أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا صالح - عبد الناصر الحي الباقي في قلوب الشعوب















المزيد.....

عبد الناصر الحي الباقي في قلوب الشعوب


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6364 - 2019 / 9 / 29 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا يحتفظ جمال عبد الناصر بكل هذا الحب في داخل ملايين من المصريين والعرب رغم مرور كل هذه العقود على وفاته؟ لماذا يثير جمال عبد الناصر كل هذا الجدل كل عام حينما تمر ذكرى رحيله أو ذكرى قيام ثورة 23 يوليو 1952؟ لماذا نستعيد مشاهد جنازة جمال عبد الناصر التي عدها العالم أكبر جنازة في التاريخ؟ لماذا أقام ملايين العرب جنازات مصغرة في مدنهم الصغيرة وقراهم؟ لماذا نستعيد مقولاته الخالدة حينما نتعرض لهزات نفسية واجتماعية ونحن نواجه ظروفا سياسية وعالمية نشعر فيها بالقلق على هويتنا القومية العربية؟
لا يختلف اثنان، سواء من المؤيدين أو المعارضين لحكم عبد الناصر حول شخصيته التي غيرت في التاريخ السياسي والاجتماعي لمنطقتنا العربية، بل أثرت في مناطق كثيرة من العالم. وبعد مرور كل هذه العقود، والكشف عن وثائق تاريخية غربية تتعلق بفترة حكمه والصراع العربي الإسرائيلي حول هوية الدولة الفلسطينية يتأكد للكاره قبل المحب أنه كان رجلا وطنيا نزيها لم يشغله سوى الحفاظ على وحدة الدول العربية ومواجهة الحركة الصهيونية العالمية التي أرادت تهويد كل الأراضي الفلسطينية وليس القدس فقط.
لكن هل ما خلد جمال عبد الناصر هو الدور التاريخي والسياسي فقط؟ ما جعله يحيا بيننا كل هذه العقود هو الدور السياسي فقط؟
لقد أصبح عبد الناصر شخصية عالمية، لا يقل أهمية عن جيفارا وغاندي ومانديلا، فقد أطلق أسمه على شوارع وميادين في إفريقيا و أمريكا اللاتينية، وأدرج ضمن أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم في القرن العشرين، حيث ساعد كثير من الدول في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية للتحرر من الاستعمار والمد الامبريالي الغربي. ورغم العداء الشديد له من الغرب الأمريكي والأوربي إلا أنهم لم ينشروا أي وثيقة تاريخية تدينه في نزاهته ووطنيته، ورغم ذلك لم يكن كل ما سبق هو ما خلد عبد الناصر في قلوب الشعوب العربية عامة والشعب المصري خاصة، فما الذي فعله جمال عبد الناصر جعله يحتل القلوب ويعيش حيا بيننا رغم رحيله بجسده منذ ما يقرب من خمسة عقود؟
أتصور أن العدالة الاجتماعية التي اجتهد جمال عبد الناصر في تحقيقها هي ما جعلته خالد في قلوب المصريين، وأقول اجتهد ولم أقل حققها لأن حتى العدالة الاجتماعية التي كانت منبنية على فكر سياسي يساري يؤمن بحقوق مشاركة الجميع في مقدرات الدولة عليها تحفظ من البعض، فهناك من يرى أن حقق العدالة الاجتماعية للمصريين بتوزيع الأراضي التي كان يعمل فيها المصريون خدما وعمالا لدى طبقة البشوات والرأسماليين من الأسرة العلوية والأتراك الذين نهبوا خيرات مصر، كذلك بإنشائه المشروعات القومية الكبرى مثل : صناعة الألمونيوم والحديد والصلب و النسيج والأسمنت وإنشاء السد العالي مما وفر للمصريين فرصا حقيقية للعمل والكد بعيدا عن الاستعباد الذي كان يمارس ضدهم من الطبقة الرأسمالية، كذلك إتاحة الفرص العادلة والمتساوية أمام أبناء المصريين للتعليم المجاني، كل ذلك يحسب له في فرض العدالة الاجتماعية التي أشعرت كثيرا من المصريين بآدميتهم وحقوقهم الإنسانية، حق العمل وحق التعليم وحق العلاج والحياة الصحية للجميع.
لكن هناك فريق من المصريين يرون أن ما نطلق عليه عدالة اجتماعية كان إهدارا لمقدرات مصر، وأنه بتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين قام بتفتيت الكتلة الزراعية، مما أدى إلى تدهور النظام الزراعي والصناعي والتجاري في مصر، فبعد جودة المنتج الزراعي المستخرج من الإقطاعيات التي تخضع لنظام ري واحد ومبيدات وأسمدة واحدة ودورات زراعية محددة وإنتاج ضخم يتم من خلاله مراحل تجارية وصناعية لاحقة، كل ذلك ـ بحسب هذا الرأي ـ أدى إلى تفتيت الرقعة الزراعية، مما أثر على حال الزراعة في مصر حتى اليوم.
كذلك يرى هؤلاء البعض أن نزع ملكية الأراضي من كبار الملاك ومنحها للمصريين الفقراء والمعدمين يعد اغتصابا للحقوق ومنحها لمن لا يستحق، فهجر مصر العديد من الرأسماليين، وأغلق العديد من الصحف و أمم المصانع والشركات المصرية والأجنبية، مما أثر على الاقتصاد المصري الذي كان فيه الجنيه المصري أعلى قيمة من الدولار!.
إن الفقراء والبسطاء كانوا يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع المصري، وقد اهتم ناصر في المقام الأول بهم، وكان همه الاجتماعي الأول أن يتيح لهم هم فرصا اقتصادية واجتماعية كبيرة تتمثل في التعليم المجاني والحصول على مراكز مرموقة ومتعددة في الدولة، والقضاء على أي تمييز بالوساطة والمحسوبية، وإتاحة الفرص العادلة أمام الجميع للالتحاق بالجامعات والكليات، سعيا لأن يتبوأ أبناء البسطاء والفقراء مراكز داخل القوات المسلحة والشرطة وأن يطمحوا إلى ن يصيروا أساتذة بالجامعات وأطباء ومهندسين وغيرها؛ مما فتح الباب أمامهم كي يرتقوا في المستويات الاجتماعية لا شرط أمامهم سوى الكفاءة والتميز.
إن الفرص التي أتاحها عبد الناصر لتلك الشرائح الاجتماعية الكبيرة من العمال والفلاحين جعلت الشعب لا يرى فيه زعيما سياسيا يأمر بسجن معارضيه السياسيين فقط، بل تراه زعيما اجتماعيا بسيطا محبا للناس يصافحهم في المناسبات الخاصة ويتصور معهم دون أن يحيطه الحرس والعسكر من كل ناحية. إن قلقه من أجل هؤلاء البسطاء يرويها التاريخ القريب حتى أنه كان يفزع من نومه لو أخبره حراسه بأن هناك مواطنا أو مجموعة مواطنين يعانون أو يتعرضون لظرف اجتماعي ما، وما يرويه أعداؤه من أن قوانين التي وضعها كذلك كان هناك اهتمام بشريحة الفلاحين والعمال، فقوانين الإصلاح الزراعي مكنت الفلاحين من تملك الأراضي الزراعية وتوفير دخل من قوت عملهم ومن ملكيتهم دون أن يكونوا أجراء عند أصحاب الملكيات الكبرى، أما العمال فنالوا فرص كبيرة من خلال المصانع التي تم بناءها وأصبحت النظرة للمظهر العام وزى العمال نظرة فخر.
يروى لنا التاريخ وكل المقربين منه أنه عاش حياة بسيطة. لم تختلف كثيرا عن حياة الطبقة المتوسطة ، فقد كان والده يتقاضى راتباً قدره 20 جنيهاً يكفي بصعوبة للإنفاق على أسرته، وهو ما جعل الرئيس الراحل يشعر بالفقراء وينحاز لهم في كل قراراته عقب توليه رئاسة مصر. وعقب توليه الرئاسة لم يعش حياة البذخ التي يعيشها رؤساء وحكام الجمهوريات، بل ظل بسيطاً يشتري قماش ألبسته من محافظة المحلة ويتوجه به إلى "ترزي" بالقاهرة لتفصيلها. كان يأكل طعام الطبقة المتوسطة في مصر: وجبة غداء من أرز وخضروات مثل الكوسا أو البامية، وكان يتناول اللحوم والأسماك. كما أنه استدان من بنك مصر ليزوج إحدى بناته.
وحسب وثائق رسمية معتمدة فقد ترك الرئيس مبلغ 3718 جنيهاً فقط وسيارة كان يملكها قبل الثورة وأثاث بسيط في البيت إضافة إلى بعض الأسهم التي كان يملكها أي موظف عادي في مصر.ربما لكل هذه الأسباب السابقة سيظل جمال عبد الناصر حيا في قلوب محبيه، وحيا أيضا في وعي وعقول كارهييه.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يتوقف المصريون عن لوم عبد الناصر على معاناتهم؟!
- فاز محمد صلاح وأخفقنا نحن!
- يوميات امرأة في ميدان التحرير
- في كراهية خطابات الصهاينة العرب ..يوسف زيدان وخطاب مغازلة ال ...
- الخطاب الغلافي في رواية العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء لل ...
- انتظار الذي لا يأتي في رواية سعيدة هانم ويوم غد من السنة الم ...
- ملتقى الشباب في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثامنة ...
- جسد ضيق أم روح متمردة لهويدا صالح ..قراءة د. سيد نجم
- رواية جسد ضيق لهويدا صالح ..مقال لممدوح النابي
- ممرات الفقد: فتنة الجسد وبلاغته ، مقال الناقد السوداني زهير ...
- جماليات العرض في باليه فتاة متحررة وباليه جيزيل ..قراءة مقار ...
- رواية جسد ضيق وكشف المسكوت عنه في حياة الراهبات مقال دكتور ...
- مقال الناقد سيد الوكيل عن رواية جسد ضيق
- الشغف المصري في كتاب فرغلي عبد الحفيظ
- التحيّزات الثقافية والحضارية وأثرها على العمران والمدينة الع ...
- جهود فاطمة المرنيسي في مساءلة التراث العربي .
- التفاعلات النصية في ديوان -بياض الأزمنة - لعلي الدميني
- اشتغال الأدب الشعبي في -حكايات شاي الضحى -
- دور المثقف في صناعة المجتمع..قراءة في كتاب -واحد مصري- لوليد ...
- السوسيولجيا السياسية في رواية أوقات للحزن والفرح


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا صالح - عبد الناصر الحي الباقي في قلوب الشعوب