أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - فتاة الليل تقتحم عالم الكتابة














المزيد.....

فتاة الليل تقتحم عالم الكتابة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6352 - 2019 / 9 / 15 - 11:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تشجعت الفتاة الصغيرة، عمرها خمسة عشر عاما، وقررت أن تنشر قصيدتها فى مجلة الشعر، وإن ذهبت إلى مكتب رئيس التحرير دون موعد، ستبقى واقفة أمام بابه حتى يخرج الشاعر وتعطيه القصيدة، خرج الشاعر من بابه بخطوته الواسعة السريعة، كان يرتدى بدلة رياضية زرقاء والحذاء الكاوتش الأبيض، أقبلت عليه الفتاة مترددة متوجسة متوقعة أنه سيطردها من طريقه، لكن الشاعر استقبلها بابتسامة رقيقة أدهشتها، سألها: أتحبين رياضة المشى على القدمين مثل كتابة الشعر؟

قالت نعم، تعودت أن تقول «نعم» خوفاً من العقاب أو الحرمان من رضا الناس، دعاها الشاعر إلى النادى لرياضة المشى تحت الشمس، سألها عن حياتها، فاندهشت، لم يكن أحد يسألها عن حياتها، ولم يكن أحد ينظر إلى شىء فيها إلا النهدين والساقين. تشجعت، وبدأت تحكى عن طفولتها فى حارة فقيرة بإمبابة، دخلت المدرسة الابتدائية وتعلمت القراءة والكتابة، بدأت تسرق الصحف والمجلات من الكشك المجاور لبيتها، ماتت أمها بعد طلاقها من أبيها، دخل أبوها السجن بتهمة سرقة المحال التجارية، أشفق عليها صاحب محل لبيع ملابس المحجبات، أقنعها بارتداء النقاب، واشتغلت عنده بالمحل، تزوجها فى السر زواجا عرفيا، كان فى الستين من عمره وكانت فى الثالثة عشرة من عمرها، له أربع زوجات، وأولاد بالمدارس والجامعات، بدأ يضربها إن رآها تقرأ أو تخرج من البيت دون إذنه، لم تكن تخرج إلا لشراء الكتب، منع عنها المصروف، فبدأت تسرق الكتب، كان يدعو الرجال لقضاء الليل معها نظير المال، هربت من بيته ومن إمبابة كلها، حاصرها القوادون فى الزمالك ونهشها الزبائن، هربت إلى مصر الجديدة واشتغلت فى مكتبة صغيرة، عشقت القراءة والكتابة، تغيرت رؤيتها للعالم وعلاقة الرجل بالمرأة، بدأ تذوقها للأدب الجيد، اكتشفت أنها كانت تقرأ روايات جنسية تحتقر النساء، كتبها الأدباء المشهورون عن عشيقاتهم، تمنت أن تكون عشيقة لأحدهم، فيكتب عنها رواية.

لكن هذا الشاعر، بعد رياضة المشى، أخذ منها القصيدة، وقال، سأقرؤها، وأتصل بك غدا الرابعة بعد الظهر، أعطينى رقم الموبايل، لم تنوقع منه الاتصال بها فى الموعد، وإن اتصل فلن يتعلق الأمر بقصيدتها، واندهشت حين اتصل بها فى الرابعة تماما، وأكد أن القصيدة جميلة وسوف تنشر العدد المقبل، وتوقعت أن القصيدة لن تنشر، لكنها نشرت، وتوقعت بعد النشر أنه سيطلبها للفراش، لكنه لم يطلبها للفراش أبدا، كان يطلب منها أن تستمر فى الكتابة والنشر، واستمرت فى الكتابة والنشر، تحررت من هوان العمل فى مجال الجنس والهوى، بلغت ثمانية عشر عاما حين نشرت ديوان شعر، ورواية طويلة حازت الإعجاب، واستطاعت أن تستأجر شقة مع ثلاثة من صديقاتها الكاتبات، وأصبح الشاعر صديقا لها، لم تدرك أن الصداقة يمكن أن تكون بين الجنسين، سألته مرة: ليه إنت مختلف عن الرجال؟.

سألها: مختلف فى إيه؟ قالت: فى الأخلاق، سألها: تقصدى إيه؟ شرحت له ماذا تعنى، قال: إنها أمى، كاتبة حرة، لم يستعبدها أحد، هى اللى علمتنى احترام النساء، سلامى يا صديقى لأمك المحترمة، لو كانت أمى مثلها لما اشتغلت ثلاث سنوات فتاة ليل.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنوثة الفلاحة في الحقل.. وأنوثة الطبيبة في المدينة
- الكاتبة ورئيسة الحكومة
- حملة شعبية ضد التجارة بالطب
- وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس
- مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري
- شهادة الزوج الثاني في المحكمة
- نوال السعداويأمر الله والانفجار السكاني
- الصراع الدامي التاريخي بين الآلهة والبشر
- مذكرات طبيبة بعد 63 عامًا من القهر
- أنت مختلفة.. أنت مختلف موسيقى أو نشاز؟
- ثمن العبودية أفدح من ثمن الحرية
- لجنة القصة بالمجلس الأعلى الدائم
- تجديد الفكر الدينى.. ماذا يعنى؟
- الأنانية الموروثة وروابط الدم
- القدم فوق الرأس والعقل بلا ثمن
- الحجاب والنفط والسلاح ونيوزيلندا
- منابع الإبداع فى عيد الأم المصرية
- تجربتى الذاتية والجدل حول الدستور
- أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة
- جائزة الاستغناء عن الجوائز


المزيد.....




- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - فتاة الليل تقتحم عالم الكتابة