|
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية...4
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 6374 - 2019 / 10 / 9 - 10:02
المحور:
الادب والفن
************************** الامر لا يتعلق بالفلسفة ولا بالواقع . هو بالنسبة الى بطلنا أرقى من الفلسفة وأكبر بكثير من الواقع . ما هي الفلسفة ؟ . للآن لم تتم الاجابة عن هذا السؤال ، رغم عمرها المديد الذي يتجاوز عشرات القرون ، منذ وجد الانسان كانت الفسلفة رفيقته ، ومنذ كان الانسان تمت صناعة الواقع . لكن ما يلهب صاحبنا هو ذلك الجواب الهارب ، تلك الومضة التي تختفي عقودا وتغير أمكنتها ، فيصعب العثور عليها . ما يحمسه أكثر هو لا نهائية الواقع ، تجدده ، تحولاته . ثمة اذن شيئ ارقى من الفلسفة نفسها ، وثمة شيئ أكبر من الواقع بدأ تحول المنطقة عند بداية الثمانينيات من القرن الماضي . كانت كل منطقة بني مكادة ملكا لأبناء أرض الدولة ، أما الأحياء الأخرى كحي بئر الشعيري ، وحي مبروكة . أ فلم يكونا بتلك الشهرة التي حازها حي أرض الجولة . أما حي"علي باي "وحي "موح باكو" ، فلم يكونا بحيين يذكران . حي علي باي كان منطقة مخصصة للاسبان وجنرالات النظام ، وعلية القوم . ولا زالت بناياتهم الى الآن تشهد على ذلك . بل ان الدائرة الحضرية الرابعة ، التي صارت 12 ، كانت قد اكترتها وزارة الداخلية لاستغلالها كادارة من اداراتها ، وهو مبنى كان مصمما حسب المعمار الهندسي الاسباني . بعد ان تخلت عنه وزارة الداخلية قبل عام تقريبا تم هدمه وأصبح عبارة عن أرض خلاء . وفي غالب الظن أن أباطرة العمارات في طنجة سيحولونه الى عمارة يجمعون بها مزيدا من الأموال . حي الجيراري بكل اجزائه كان مجرد أرض خلاء . في المقطع المحاذي لحي النصارى المهدم اواخر تسعينيات القرن الماضي ، كان أبناء أرض الدولة وأبناء حي بئر الشعيري وأبناء حي مبروكة يسرقون منه الزرع والشعير . سي احمد الريسوني كان يزرع تلك المساحة بتلك الحبوب كل سنة . أما حي الجيراري 5 ، والذي كنا نسميه "غرسة مورى " ، فقد كان مملوكا لشخصية اسبانية اسمه "مورى " ، حين هاجر ترك عليها احد خدامه الملقب بالشريف . كانت مساحته ممتدة من حدود سينما طارق ، الى حدود بستان دار التونسي . كان يتخلله ملعب يستغله أبناء الأحياء المجاورة ، وخاصة حي حومة 12 . كل المنطقة كانت خلاء ، الى حدود سيدي بوحساين ، الا منطقة مشكلة من بضعة منازل ، تبدو كقبعة جبلة كنا ندفن فيها موتانا ، تسمى بني مكادة القديمة . وهي لا زالت مقبرة الى حدود الآن . كم صعدوا اليها في مناسبات عيد الأضحى لجلب أغصان الزيتون التي يفضلها المعز ، فيبيعونها للناس ويقبضون ثمنها ليشتروا ما يشتهوه من حلويات . الشريف كان يبيع حليب البقر الذي تركه مورى ورحل عن طنجة . يسكن ببيت صغير هو وأفراد عائلته ، تصعد بضعة ادراج ، تدق على الباب فيخرج ليمدك بما تطلبه من حليب ، ثم يغلق الباب وراءه . أحد اكبر وأخطر رجالات أرض الدولة كان يسمى الكبيري . مات هو الآخر عند عتبة عمارة بحي فاس ، بعد ان وخز ابرة من ابر الكوكايين او الهيروين ، في مرفق يده . عند آخر منزل من منازل حي بئر الشعيري المؤدي الى حي بئر الشفاء الذي كان وقتها عبارة عن تلة تطل على سيدي ادريس ، كنا نتجمع ليلة كل خميس ليتفرج الناس على فيلم من الأفلام التي كانت تسوقها دور السينما بطنجة لتحبيب وأسر سكان هذه المناطق المهمشة التي لم تكن تتوفر على دور سينما . يطلقون النور على حائط المبنى فتظهر الصورة المتحركة على ظهر الحائط ، وتتوالى الأحداث ، فلا نحس بأي شيئ ، جميعنا يتابع بشغف لذيذ أحداث الفيلم .يجلسون على الأرض ، وقد كانت أرض ملعب كرة القدم ، ينتابعون بشغف كبير هذا العجب العجاب . صور تتحرك على جدار انطلاقا من ماكينة تنبعث منها تلك الأشعة الساحرة . كما كان حي "االباطيمات " كما يسميه أبناء المنطقة للآن ، وهو مجموعة شقق أعدتها السلطة لرجال الجيش ، هو بمحاذاة ثكنة عسكرية ، يستقبل بين الفينة والأخرى تلك الاحتفالية الجميلة . لكن حائط بئر الشعيري كان أكبر ، والصورة فيه أصفى وأجمل ، لذلك طالبوا المشرفين على عملية البث نقل بثهم الى بئر الشعيري ، فاستجابوا لهم . واد يفصل حي بئر الشعيري عن "حومة النصارى " ، وعن حقول القمح . لكن القنطرة التي صنعها أهل المنطقة الرابطة بين الحيين كانت تسهل عليهم الانتقال من منطقة الى أخرى .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواطن مع وقف التنفيذ ....رواية -3-
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية -2-
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية
-
انما الامم الاخلاق....قصة
-
حوار مع زيغموند باومان حول دور وأهمية المواقع الاجتماعية
-
يخت الملك الفاخر وفقر المغاربة المذقع
-
الربيع الايراني
-
انتحار في عيد الأضحى ....قصة قصيرة
-
حدود الملكية المطلقة بالمغرب
-
لن أيأس
-
أمينة بوعياش تخرج الفيل من خرم ابرة
-
عشرون سنة من الحكم ، عشرون سنة من اللاحكم
-
خطأ الملك ، كيف نتعامل معه ؟
-
هل تكمل الجزائر مسارها المتفرد ؟
-
أنوار الخائن -رواية 1-
-
القضاء أول درجات الارتقاء
-
اضحك ، انهم يكرهونك
-
البابا في وظيفته السياسية
-
الشمكار
-
نظرة في بطلان تعاقد الأساتذة
المزيد.....
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|