أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الربيعي - خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (6)















المزيد.....

خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (6)


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 6372 - 2019 / 10 / 7 - 03:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الماركسية هي نظرية الصراع الطبقي, الذي احتدم حاليا اكثر واكثر مقارنة بالعصر الذي كتب فيه ماركس مجلده "رأس المال". فعصرنا يشهد تعاظما هائلا في استغلال البشر وتفاقم الفروق الطبقية محليا وعالميا, وذلك بدلالة الازدياد الفاحش للفوارق بين مداخيل الاغنياء والمحرومين, او, على حد تعبير الطبيب النفسي الثوري فرانتز فانون, "المعذبون في الارض", وكما يتجسد ذلك ايضا في تآكل او حتى اضمحلال الطبقة الوسطى. والاحصائيات متوفرة وبكثرة لا مثيل لها لمن يرغب في المزيد من المعلومات. كما ان فائض القيمة المستحصل من استغلال قوة العمل في عصرنا قد تضاعف الآن هو الآخر بشكل مهوْل مقارنة بعصر مار كس-وهذا يدلل فقط على توحش الرأسمالية وليس على اختفاءها كما يزعم البعض الذي ادمن على اشاعة الخرافات والاوهام ويحيلها كما يحيل الشيوعية, بقدرة قادر, الى قانون طبيعي يلغي حرية الانسان وعقله. ونحن نشهد تعاظم قدرة رأسمالية عصرنا في تجسيدها الدرامي لملحمة فرانكشتاين, كما صورتها الكاتبة Mary Shelley, او تراجيدية دراكولا , كما رواها الكاتب Bram Stoker. وهذه الحقيقة تزداد سطوعا بحيث ان نورها قد يزغلل ابصار من يقطنون في كهف افلاطون. ومن يزعم ان عصر الانوار, ووليده عصر الحداثة, هو عصر انتصار النور والمعرفة والعلم, عليه الآن لربما مراجعة نفسه!

Life under capitalism is the experience of horror — and there is no better guide to it than Karl Marx
"الحياة في ظل الرأسمالية هي تجربة الرعب - وليس هناك مرشد أفضل (لفهم ذلك) من كارل ماركس".
Reading Marx on Halloween
"قراءة ماركسية للهلوين"
https://jacobinmag.com/2018/10/marx-gothic-halloween-horror-capitalism-zombies-vampires-frankenstein
(الهلوين هو مناسبة يتم الاحتفال بها في ليلة 31 أكتوبر/ تشرين الأول من كل سنة. هو طقس مسيحي ولكن يحتفل به بعيداً عن الدين في أغلب دول العالم الغربي، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وبريطانيا، وغيرها من البلدان. وفي هذه المناسبة يتم التنكّر بأزياء مختلفة - عادةً ما تكون أزياء وحوش أو شخصيات تاريخية أو مشهورة - ويتم فيها عمل احتفالات مختلفة ومخيفة، فتُسرد قصص الأشباح والوحوش والغيلان وغيرها).

وكما يقول مارك ستيفن ببلاغة منقطعة النظير في المصدر اعلاه,Reading Marx on Halloween
Like the seemingly omnipotent antagonist in any given horror movie, capitalism is not just unstoppably horrific. It horrifies in its apparent unstoppability
"مثل الخصم المناهض كلي القدرة في أي فيلم رعب، فإن الرأسمالية ليست مجرد مرعبة بلا منازع. إنها مرعبة لانعدام القدرة على ايقاف رعبها" (او بعبارة ادق لربما كان ينبغي القول "عدم القدرة على ادراك رعبها.")

وفي عصرنا, يبدو ان رعب الرأسمالية الفرانكشتايني او الدراكولي قد اكتسح العالم بظهور دين جديد, دين يتخفى خلف كل التسميات الايديولوجية التقليدية ويضع كل الاقنعة الدينية والدنيوية ويخترع او يكتشف المزيد منها كل لحظة وكل يوم. وهو دين سلفي بامتياز. ان الدين هو النيوليبرالية والسلفية هي سلفية السوق-ولا ادري هل ان مصطلح "السفالة", الذي يصف به بعض كتابنا الوضع في العراق, ينبغي ان يحل محله مصطلح "السوقية", لأن الاول توصيفي سطحي ويحيط بالعوارض فقط, بينما الثاني تحليلي ويرجع الامور الى جذورها. فالسوقية تسكن دوما وابدا السوق باعتباره مؤسسة همها الربح اولا واخيرا بمعزل عن كل اخلاقية . ففي العراق, مثلا, تشارك احزاب بآيديلوجيات متغايرة في الظاهر, اسلامية او قومية او شيوعية (بريمرية) الخ, في عملية سياسية تتبنى الدين الجديد كما جسدته قرارات بريمر. وكل هذه الاحزاب تؤمن بدين واحد, دين جديد واحد, جديد كتجدد الليبرالية او بالأحرى قبرها.

وهذا لا يعني للحظة واحدة ان دين (اقتصاد) السوق المنفلت كفَّ في ان يكون آيديولوجية. كلا, انه لا زال آيديولوجية, ولكنها آيديولوجية ارتفع مقامها الى مقام ام الآيديلوجيات,او بتعبيراكثر دقة, ميتا آييولوجية meta-ideology, وبكلمات اخرى, انها الآيديولوحية التي تلغي الحدود الكيفية بين الآيديلوجيات الخاضعة باحالتها الكيف الى كم-وهذا بالطبع يعني تعطيل الماركسية لأي حزب يزعم اعتناقه الشيوعية-بتعطيلها قانون تحول التغيير الكمي الى تغيير كيفي-ثوري! انها آيديولوجية تستعمر كل الآيديولوجيات لصالح آيديولوجية اكثرسطوة وهيمنة بما لا يقاس وحتى انها تكتسب صفة القداسة, كما نعلم ذلك حق العلم من مرجعياتنا العظمى القاطنة في مدننا المقدسة, النجف او قم. وهي (ميتا) آيديولوجية تصبح, طوعا او قسرا, صنوا للفكر المستقيم والفطرة السليمة او الحكمة الشائعة, common sense. فمن يحتاج الى امعان العقل اذا كانت فطرته هي الفطرة السليمة!؟

فحسب الاطروحة الأولى, يقول Carlos Alberto Torres, أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية أو نحو ذلك, شهدنا الوجود المتزايد للنيوليبرالية في السياسة العامة والحكم. لقد أحدثت النيوليبرالية تحولًا جذريًا في طرق التتفكير, وذلك إلى جانب وجود عولمة نيوليبرالية أحدثت إحساسًا عامًا جديدًا "امتد إلى جميع المؤسسات العامة والخاصة".
Neoliberalism as a new historical bloc: a Gramscian analysis of neoliberalism s common sense in education
Carlos Alberto Torres
International Studies in Sociology of Education
Volume 23, 2013 - Issue 2
Pages 80-106 | Published online: 19 Jun 2013

لقد اصبحت فلسفة السوق المنفلت, لاشعوريا, مرادفا للفطرة السليمة ومنطق الحياة القويم!

يشكل اعتماد النيوليبرالية على السوق معادلا للموقف الديني أو اللاهوتي. ولا يسعني هنا الا ان اتفق مع Apple عندما يقول: استخدم تعبير الدين هنا لأن النيوليبرالية - رؤية ترى كل قطاع من قطاعات المجتمع خاضع لمنطق التسليع, والتسويق, والمنافسة وتحليل التكلفة-المنفعة- تبدو محصنة ضد الحجج التجريبية-الامبريقية. الوضع الديني للنيوليبرالية يفترض أشياء معينة. الاختيار والمنافسة والأسواق - كل هذه من المفترض أن تؤدي بنا إلى أرض الجنة الموعودة.
Apple, M. W. (2013).Can education change society? New York, NY: Routledge

وهذا الدين الجديد يلغي, عمليا اكثر منه نظريا, الفوارق التقليدية بين اليسار واليمين, كما اشرت الى ذلك في الحلقة السابقة, بدلالة, مثلا, في العراق, وانا لا امل من التكرار, يشترك الشيوعيون او, بالأحرى, لابسو قناعها مع اسلاميين فاشيين في عملية سياسية تدين بدين السوق ونيوليبراليته. والنيوليبرالية هي نمط التفكير paradigm الجديد أو المنطق الذي حل محل الفكر "التقدمي, والصين هي مثال بارز على ذلك حيث ان الشيوعية على النمط الصيني تعني تعاظم استغلال قوة العمل لصالح الرأسمالية العالمية وايفانكا ترامب هي الرابحة الاكبر! وشيوعية الصين وثيقة الصلة بستالينية تنتصر للانتاج وتحيله الى اطروحة تكتسب منزلة القداسة وعلى حساب حرية الانسان وكرامته. وكلاهما, الصين وستالين, يقلبان ماركس رأسا على عقب ويشكلان الاطروحة المضادة لماركسية ماركس.

واضمحلال الفوارق الآيديولوجية بين اليسار واليمين يجد تعبيرا آخرا له, اكثر اساسية اذا حكّمنا منهج ماركس التقليدي والصائب, في التزاوج بين الرأسمالية التابعة في العراق والرأسمالية الوطنية نوعا ما في ايران- الوطنية هنا تعكس علاقة التبعية النسبية للرأسمال العالمي-تبعية مطلقة في العراق على عكس تبعية اقل في ايران. فرأسمالية ايران الوطنية تجد نفسها في صف واحد مع الرأسمال العالمي بخصوص تكريس كومبرادورية السلطة في العراق, لأعتبارات منها تصريف بضائعها الرديئة الجودة في العراق. والحدود بين الرأسمالية الكومبرادورية والرأسمالية الوطنية, اضافة الى قبر الليبرالية من خلال تجددها, يعني, وسيعني, ان طريق التطور الرأسمالي في العراق طريق مسدود وعلى عكس مزاعم محررو "طريق الشعب", وهي مزاعم تتجسد في الاعمال اكثر منها بالالفاظ. وهؤلاء قد يعتبرون ارادة الشعب واحتجاجاته دليلا على الفوضى (غير الخلاقة!) وعلى الشغب الذي تحركه قوى مجهولة, وهي مجهولة لانها تقع خارج نطاق مجسات مقراتهم التي يرفضوا ان يبرحونها. لذلك ينبغي على محرري "طريق الشعب" تصحيح خطأ املائيا. ف "طريق الشعب" ينبغي ان تُكتب, كما يقتضي عرفهم وواقعهم, "طريق الشغب"!

وخطر النيوليبرالية الاكبر هو ان عملتها الرئيسية او الوحيدة في التداول هي الفطرة السليمة, التي تعبر عن نفسها, عند بعض "افندية الشيوعية" في العراق, من خلال مصطلحات مثل "العقلانية ", "نظرة منوازنة", "معالجة هادئة", "رؤى موضوعية", وغيرها من الترهات التي تكشف قمعهم لانفسهم وبالتالي حتمية قمعهم للآخرين عندما يكونوا هم في موقع السلطة. والفطرة السليمة تكتسب طبعيتها الاحصائية STASTICAL NORMALITY من شيوعها الفاحش كطريقة تفكير ومنهج حياة. ان شيوع النيوليبرالية هو تجسيد لقانون احصائي في النقهقر نحو الطبيعية regression towards normality. والفطرة السليمة هي تلك التي لا تشكك في منطق يحيل الفساد والظلم والاستغلال الى منطق سليم للحياة. قد تكون هنالك معاداة لفظية شكلية للظلم والوحشية وقوانين الغاب, ولكن منطق اللاوعي (الرأسمالي) سرعان ما يكشف عن حقيقة فرانكشتانية-دراكولية مروعة. فالذين يحكمون العراق الآن ليسوا سوى صنوا لسلفهم ومعاداتهم له لم تكن اكثر من مجرد شهوة اوديبية في قتل الاب والحلول محله!

والفطرة السليمة, حالها حال كل الديماغوغيات ومرادفات الشعبوية, هي الاطروحة النقيض للفلسفة. فعلى حد تعبير انطونيو غرامشي:
"في الفلسفة تعد ميزات الفكر الفردي هي الأكثر بروزًا: اما الفطرة السليمة, فهي, على النقيض, تتجسد في السمات المنتشرة وغير المنسقة لشكل عام من التفكير في فترة معينة وبيئة شعبية معينة".
Gramsci, A. (1980).Selections from the prison notebooks of Antonio Gramsci.(Q. Hoare & G. N. Smith, Ed. & Trans.). New York, NY: International Publishers
ص. 330

يتبع




#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (5)
- أَلْمُوج بِيهَار: -اليهود العراقيون يرفضون التلاعب الصهيوني ...
- خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (4)
- دراسة جديدة توثق آثار اليورانيوم المنضب على الأطفال في العرا ...
- خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (3)
- خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (2)
- بيع -التيار الديموقراطي!- نفسه الى -مفستوفيليس-!
- خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (1)
- الإرهاب كشرط لا مناص منه لقيام اسرائيل ووجودها!
- فينكلشتاين: -اسرائيل امة القتلة-!
- ميكانيكية ديكارت وضعف الدولة (المزعوم) في العراق!
- -الطبقة الحاكمة تحكم بالفعل-
- شهادة تروتسكي: -الحياة جميلة-!
- الحزب الشيوعي العراقي: سيزيف وعقدة اوديب!
- هونغ كونغ والتدخلات الإمبريالية الأمريكية والبريطانية!
- كوريا الجنوبية: -جمهورية الانتحار!-
- نشاط شيوعي ام فعل نرجسي!
- الإمبريالية الأمريكية: مفهوم اشتراكي!
- الشيوعية ستكون الجحيم بعينه بدون (رومانسية) شيلر!
- بيدوفيلية ترامب وعلاقته بالموساد (5/5)


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الربيعي - خرافة الحرية الرأسمالية (في عالمنا المعاصر)! (6)