أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - مظاهرات الهبة الديموغرافية















المزيد.....

مظاهرات الهبة الديموغرافية


عامر حميو

الحوار المتمدن-العدد: 6381 - 2019 / 10 / 16 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


التركيب العمري للسكان في العراق سيكاد يخلو من جيل الخمسينيات خلال أقل من عقد،  وجيل الخمسينيات كما هو معروف قد تجاوز نصفه الأول سن التقاعد وصار ضمن فئات المجتمع التي يطلق عليها (فئة الإعالة) وهي الفئة العاجزة عن العمل،  والتي بحاجة إلى الرعاية من قبل الدولة والفئة التي تليها بالعمر. وبهذا سيكون جيل الخمسينيات قد ترك الساحة( بعد أقل من عقد كما أسلفت)  لجيل الستينيات  الذي حاز في العراق على لقب فئة المعقدين،  وهنا علينا ان نتوقف قليلا(لكن باختصار شديد) لنعرف بمفهوم المعقدين الذي زججناه على جيل الستينيات،  قائلين انه بكل بساطة يطلق على فئة زمن الانكسار والخيبة التي تحملت وزر بطش الحاكم وجبروته،  فخرجت محملة بتبعيتها( نتيجة التجربة المريرة)  الى النظر لاسباب الظواهر المجتمعية وعدم الانجارار وراء عواطف الظواهر ذاتها. ولكي نقرب بؤرة الحدث من المتلقي سنضرب مثلين عن سلوكيات الحكم على الظواهر المجتمعية عند جيل الستينيات،  جيل المعقدين هذا:
١ عام ١٩٧٩/١٩٧٨ عصف قمع السلطة وتفردها بكرسي الحكم في بنية المجتمع العراقي فهربت قيادات الاحزاب انذاك الى الخارج وتركت قواعدها من دون خارطة طريق لتلافي ماحصل، وزج بغالبية عناصر تلك القواعد في سجون النظام ومعتقلاته لتلاقي منفردة، ودون قيادة، مصير التغييب والانكسار داخل زنازين الظلام،  فكانت النتيجة ان الالاف منهم اعدموا دون ان يحصل ذويهم على رفاتهم،  وخرج الالاف مثلهم بعد سنين من الاعتقال والسجن محطمين،  منكسرين، ليعيش هذا الجيل( جيل الستينيات) على رؤية معقدة للامور تدعوه ان لاينجرف مع عواطف الفعاليات السياسية،  وينكص نحو البحث عن اسبابها،  مما دفع بغالبيتهم ان تتقاطع رؤيتهم مع سياسات الاحزاب التي زجوا بسبب سياساتها في غياهب السجون( على سبيل المثال تقاطع الكثير من اليساريين مع سياسات الحزب الشيوعي وتركوا التنظيم متبنين الرؤية اللبرالية في عيشهم رغم تبنيهم لثورية الخطاب اليساري،  لكن المتتبع لاحاديثهم سيرى انهم ينزوون تحت يافطة تحميلهم اسباب تحولهم الى اللبرالية لقرار انضمام الحزب الشيوعي العراقي للجبهة الوطنية مع حزب البعث الحاكم انذاك، وترك القيادة لهم وفرارها الى الخارج، ليلاقوا ويلات الاعتقال والتعذيب دون توجيه وخارطة طريق) وهذا الامر جعلهم بالتالي يدبجون المؤلفات في تبرير المقاطعة والبحث عن اسبابها ولعن كل خيبة تقع فيها احزابهم في الوقت الحالي وارجاع ذلك الى اسباب المقاطعة،  والنئي بانفسهم وعواطفهم عن الانجرار مع السياسات الحالية لاحزابهم).
2- في مظاهرات العراقيون هذه الايام،  نرى ان صبغتها العامة شبابية تكاد تخلوا من جيل الستينيات والذي نوهنا انه خليفة جيل الخمسينيات،  وتجد جيل الستينيات هذا  لايندفع وراء عواطف الظاهرة بقدر ما ينكص الى البحث عن اسبابها دون الاقرار برفضها او قبولها، فمن تتبع تحليلهم نراهم لايرفضوها كون غالبية شعاراتها هي مطاليب حقة للعيش الكريم،  وهي تصويب للعملية الديمقراطية الصحيحة،  لكنهم من جانب اخر يعارضوها مرعوبين من شعارها( الشعب يريد اسقاط النظام) الذي سار ( في يوم المظاهرة الاول) تحت ظله زحف الشباب العراقي المتظاهر،  فهم يعلمون ان نظم الحكم في العالم اما ملكية او رئاسية او برلمانية،  وقد جربوا التبعات العشائرية والاقطاعية للنظام الملكي،  ووقعوا تحت ويل وجبروت النظام الرئاسي من قهر وتعذيب وحرمان وتغييب واعدام وانكسار وخيبة، لهم ولذويهم.
وجيل الستينيات يرى في ظاهرة الاحتجاجات الجارية في العراق انها حتمية تاريخية يطلق عليها المخططون للنمو السكاني ويعاضدهم في رؤياهم الاقتصاديون تسمية (الهبة الديموغرافية)  التي لاتحصل كل حين في النمو السكاني لشعوب العالم،  بل بعضهم يرى انها تحدث مرة واحدة لبعض الشعوب،  وقبل ان نلج في تعريف مصطلح (الهبة الديموغرافية) علينا ان نؤكد ان السياسي الذي يلتفت لاهميتها وقدرتها على تنمية اقتصاده وتطور بلاده يعد من السياسيين المحظوظين عند شعوبهم.
نأتي الان لمفهوم ( الهبة الديموغرافية) لنقول مقتبسين عمن عرفوه:
الهبة الديموغرافية: هي التحول الديموغرافي(السكاني) في التركيب العمري للسكان  ، أي أن نسبة السكان في سن العمل "15 سنة والى 64" يتجاوز نسبة السكان في الفئات التي هي بحاجة الى الاعالة(فئة اقل من 15 سنة وهم الاطفال واكثر من 64 وهم الشيوخ وكبار السن)  ، و(الهبة الديموغرافية) تعني بأرتفاع نسب السكان في سن العمل (15الى 64) ولفترة تترواح من 30 والى 40 عاما، وغني عن القول ان ننوه ان هذا التغيير في هيكلية السكان يؤدي الى الفرص الكبيرة بدمج هذه الفئة في سوق العمل للبلد الذي تحدث فيه من اجل رفع وتحسين نموه الاقتصادي
ولكي تتحقق ( الهبة الديموغرافية) يتوجب ان يتوافر لها شرطان رئيسان هما:
الأول : أن تقل نسبة السكان دون 15 سنة عن 30% من أجمالي السكان.
الثاني : أن لا تزيد نسبة المسنين بعمر 65 فأكثر عن 15% من أجمالي السكان..
ويتيح أغتنام فرصة (الهبة الديموغرافية) الى تحسين حياة المواطنين بزيادة معدلات التشغيل، وخفض معدلات البطالة، والتمتع بمستويات عالية من التنمية..اما في حالة تفويت فرصة الاستفادة من (الهبة الديموغرافية) فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل، وارتفاع معدلات الفقر، وتدهور الخصائص السكانية من صحة، وتعليم، ونمو مؤشرات اقتصادية، واجتماعية سلبية.
وبنظرة سريعةالى شارع واحد من شوارع مدن الوسط والجنوب العراقي هذه الايام( ايام الزيارة الاربعينية) ونظرة اخرى لمتوسط اعمار الشباب المتظاهر في وسط وجنوب العراق كذلك سنرى ان ( المتظاهرين والزائرين) هم من اعمار العشرين الى اواسط الاربعين مما يحقق شرط ( الهبة الديموغرافية) الاول، ثم بالرجوع الى جيل الخمسينيات الافل ونسبة مشاركة جيل الستينيات( جيل الشيوخ وكبار السن) وعزوفه على عدم منحه العاطفة الكاملة للمتظاهرين وعدم رفضه لمطاليبهم (على الرغم من ان جيل الستينيات هذا يعرف انه يمثل خريف البنية السكانية في العراق. وان مد ربيع العمر لشباب البنية السكانية للعراق كذلك قد طغى على نسبته وتجاوزها في عواطفه واغماضه ( جهلا او دراية) باسباب الظواهر وعلاتها) نقول رغم كل هذه الحقائق ومرارتها لجيل الستينيات، يكون الشرط الثاني لمفهوم( الهبة الديموغرافية) قد تحقق في العراق وعلى من يقود سياسات البلد الاقتصادية ان ينتبه لقوة وفعل وتأثير هذا المفهوم وتحققه على ارض الواقع في البلد، وعليه ان يقتدي بغاندي حينما سئل عن كيفية معالجة الفقر في الهند، فاجاب:
- لدينا ثروة مقدارها ٥٠٠ مليون شاب.

عامر حميو/ روائي وقاص عراقي.



#عامر_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (طرّة وكتبة)*... قصة قصيرة.
- موظف خارج ملاك الوزارة ... قصة قصيرة.
- حلم... قصة قصيرة.
- الغبي... قصة قصيرة.
- (ليلة الدخول) ميثولوجيا الشعوب المضطَهَدة.
- الاستعارة والتشبيه والمجاز الروائي...نهاية المومس نموذجا على ...
- ليلة المعاطف الرئاسية رواية جيل المستقبل التي لا تلتفت للجيل ...
- الرواية الواقعية ونقود أهل الكهف
- خرابة وجذع شجرة ووليد غزالة وحيد
- رائحة المعطف
- عندما تصبح الرواية مُدوَّنة لحلم طال انتظاره
- ( حكايات البلبل الفتّان بين جرأة الطرح وخجل التجنيس الأدبي)
- منعطف الرشيد رواية عالم صاخب بالحياة لقاع مدينة اسمها بغداد.
- رواية عصير أحمر لشذى سلمان...رومانسية موجعة.
- استنطاق الشخصية الروائية ومحاكمتها لقارئها عند إسماعيل فهد إ ...
- (ذاتية العنوان وفلسفة المتن القصصي في أريج أفكاري لفلاح العي ...
- الحكواتي والروائي
- السيدة التي جعلت في بهار إشكالية إقحام وفبركة


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - مظاهرات الهبة الديموغرافية