أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - الخِطابُ الجنازة!














المزيد.....

الخِطابُ الجنازة!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 6379 - 2019 / 10 / 14 - 13:21
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الخطاب الجنازة!

لأول مرة في حياتي الكتابية التي امتدتْ لعدةِ عقودٍ أجدني عاجزًا عن التعليقِ علىَ خطابِ السيسي!
الخطابُ كان أكبرَ من كل قُدراتي المعلوماتيةِ واللغويةِ والعقلية.
كان الحاضرون من ضباطٍ وسياسيين ومثقفين وبرلمانيين وكبارِ رجالِ الدولةِ ينصتون وكأنَّ علىَ رؤوسِهم الطير، وكان الرئيسُ علىَ وشكِ قول: "كل الذين أطاحوا بمبارك في 2011 ولاد ستين كلب حتّىَ لو غضبوا بعد ثلاثين سنة من جحيمِ أعتىَ اللصوص وأفسدهم، ولن يحدث هذا معي.
كان طاووسـًا مُتعاجبـًا بنفسِه، مُتـَكبـّـرًا علىَ عبيدِه، مُتغطرســـًا بجهلـِه، مُحمِّلا الشعب كل أخطائـِه وجرائمِه، وشاهدًا علىَ الفَقْر المائي والإنساني والأخلاقي ، فكلُّ الجالسين كانوا في مكانيـن في نفس الوقت: الأول في القاعة و.. الثاني تحت حذائِه.
كان واثقـًـا بأنً خرابَ مِصْر بين يديه، وأنَّ تجويعَ المصريين وإفقارَهم يتناغم مع عطشِهم وترهيبـِهم.
كان حديثـــًا تهتز لجهلـــِه السماواتُ والأرضُ؛ لكنه لم يهزّ شعرةً في رعيتـــِه!
كان الديكتاتور يعلم أنَّ مصرَ أصغر منه، وأنَّ اللهَ خلق المصريين لخدمتــــِه، وأنَّ الجمادَ يغضب أسرع مما يغضب المصريون.
كانت بذرةُ العبوديةِ قد أُلـْقِيـَـتْ منذ عقودٍ، وحافظ عليها رؤساءٌ وقادةٌ ورجالُ دين.
كان الطاغيةُ أكبرَ من الإسلامِ والمسيحيةِ معـًـا، ولو نزل محمدٌ والمسيحُ، عليهما السلام، إلىَ أرضِ مصرَ فعزيزُها سيحجز لهما زنزانتين متجاورتين.
كان المستبدُ كأنه لم يلتحق بمدرسةٍ قَط، ولم يجلس علىَ تختةٍ في حياتـــِه، ولم يقرأ صفحةً في كتاب.
كان الخطابُ شهادةَ حقٍ واضحة أنه التحق بالمخابراتِ العسكريةِ بوساطةٍ أجنبيةٍ تتنبأ بمستقبلــَه في إنهاءِ العصر المصري الذي دام خمسةَ آلافِ عامٍ، فجاء هو ليفترس، لا ليحكُم.
كان الحاضرون أقزامــــًا لا تراهم العينُ المجردةُ من بعيد، وإذا اقتربتَ ولمستهم كانوا هباءً منثورًا.
كان الرجلُ واثقــــًا بأنه يتحدث إلىَ خيالِ المآتة، ولو أخرج كُرباجـــًا وهبط به على الحاضرين فردًا.. فردًا؛ فسيصفقون حتى تدمىَ أيديهم.
كان يعلم أنَّ في البدءِ كانت الكلمة، وأنَّ اللهَ أمرَ الإنسانَ أنْ يقرأ، لكن الرئيسَ جعل المصريين يكرهون القراءةَ لأنها تجعلهم يعرفون، ويتعلمون، ويتمردون على ثقافة العبيد.
كان خطابـُه أجهلَ وأكذبَ وأفسقَ وأفسدَ وألعنَ وأحطّ وأوضعَ ما التقطته جنباتُ وادي النيلِ العظيمِ الذي كان واهبَ الخــــُلــْدِ فأضحىَ واهبَ العطـَـشِ و.. الموت.
خطابٌ لو اجتمع كل علماءِ النفس في الدنيا لما تمكنوا من سَبْرِ أغوارِه؛ فهو حالةٌ تُرثي بها السماءُ أهلَ الأرضِ، وترقص بها الشياطين وهي تغيظ الملائكة.
لأول مرة أعجز عن فهم أو تفسير أو تحليل أو تفنيد خطابٍ لسيــّد القصر وكأنه يضع نهايةً في الكنيست لأم الدنيا؛ ثم يتوجـه إلىَ حائط المبكىَ ليشدّ شعرَه غيظـًـا من صمتِ شعبٍ يغضب مرة واحدةً في كل مئة عام.
حدّثوني عن مصري أغرقتْ دموعُ الحُزْن وجهــــَه بعد خطابِ السيسي لعلي أرىَ بصيصَ أملٍ في شعبـــِنا.
كان الخطابُ جنازةً صامتةً لا أستطيع وصفــَها.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 14 أكتوبر 2019



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب الفشل المؤقت للإطاحة بالسيسي!
- رسالة حُب من مصري مؤيد للسيسي!
- رؤيتي لمحمد علي!
- مصريون وسوريون يشتعلون في الشاورما!
- هل أُراجِع نفسي و.. أعتذر عن كتاباتي؟
- المصريون غاضبون لسبب واحد!
- الرئيس يتحدث إلى مرآته!
- الاستغماية باسم الله، وإخفاء الوجه باسم السماء!
- فيس آب للإسراع بالزمن!
- خرافة كروية الأرض كما أثبت الدراويش!
- كشف الغُمة عن هزيمة الأمة!
- حكايتي مع سفير مصري!
- الأحد عشر شيطانا!
- من القرية إلى المقطم ثم إلى الاتحادية ثم إلى السجن ثم إلى ال ...
- الشعب والسيد و.. الاسم!
- السودانيون والمصريون وتماسيح النيل
- رضا الرئيس!
- عيد الخرس العُمالي!
- فوائد النقاب!
- معذرة فأنا لا أكتب عن الجَمال بدون القُبح!


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - الخِطابُ الجنازة!