أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6365 - 2019 / 9 / 30 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


لا تكتملُ دائرة القرابة، المرتبط بها مصيرُ بطلة سيرتنا، " لَيْلو "، لو لم يُذكر شيءٌ عن ذلك الفرع من شجرة العائلة، الذي كان من ثماره رَجُل البطلة نفسه؛ المدعو " عَليْكي آغا ". ثمة إشاراتٌ نادرة عن نشأته الأولى، يُمكن ملاحظتها من سياق الحديث بشكل عام. وإذ ولجنا في متن الرواية، فلا مندوحة من طيّ بعض صفحات ذلك السياق ريثما يحين وقت إظهارها للقارئ. كذلك من المهم، هذه المرة، لفت النظر إلى إشارة تخصّ الكاتب: طريقة كتابة أسماء الشخصيات، بلفظها الكرديّ؛ وتحديداً، فيما لو كانت الأسماء عربية أو ذاتَ مدلولٍ إسلاميّ.
أسرة ليلو، مثلما سبقَ وذكرنا، استمدّت بعضَ قوتها في الغربة من دعم " حُسَينو " وبصفته القريب الأكثر وجاهة في العشيرة. هذا برغم ما عرفناه عن الحال الميسور للرجل، الذي كان كأغلب أبناء الحارة لا يمتلك أرضاً في بساتين الحي. ولكن وجاهته ربما أتت من وظيفته لدى الدولة، أكثر مما سيُعرف به من لدُن الأجيال اللاحقة كمتبحّر في علوم اللغة العربية وآدابها. بالطبع، لم تفده سوى اللغة العثمانية في تدبير معيشته ـ كباشكاتب في ديوان الولاية. أما الكردية، فمن النافل القول أنّ كل من في الحي يتكلم بها إن كان وجيهاً أو صعلوكاً. إلى الفئة الأخيرة، كان من الممكن أن يسقط " مُوْسي "، والد بطلتنا.. على الأقل، في بداية حلوله بالحارة. بيد أنّ سقطة كهذه، لأحد أولاد العم، لم يكن ليسمح بها حسينو طالما أنها تقلل من قَدْره قبل كل شيء.

***
في تلك الآونة، كما ذكرنا مراراً، كانت معظم بساتيننا من أملاك ساكني الحي المجاور؛ الصوالحة. هؤلاء، بقيَ الكثيرُ منهم محتفظاً بما يثبت انتماء أرومته لدوحة بني أيوب. مع أنهم استعربوا عموماً، سواء من ناحية اللغة أو الحالة النفسية. مع ذلك، عليهم كان أن يتقبلوا جيرةَ الحارة الكردية الغامضة، والتي راحت تكبر رويداً مثل عش زنابير في جدارٍ تغطيه فروع أشجار التين والتوت. ولا ندري، كيفَ كان وقعُ تسمية " صالحية الأكراد " على أولئك المستعربين، والتي سارت بيُسر على ألسنة الشوام؟
إنما المؤكد، أن ثمة هماً أكثر أهمية كان آنذاك يشغل بالُ الأولين: حوادثُ سلب الخضار والثمار، وحتى الدواب والدواجن، المتزايدة يوماً بعد يوم، والتي كانوا لم يألفوها قبلاً في بساتينهم إلا في حالاتٍ فردية نادرة. لعلهم تساءلوا أيضاً، ما لو تغيرت أخلاق الناس بعد موجة السلب، منقطعة النظير، التي كان ضحيتها الحي المسيحيّ قبل نحو عقد من الأعوام وشارك فيها أفرادٌ من جميع الأحياء علاوة على صنوف العسكر والغرباء من خارج المدينة؟
عند ذلك نصح أحدهم القومَ، بالتوجه إلى أرفع الناس وجاهة بين معشر أهل السلب، المشتبَهين. واعتبرَ حسينو مجردَ السماع لشكواهم أنه من باب الأدب، وأن لعبه دورَ النمّام على بني جلدته غير وارد البتة. بل حتى تقديم النصيحة بهذا الشأن، عدّه ليسَ مقبولاً لأنه كما لو أنه اعترافٌ بكون أولاد حارته هم المذنبون.
عندئذٍ، وبينما رأسُ الوفد يردد مع أصحابه جملة، " لا سمح الله! "، بادرَ هذا إلى طرح حلّ للمشكلة لعله يُرضي الطرفين، " يعيّنَ الوجيهُ شخصاً، يعرفه حق المعرفة لناحية الشجاعة ورفعة الأخلاق ـ كمسئول عن عدد من نواطير الليل كي يحموا أرزاق المزارعين، وذلك في مقابل جراية معلومة؛ فضلاً عن تزويد النواطير أولئك ببعض غلال مواسم المزارع من خضار وحبوب وفاكهة ". لا ندري حقاً ما إذا كان الوجيه استمر على قلقه، يمسحُ على لحيته الوقور، النامي فيها زغبٌ ناصع، أو أنه تقبل على الفور ذلك الاقتراح: الثابت، على أيّ حال، معرفتنا بخبر مبتدأ المهنة العريقة، التي دأبَ أفرادٌ من آلنا على مزاولتها حتى منتصف سبعينات القرن العشرين.

***
تلك المهنة، أنيبت أولاً لوالد ليلو، مع أنه قد يكون مؤهلاً لها بحُكم شجاعته، حَسْب. مهما كان الأمر في واقع الحال، فلولا اغتناء الرجل من مهمة حراسة البساتين، بحيث أنه بنفسه صار ملاكاً صغيراً، ربما لم تكن بطلة سيرتنا لتبصر نور الحياة. " موسي آغا "، وهذا أضحى لقبه العتيد منذئذٍ، سرعان ما اقترن بامرأة أخرى أنجبت له ابنته الوحيدة قبل أن تُسلم الروح. زوجته الأولى، كانت تلد الطفلَ تلو الآخر ثم تسلّم كلاً منهم لحفار القبور قبل أن يُكمل العام أو بعضه.
لقد عبرَ معظمُ أطفال آلنا إلى السماء بالطريقة نفسها، في ذلك الزمن، مرضى بشتى أنواع العلل من حمى وحصبة ونزلة برد و.. إضافة لما تيسّرَ من الأوبئة: كأنما رُسم لبطلة سيرتنا مصيرُها مذ لحظة خروجها من رحم الأم المحتضرة؛ هيَ ليلو، مَن ستقضي نحبها مع معظم أفراد عائلتها في جائحة الطاعون، التي اجتاحت موطنَ الأسلاف في فترة الحرب العظمى.







#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 1
- عاشوريات
- عصير الحصرم 76
- عصير الحصرم 75
- عصير الحصرم 74
- عصير الحصرم 73
- غرائب اللغات 2
- عصير الحصرم 72
- واقع، حلم ثم كابوس
- الصعلوك
- مدوّنات: إخباريون وقناصل/ القسم الثاني
- الحطّاب العجوز
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 7
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 6
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 5
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 4


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1