أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة: ما في وسعك من جنون














المزيد.....

قصة قصيرة: ما في وسعك من جنون


إيمان سبخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6368 - 2019 / 10 / 3 - 05:32
المحور: الادب والفن
    


ما في وسعك من جنون.. تفشّت نظــرتها فيه بالكامل، جثا على ركـبتيه مستجـديا أمه التي استحالت مع الوقت إلى صرّة من العادات.. الفقــر.. الكآبة.. الهزائم... و علاّقة أمنيات. ــــ زوجيني يا أمّا. تلحــفّت ابنها و فستانها الأحمر الوحيد الذي تحتفط به للمناسبات، بعدما اشترى لها ابنها حذاء جـديدا لتغطي الشقـوق من أثـر البرد و الطين... استعار قميص "لمخلّط" الذي كان عـريسا الشهر الفارط. قصدا بيتهم محكومين بأمل سعد الله.. استقبله والدها بالقهوة و أردفها بوابل من الأسئلة متقـصيا عن وضعه المادي.. ــــ ماذا تـشتغـل؟ من هو والدك؟ ــ أبي فلان.. أدرا مقلتيه كمحرك البحث.. لم تستقر عدستيه على اسم في القوائم العلوية لوجهاء القوم.. أجابه قبل أن ينزل بذاكـرته إلى أسفل القائمة حيث معشر الكادحين مقاطعا، أبي السعيد الملاّخ. الملّاخ الذي يرقّع الأحلام، كي لا تتسـرب من ثـقـوب الأحذية في ساحة المارشي، أوسعها وجه ابنته خضــرة... تحسّس لحيته الكثّة الطويلة البيضاء التي يتعهدها بالحناء و التمشيط، فبدى وجهه الأسمر متفحما بفعل أسفل ذقنه المشتعل كجذوة من نار.. تدحرجت الكلمة بخبث كأنها هاربة من الجحيم و سـرت في مفاصل "لبكيـري" ـــ نعطيهالك، أخدم على روحك.. طرده والده من البيت، خرج مغاضبا متهما بالحب و الأنانية، كان بارا لم يخـدش صوت والده ببنت شفة... لكن أنى لاسكافي اعتاد أن يتخلل الجلود بالإبر و المسامير أن يرفـق بغلاف روح ابنه العاشق. جعلته الحاجة يعمل في مهنتين، نشب أظافره في الصخور، لحس كل رمل الأغواط ليؤمن مبلغ المهر الشمس الحارقة هناك لا تطهــو الخبز... عليك إضافة رشة ملح و عــصرة عرق و نار تعوي من بين ساعديك. كان يرسل مبلغا إلى أمه لتــزيح من رأسها مهمة إطعام الأفواه التي تتضخم كل يوم... بعد ستة أشهر عاد بمبلغ المهر الذي اقتسمه بين جوربيه مخافة قطاع الطريق الوحيد الذي يفضي إلى وجه خضرة، يتفقدهما كل خمس دقائق و يعــدّ الأدراج التي تفضي إلى بيتها. استقبلته أمه بوجه واجم، اختلط عليها الفرح بالحزن... لم يفك شيفرة ملامحها... سألها عن خضرة بكت شدها بعنف؛ أفرغت جعبتها دفعة واحدة، يا ابني دس مهرك.. دس.. نسيبك مات، زوّج خضرة و مات... أشار إلى ذقنه ذاهلا... للّحية قدرة عبقرية على الغدر، دفع ضــريبة الكذبة من عقله. صاح صياح مكسور جفل من صوته كل حيوات الحي... من يـومها فمه مسكون بعبارة "الرّجلة.. آه يا الرّجلة، ينعل والديكم..." من يومها يسيح في الشوارع ملدوغا بأفعى رابح المخادع و الفقــر... و الأطفال يرشقـونه بالحجارة، لبكيري المهبول طلّق مرتو في ليكـول... لبكيري المهببببووول. يبات يبول.. يصافح وجهها في كل المارة، لم تسترح يمينه عن توزيع التحايا للآن إلا لحظة التبوّل، كل ما يؤلمه صداعها تحلّ عليه لعنة وجهها، جسدها الشوارع كلّها، آخرها وجه خضرة.. ثلاثون عاما يــركض و لا يصل، كلما تعب و قف عند جدار من جدران حارة اليهود المصمتة، ببيوتها المتشابهة كعلب الكبــريت و التي تخلو من النوافــذ بأبوابها كثيرة الأقفال... يبلغ لبكيري ذروته مستغرقا نفس المدة التي كان يقضيها اليهودي في فتح الباب لم يكن سـريع القذف إلا عندما يتكلم و يبلغ به الغضب ذروته، يلصق صورتها بسائله ثم يلف سيجارة لا يدخنها... يقتـرب لتـقبيلها تحول بينهما اللحية... يعاود الصراخ و الـركض، كل الجدران مرايا أفرطت في عكس صورتها... كل جمعة يشير إلى أحد المارة بأخذه للحلاق، تحممه أمه و ترشه بعطر "راف دور" الذي وضعه يوم كان ذاهبا لخطبتها. يذهب إلى قبر والدها يتقمص هيئة الساقي يمسك قضيبه بكلتا يديه ويــرش القبر متحــركا يمينا و شمالا لأداء صلاته المعتادة " الرّجلة آه يا الرجلة.. ينعل والديكم.." متبولا على الرجولة بملء مثانته من بول و جنون، ينعكس وجهها فتعود إليه حكمته التي أضاعها من جديد.. لمدة ثلاثين عام يتبول بركة حزن على قبر رابح و لم يغسل عاره الرجولي. نبتت شجرة أزاحت شاهد القبر، ثمارها على شكل قضبان مخصية كل جمعة يشب فـيها حرائق لا يطفـئها غير لبكيري... بعـدما ينتهي من سقياه، يطلق زفير من لا يملك جوابا... و يتـلـقف المكان حكمته رفقا بقلوب العشاق فهي القوارير.



#إيمان_سبخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة عنوانها: مكيرد
- قصة قصيرة: أزرار مفتوحة
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة: ما في وسعك من جنون