أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - -بين بحرين”: بحر الظلام وبحر النور














المزيد.....

-بين بحرين”: بحر الظلام وبحر النور


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6385 - 2019 / 10 / 20 - 12:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"شَهد"، طفلةٌ جميلة مثل "الشَّهد". ذكيةٌ متفوقةٌ. بالكاد غادرت حقلَ الطفولة، وتطرقُ على استحياء بابَ الصَّبايا. تحلمُ أن تصبح طبيبةً لتُخفِّفَ أوجاعَ أبناء حارتها الفقراء. في وقت الواجب المدرسي، تنزعج أمُّها "زهرة" من رداءة خطّ يدها. لكن "شهد" تُبرِّرُ بأن تلك سمةُ العباقرة والأطباء . ولكن أمها تُصِّر أن تُحسِّنَ البنتُ خطَّها، حتى تكتملَ دائرةُ الحُسن في الصَّبيّة الحلوة، وإلا لماذا أسمتها “شهد”؟! وتلاطفُ البنتُ أمَّها بأنها حين تكبرُ ستنجب طفلةً تُسمِّيها “زهرةً” على اسم أمَّها الغاليا. لكن " شهد" لن تكبرَ لتنجب "زهرة"، ولن تجد الوقت لتحسِّنَ خطَّ يدها، ولن تسمح لها الحياةُ بفضّ ضفيرة المدرسة لتطرقَ باب الجامعة وتغدو طبيبةً. الطفلةُ ستظلُّ إلى الأبد طفلةً، لا تبرحُ طفولتَها بل ترافقهاا إلى القبر، الذي اختطفها من عرائسها وأقلامِها وكرّاساتها. انتزعها الجهلُ من حضن أمّها. وقصفَ عمرَها البطشُ الذكوري الذي يربطُ بين "عِفّة" الفتاة ببتر الجسد بالختان!
تمَّت الجريمةُ بترتيب الأب والجدّة البسيطة التي ترى أن "كمال" المرأة في زواجها المبكّر، وليس في تعليمها وبناء عقلِها، وامتلاك ناصية قرارها. تمّت الجريمة بعيدًا عن عيون "زهرة" الأم المثقفة، رغم تعليمها البسيط، التي كانت ترجو لبناتِها العلمَ الذي لم تتمكن هي من تحقيقه لنفسها.
ألقت بنا الدراما في جحيم الوجع على زهرةٍ صغيرة قُطفتْ قبل أوانها، وعلى "زهرة" كبيرة انتُزِعت زهرتُها الشَّهدُ من بين أصابعها عُنوةً في لحظة جهلٍ وشراسة، ليتلطَّخ الجسدُ النحيلُ بنزيف دماء رافقاها حتى القبر. ويبدأُ الصراعُ الشرسُ "بين بحرين". بحر الظلام والجهل والموت، وبحر النور والتحضُّر والحياة.
فيلمٌ جميل أنتجه "المجلس القومي للمرأة"، بالاشتراك مع "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، مع سفارة اليابان بالقاهرة. كتبته الجميلة "مريم نعوم"، وأخرجه "أنس طلبه"، وجسّدت شخصياتُه مجموعةٌ من الشباب النجوم: فاطمة عادل، محمود فارس، يارا جبران، ثراء جبيل، عارفة عبدالرسول، لبنى ونس، وغيرهم. وحصد الفيلمُ عديدَ الجوائز من مهرجان "تازة" بالمغرب ومهرجان "بروكلين"، ونقابة المهن السينمائية بالإضافة إلى جائزة "نوت" لأفضل فيلم يناقش قضايا المرأة في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، حيث عُرض لأول مرة.
بدعوة طيبة من د. مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، ذهبنا أول أمس لمشاهدة الفيلم في العرض الخاص. ولم تكن مأساة "شهد" و"زهرة" هي الأخيرة في تلك الدراما الثرية. بل قدّم الفيلم بانوراما حيّة لنماذج متباينة للمرأة المكسورة بنصل التنمّر الذكوري في المجتمعات العشوائية. ولم يغفل الفيلم تقديم نموذج المرأة "الأمل"، التي حاربت الجهلَ بالعلم. طبيبةٌ مثقفة ترفض إجراء عمليات الختان للطفلات، وتدفع مقابل رفضها تعرضها لعنف أبناء حارتها. أكملت الرحلة التي لم تقطعها المغدوة "شهد". فتخرجت في كلية الطب وناقشت الماجستير والدكتوراه، وأقنعت حبيبَها الضابط بحتمية إكمال رسالتها. وكان داعمُها وصخرة قوتها كان والدها المثقف البسيط الذي آمن بأن "عفاف" ابنته في عقلها، على عكس والد شهد، الذي قتلها دون قصد، ثم قضى بقية عمره يبكيها. ثم نجد نموذج "سُميّة" ضحية زوجها الفظّ الذي يضربها ويُهينها، لكنها في الأخير تتخلّص من ضعفها وتتعلم حِرفة ترتزق منها وتنجو من الزوج الشرس. ثم نُكمل قوس الدراما مع الثكلى "زهرة" التي سخَّرت أحزانَها على ابنتها المغدورة في استكمال رسالتها وحماية ابنتها الأخرى من نصال التومرجي الجهول الذي قصف عمر ابنتها، ليقضي بقية حياته وراء القضبان. وفي خلفية الأحداث نجد "إمام المسجد" العجوز الجاهل الذي يُسيء تفسير آيات الله لتتفق مع أهوائه الذكورية الباطشة. ثم يحلُّ محلًّه داعيةٌ شابٌّ مثقف بتعيين من وزارة الأوقاف؛ لتبدأ رحلةُ التنوير حين يبدأ أولى خُطبه في صلاة الجمعة بدعوة الناس إلى تنفيذ أول أمر كتابيّ أمرنا به اللهُ في قرآنه المجيد: “اقرأ".
هنا يضعُنا الفيلم أمام رسالة "التنوير" التي ترجو مصرُ ورئيسُها أن تغدو نهجًا منيرًا لمصرنا الجديدة وشعبها. إعادةُ بناء العقل المصري وتخليصه من أدران الظلام التي تقصفُ أعمارَ الزهور، وتسحقُ المرأةَ، وتقوِّض المجتمع، وتُبيدُ الحضارة. رسالة الفيلم حاسمة: "عفافُ" المرأة يبدأ وينتهي عند "عفاف" عقلِها وبناء منظومة ثقافتها. العقلُ هو الذي يحمي الجسدَ من الزلل. العقلُ النظيفُ هو الضامنُ الأوحد لنظافة الجسد، ونظافة المجتمع بأسره. بناءُ عقل الطفلة المصرية، والفتاة، والشابّة، والمرأة، هو أقصرُ السُّبل وأقواها لبناء مصر الجديدة التي نحلمُ بها.
تحية احترام لصُنّاع هذا الفيلم الثريّ، وللمجلس القومي للمرأة الذي يجتهد للحفاظ على كرامة المرأة المصرية وتثقيفها وبناء عقلها على القيم الرفيعة، ومحاربة كل العادات الظلامية التي تُهين جسدها وتُظلم عقلها وتكسر روحها. ودائمًا "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف عشتُ طقسَ -الحلول- مع فرجينيا؟
- سانت كاترين: متخافوش على مصر
- اللواء باقي زكي يوسف… كاسر أنف صهيون
- أيها الخائنُ … أيها النبيل!
- يوم من أيام مصر الجميلة... تحيا مصر يسقط كل عدو لمصر!
- مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال
- أن نكون شوكةً في ظهر مصر!
- خالد جلال … يستعيدُ ذاكرةَ (نادية)
- صَهٍ … إن مصرَ تتكلّم!
- اعترافات أجدادي العِظام … السَّلفُ الصالح
- ماعت التي ما ماعت ... في صالوني
- جهادُ المصريين ضد الجهل والطائفية والإخوان
- كانوا وسيمين … كنّ جميلات!
- عنصريةُ اليد اليسرى!
- ابحث عن نسختك الأجمل
- الراهبُ … البون بون … الأخلاق
- فولتير على القومي… يحاربُ العنفَ بالبهجة والتفاؤلتي
- فولتير على القومي… يحاربُ العنفَ بالبهجة والتفاؤل
- بناءُ الإنسان في مصر
- المهرجان القومي لأبي العظماء السبعة


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - -بين بحرين”: بحر الظلام وبحر النور