أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جورج كتن - الأمازيغية والكردية صنوان















المزيد.....

الأمازيغية والكردية صنوان


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1554 - 2006 / 5 / 18 - 11:22
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


تعتقد أنظمة وقوى سياسية عربية أن طرح مشكلة الأقليات في المنطقة العربية شرقها وغربها، "مؤامرة إمبريالية" لشرذمة الأمة الواحدة، وفي المتخيل دائماً اتفاقية سايكس- بيكو أوائل القرن العشرين وإنشاء دولة إسرائيل في منتصفه. "لماذا الآن؟" كما يسارعون للقول، ولربط أية مطالب للأقليات بأوهام التفتيت.

إن هجر التهويل السياسي يمكن من ملاحظة الوقائع والحقائق العالمية، ففي ظل انتشار الأفكار الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير للجماعات في النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت الأقليات تطالب بالاعتراف بهويتها وتميزها مستفيدة من الأنسنة المتزايدة للعلاقات البشرية، إذ تنتسب للأمم المتحدة حالياً حوالي مائتي دولة، بينما الاتنيات القومية والدينية في العالم تقارب السبعة آلاف. هذا لا يعني أن العالم سائر نحو التفتت، فهناك اتجاهان عالميان متعاكسان: الأول يسير نحو تأمين حقوق الأقليات على أساس الهوية المختلفة وحقوق الجماعات، والثاني يسير نحو المزيد من توحيد العالم، ليس بناء على الانتماءات القومية أو الدينية، ولكن على أساس المصالح الاقتصادية والأمنية والبيئية المشتركة.

مطالبة الأقليات بحقوقها ظاهرة عالمية الطابع وغير مختصة بالعرب، ففي بريطانيا نال الاسكتلنديون والويلزيون بعد كفاح طويل حكماً ذاتياً وبرلمانات خاصة، كذلك الكتالونيين في أسبانيا، وفي فرنسا أقر للكورسيكيين بهوية خاصة وللبريتانيين بحقوق ثقافية، وفي كندا تمتع الكويبيكيون بالحكم الذاتي وناضلوا من أجل الانفصال الذي لم تقبل به الأغلبية في استفتاء عام. ولا أحد يجهل كيف سعت معظم القوميات في الاتحاد السوفييتي السابق والاتحاد اليوغوسلافي وتشيكوسلوفاكيا للحصول على استقلالها، وبعضها مستمر في المحاولة مثل الشيشان...ولا يمكن نسيان الصراع الذي أدى لانفصال بنغلادش عن باكستان وتيمور الشرقية عن اندونيسيا، ونشاطات حركات الأقليات القومية والإسلامية للحصول على حقوقها في الهند والصين وإيران وأفغانستان وباكستان وتركيا ....

هل يقتنع حراس القومية العربية والأصولية الإسلامية بأنهم ليسوا مستهدفين "بالمؤامرة العالمية التقسيمية"، ويلتفتوا لوضع الحلول الواقعية والعقلانية لمشكلات أقلياتهم؟ فالمشكلات رغم الاختلافات تتشابه في الكثير من جوانبها، فالأمازيغية في المغرب كما الكردية في المشرق تتمحور حول لغة خاصة جرى الحفاظ عليها في التراث الشفهي ثم دونت حديثاً بأحرف لاتينية وأحرف عربية، وتتميز بلهجات متباينة، وللأمازيغ مثل الكرد تاريخ وعادات وحضارة قبل الفتح العربي، وقد جرى التنكر للأمازيغية والكردية حيث أرجع البعض الامازيغ لقبائل عربية قدمت من الجزيرة العربية قبل الإسلام، واعتبر الكرد أتراك الجبل. كما يتناثر الأمازيغ، مثل الكرد، في أكثر من دولة، في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والنيجر ومالي..

الامازيغ كانوا من رواد التحرر من الاستعمار الفرنسي ومن مؤسسي جبهة التحرير الجزائرية ومنهم ديدوش مراد وكريم بلقاسم وحسين آيت أحمد.. وفي الجانب الكردي يوسف العظمة وإبراهيم هنانو...وتعرض الطرفان لقمع الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال، فصعدوا احتجاجاتهم ضد سياسات الأنظمة التي سعت لطمس التمايز الامازيغي والكردي، ففي الجزائر اندلعت الحركات الاحتجاجية المطلبية في مناسبات عديدة أهمها في نيسان 1980 بسبب منع السلطة لمحاضرة عن الشعر القديم الامازيغي، قمعت الحركة وسميت بالربيع الأمازيغي ويجري إحياء ذكراها كل عام، ثم الاحتجاجات الكبرى في العام 1998 إثر اغتيال المغني معطوب الوناس المتحمس للغة والثقافة الأمازيغية.

أكبر الاحتجاجات اندلعت في نيسان 2001 إثر مقتل شاب أمازيغي بالتعذيب في مخفر للشرطة، مما أدى لانتفاضة عمت كل مناطق الجزائر أدت لمقتل ما يزيد عن مائة وجرح الآلاف رغم أنها لم تتجاوز مطالب الإقرار حق المغايرة الثقافية والاعتراف بالهوية الأمازيغية واللغة كلغة رسمية إلى جانب العربية، ومحاكمة المسؤولين عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين. ويمكن للمتابع للاحتجاجات الكردية ملاحظة أوجه التشابه، وخاصة حركة الاحتجاج والمطالبة الكردية في ربيع القامشلي الماضي التي بدأت بعد تحرش في مباراة كرة قدم.

الحركة الأمازيغية المغربية أقل صخباً لتوفر هامش أكبر من الحريات، حيث اتخذت طابع المطالبة بتغييرات في الدستور للاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية مساوية للعربية والالتزام بتطويرها، وهي من المطالب التي عمل للحصول عليها الكرد في العراق، إذ اعترف الدستور بهويتهم ولغتهم المتميزة، باعتبار الدستور مجال للاعتراف الثابت بالتعدد اللغوي والثقافي، فدستور جنوب أفريقيا مثلاً يعترف بإحدى عشر لغة رسمية ويطالب بتطويرها ورغم ذلك لم تتفتت الدولة!

تداخلت مع الحركة من أجل ثقافة متميزة مطالب تنموية لتحسين الظروف المعيشية ومكافحة البطالة، فقد التقى الغبن الثقافي بالغبن الاجتماعي، فمناطق الامازيغ، والكرد أيضاً، شهدت تنمية أقل من مناطق أخرى. كما امتزجت المطالب الثقافية والاجتماعية بمناهضة أنظمة استبدادية وفاسدة دون الخروج عن التمسك بوحدة البلاد، فالحركة الأمازيغية في المغرب كما الكردية في المشرق جزء من الحركة الديمقراطية الشاملة في بلادها.

تتشابه الأمازيغية مع الكردية أو قد تختلف أحيانا حسب القوى السياسية المكونة لها، في كون المشروع الديمقراطي الأمازيغي هو علماني أيضاً، حتى أن البعض يتهم الأمازيغ بأن إسلامهم سطحي، بالاعتماد على أن أعرافهم التي يطالبون بتطبيقها مخالفة لأحكام الشريعة وذات أصول وثنية، فقد اتهم زعيم جماعة العدل والإحسان الأصولية المغربية الأمزغة بأنها "نزعة شيطانية وكفر باللسان العربي وبالتالي كفر بالله"، ولا يختلف ذلك عما يدور في أذهان بعض المتشددين العرب من أن الكرد لم يتخلصوا تماماً من الديانة الزارادشتية.

اضطرت الأنظمة المغربية بعد عملية طمس وتهميش فاشلة للاعتراف ببعض الحقوق الأمازيغية ففي الجزائر أقرت اللغة الأمازيغية في الدستور كلغة وطنية، وهناك نشرات أخبار ومطبوعات بالأمازيغية. وفي المغرب أنشأ الملك معهداً للثقافة الأمازيغية واعترف بها كجزء من الهوية المغربية وسمح بتدريس اللغة في المرحلة الابتدائية. إلا أن الحركة الأمازيغية اعتبرت الإعلان الملكي غير كاف إذا لم يثبت في الدستور، وطالبت بد سترة العلمانية واعتبار الأعراف الأمازيغية مصدراً من مصادر التشريع، ودسترة اللامركزية الإدارية والمساواة بين لغتين رسميتين. وهذا يذكر بحصول الكرد في العراق على الاعتراف الدستوري بالقومية الكردية واللغة الكردية كلغة رسمية وبالحكم الذاتي لمناطقهم، بينما في سوريا اقتصر الاعتراف الأخير بتميز القومية الكردية، على حديث صحفي رئاسي غير مضمن في الدستور.

تقلق الأنظمة عادة على سلطاتها من الإصلاحات الديمقراطية والاعتراف بمطالب الأقليات الراهنة خشية الاضطرار للموافقة على المزيد في المستقبل، بينما ثبت في المغرب كما في المشرق أن التجاهل والتردد سيزيد الاحتقان ويؤدي لكوارث، وربما لانتشار أوسع لقوى سياسية تدعو للانفصال، " فالحركة من أجل الاستقلال الذاتي" في منطقة القبائل برئاسة "فرحات بهني" المحدودة التأثير حالياً تطالب بحكومة خاصة وبرلمان محلي وقوانين وقوات أمن خاصة وتطالب باستفتاء حول الاستقلال الذاتي، كما أن حركة الاستفتاء في كردستان العراق، التي تدعو لاستفتاء حول إقامة دولة كردية مستقلة، تتوسع كلما تزايد التنكر لحقوق الكرد الذين رضوا بأغلبيتهم بالفيدرالية الاختيارية.

لا يفيد البحث في التاريخ عن جذور تثبت مزاعم كل طرف، المهم أن الأقليات في المغرب والمشرق ترى أنها مختلفة ومتميزة، لذلك فالحل الإنساني والديمقراطي هو الإقرار بأن الاختلاف ليس عيباً والمختلف ليس عدواً، وبأن تحقيق مطالبه، الطريق الأسهل والأقل كلفة للحفاظ على وحدة البلاد برضاء الأطراف المختلفة وبتوافقات مشتركة.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواجهة بين التنوير والظلامية في البحرين
- رسالة مفتوحة للإخوة في التحالف الكردي والجبهة الكردية
- حماس في فخ السلطة
- نعي موقع - مرآة سوريا تحجبت بإرادتها
- وصول الإسلاميين للسلطة ليس نهاية التاريخ
- تناقضات المعارضة السورية
- اقتراحات لبرنامج ليبرالي سوري
- لماذا لم تعد المسألة الفلسطينية قضية مركزية عربية
- شوكت غرز الدين -مواطن- من صلخد
- -2006 ربيع دمشق-
- هل تنحسر المسيحية عن موطنها الأول المشرقي؟
- من كان بلا خطيئة فليرمه بحجر
- هل تقود النجادية للفاشية والشوفينية؟
- تحالف عربي كردي للتغيير الديمقراطي السوري
- العقلية القديمة في قراءة -إعلان دمشق- أعضاء المؤتمر القومي ا ...
- المؤتمر القبطي العالمي الثاني - ضمان حقوق الأقليات جزء من ال ...
- في المسألة القبطية -العلمانية هي الحل-
- إعلان دمشق يستبق تقرير ميليس
- جمهورية الفاكهاني لن تعود
- غزة غابة سلاح, أم نموذج لدولة فلسطينية قادمة


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جورج كتن - الأمازيغية والكردية صنوان