أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاني عبد الفتاح - قراءة في محاولة اكتشاف العقل العلمي العربي















المزيد.....

قراءة في محاولة اكتشاف العقل العلمي العربي


هاني عبد الفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 6366 - 2019 / 10 / 1 - 04:17
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


«العقل العلمي العربي: محاولة لإعادة الاكتشاف» تلك الدراسة التي صدرت عن مجلة "العربية "في عددها الثالث والسبعين بعد المئتين، للدكتور خالد قطب والتي تحاول الكشف عن أهمية تاريخ العلم إضافة إلى نقد موقف "تغريب العلم والمركزية الأوربية.

في البداية يبيّن المؤلف أهمية الوعي بتاريخ العلم فتاريخ العلم كما يصفه بأنه "هيكل تاريخ الحضارة". فالوعي بتاريخ العلم يعد محاولة هامة لإعادة اكتشاف العقل العلي العربي، وهذا من شأنه أن يساعدنا في الوقوف على المشكلات التي تواجهنا، كذلك أيضا تقييم تلك الحلول وفقا لمدى معقوليتها.

ومن ضمن الأشياء التي يؤكد عليها المؤلف قضية "تغريب العلم" وعلاقتها بـ"المركزية الأوربية" فيقول: «إن تقدم العلم لا يرجع إلى جهود فردية، بل يتجه لجهود جماعية. وهذا يعبر عن وحدة الجنس البشري فشجرة المعرفة لا يمكن تصور جذورها على أنها موجودة في بلد ما. بل جذورها عند كل عالم متحضر.. لأن العلم هو القادر على توحيد الأفكار، إنه الإرث الوحيد الذي يجد فيه الجميع حقوقه متساوية» [ص17-18]. كما إن العلم «ليس نتيجة جهد فردي.. بل نتيجة جهود مؤسسية اجتماعية كبيرة» [ص20].

ويتساءل المؤلف طارقا عبر أسئلته منطقة قاحلة البحث والدراسة، فيقول: هل العلم ظاهرة غربية في الأصل؟ وهل الدور الذي لعبه بعض مؤرخي العلم في تاريخ لم يكن خاليا من التأويل؟
ويجب المؤلف عن السؤالين بالسلب. فبالفعل كان هناك بعض الكتابات في تاريخ العلم تخدم على سبيل المثال أغراضا سياسية وسيادية. ليس هذا وحسب، بل هناك أيضا بعض المواقف كانت تخدم التوجه العنصري بين العنصر السامي والعنصر الآري.
ويدوّن "قطب" ملاحظة هامة في هذا الصدد ؛وهي أن المتبنيين لهذا الموقف من تغريب العلم معظمهم يؤرخون للعلم من خلال المنهج الاستقرائي دون النظر إلى العلوم الإنسانية، وكان العلم موضوع فقط للطبيعة.

«ففي النصف الأول من القرن العشرين نجد عددا كبيرا من مؤرخي العلم قد ساهموا بشكل كبير في ترسيخ مفهوم العلم على أنه ظاهرة غربية خالصة» [ص33]. مما يجعلنا نعيد النظر في مناهج وادوات مؤرخي العلم ..فكيف ذلك إذا كان «إذا كان تاريخ العقل الإنساني، والتفاعل بين العقل والخبرات التجريبية ومعطيات الحواس»[ص44].
لكن برغم انتفاء وطنية العلم وجغرافيته أو عنصريته؛ إلا أننا نرى مؤرخو العلم في بعضل الأحيان «موضوعات لمصالح وأهاف خاصة لا تتعلق بالعلم ذاته»[ص20].

"ليس للعلم وطن" كما كان يقول أحمد شوقي، وبالتالي فكونية العلم تصور تجعله هو المشترك الإنساني دون تحيز عنصري أو جغرافي، فإذا كانت الحواس هي مصادر المعرفة سواء كانت وحدها او معها غيرها؛ فليس ثمة حواس عربية وأخرى غربية، وبالتالي فليس هناك علم عربي أو غربي. بل العلم إنتاج بشري محايد.
«لقد حاولت بعض الدراسات إقناعنا أن العلم الغربي هو مصدر الحداثة والعقلانية الوحيد، إنه تقليد علمي عالمي، ومن هنا جاء الربط بين العلم الغربي وعالميته» [ص49].

«ولقد ساد اعتقاد راسخ في الثلث الأول من القرن العشرين في الدراسات لتاريخية العلم بأن الذي رسم فصول العلم هو العقل الغربي، وأن الحضارات والثقافات غير الغربية لم يكن لديها القدرة المعرفية والمنهجية والاجتماعية على المساهمة في هذا التاريخ .. وأن العرب لم يلعبوا أي دور في تقدم العلم في التاريخ وان العبقرية اليونانية هي التي أبدعت العلم القديم» [ص55].
ويذكرنا هذا الموقف بالموقف القديم الذي كان يثار في سؤال يقول: هل العرب يمتلكون القدرة على التفلسف أم لا؟ وهل الفلسفة الإسلامية عمل أصيل أم لا؟

فهو موقف قديم متجدد، تبناه (أرنست رينان) وغيره على أساس عنصري. ومما يلفت النظر في هذا الصدد أن هناك عمل أكاديمي كبير يسمى بـ (أثينا السوداء) لصاحبه "مارتن برنال" يرصد فيه المؤلف تاريخ هذا الموقف تجاه العقل العربي وتاريخ نشأة المركزية الأوربية. يوضح فيه كيف أن أسطورة اليونان لم تكن نسيجا على غير منوال وإنما أخذت من الشرق القديم كما أن المسلمون أخذوا منها بعد ذلك. فالعلم مشاركة لا استحوازا، والحضارة مساهمة لا احتكارا، لا فالعلم محايدا لا يفرق بين عرق او أرض.
ومن المفجع أن يدلنا صاحب (أثينا السوداء) على ان هذا النموذج من "تغريب العلم" لم يكن معروفا قبل النصف الأول من القرن التاسع عشر، وإنما تم تصديره بعد هذا التاريخ على أنه النموذج الأمثل.
«إن الدراسات الناقدة للعلم في ثمانينات القرن الماضي والتي يطلق عليها (دراسات ما بعد الاستعمارية) في فلسفة العلم كشفت أن مؤرخي العلم الغربي قد عملوا على تغريب العلم وتاريخيه، وقد انكروا مساهمات الثقافات والحضارات غير الغربية».[ص57].

ثمة موقفان تجاه التراث العربي، الموقف الأول هو موقف السالف من حيث "تغريب العلم" وسلب العقل العربية من أية مساهمة في علمية أو حضارية، وعلى الطرف الآخر نجد الموقف الثاني، وهو موقف المفاخر بأمجاد الماضي للتراث العلمي العربي القديم الباكي في نفس الوقت على أطاله، و يتسم هذا الأخير بأنه خطاب إنشائي انفعالي لإرضاء الذات من جانب، والتعويض عن الشعور بالنقص من جانب آخر آملا في اللحاق بمسيرة التطور والمساواة بينه وبن الاخر المتقدم.
وهذا الموقف يصفه "قطب" بأنه "انتقائي" ، «يلجأ معظم أصحابه إلى الاستشهاد بأقوال بعض مؤرخي الغرب المنضمين للعلماء العرب وإنجازاتهم العلمية» [ص70].

الموقف الأول ينفي عن الأول أية مساهمة حضارية، فيقوم الثاني بالدفاع عن تراثه كمحاولة لرد الاعتبار، فتكون المواقف عبارة عن ردود أفعال، النفي فعل والإثبات رد فعل، تغيب فيها الموضوعية وتحل الذاتية، يغيب فيها العقل النقد ويحل محله العقل الدفاعي فيهل خطاب التبرير محل خطاب التحليل.

ومن ثم فإن تكشف هذه الدراسة عن المساحة الرمادية التي تقبع بين اللونين الأسود والبيض و بين موقفين انفعاليين، بين المدح والذم، بين منطق "إما او" فكل من المدح او الذم ليستا أساليبا علمية ولا من أدوات ومنهجية العلم، بل هما معبران عن موقف انفعالي يمثل الفعل ورد الفعل. الذم فعل والمدح رد فعل له، وأحيانا يكون المدح فعل والذم رد فعل له.

بعد ذلك يطرح المؤلف سؤالا مشروعا حول غياب "العقل العلمي" عن مشاريعنا العربية؟ وفي الواقع ليس فقط العقل العلمي وحده بل العقل التقدمي بصورة اعم. لكنه سؤال ممزج بحيرة من جانب المؤلف، ومرجع هذه الحيرة ربما يعود إلى تأثير العقل العلمي في الوعي العربي، بحيث إنه لم يشكل شيئا من العقل العربي على المستوى النظري والعملي.

وقبل ان يغادرنا المؤلف يقدم يسوق لنا عرضا نقديا لمشاريع عربية تناولا العقل العلمي العربي في أعمالها مثل العروي وحسن حنفي والجبري. ثم إن "قطب" لم يتركنا قبل أن يشير إلى ملامسة حالة العقم التي انتابت الوعي بثقافة العقل العلمي في الثقافة الحاضرة، وإلى مسألة البيئة الحاضنة للعقل العلمي "فالمجتمع المتقدم لا يفرض قيودا على علمائه ومفكريه وهذا ما حدث في شتى عصور الازدهار" إشارة منه نحو علاقة الحرية بالإبداع.

لقد كانت النهضة العربية الأولى قرارا مؤسسيا من السلطة الحاكمة متمثلا في قرار المعتصم بتأسيس "بيت الحكمة" مرورا بحركة النقل والترجمة حتى كان الانتاج والإبداع، إذ إن النهضة كانت قرارا سياديا وليست عملا منفردا، ومن ثم ؛ تستفزنا مثل هذه الحالة النهضوية الأولى إلى إسقاط تلك الحالة على الحالة الراهنة وربما أيضا الكشف عن أسباب فشل المشاريع الفكرية العربية المعاصرة إلى سؤال جدل النهضة بين الثقافة والسلطة. فهل النهضة قرار سيادي أولا أم إنها رغبة جماهيرية؟



#هاني_عبد_الفتاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الدين والعلم
- أزمة الحقيقة في حياة برتراند راسل
- نقد الفلسفات الحديثة والمعاصرة بمنطق الفلسفة الإسلامية:
- -العقل- فاعل، و-النص- مفعول:
- خدعة مفهوم الوطنية
- هل تغير مفهوم الإله في الفكر الغربي؟
- قراءة في مشروع زكي نجيب محمود الفكري


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاني عبد الفتاح - قراءة في محاولة اكتشاف العقل العلمي العربي