أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6382 - 2019 / 10 / 17 - 01:23
المحور: الادب والفن
    


نجا عليكي الصغير من مصير مجهول، فيما لو أنه بقيَ في معسكر السخرة؛ ينحت الصخرَ نهاراً ليبيت منذ المساء في الكهف مع المصدورين والحشرات والزواحف السامة. ارتأى أن ينزل في ذات الخان بحلب، وذلك بهدف لقاء الخادم حنّان. وجده في حجرته، وكان الوقتُ عندئذٍ قد أضحى ليلاً. على أثر سماع قصة هروبهما، دعا الخادمُ كلا الرجلين للمبيت لديه. فضلاً عن مرقده، كان ثمة فراش يكفي لشخصين. وحسناً فعل بدعوتهما، طالما أن النقود التي في حوزة أحدهما ( وهوَ الدركيّ بالطبع ) بالكاد تكفي أجرة السفر بعربة إلى الشام. قبل أن يطفئ الخادمُ الكريمُ ضوء المشكاة، أبلغه عليكي الصغير بأنّ الجندرمة سبقَ أن صادروا بندقيته. كون الصديق الآخر، الدركيّ، أحيط علماً بالموضوع مسبقاً، فإنه رفع رأسه ليقول: " لن أحتاج بعد الآنَ للسلاح، بالنظر إلى أنني لن أعود للدرك سوى في حالة واحدة؛ وهيَ اعتقالي ومن ثم إعدامي! "
" بل ستحتاجان للسلاح، طالما أنّ أمامكما طريق السفر ومخاطره "، ردّ عليه حنّان وقد فهمَ ما يرمي إليه. لاحَ أنّ الآخرَ دهمته فكرة مشابهة للأولى، وها هوَ يتكلم مجدداً: " ستحصل على أحد الحصانين، إذن. اعتبره هدية، يا أخي، وليسَ في مقابل بندقيتك ". قال الخادمُ نافخاً ببعض الضجر، فيما يرفع الغطاء إلى تحت ذقنه: " اعتبرني، يا آغا، قبلتُ هديتك مع الشكر. والآن دعني أنام، لأنني سأستيقظ باكراً ". تابع الشابُ المحاورة باسماً، ثم راحت أفكاره بعدئذٍ تتحرك في اتجاه واحد: قريباً، سيكون في الشام الحبيبة وعلى موعد مع خطيبته. تذكّر رسائله إليها، وكان قد تركها بين أغراضه القليلة في ذلك الكهف. سرعان ما أغفى غبَّ ارتياحه لفكرة، أنه لن يحتاج بعدُ للكتابة إلى ليلو. فجراً، أقبلت صورتها كشلال من نور وغمرت كل شيءٍ في الغرفة.

***
في هذه المرة، ألحق حنّانُ ضيفيه بقافلة كانت ترتاح في الخان وعليها كان المسير منذ الصباح إلى الشام. بعدما ودع الصديقان المضيفَ الشهم، عادا إلى حيث موقف ركب القافلة. كانت الجمال تتحرك بصعوبة، نظراً لنوئها بالأحمال الثقيلة. حمّوكي، جعل يتطلع بمزيجٍ من الدهشة والسرور إلى هذه الكائنات الصبورة وكما لو أنه يراها لأول مرة في حياته. وكان الأمرُ كذلك؛ كونه رجلاً جبلياً لم يغادر موطنه إلا منذ بضعة أعوام في سبيل الخدمة بالدرك. أكّدَ ذلك بالقول لرفيقه، " ظننتُ أن الجمال لا يمكن أن توجد سوى في الحجاز، وأن عيني لن تقع عليها إلا لو أديتُ فريضة الحج "
" لو أننا تابعنا السيرَ مع هذه القافلة، ربما كنا نصل إلى مكة المكرمة "، علّق الآخرُ مبتسماً لسذاجة ما سمعه. راقت الفكرة لحمّوكي: " حقاً؟ "، نطقها بينما كان نظره ما ينفكّ يُتابع حركة الحيوان المبارك. ما لن يعلمه الصديقان سوى بعد هذا اليوم بأعوام عديدة، هوَ أنّ معسكر السخرة كان مخصصاً لشق طريقٍ من أجل سكّةٍ حديدية ستربط الآستانة بالحجاز.
فوراً بعد ذلك الحديث، دُعيَ كلاهما إلى الانضمام للقافلة. وكان حنّان قد استأجرَ لهما عربة تجرها الخيل، موصياً حوذيّها بهما باعتبارهما من أقاربه. منذ بداية الطريق، وإلى مشارف الشام، لم يرَ حمّوكي دليلاً واحداً على أنه في سبيله للوصول إلى ما يُشبه الفردوس الإلهيّ: " هذا الطريق، لا يعدو أن يكون ممراً في خلاء متصل، مقفر وقاحل "، كذلك فكّرَ مُحبطاً. إلى أن صعدت الطريق بالقافلة في مرتفعٍ من الأرض، صارَ بالوسع منها رؤية جانبٍ من الريف الدمشقي. ثم انحدار شديد، لينفتح بعده الطريقُ على مشهد الحاضرة. تدفقت على الأثر جملة من الروائح الزكية، الفائحة من الرياض المترامية على جانبيّ الدرب. مع عبق أزهار الربيع، تنفّسَ عليكي الصغيرُ طيبَ لقاء الحياة، وكأنما خرجَ إليها مجدداً من رحم الأم.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل الثالث
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 1
- عاشوريات


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5