أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - -سكر أسود-..الصعود والفساد والمصائر المجهولة














المزيد.....

-سكر أسود-..الصعود والفساد والمصائر المجهولة


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 6374 - 2019 / 10 / 9 - 15:47
المحور: الادب والفن
    


"سكر أسود" عنوان الرواية الجديدة للكاتب عمرو كمال حمودة الصادرة مؤخرا عن دار "الثقافة الجديدة" بالقاهرة لتكتمل ثلاثيته عن مصر المعاصرة التي بدأها بحقبة ثورة يوليو وحتي سبعينات القرن الماضي في "فيوليت والبكباشي" ثم حقبة مبارك حتى انتفاضة يناير في "السمسار، وها هو يكملها بعمله الجديد"سكر أسود" الممتد زمنيا حتى اللحظة الراهنة.
والخيط الرئيس الذي يجمع الروايات الثلاثة لعمرو حمودة هو الاقتراب من عالم الطبقة الوسطى سواء العليا منها أو الدنيا والتحولات التي تطرأ عليها صعودا وهبوطا وحالة الجدلية بين هذه الطبقة وما يدور في فلكها ووضعية المجتمع المصري بكل صراعاته وتناقضاته.
ولعل أبرز ما يسعى إليه الكاتب في مجمل اعماله هو تسليط الضوء على الفساد وشبكاته الممتدة للخارج، التي تضر الاقتصاد الوطني في مقتل، وتكشف عن تواطؤ بين فاسدي البيروقراطية الحكومية وفاسدي القطاع الخاص أو ما يطلق عليهم رجال الاعمال.
ويستعين الكاتب بوقائع حية ومعلومات دقيقة ليضفرها مع الخيال الروائي لينسج لنا شخصيات واحداثا من لحم ودم نستطيع أن نتعرف عليها في الواقع.
ويبدو الكاتب مغرما بوصف الأمكنة وتفاصيلها حتي نكاد نراها ونشتم روائحها ونتعرف عليها بشكل حميمي، سواء داخل أو خارج مصر، كما لو كان يحمل كاميرا أو يحدثنا عن خبرة حياتية حقيقية وليست فقط من نسج الخيال.
يقترب عمرو حمودة في روايته الأخيرة من عالم جديد من عوالم البيزنس"تجارة السكر" بكل ما فيها من صراعات واحتكارات وفساد وشراء ذمم، وتخسير متعمد لشركات ومصانع القطاع العام لبيعها بابخس الاثمار لصالح رجال اعمال فاسدين وتكتلات خارجية، بضغوط من صندوق النقد الدولي، دون النظر إلى المصالح الوطنية ومصير ملايين العمال ضحايا الخصخصة والتشريد.
ويبدو عنوان الرواية" سكر أسود" مراوغا ودالا في ذات الوقت، حيث أن السكر في طبيعته ابيض وليس اسودا، ولكنه حين يختلط بالفساد وضياع المصائر كما لو كان تلطخ بالسواد.
ورغم أن حمودة يرصد لنا هذا العالم المعقد عن دنيا صناعة السكر والبورصات والمضاربات، بلغة العارف بأدق تفاصيله، ألا أنه لا يسقط في فخ التقريرية واللغة الجامدة، فهو يقترب بعمق وبلغة رشيقة ذات حساسية خاصة من الملامح النفسية والاجتماعية لشخوصه ويشرحها بدقة، ويرصد تناقضاتها ومشاعرها المختلفة وحالتها المزاجية المتنوعة.
فعياد الذي يبدو رجل اعمال من طراز رفيع المحب لأسرته والمتواضع مع كل من يعملون معه، هو ذاته صاحب الوجه الاخر الذي يدير عصابة من مساعديه لسرقة الاثار وتهريبها ولا يمانع من التورط في جرائم كالحرق والقتل لإزاحة منافسيه عن طريقه.
وهذا الرجل الكريم مع كل من حوله هو ذاته التي يشتري الذمم ويعرف كيف يحصل على ما يريد بأي ثمن.
وابنه رامي المحب لخطيبته والذي لا يسعى لتكرار نموذج والده الناجح في البيزنس والحياة الأسرية، هو من يقيم علاقات ولا يرى غضاضة في ذلك.
وشهدان الفقيرة ذات الطموح الجارف التي تعرف كيف تداري فقرها وترسم صورة براقة لنفسها تجعلها لا تبدو مختلفة وسط الطبقة الأعلى التي تسعى جاهدة للصعود السريع لها مهما كلفها الأمر.
وربما ما يميز "سكر أسود" هي لغتها الجريئة نوعا ما ، وكسرها للتابوهات، فضلا عن الايقاع السينمائي اللاهث، واستخدام تقنيات المونتاج كالقطع المتوازي للانتقال من حدث لحدث أو من شخصية لشخصية أو من مكان لمكان، وهو ما أعطى للرواية جاذبية.
ومع ذلك، فإن ايقاع العمل كان سريع أكثر من اللازم واحداثه مكثفة للغاية للدرجة التي قد يستشعر القارئ بعدم التشبع خاصة حين يصل لنهاية مفتوحة مع امتداد خطوط الحكاية ووجود الكثير مما يقال عن مثلا مصير عمال مصنع السكر بالمنيا وكيفية تعامل النقابي صالح مع ضغوط الأمن لتسليم المصنع المباع لرجال الاعمال ووضعيته ومستقبله هو شخصيا وبقية زملائه.
وعن موقف رامي من شهدان بعد أن حملت على الأرجح منه، وموقف الأب عياد "امبراطور البيزنس" من ابنه ومن مساعدته شهدان التي تجاهلت تحذيراته لها من اقامة علاقات حميمة داخل اطار العمل.
ومصير شهدان ذاتها بعد هذه الحادثة، وبعد أن كانت كالقطار السريع الصاعد اجتماعيا وفي مجال البيزنس.
ثم الكابوس الذي يطارد عياد الذي لم نصل لتأويله ولم نجد ترجمته في الاحداث حتي النهاية.
يبقى أن للكاتب رؤيته واختياراته التي يجب احترامها رغم الملاحظات.
وتبقى الرواية عملا متميزا يستحق القراءة.



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ورد مسموم- محاولة بائسة صنعت فيلما سطحيا بلا هوية
- كتاب -عطر أوراقي المنسية-.. شذرات سيرة ذاتية واكتشاف شاعر
- فيلم -إيلياء- ورسائله التطبيعية شديدة السذاجة والسطحية
- -ساعة التحرير دقت-.. تأريخ لحقبة منسية لا يخلو من انبهار واب ...
- مسرحية -العنف-.. صرخة لكبح الوحش المدمر الساكن داخلنا
- محمد رمضان ونجومية الفشل والاستعلاء
- مهرجان -رؤى- للفيلم القصير.. نجاح تنظيمي وملاحظات ضرورية
- -كلام عيال-.. شهادة على -مجتمع البساطة- الذي كان
- -أسبوع ويومان-.. قلق أنثوي لا يفهمه الرجل كثيرا
- -معزوفة الفقد والوجع-..تجليات رومانسية وملاحظات نقدية
- الصراع المصري السوداني الواجب احتواؤه
- لينا على والعزف بالألوان في -نبض حياة-
- خيارات أخرى للشعب العربي في وجه أعدائه
- خطابات مجانية ولا أحد يجرؤ على الانتصار لكرامتنا
- ترامب والقدس والشارع العربي
- رأفت الميهي الجدير بالاحتفاء الفني والإنساني
- مسئولو اليابان في الخارج ومسئولونا وصناعة-الصورة الذهنية-؟!
- المهرجان القومي للسينما في مصر رسب في اختبار هذا العام
- ورحل مصطفي درويش آخر الرجال المحترمين
- -طعم الحياة- في سينما اليابان


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - -سكر أسود-..الصعود والفساد والمصائر المجهولة