أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لخضر خلفاوي - الجزائر: لعبة شد الحبل بين السلطة و الحراك .. وضع إنسدادي مفتوح على كل السيناريوهات !















المزيد.....


الجزائر: لعبة شد الحبل بين السلطة و الحراك .. وضع إنسدادي مفتوح على كل السيناريوهات !


لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 6384 - 2019 / 10 / 19 - 04:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


‎ بدأت تتدعم فكرة اشتمامي لروائح محتملة لـ الخداع من قبل " وكلاء النظام" الذي طرده الشعب من خلال مسيراته السلمية منذ الوهلة الأولى عندما انشق أهم عنصر كان ضمن طاقم " البوتفليقية و السعيدية و الحدادية و الأويحية، و السلالية ـ ربي يعطيهم السل و الجراد و القمل داخل سجنهم دون نسيان البَن ـ يُونسية، البوشاربية الخليلية الخلانية العصابية " و هو " القايد صالح" الذي كان أنذاك يشغل منصب نائب رئيس وزير الدفاع و مازال هُو هُو؛ القائد ـ الأعظم للجيش الوطني الشعبي ـ .. و تخميناتي من خلال عدد من السيناريوهات في المقالات الأولى في بدايات الحراك .. على عكس بعض الرافضين من النشطاء الافتراضيين و بعض الحساسيات السياسية المعارضين جملة و تفصيلا لبقاء رمز واحد من النظام الفاسد المجرم السابق ( أين ذيوله و مسوخه و نفاياته البشرية مازالت حد الساعة منتشرة في قلب المجتمع الجزائري على قفا من يشيل هذه الزبالة السياسية )و قلت و كتبت يجب على الجزائرين أن يصبروا ما دام المنشق عن العصابة أو التائب من جرم ـ عدم تحريك قبل سنوات خلت أي ساكن كالنهي عن المنكر الذي يرتكب في حق الشعب و خيراته على مرأى عينيه؛ ربما كان الرجل ينتظر من الشعب أن يقوم بثورته حتى يكون سببا تاريخيا و حجة تعطيه القوة للإعلان عن عدم رضاه بما كان يجري و أنه جنرالا ، قائدا أعلى للقوات المسلحة مخلصا محبا لوطنه كان ـ يكتم إيمانه بقضية الشعب الجزائري ـ و لما منحه الله الأسباب و الشعب فرصة الإنتفاضة عجل بميلته السريعة إلى صف الحراك و أيده و نادى بإحترام إرداته، مؤكدا بأن الشعب الجزائري هو مصدر كل السلطات و التشريعات و انطلقت من خلاله عمليات ـ منجلة رؤوس الفساد ـ و انقلب على زمرتهم و أطاح بهم رأسا رأسا و مازلات العنلية مستمرة. من هذا المنطلق كنت أحاول أن أقنع نفسي بالمنطق أن عدوّ عدونا هو بالضرورة صديقنا، أي الذي استطاع لأول مرة في التاريخ الجزائري المعاصر منذ الإستقلال أن يختلق جوا من القصاص السريع ضد المفسدين و يطبق في الميدان و يفعّل دور العدالة النائم منذ انتزاعنا الحرية من الإستعمار الغاشم جدير بمحاولة فهمنا يستحق مساعدته و تأييده على استمرار حملة " التطهير" ضد المفسدين"، لا أحد يمكنه أن يجزم لحد الساعة بأن توبة " الصالح" هي توبة ميكيافيلية ماكرة لكسب الوقت و إعادة تشكيل نظام جديد و ذلك بتحييد كلي للرؤوس التي كانت و كادت تسبب له خطرا في البقاء على رأس الدولة و لا أحد يستطيع الجزم بأن " الصالح" استغل الفرصة التاريخية للإعلان عن صدق نواياه التي كانت مكتومة تجاه مصير البلد و باستيقاظ الشعب الجزائري من سباته الذي دام 4 عهدات كاملة و كان من المفروض عليه أي ( الشعب) استباق الأمور و الحد من النزيف منذ الترشح للعهدة الثانية أو أقصى تقدير للعهدة الثالثة؛ هذا إذا كان يعتبر نفسه مصدرا للسلطة و التشريع، علي الشعب إذن أن يلوم نفسه قبل لوم تأخر : القايد " في ثورته على الفساد!. إلا أن بعض نداءات الحراك ميدانيا و افتراضيا مازالت في مجملها تصب في " المطالبة برحيل القايد صالح" و الحد من التدخل في شؤون البلد سياسيا و الذي عمل منذ سطوع نجمه بعد ـ حبس و تحييد ـ خصومه و أعدائه من السياسين و قوى داخلية من إطارات الجيش. هذا الأخير الذي ازداد تحكما في رسم معظم الخطوات في حلقات مسلسل الجزائر بعد الإطاحة ببوتفليقة و زمرته الظاهرة للعيان. المعادون المعترضون على نية " سلطة الأمر الواقع" أي قيادة الجيش الحالي يرون بتخوف شديد أن " النظام" القديم لم يستقيل بعد و جارية بشكل مكثف عمليات إنعاشه و إنقاذه و ما زال يؤدلج و يبرمج و على قدم و ساق لإتمام التفاصيل الدقيقة للكشف عن وجهه و ما اعتقالات و حبس و متابعة رؤوس كبيرة و مسؤولين إلا حربا داخلية لنظام الدولة العميقة و تسريع موعد الإنتخابات الرئاسية من خلال استعمال وجوه بوتفليقية المعروفة ( بن صالح و بدوي و غيرهم )؛ أي رئيس غير شرعي و حكومة ليست شرعية مرتبطين جميعهم أساسا بالنظام الفاسد. في ذات الوقت الحراك كتنظيم عفوي سلمي منذ فيفري من السنة الجارية لم يقترح و لم يفرز شخصيات و لجان ذات مصداقية للتشاور مع " هيئات تصريف الأعمال التي فرضها الجيش للإبقاء على ديمومة المؤسسات و اجتناب انهيار " الدولة" مع تعميم أو تفشي الفوضى و القانونية الدستورية. عمليا كما قلنا و تقنيا لا يمكن في ظل هذه الظروف أن نسارع في إجراء إنتخابات حرة و نزيهة و شفافة برزمة " المطالب و الشروط الحراكية" ، إما أن تؤجل الإنتخابات إلى أبعد تاريخ ممكن و هذا ـ ليس معقولا عمليا ـ و إما على الحراك أن يقدم البديل المضاد لإملاءات سلطة الأمر الواقع، لا يمكن أن نتعنت و نندد و نهدد بعدم الذهاب إلى هذه الرئاسيات المزمع عقدها في الـ 12 ديسمبر 2019 و نعجز في الخروج بهيئة قيادية منتقاة و مُستفتى عليها بإجماع من قبل الملايين من الجزائريين الموجودين في ساحات التظاهر في كبريات المدن و العاصمة الجزائرية؟! ما سبب هذا العجز في عدم تقديم شخصيات و مرشح نابع من قلب الثورة السلمية الحراكية، أو أن المعضلة أكبر بكثير مما نتصور و أن الحراك في حد ذاته منقسم إلى فرق و فصائل و اتجاهات معاكسة و لن يستطيعوا على الاتفاق بإجماع اختيار من يقوم مواجهة " القايد صالح و حكومة بدوي " و يقول لهم : كفى ، باسم الشعب ، نحن الممثلون الشرعيون لحراك الشعب الجزائري و هذه " خارطة طريقنا" و هذه رزنامتنا و مخططنا الرامي إلى ترسيم هيئات مستقلة تشرف بشفافية و نزاهة على تنظيم في أقرب وقت حسب الظروف المتاحة إنتخاباتا رئاسية و من ثمة محلية و تشريعية حسب المواقيت المحددة و المبرمجة، لماذا منذ فيفري 2019 لم يجرؤ أو لم يفكر " الحراك" في هكذا موقف، عدا تضييق مستوى النقاش و غرس رأسه في الرمل في مسألة تقديم شخصية أو هيئة توافقية نابعة من الحراك، فقط الإستمرار في التنديدات باعتقالات بعض الأشخاص و سجناء الرأي و الراية " القبائلية" و " لخضر بورقعة" الذي لا يأتيه أبدا الباطل من بين يديه و لا من خلفه بحكم أنه مجاهد من صحابة ( المجاهدين) رضيت وزارة المجاهدين عنهم بميزانياتها المهولة دون فائدة تنموية تذكر منذ الإستقلال . المجاهدين هم فوق " كل القوانين و الإجراءات!"
*
‎ هل صار " القائد الأعلى للجيش" رئيسا و قائدا أعلى البلاد بحكم الظرف الإستثنائي، هو ليس بسؤال في الحقيقة، لأنه استفهام استنكاري.. في بلد ديمقراطي متقدم في العالم الغربي لا يمكن تصور أن قائدا عسكريا يمسك زمام الأمور السياسية برمتها أسبوعا واحدا و يعطي توجيهات و خطابات و تحذيرات و يتصرف بصفة الآمر الناهي الأول و الأخير علما طيلة أشهر دون أن يكترث للعواقب. (إلى أن يثبت العكس) ؛ كأن أعلى هرم السلطة العسكرية تريد فرض صفقة على الشعب و رؤوس (الملعونين من قبله و المرفوضين جملة و تفصيلا ) هي ـ عربون ـ أو مقابل صمت الحراك و توقفه عن الرفض المطلق و الحد من النداء بضرورة " كنس" أو تطهير الدولة من الفاسدين إلى آخر جرثومة نظامية للنسخة القديمة الفاسدة. هل يريد " القايد صالح" عدم التفريط في صفة أقوى رجل في الدولة. ما نلاحظه أن لهجته تزداد يوما بعد يوم حدة و وعيدا و بشيء من الثقة بالنفس يرى أنه " وضع الجزائر على السكة السليمة ، و صار يخوض بشكل دوري في الأحاديث السياسية. و نرى صورته و تحركاته أول بأول في كل النشرات المسموعة و المرئية و المكتوبة التابعة للنظام .. فتمرر أفكاره المدافعة على أنشطة و برناج رئيس و حكومة غير شرعيين ( حتى لا ننسى) و ذلك بعد إقالة كل المسؤولين عن هذه المؤسسات الإعلامية الرسمية السابقين و تعويضهم بوجوه ولائية أو موالية لسلطة " الأمر الواقع" ، و تحوّل القايد صالح في الأسابيع الأخيرة بفعل هذا التجنيد الإعلامي الحكومي من مُنحني أمام حراك الشعب إلى شبه معارض لـما يصفهم بـ " الشرذمات و المشككين و أهل الفتنة و باثي البلبلة " و التضييق على الراغبين في الإلتحاق بالمسيرات و المظاهرات الأسبوعية بالعاصمة و ذلك بوضع الحواجز بهدف محاولة عزل العاصمة من عواصف جماهيرية تريد انضمامها للحراك العاصمي بحكم قربها من مؤسسات و أبنية " السلطة المركزية" إلى جانب هذا ، ضعف و ارتباك و تردد ما يسمى بالصحف الخاصة أو التي تتدعي الإستقلالية . الظاهر للمشهد في الجزائر ينذر بأن النظام السابق رغم تضحيته بوجوهه التي أفرطت في الفساد استطاع بل أبدع تنظيمها في خلال 8 أشهر في صناعة "هبل جزائري جديد" بعد موت الكفر أو إزاحة نصب أو تمثال "لاَّت بوتفليقة" التي كانت لا تسمع و لا تتتكلم و لا تتحرك! يقول سائل حائر: " أن كل شيء مخدوم" ! يعني كل شيء تم ترتيبه فقط لا ندري متى تنتهي مسرحية شد الحبل بين ممثل الدولة العميقة و الحراك. العيب أو المعضلة أن الحراك صار شبيه بالنزهة الأسبوعية دون تقديم البديل الثقيل و إقامة الحجة على مؤسسة الجيش أو الفريق الذي يريد استبدال بدلة بوتفليقة ببدلة أكثر ملاءمة للخداع لإنهاء ما تركه فريق العصابة المسجونة ( كبش فداء) و أضاحي " ظرف" محتوم من أجل إعادة ترتيب الدولة العميقة ....!
‎ السياسة الجزائرية لا يمكن لأي خبير في العالم فهمها! فلو أعيدُ قراءة كل تحليلاتي السابقة أجدني في خانة أو وضع المتريث أو الغير متأكد من "ما ورائيات" الترتيبات التي تحاك في الخفاء و ذلك قصدا مني و وعيا بعدم استباق الأحكام ... لأن الجزائر هي البلد الوحيد المنفتح على كل التوقعات و الاحتمالات. الظروف السياسية و هكذا أزمات قد تفرز مفاجآت سارة أو كارثية بين عشية و ضحاها . من بين السيناريورهات المتوقعة: أن القايد صالح قد لا يستمر في خطة ضمان الوصول بمنجله إلى مآربه. أو أن الحراك سوف يفشل أو ينجح أيضا .. فمن يضمن أن القايد صالح سيبقى حيا يرزق ؟ من يضمن أن بقايا و مخلفات و أذناب الدولة العميقة من أصدقاء و أوفياء العصابة المسجونة من وزراء و ألوية عسكرية و إطارات سامية في الادارة و الجيش سوف تنتقم لهم بحكم أنها مازالت حرة طليقة و قد تنجح في محاولة أخيرة ما أحبطه القايد صالح و هو الإنقلاب؟ فهل يفرح أولئك الذين يطالبون برأس القايد صالح على صفحات الإفتراض و منابرهم !؟ و قد يكون الانقلاب على سلطة المنجل بأشكال عدة يختارها من لا يرتاح إلى وجود قوة رادعة أو قوة مضادة، و القوى الرادعة و المضادة ليست بالضرورة قوى شريرة ظالمة شمولية أو قوى ديمقراطية مدنية سلمية فالردع يعتمد على درجة قوة " التمركز و السيطرة على الوضع" .. القوة الرادعة هي روح حرب المواقع ! أهل الإنقلاب على هذه المؤسسة يضمن بقاء بعض وجوه العصابة الرئيسيين" في السجن و إتمام ما شرعت فيه سلطة المنجل و العدالة في متابعة فلول الفساد الطلقاء حتى اليوم ، أو سيتم الصفح عنهم و يُطوى الملف بدواع و أعذار ستختلق فيما بعد و يصبحون طلقاء بيننا ؟! هل يوجد شيء يُخاف عليه من قبل من خسر كل شيء أقصد "عناصر العصابة" و قد استطاعوا في السابق على تجويع الشعب و اعتبروه كلبا يجب تجويعه حتى يذل و يتبعهم و يطلب رحمتهم و نهبوا أمام أعينه جهارا نهارا خيراته قادرون على إضرام فتيل الحرب و النار الشاملة و خلط أوراق البلاد و الزج بمصير الملايين نحو المجهول ! هل هذا " الحراك" قادر على الحفاظ على مكاسبه منذ فيفري 2019 و الحفاظ على أمن و استقرار البلد و قطع الطريق أمام " الفاسدين" في السجن و الطلقاء إلى جانب العدالة دون تدخل ورقة الجيش؟
*
‎ـ لا ننسى وللتذكير أن أهم عنصر فجّر الحراك الجزائري السلمي كان مجمله الرفض لترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة، خرج الشعب بمليونيات أسبوعية الجمعة ، الأولى و الثانية و الثالثة و لما رأت السلطة بأن الشعب مصر بعدم السكوت على مهزلة " العهدة الخامسة" أُجبرت على إعلان وفاة " إمبراطورية بوتفليقة " و انتصر الشعب بكل جدارة في شوطه الأول و رهانه في التصدي للفساد ، ثم استمر بشهية كبيرة ( الشعب) من خلال الحراك على نفس الوتيرة ليطالب بتنتحية كل رموز الفساد بإعلاء شعار " يتنحاو قاع " أي طرد الجميع من رموز وكر الدعارة السياسية التي مورست على الجزائريين طيلة عقدين من الزمن ! و بدأت أشواط أخرى تخللتها مناورات و محاولات إنقلاب على الشعب و المؤسسة العسكرية و حاولوا توريط اليامين زروال في ذلك ، لكن العُشب قُطع من تحت أقدامهم لأن أجهزة الدولة مازالت يقظة و منه أشهرت " سلطة الأمر الواقع" منجل " الحجج اللامنتهية " في الإطاحة بخصومها و سجنهم و منه بدأ يظهر قائد الأركان في صورة المؤيد للشعب المخلص و الحامي لإرادة الحراك و مطالبه .
*
‎لو عدنا إلى سنتين إلى الوراء و طرحنا سؤالا إفتراضيا وحيدا في الفاتح من أفريل 2017 على المطبلين و المهرجين و المعاراضين و المؤيدين بكل أشكالهم في بلاتوهات القنوات التلفزيونية الفضائية الداخلية و الخارجية و على صفحات الإفتراض الزرقاء و الصفراء و على كل المختصين و ما يسمون بالإختصاصيين في الشأن الجزائري و المحللين السياسين و لو حتي قمنا باستفتاء شعبي على نص هذا السؤال:" ما دمتم كلكم تريدون دولة مطهرة من الفساد هل تتمنون في الأسابيع القليلة القادمة المقبلة "إقالة بوتفليقة و إنهاء مهامه و مسشاره شقيقه سعيد، و إدخاله السجن و رفاقه من العصابة كأويحيى و سلال ، و وزير العدل و علي حداد و لويزة حنون و و غيرهم و الحكم عليهم بأحكام تتراوح بين الـ 20 سنة و 15 سنة بتهمة الخيانة و التآمر على الدولة و الشعب الجزائري وإثارة البلبلة و ملاحقة خالد نزار و نجله مع الحكم عليهما غيابيا بعشرين عاما و إصدار مذكرج توقيف دولية للقبض عليهما و توقيف النائب عجل البحر السيد "طليبة"؟ طبعا أكيد سوف تكون ردة الفعل لهؤلاء بالسخرية و اعتبار السؤال مزحة " نيسان" أو اعتبار السائل أو المخمّن مريضا عقليا أو مستخفا بعقولهم؛ لأنه استعمل أدب الخيال العلمي السياسي و أسقطه علي المشهد الجزائري بحكم أنه من المستحيلات أن نتخلص من هكذا شخصيات في عشية و ضحاها و في أسابيع قليلة ؟! و مع ذلك بعيدا عن الخيال العلمي فإن كل هذه الوجوه المذكورة و التي لم نذكرها قابعة في السجن و محكوم عليها ومنهم من ينتظر ! المصادقة على قانون المالية لعام 2020 و قانون المحروقات و التعجيل في إصدار قوانين موازية من قبل هيئات غير دستورية لا شك أنه مدعاة للريبة و التخوف أكثر من مصير أحلك عندما تظهر السلطة الحقيقية على وجهها حسب مخاوف المعارضين للإنتخابات المبكرة و المطالبة بعدم خوضها الإستفتاء " المفبرك " و مقاطعتها له دون تقديم البديل عدا مطلب " تتنحاو قاع!"
‎ـ لا شك أن سلطة " الأمر الواقع" تريد فرض هذه الإنتخابات بشكل أسرع و كأنها تريد إيجاد شرعية دستورية مفروضة لتطبيق باقي برنامجها و مشروعها للتحكم الأمثل و الأضمن في زمام الأمور و عودة أدوات التحكم في مصير البلاد مجددا دون الإنصات الفعلي لمطالب الشعب التي توسعت من رفض العهدة الخامسة و رفض ترشح " جثمان بوتفليقة " إلى رفض جملة الإنتخابات في ظل هذه الظروف التي يراها المتكلمون بإسم الحراك ليست مواتية ما دامت شروط المطالب لم تتحقق و أهمها حوار وطني موسع و شامل لإيجاد أرضية توافقية وطنية طبعا بعد تنفيد أهم شرط " رحيل الجميع" َ .. و قد وقعت 19 شخصية وطنية في اليومين الأخيرين كما تفيد الأخبار لائحة تطالب فيه السلطات " الإنتقالية" الظرفية بإلغاء إنتخابات كانون الأول و الاستعداد بشكل جدي لقبول ورشة " الحوار الوطني الصحيح" .. حسب صحيفة " العربي الجديد " شخصيات البيان طالبت المؤسسة العسكرية التي تملي خارطتها الخاصة على هيئات تصريف الأعمال رئاسة و حكومة بـ (التوقف عن المكابرة السياسية ومحاولة فرض الإنتخابات بالقوة، مطالبة بتنفيذ عاجل لتدابير التهدئة والإفراج عن الموقوفين السياسين و الإمتثال لمطالب الشعب برحيل كلي لرموز النظام من السلطة. ) و تحمّل ذات الشخصيات السلطات الإنتقالية و قيادة المؤسسة العسكرية من مغبة الإستمرار في العناد و عدم الإستماع لمطلب الحراك الواضح:" لا إنتخابات قبل تنفيذ تدابير التهدئة و الإفراج اللامشروط عن سجناء الرأي كما وصفته. تذكر المصادر أن الوزير السابق الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي هو صاحب المبادرة و يوجد أحمد بن بيتور وزير الحكومة في عهد بوتفليقة كموقع و منظم للائحة الإبراهيمي فيما تذكر مصادر بإنسحاب كل من المحاميين و الحقوقيين المعروفيين في آخر لحظة و عدم توقيعهما للائحة الإبراهيمي و هما علي يحيى عبد النور و الأستاذ مصطفى بوشاشي فمالذي دفع بهما إلى الإنسحاب في آخر لحظة و تضمنت اللائحة نقاطا أساسية معروفة منذ رحيل بوتفليقة ومجملها :"
‎1_الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي برحيل رموز النظام والقضاء على منظومة الفساد بكل أشكاله.
‎2_إطلاق سراح معتقلي الرأي فورا وبدون شروط من الشباب والطلبة ونشطاء الحراك.
‎3_احترام حق التظاهر السلمي المكفول دستوريا،وعدم تقييد حرية العمل السياسي.
‎4_الكف عن تقييد حرية التعبير لاسيما في المجال السمعي البصري العمومي والخاص.
‎5_رفع التضييق على المسيرات الشعبية السلمية وفك الحصار عن العاصمة.
‎6_ إيقاف المتابعات والاعتقالات غير القانونية ضد الناشطين السياسيين.
‎7_ دعوة كل الأطراف المؤمنة بهذه المطالب إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول.
‎بناءا على كل هذه المعطيات فإننا نلحظ بشكل ملفت ـ إنسدادا ـ سياسيا خطيرا و لا اعتقد بأن سلطة الأمر الواقع المسؤولة الوحيدة، فالكل شركاء و الحراك يتحمل نصيبا أكبرا و ذلك بانشغاله بالصراخ و الهتاف في أزقة و ممرات و ميادين العاصمة و المدن الكبر و فَاَتُته ـ أي الحراك ـ فرصة تنظيم نفسه بشكل سياسي مقنع و ندي للسلطة التي يراها خصما و ليست مؤيدة لمطالبه .
‎بدلا من التنديد و الإستنكار ضد الإجراءات المعرقلة ـ افتراضا ـ عن نية مبيتة أو تحسبات وقائية أمنية ـ للإلتحاق بالحراك العاصمي الأسبوعي من الولايات الأخرى المجاورة و البعيدة ؛ لماذا هذا الحراك لا يركّز على حركته و ثورته في تحقيقها و تجسديها ميدانيا و جواريا أسبوعيا بمليونيات ولائية ، أي كل ولاية تنظم حراكها دون الضغط على العاصمة؟ إذا كنا نؤمن حقا بلا مركزية القرارات و توسيع فضاء الإستفتاء الميداني الجماهيري الرافض لاستمرار كل رموز الحكم السابق ، ما قيمة التجمع في العاصمة و ترك ربوع الوطن ، أليس من الأفضل و أجدى أن تهتز الجزائر أسبوعيا بثورة سلمية في 48 ولاية ؟! متى تتغير عقلية الخلط في مفهوم العاصمة و البلد ككل . ماذا نفعل بالجزائر العميقة و تحسيس كل المواطنين ميدانيا ليس بثا مباشرا من قنوات العاصمة. الجزائر ليست "العاصمة" بل هي تراب متكون من : 553 دائرة، و1541 بلدية.. فما محل هذه الدوائر و البلديات من إعراب لغط و إملاءات العاصمة في حراك عفوي انطلق في بداية السنة الحالية؟!
‎لو أعاد الحراك منهجية الثورة السلمية بإعادة تموقعها و توزيعها وطنيا لتجديد النفس دون ملل و أسبوعيا في كل ربوع الوطن، لا شكّ أن الصدى سيكون أكبرا و سوف يضعف قِوى و صمود الدولة العميقة الماكرة التي يبدو أن همها الوحيد هو كما قلنا مرارا الهروب إلى الأمام بأسرع ما يكون وفرض نسخة مجددة لنظام سابق ، فما قائمة المترشحين الحاليين لخير دليل بأن معظمهم أبناء نظام هذه الدولة العميقة كلهم أبناء هذا النظام؛ لأنه سوف تنتصر قوى الشعب العميقة و هذه القوى لا تُرى في العاصمة و لا في صفحات الإفتراض و لا في " الصحف الصفراء فهي موجودة إن لم أقل موؤودة بفعل التهميش و التسيب و الإهمال لانشغالات المواطن بأعين الأمكنة في مساحة تقدر بـ 2,382 كم²
‎ـ لكن حتى نكون واقعيين من الصعب محو آثار 57 سنة تزوير و سوء تسسيرو انقلابات و خيانات و إهمال و استهتار بمستقبل الأجيال منها 20 سنة الأخيرة خصصت لرعاية عوائل العصابة و أهلهم و للهدم و إهدار و تخريب إقتصادي لا مثيل له تجاوز حتى علم الخيال.
‎ نأمل أني على خطأ و الحراك علي صواب و أن الأمر ليس كما أراه غير واقعي و تجاوز حدود الحلم في مسألة رحيل الجميع مقابل القبول بإنتخابات و استئناف الحياة الدستورية المؤسساتية .. لا أحد يأمن شرور خونة الداخل و أعداء الخارج فنخسر إذا قدر الله مكتسبات ما بعد العشرية السوداء و ما بعد حراك فبراير 2019. و ربما نعود إلى ما قبل الصفر.. الوضع حرج و جلل و عظيم، فوالله لو مُنحت أو وزعت إستمارة " استفتائية" علي هذه الملايين في كبريات المدن و لكل من يتشدق بحرية التعبير و من ركب الحراك لمآربه الضيقة و المتباهون بمعارضتهم للسلطة الحالية فيوقع الشخص الحراكي إصراره على عدم إجراء الإنتخابات و ترك الأمور " معلقة" إلى غاية إمطار السماء بشروط ترضي الجميع و أهم شرط الإستمارة الإستفتائية عزل المؤسسة العسكرية من الملعب السياسي و يوضع في "الإستمارة الإسمية " أي ذكر الإسم و اللقب مع التوقيع أدناه مع ملاحظة يحصن دستوريا كل مستفتي : " أنا أضمن ـ من خلال هذه الإستمارة الإستفتئية ـ أن الجزائر سوف تصبح بخير و في أمان بإنسحاب المؤسسة العسكرية و الإلتزام بحيادها و عودتها للثكنات و ترك المجتمع المدني بكل حساسياته يقوم بترتيب و تنظيم كل الأمور المتعلقة بالإنتقال السلس الديمقراطي من نظام بائد إلى نظام جديد لجمهورية جديدة " كم في رأيكم من شجاع و صادق من هذه الملايين على مستوى الوطن سيقبل يتوقيع تلك الإستمارة من أجل الجزائر و واثق من المستقبل بالشكل الذي يطالب به الحراك؟! كم هو سهل جدا لعب دور المعارض و المحلل السياسي و المختص في العلوم السياسية و في التنمية البشرية و لعب دور الخبراء في الإقتصاد و إلى غير ذلك من " الصفات الممنوحة جزافا " مادامت قنوات اللغط و الصرف الصحي و الثرثرة و ملء برامج مختلف المنابر الصفراء بما "ملّ و ما عاب" من تخمينات شخصية في مجملها تخاريف بعيدة عن أرضية الواقع . و كأن "دار لقمان" على حالها الفرق بين أزمة المشهد السياسي بعد إنقلاب التسعينيات من القرن الماضي و اليوم أن في الـ 91 السلطة العسكرية الإستئصالية لخالد نزار و العربي بلخير و مدين و طرطاق رو حلفائهم من السياسين الإستًئصاليين قامت بفرض واقع مخالف لما نطقت به صناديق الإقتراع و قتلت العشرات في مسيرات إحتجاجية و سجنت و اعتقلت عشرات الآلاف من الأبرياء من مناضلين أو غير مناضلين الحزب الفائز بكل شفافية و علقت كل شيء و فرضت على الشعب الفوَضى و الجنون الأمني و نسفت الحريات و الحقوق الدستورية ، اليوم السلطة العسكرية غيرت من أسلوبها لكنها تفرض بحزم ـ علي ما يبدو ـ توجهاتها دون البدء في إثارة الإنزلاق الأمني مبقية الباب مفتوحا علي كل التوقعات و كأن إنسداد أو انحراف المسار الديمقراطي المتعمد في ديسمبر 1991 لم يحل و أوتيَ بحلول مسكنات بعد الإنتقام من الشعب على تصويته لصالح الإسلاميين ، اليوم انقشع مفعول تلك المسكنات أو المخذرات لنستيقظ على ذات و نفس الإنسداد السياسي ، أي أن ما بُني على انقلاب الـ 91 كان باطلا فانتهينا إلى نقطة الباطل في 2019 كتحصيل حاصل. و كأن شبح إنقلاب خالد نزار و عصبته في ديسبمبر 91
‎ عاد مجددا يخيم بظلاله على إنتخابات ديسمبر 2019 المزمع إجراؤها ! في إنقلاب الـ 91 كان الشعب أمام الدبابات و العسكر المنتشر بجيشه و الإكتساح الأمني أو الإنتشار الكثيف السريع لفرق القمع ( العربي بلخيري ) في كل التراب فجبن للأسف هذا الشعب و تراجع و خان العهد و لم يدافع بشراسة عن إرادته و ثقته التي منحها لمترشحيه بفعل الترهيب الأمني القوي فهل سيكرر الشعب نفس الغلطة في ديسمبر 2019 و بعده إذا أصرت سلطة الأمر الواقع فرض أجندتها و رمي المطالب الأساسية الجوهرية للشعب الجزائري ؟! نخشى أن لعبة شد الحبل بين القوتين أن تتحول بعد ديسمبر 2019 إلى " لعنة و هَبَلْ" ساياسي!. الأصعب و الأعضل هو كيف نعود إلى أرض الواقع و الواقعية بأقل خسائر و بشيء يحفظ ماء الوجه و يحقن دم الجميع ، و نثبت للعالم بأجمعه شعبا و جيشا أننا تعلمنا من درس تسعينيات القرن الماضي!



#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)       Lakhdar_Khelfaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هم - شبعانين- و نحن متشردون و - جوعى-!
- لهاث الحكم و المثقف الجزائري: و فتنهم الإفتراض فتونا!
- ‎رؤية في -الحراك الجزائري- : الإنتخابات و خاتم - سليمان-!
- أخي (من السرد الواقعي ):
- ضيافة الملك ( من أفكار السرد الواقعي ) !
- المثوى
- غريق الفنجان ..حلاوة قاتلة!
- على النواهد…
- ‎عسكرية ، حراكية، مدنية،  سلمية  إلى غاية إثبات حسن النية! 
- ‎من نكح من؟!
- طُزْ!
- كفنان !
- القبائل - الجزائرية- الراية و لعبة الإنفصال.. من المستفيد؟!
- ‎ من السرد الأدبي الواقعي: حيث الورد كان الإنسان...
- -و العاضَّات نَبْحاً (سرد واقعي)!-
- ‎رسالة مفتوحة إلى قائد أركان الجيش الجزائري: يا - صالح- ..ال ...
- ‎ يا -صالح- أينك ؟
- ‎ الجدار ..
- ‎ الجدار ..
- المومس !


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لخضر خلفاوي - الجزائر: لعبة شد الحبل بين السلطة و الحراك .. وضع إنسدادي مفتوح على كل السيناريوهات !