أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6381 - 2019 / 10 / 16 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


تذكّر عليكي الصغير كلام والده، حين كان يافعاً بعدُ وكان سلوكه يُسبب أحياناً امتعاض الأم: " سأربطه بسلك الدرك كي يجعلوا منه رجلاً، وفي الآن ذاته، يمنحونه رتبة ضابط صف ". تخلّصَ من ذلك المصير، فكّر الفتى حزيناً، ليقيّد بسلسلة حديدية مع غيره من رفاق السخرة. في السنة الثالثة لاعتقاله، انتقلت أعمال السخرة إلى منطقة جبلية تتبع ولاية حلب. لم يكن يوجد مخيمٌ جاهز، ما أجبرَ العمال على النوم في كهوف قريبة من مكان العمل. لم يعُد الفتى يحتمل عذاب السخرة، وما كان يتبعها من معاناة صعبة في المغارة القذرة سواء بسبب الحشرات أو الأفاعي والعقارب. في تلك الآونة، كانت صلته قد توثقت مع الحارس الكرديّ. دأب على بث ما يعانيه على مسامع حمّوكي. معوّلاً على ثقته بالرجل، وأنه لن يشي به، أسرّ عليكي الصغير ذات يوم في أذنه خطته للهرب من جحيم السخرة: أن يستغل الطقس الربيعيّ للتسلل من المكان ليلاً كي يولي وجهته صوبَ مدينة حلب ومنها إلى دمشق.
" ولكن الخطة متوقفة على إمكانية حلّ وثاقي من السلسلة الحديدية، التي تلازمني ليلاً نهاراً "، أختتم كلامه متمعّناً بعيني صديقه. مثلما لاحَ من أحاديث الأخير في خلال الفترة المنصرمة، أنه باتَ أيضاً يضيق ذرعاً بالحياة التافهة المفروضة عليه كحارس لعمال السخرة. كثيراً ما قال لعليكي الصغير، أنه يود ترك الخدمة بهدف التطوع في " الفرسان الحميدية "، المُشكّلة بالأساس من أفراد عشيرته. فلم يكد الآخرُ إذن يشي بخطته، إلا والحارس ينبر للبرهنة على صداقته: " ليكن الله معنا؛ لأنني سأرافقك في حياة الحرية مثلما كنا في حياة الأسر "، رد بحماس. ثم أردفَ القول، ليعرض بدَوره تصوّرَه عن خطة الهروب.

***
الخطة، كانت بسيطة؛ طالما أن أحد طرفيها هوَ المتولي مراقبة الآخر وحراسته. هكذا تسلل كلاهما إلى بقعة قريبة من المغارة، حيث امتطيا هنالك فرسين كانا مخفيين بين الأشجار. كان الوقتُ بعد منتصف الليل، وذلك بحَسَب الساعة المربوطة في جيب صدارة الدركيّ. أمَلا في مغادرة المنطقة قبل أن يشرق الصباح ويُكتشف أمر هروبهما من المعسكر.
كردستان، كانت آنذاك تغلي بالجواسيس مثلما النمل في عشهم المرتفع كتلّ صغير. كذلك انتشرت دوريات الجندرمة في كل مكان. هذا كله، كان من آثار ثورة الشيخ عبيد الله النقشبندي، والتي اعتبرها الانكليز أنها ضربة مسبقة لمنع تأسيس دولة أرمينيا بدعم من الغرب وروسيا. ولكن الشيخ لم يتم نفيه إلى الشام الشريف، على أثر هزيمته، بل إلى مكة المكرمة. الكثير من تفاصيل الثورة، قصها حمّوكي على رفيقه الشاب بينما كانا في الطريق إلى الشام. أجل، اقتنع الأولُ بمرافقة عليكي الصغير بدلاً عن المغامرة بالعودة إلى مسقط رأسه في جنوب ماردين.

***
" كي تصل إلى موطنك، يلزمك عبورَ الكثير من الحواجز العسكرية "
قال الشاب بينما كان كلاهما على صهوة حصانه وقد انفتح أمامهما مشهدُ مدينة حلب، بدءاً بالهضبة الجرداء، المعتلية عليها قلعتها التاريخية المهيبة. يبدو أن خيالَ الآخر قد داعبته صورةُ الشام، بالأخص حين كان يقضي العديدَ من السهرات مع صديقه وهوَ ينصت إليه يتكلم عن حُسن المدينة وطبيعتها وخيراتها وسِعَة العيش لساكنيها. برغم ذلك، عدّ حمّوكي سفره إلى دمشق بمثابة سيران، ريثما يرتاح قليلاً ثم يؤوب ثانيةً إلى بلدته الأولى كي يحقق حلمه بالانضمام لفرسان عشيرته القوية.
بمقابل ما كان يسمعه عليكي الصغير من تفاصيل تتعلق بالثورة الأخيرة، فإنه كان قد أدهشَ صديقه الحارس، ليلة إثر ليلة، بمعلوماتٍ عن جمعيات سرية مناهضة للدولة من أولى أهدافها الإطاحة بعرش آل عثمان. ردة فعل الحارس آنَ سماعه هكذا أشياء، أن عبّر عن عجبه بالقول: " سمعتُ عن الدسائس داخل قصور السلاطين، وكانت في سبيل اعتلاء هذا للعرش على حساب ذاك إن كان شقيقاً أو قريباً. ولكنها جرأةٌ لا سابق لها، مجرد التفكير بتغيير السلالة الحاكمة كلها "
" لن تكون ثمة سلالات سلاطين جديدة، وفق تصوّر رعاة تلك الجمعيات. إنهم يريدون إنشاء نظام جديد، يُدعي الجمهوري، فيه يتساوى الجميع بصفتهم مواطنين للدولة سواء أكانوا أعيان أو عامّة "، أكّد الفتى لصديقه الفاغر فماً دهشةً. كذلك، وفي مناسبات أخرى، كلمّه عن الاختراعات الكبرى في دول الغرب. هذه المعلومات كلها، لم يكن مصدرها الأميرُ فقط. ففي خلال فترة الدراسة، راحَ بعضُ الأساتذة وكانوا من النصارى، يبهرون تلاميذهم بمثل هذه الأشياء.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل الثالث
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 1
- عاشوريات
- عصير الحصرم 76


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4