أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الرحمان النوضة - لَا يَدْعُو لِلتَّحَالُف بين اليساريين والإسلاميين سِوَى من يَجْهَلُهُمَا مَعًا !















المزيد.....

لَا يَدْعُو لِلتَّحَالُف بين اليساريين والإسلاميين سِوَى من يَجْهَلُهُمَا مَعًا !


عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)


الحوار المتمدن-العدد: 6370 - 2019 / 10 / 5 - 16:29
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


>
(هذا مُقـتـطف من كتاب: رحمان النوضة، "نقد تعاون اليساريين مع الإسلاميين" ).
نَظَرَ بعض المناضلين إلى أحزاب اليسار، فأعجبتهم شعاراتهم، وطموحاتهم الثورية. لكنهم لَاحَظُوا ضُعفً اليسار الكَمِّي. وشعروا بِهَامِشِيَتِه في المُجتمع. ونظروا إلى الأحزاب الإسلامية الأصولية، فلاحظوا قُوَّتَها العَددية، رغم غُمُوض مَطَالِبِها السياسية. فظهرت في عُقول هؤلاء المناضلين فكرة عفوية، وقالوا في أنفسهم: «لِمَاذَا لَا يَتَكَامَلُ اليساريون والإسلاميون؟ أَلَيْسَ السَّبِيلُ الفَعَّال لِمُوَاجَهَة النظام السياسي المَخْزَنِي، هو تعاون، أو تكامل، أو تحالف، قوى اليسار مع القوى الإسلامية الأصولية»! لكن بِمُجَرّد أن نبدأ في التفكير الجِدِّي في مشروع «تحالف» اليسار مع الإسلاميين، نصطدم بصعوبات وتناقضات غير قابلة للحلّ. ومن بين هذه الصعوبات، ما يلي:
ليس اليسار ضعيفًا فقط في عدد أعضاءه، ولكنه ضعيف أيضًا في نوعية أفكاره، ومُمَارَسَتِه، وتنظيماته، وأساليبه، ونضالاته، وفي تعامله مع الجماهير، إلى آخره. ومن الخطأ الاعتقاد أن قوى اليسار لها أفكار ممتازة، وتصوّرات جاهزة للنجاح، وأنه يكفي فقط لقوى اليسار أن تعمل وسط الجماهير الشعبية لكي تنجح في تغيير المجتمع. فلا يمكن لليسار أن يُحَسِّنَ فَعَالِيَتَه إِلَّا إذا قام بِعَمَلِيَة النَـقْد، والتَـقْوِيم، والتَـثْوِير، على كلّ الأَصْعِدَة. وقبل التفكير في إقامة «تحالف» بين قوى اليسار والقوى الإسلامية الأصولية، يَسْتَوْجِبُ العقلُ البَدْءَ أوَّلًا بإقامة «تحالف» بين مُجمل قوى اليسار. الشيء الذي لا يُوجد حاليًّا. بَلْ لَا تُؤمن حاليًا قيادات أحزاب اليسار الأربعة بإمكانية بناء «تحالف» تـقدّمي، أو ثوري، يشمل مُجمل قوى اليسار. ويتجاهلُ المدافعون عن فكرة «التحالف» بين اليساريين والإسلاميين "القَطِيعَةَ" الموجودةَ بين "حزب النهج" وأحزاب اليسار الثلاثة. وَيَقْنَعُون فقط بِـفكرة إقامة «تحالف» جزئي، وصغير، بين "حزب النهج" اليساري و"حزب العدل والإحسان" الإسلامي. وهو تصوّر ناقص، وغير ملائم، وغير واقعي، وغير ممكن.
إن الهدف النضالي للمرحلة التاريخية الحالية هو محاربة الاستبداد، والفساد، وتحقيق الديموقراطية، واسترجاع الاستقلال الوطني، و«الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية»، بكل أبعادها المُجتمعية (السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والنَوْعِيَة). لكن الأحزاب الإسلامية ترفض «الديموقراطية»، وتُعَارِضُ «حُقوق الإنسان»، بِدَعْوَى أنها «مُسْتَوْرَدَة من البلدان الغربية»، و«مُنَاقِضَة للإسلام». وقد سبق لِعبد السلام يَاسِين، الزَّعِيم المُؤَسِّـس لِـ "حزب العدل والإحسان"، أن قال: «الإسلام والديموقراطية متناقضان تمامًا، الأول يمنح السِّيَادَة لِلَّه، والثاني يمنحها للشعب». ويريد الإسلاميون تحقيق أهداف مُنَاقِضَة لأهداف اليسار. ومنها: «أَسْلَمَة الدولة» (islamisation de l Etat)، و«أَسْلَمَة المُجتمع»، وإقامة «دولة الخِلَافَة الإسلامية»، وفرض خُضُوع جميع القوانين «لِلشَّرِيعَة الإسلامية» المُتَخَلِّـفَة، وإجبار المواطنين على تكريس حياتهم كلّها لِعِبَادَة مُوَحَّدَة وإجبارية، إلى آخره. ومعنى ذلك أن الإسلاميين لَا يريدون التَحَرُّر من كلّ أنواع الاستبداد، وإنما يريدون تعويض الاستبداد المَلكي المَخْزَنِي باستبداد إِسْلَامِي «وَهَّابِي»، أو «طَالِبَانِي»، أو «دَاعِشِي».
وإذا كانت قوى اليسار تُفَكِّر بِـ «العَقْل»، فإن القوى الإسلامية الأصولية تُفكّر بِـ «المُـقَـدّس». ويستحيل أن يَتَـفَاهَمَا، أو أن يَتَوَافَـقَا، أو أن يَنْسَجِمَا، إذا لم يتـغيّر أحدهما إلى نَـقِيضِه. وفكرة «التحالف» بين اليساريين والإسلاميين هي محاولة للتوفيق بين ضِدَّيْن. ولا يمكن أن يُوجد هذا «التحالف» إِلَّا إذا قَبِل طَرَفٌ منهما بِأَن يتحوّل إلى ضِدِّه. فإمَّا أن يصبح اليسار إسلاميا أصوليًّا، وإمَّا أن يتحوّل الإسلاميون إلى يساريين. أمَّا «تحالفهما» على أساس تجاهل تناقضهما، فَمُسْتَحِيل.
وقد «وُجِدَ دَائِمًا في تاريخ البشرية، تَصَوُّرَان للقوانين المُتَحَكِّمَة في تطوّر الكَوْنِ: وَاحد مِثَالِي، أو غَيْبِي (مِيتَافِيزِيقِيٌّ)، والآخر جَدَلِيٌّ. وهما تصوّران متناقضان للعالم»( ). ويدخل فكر الأحزاب الإسلامية الأصولية بالضّبط في إطار التصوّر المِيتَافِيزِيـقِي للكون. بينما يدخل فكر الأحزاب اليسارية، والاشتراكية، والشيوعية، في إطار التصوّر المَادِّي الجَدَلِي للكون. وكلّما تَـقَارَب، أو تَعَايَشَ، هذان التَصَوُّرَان المتناقضان، سيدخلان بالضّرورة في صِرَاع فكري بينهما. وكُلَّمَا قَـبِـلَت الأفكار الثورية الجَدَلية التَعَايُشَ الهَادِئَ، أو المُسَالِم، مع الأفكار المِثَالِيَة، أو الدِّينِيَة، أو الغَيْبِيَة، أو اليَمِينِيَة، فإنها ستحكم على نفسها بِـالتراجع، ثم الانحراف، ثم الانحلال، ثم الانهزام، ثم الزوال. وقد يكون «تَـقَارُب»، أو «تَعَاوُن»، أو «تَحَالُف»، اليساريين مع الإسلاميين، مدخلًا لِانْحْطَاطِ اليسار.
ومن بين الخلافات الموجودة بين الإسلاميين واليساريين، والتي لا يمكن نُكْرَانُهَا أو طَمْسُهَا، أن الإسلاميين يعتبرون أن البشر خُلِق فقط لكي يَعْبُدَ اَلْإِلَه؛ وأنه يستحيل على البشر أن يُغَيِّرَ مصيره المُـقَدَّرَ عليه من طرف الإله؛ وأن الفَوَارِق الطبقية ناتجة عن إرادة إِلَهِيَة؛ وأن رِزْق كل شخص مُحَدَّد سَلَفًا من طرف الإله؛ وأن الاستغلال الرأسمالي وما يُرافقه من اضطهاد واستبداد، هي مظاهر طبيعية، وأبدية، ولَا يمكن إزالتها؛ وأن مصير البشر كان هكذا، ويجب أن يبقى هكذا. بينما يعتبر اليساريون أن مَصْدَر مُعاناة الكَادِحِين والمُسْتَغَلِّين هو نَمَطُ الإنتاج الرأسمالي؛ وأن هذا النَّمَط مُؤقّت، وأنه سيزول مثلما زال من قبله نمط الإنتاج الإقطاعي (féodal)، ونمط الإنتاج العُبُودِي (esclavagiste)؛ وأن الصراع الطبقي هو وحده الذي يُنتج التاريخ؛ وأن البشر هم وحدهم القادرون على تغيير واقعهم المُجتمعي؛ وأنهم قادرون على التحرّر من الاستبداد، والفساد، والتبعية، والاستغلال، والتخلّف، عبر الثورات المُجتمعية المتواصلة، التي يخوضها تحالف الكَادِحِين المُسْتَغَلِّين، والفلاحين الفُقَرَاء، وسائر الجماهير الشعبية التَوَّاقَة إلى الحُرِّيَة، والعدالة، والديموقراطية، وإلى التحرر الشامل.
وما دامت قوى اليسار ضعيفة، أو «غير مُؤَهَّلَة» لِقِيَادَة النضالات الجماهيرية الحَاشِدَة وإنجاحها، فَسَيَكُون خَاطِئًا دُخُولها في «تَـعَاوُن»، أو في «تحالف»، مع القوى الإسلامية الأصولية. وكُلَّمًا تَعاونت، أو تحالفت، قوى اليسار مع القوى الإسلامية الأصولية، وهي في حالة ضُعف استراتيجي، فَسَتَكُون النتيجة، في هذه الحالة، هي هيمنة القوى الإسلامية الأصولية على قوى اليسار، والتَحَكُّم فيها، والتَلَاعب بها، لتحقيق أهداف خاصّة بِالقوى الإسلامية الأصولية. وبعد تَـثْبِيتِ سَيْطَرَتِهَا، سَتَهْجُمُ القوى الإسلامية الأصولية على قوى اليسار، لِتَشْتِيتِهَا، ثم القضاء عليها. وإذا وَثِـقَتْ قِوى اليسار في النَّوَايَا الحسنة التي تُعْلِنُـها القوى الإسلامية الأصولية فَسَتَكُون ثِـقَتُها صِنْـفًا مِنَ المِثَالِيًّة. ويُمكن أيضًا أن تستقوي القوى الإسلامية الأصولية بِتَحَالُفِهَا مع الرِّجعيات العربية القائمة في الإِمَارات أو المملكات البِتْرُولِيَة، أو مع الامبريالية العالمية، لكي تُوَجِّـهَ الضَّرْبَة النهائية، أو القاتلة، لِقوى اليسار. وسَيَـتَّـضِحُ، في مثل هذه الحالة، أن التناقض الرئيسي مَوْجُود بين الشعب من جهة أولى، ومن جهة ثانية القوى الإسلامية الأصولية، والقوى الرجعية (الداخلية والخارجية)، والقوى الإمبريالية. ويمكن أن يأخذ هذا التناقض الرئيسي شكل حرب أهلية، مثلما حدث في عِدَّة بلدان مُسلمة (مثل سُورْيَة، وَلِيبْيَا، واليمن، ومصر، إلى آخره).
إن مِيزَة الأشخاص الذين يُدافعون عن فكرة «تحالف» اليساريين مع الإسلاميين الأصوليين، هي أنهم لَا يعرفون جَيِّدًا لَا اليسار، ولَا الحركات الإسلامية الأصولية. ولو عرفوهما جيّدًا، لَمَا طرحوا فكرة «التحالف» بينهما.



#عبد_الرحمان_النوضة (هاشتاغ)       Rahman_Nouda#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سُوءُ تَفَاهُم سياسي مُدْهِش
- نقد تعاون اليسار مع الإسلاميين
- أين وصلنا؟ وإلى أين نسير؟
- الحَلّ هو فَصْل الدّين عن الدولة
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ...
- نقد شعار ”المَلَكِيَة البَرْلَمَانِيَة“
- كل الجماعات الإسلامية خطر على الشعب
- حراك الجزائر يُؤَكِّد تَخَلُّف قوى اليسار
- فَنُّ الكِتَابَة
- حوار حول تَاكْتِيك النضال الجماهيري
- نقد الاستاذ محمد سبيلا
- نقد أنصار الرأسمالية
- لماذا تنعدم ”دولة الحقّ والقانون“ بالمغرب؟
- نقد مناصرة الرأسمالية
- نقد الصهيونية
- كيف نصلح التعليم؟
- الدّين والجنس (من الدّعوة إلى الفضيحة)
- نقد أحزاب اليسار بالمغرب
- نقد النّخب
- أية علاقة بين الدّين والقانون؟ الجزء الثالث


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الرحمان النوضة - لَا يَدْعُو لِلتَّحَالُف بين اليساريين والإسلاميين سِوَى من يَجْهَلُهُمَا مَعًا !