلية و الفكرية نحو أن يستخرج معرفته من كلام الآخرين و ما قالوه عن تلك الأشياء ، حيث لا ابداع و لا جديد نتوصل اليه ولا ابتكار، وما زالت منهاج التعليم في بلادنا مكتظة بمادة تعليمية ضخمة، تقف الغاية من تعليمها على حفظ التلاميذ لها و ملء الرؤوس بها دون ان توظف في الواقع المعاش مما يهدد بضياعها.
وما زال تعليمنا في كل مراحله يركز على (ماذا تعرف ) لا على (كيف تعرف)، مع ان الانفجار المعرفي الذي نعايشه قد قلب الوضع، فأصبحت الأولوية للكيفية التي نحصل بها على المعرفة، وكيفية إتقان أدوات التعامل معها (كيف تعرف)، ال ماذا تتضمنه هذه المعرفة من معلومات وخبرات ومهارات، لأنها معرضة للنسبية، ومن جانب آخر لا تتوقف عملية اكتساب المعرفة عند حدود الإلمام بها، بل يجب أن تكتمل باستيعابها و توظيفها، فالعلم في عصرنا الحاضر هو توظيفه في المجتمع، والتعليم في عصرنا هي فن ممارسة الحياة في ظل بدائل هذا العصر العديدة و متغيراته الهادرة.
كيف يمكن أن يتأتى الإبداع الذي نعبر على جسره تاركين التخلف وراء ظهورنا، و كيف يمكن لعقل الإنسان المغربي أن ينشط و ان يقدم تجلياته و ابداعاته، ونحن نطلب ابنائنا في كل مراحل التعليم أن يكتبوا ما هو موجود بالنص و على نحو تقليدي، و نثبت في أذهانهم بكل ممارستنا التعليمية أن أي خروج عن مألوف الانموذج الواحد الذي تضمنه النص واشتمل عليه الكتاب معناه الخروج عن الصواب، و من ثم الفشل والرسوب.
إنه تعليم يخلق من طلابنا نسخا كربونية، و أنماطا متطابقة تفتقر إلى التفرد و الإبداع، و من يراجع منا إجابات الأوائل من تلاميذنا في مراحل التعليم المختلفة سيجدها نسخا كربونية، لا ابداع فيها و لا جديد، إنما الأمر استسلام لمقرر دراسي ثم تعاطيه كما هو، ثم استرجاعه يوم الامتحان، إنه تعليم يرسخ المسايرة والمواءمة، وفي ذلك قهر واستسلام لما هو موجود، والإبداع تجاوز لما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون، إنه نزوع صوب المستقبل، تشترك فيه تحقيقه قدرات عقلية متميزة، وإمكانات متواصلة، ومواهب شتى، وخيال خصب فعال، وأساليب تفكير نقدية، وروح فكرية تتسم بالتسامح وانفتاح العقل على الخبرة والحياة.
لقد أثمر التعليم في عقولنا وعقول أبنائنا من بعدنا أحادية الرؤية في تفسير الأحداث والدوافع الإنسانية الكامنة وراءها، و التلميذ يتعلم لدينا ان الأشياء لديه إما أن تكون خطأ أو صواب، ولا مكان لمنزلة بين منزلتين، والمواقف من هذه الاشياء إما الرفض وإما القبول، مع تجاهل احتمالات التعامل المرن، والتسليم للزمن بحقه في توضيح الرؤية أو تنضيج الحلول، و الأشخاص إما خصوم أو أصدقاء، إما أعداء أم أولياء، وفي كل الأحوال لا مكان لحسن النية و كرامة الاجتهاد عندما يكون التعامل مع الآخرين من موقف الاختلاف في الرأي و التباين في تقدير الظروف.
و التحدي الحقيقي الذي تواجه التربية في مجتمعنا المغربي: كيف تعد التربية الإنسان المبدع..؟، وكيف تنمى قوى الإبداع في الأفراد لإحداث التغيير المطلوب، وكيف تعد المجتمع للتعامل مع متغيرات عصرنا بيسر وكفاءة و من مستوى عقلي رفيع؟ لقد سبق أن ذكرنا حقيقة أن الناس مبدعون بطبيعتهم طالما امتلكوا العقل و القدرة و الاستعداد، والطاقات التي يملكها الطفل أكبر مما نتصور بكثير، و أن في مقدور التربية أن تنميها و أن تغنيها و ان تغل منها الكثير، و أن تجعل من الطفل انسانا مبدعا عالما او أديبا أو فنانا، و ان تفجر روح الإبداع فيه، وبهذا ينتظم المجتمع في ركب الحضارة المعاصرة يسهم في صناعتها، ذلك ان الإنتاج الحضاري هو في آخر الامر ابداع فردي يقوم به أفراد المجتمع، ومن هنا يأتي أهمية الجهد الذي تبذله التربية في اعداد المبدعين أو ذوي القابليات للإبداع، وفي اكتشاف المواهب و تجليتها و تنميتها، وتهيئة اجواء الإبداع.



#محمد_جواد_سيفاو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح كمدخل علمي و اجرائي في لتربية و التمكين
- تحصين الموهبة و التفوق أساس التقدم الإجتماعي الجذري
- موت مؤسسة المدرسة بين الوهم و الحقيقة


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد جواد سيفاو - التربية وصناعة الإبداع... أوهام يجب التحرر منها