أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - العراقيون بين واقع البطالة وحلم التعيين!














المزيد.....

العراقيون بين واقع البطالة وحلم التعيين!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 6368 - 2019 / 10 / 3 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



"نريد الماء والكهرباء والتعيين"، بهذه الكلمات لخصت إحدى المتظاهرات العراقيات في تقرير تلفزيوني مطالب الحركة الاحتجاجية التي اندلعت مؤخرا في العراق وبدت وكأنها تنتشر كالنار في الهشيم. وهي مطالب تعجيزية بمعنى الكلمة الأمر الذي يوضح بجلاء المأزق الذي يمكن للحركة الاحتجاجية أن تقود العراق إليه.
يصعب تصور خروج الناس إلى الشوارع في الصين أو ألمانيا أو فيتنام أو الهند لمطالبة الدولة أن تقدم لهم بالمجان خدمات باهظة التكاليف كالماء والكهرباء أو أن توفر لهم وظائف برواتب مجزية في القطاع العام. لكن ذلك يعتبر قضية بديهية في دولة ريعية كالعراق حيث ينظر الجميع إلى الدولة كأم رحيمة أو بقرة حلوب يتنافس الجميع على تجفيف ضرعها.
من المؤكد أن تردي الخدمات وتفشي الفساد واستئثار فئة معينة بالجزء الأكبر من المال العام يشكل أرضية خصبة لتفاقم الاحتجاجات وتعميق أزمة النظام السياسي القائم على المحاصصة والتفاهمات غير المبدئية لتوزيع الثورة الوطنية. بيد أن الحل لن يكمن في شعارات تؤدي عمليا إلى مزيد من تبديد المال العام وتعميم الفساد ومنح الجميع حصة مناسبة فيه.
انطلقت موجة الاحتجاجات الأخيرة في البداية كحركة محدودة لما يدعى بحملة الشهادات العليا الذين حاولوا التظاهر في المنطقة الخضراء لمطالبة حكومة عادل عبد المهدي بتوفير وظائف لهم في مؤسسات الدولة وكأن ذلك حق دستوري لا نقاش فيه. غير أن فشل أجهزة الدولة في التعامل مع حق العراقيين في التجمع والتظاهر السلمي ولجوء قوات الأمن للعنف المفرط أدى إلى اتساع رقعة الاحتجاجات وإلى عنف مضاد وحرق لمبان حكومية ورفع شعارات سياسية جديدة كتجميد عمل مجالس المحافظات. كما دخلت أزمة الخليج على الخط حيث تحاول بشكل خاص وسائل الإعلام الممولة من السعودية التركيز على طابعها المناهض لإيران وتدخلها في العراق.
رغم خلط الأوراق وضبابية الصورة عن الدوافع والأسباب إلا أنه من الواضح أن العامل الرئيسي وراء موجة الغضب الجديدة هو شعور بالغبن لدى عدد كبير من العراقيين، وخاصة خريجي الجامعات، وعجز الدولة عن استيعابهم وتوفير فرص العمل التي يرونها حقا لهم.
يقوم هذا الشعور بالإجحاف والتمييز على حقيقة لا جدال فيها مفادها أن هناك فئة من الشعب العراقي، والتي تتمثل في طبقة موظفي الدولة، تلتهم الجزء الأكبر من الموارد النفطية دون وجه حق ضمن ظاهرة تفاقمت كثير بعد 2003. قبل سقوط نظام صدام حسين تراجع عدد الموظفين الحكوميين نتيجة لتدني الدخل وتضاؤل الرواتب إلى مستويات غير مسبوقة. غير أن الوضع تغيّر تماما بعد 2003 مع القرارات المتتالية لرفع الرواتب ما دفع الكثيرين للعودة إلى وظائفهم. في نفس الوقت ساهم ارتفاع أسعار النفط وعوائده حكومة نوري المالكي على فتح باب التوظيف الحكومي على مصراعيه في محاولة لتخفيف الاحتقان الطائفي والاجتماعي ولتحسين فرص فوزه في الانتخابات. وكالعادة كانت الوظائف المغرية والدرجات الخاصة من حصة ذوي القربى والأنصار والمدللين في صفوف الأحزاب المتنفذة. ومن دون شك أجج ذلك مشاعر المنافسة والحسد، لا سيما وأن الكثيرين من أصحاب المناصب لا يملكون من المؤهلات سوى مبدأ "الأقربون أولى بالمعروف".
نتيجة لسياسة التوظيف غير المدروسة وتوزيع الامتيازات بلا حساب ومحاولة تخفيف مشكلة البطالة بطرق غير فعالة أصبح العراق يحتل مراتب متقدمة في مجال عدد الموظفين الحكوميين الذين تحولوا إلى جيش يضم الملايين. لا أحد يعرف بالضبط عدد العاملين في القطاع العام، وهل هم أربعة ملايين أو خمسة أو أكثر. لكن هناك حقيقتان لا جدال فيهما. أولا: الجزء الأكبر من هذه العمالة هي في حقيقة الأمر عمالة فائضة تندرج تحت مفهوم البطالة المقنعة. في نفس الوقت يزيد مستوى الأجور في القطاع العام بشكل كبير عن مثيله في القطاع الخاص. ومن البديهي أن يزيد مبدأ "الدخل العالي والجهد القليل" من إغراء الوظيفة الحكومية، أو كما يقول المصريون "إن فاتك الميري، اتمرغ في ترابه". من هنا يمكن فهم مطالب ما يدعى بأصحاب الشهادات العليا والشعارات المتكررة بـ"فتح باب التعيين" والتي كثيرا ما يرددها المحتجون الشباب منذ سنوات.
غير أن هذه السياسة مسؤولة أيضا عن أهم مشاكل وتناقضات التنمية البشرية العراق بحسب تقرير الأمم المتحدة الجديد عن التنمية البشرية العربية. فهذا الجيش الكبير من الموظفين الحكوميين الحاليين والمتقاعدين يلتهم حصة الأسد من النفقات الجارية في ميزانية الدولية. وبالطبع فإن ذلك يأتي على حساب الاستثمارات وبالتالي على إمكانية خلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص. في نفس الوقت يؤدي فارق الدخل غير المبرر بين القطاعين العام والخاص إلى تعطيل القدرات المهنية لدى خريجي الجامعات وأصحاب الكفاءات وتحجيم المبادرات الخاصة.
لا يمكن حل مشكلة البطالة في العراق عبر أمر رئيس الورزاء عادل عبد المهدي باستيعاب حملة "الشهادات العليا" وإضافة آلاف جديدة إلى جيش الموظفين بدون عمل. الأحرى بالاقتصادي عبد المهدي أن يبدأ بحلول طويلة الأمد تقوم على تشجيع الاستثمارات ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وربط النظام التعليمي بمتطلبات التنمية والحد من ظاهرة تخريج مئات الآلاف من أصحاب الشهادات الذين لا يحتاجهم أحد.
لكن هذا الحل الطويل الأمد يتطلب أيضا تغيير رؤية المجتمع إلى الدولة. حتى الآن اعتاد العراقيون أن يمدوا أيديهم مطالبين الدولة بتوزيع الصدقات بلا مقابل، ومنها الخدمات المجانية والوظائف المجزية. ويبدو أن ذلك يأتي امتدادا لمفهوم "الراعي" و"الرعية" في الدولة الإسلامية. وهم مفهوم بال لا يتفق مع دولة المواطنة الحديثة.



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين الغرب الجديد وأنبياؤه وشهداؤه
- ابن خلدون والمعادلة الصعبة بين الدولة والاقتصاد
- الثورات العربية وأوهام التغيير
- مارشالات وعرفاء
- سعر الإنسان لدينا ولديهم؟
- هل سيتعلم المسلمون من نيوزيلندا؟
- الجيش العراقي ’’الباسل’’
- خاشقجي وتروتسكي وما بينهما
- من هو الرابح الأكبر من من وراء اختفاء خاشقجي؟
- الانفجار السكاني: أم القنابل
- الليرة والدينار وأوهام الطغاة
- وما تحالفوا ولكن شُبّه لهم!
- ذكرى ثورة تموز: ليس بالنزاهة يتميّز السياسي
- صحوة الموت للبرلمان العراقي
- الانتخابات العراقية: العتبة الانتخابية وكثرة الطباخين
- مقتدى الصدر وإغراءات السلطة الكاريزمية
- مصر: هل يُصلح الاقتصاد ما يُفسده السيسي؟
- كارل ماركس: نبيّ رغم أنفِه
- ماركس والعولمة
- هل انتهت الأحزاب في العراق؟


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - العراقيون بين واقع البطالة وحلم التعيين!