أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب عبد الحميد - إخفاق النظم السياسية وسر الاستبداد















المزيد.....

إخفاق النظم السياسية وسر الاستبداد


صائب عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 6350 - 2019 / 9 / 13 - 05:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أي النظم السياسية في العالم المعاصر أثبت قدرته على النجاح في تحقيق أهدافه السامية التي يعلن عنها؟
اطرح تبريرات السياسيين أرضا، وتحدث بمنطق الفلسفة ومنطق التاريخ.
النظام الاشتراكي لا يقوم الا على أساس الاستبداد، فلا تجد الاستبداد مذموما في الاصول النظرية للاشتراكية. السلطات الرئيسية تجتمع بيد الزعيم/ الرئيس، ولا تحد من سلطاته البرلمانات والمجالس النيابية شيئا يذكر. السلطة السياسية في النظام الاشتراكي هي البديل الكامل عن الدولة. وتتحكم السلطة السياسية بكل مقدرات البلاد، دون شراكة تذكر من قبل الشعب أو ممثليه. حرية التعبير وحرية الرأي وحرية الاعلام تخضع في النظام الاشتراكي لقيود صارمة تفرضها سلطة الحزب الحاكم.
لكن هل النظام الديمقراطي هو ديمقراطي حقا؟ أم هو ديمقراطي مستند على قدر من الاستبداد، يكبر او يصغر بحسب المتغيرات المجتمعية والدولية؟
هنا لا اتحدث عن ديمقراطيات وهمية كالتي يُعمل بها في عموم الشرق، الهند، باكستان، ايران، تركيا، مصر، الاردن، العراق، الجزائر، المغرب العربي، وغيرها. فهذه ديمقراطيات واهية، مشوهة، لا ترافقها ثقافة ديمقراطية لا عند الاحزاب السياسية ولا عند جماهيرها. إنما أعني الديمقراطيات الغربية، فهي أصل النظام الديمقراطي ومنشؤه، وهناك شهدت الديمقراطية كل مراحل تطورها، وصولا الى الديمقراطية الليبرالية. كما شهدت تنوعها وتباين نماذجها، فالديمقراطية الغربية ليست واحدة. فلم تستطع اكبر البلدان الديمقراطية ذات التقليد الملكي ان تُخضع النظام الملكي للديمقراطية ومبادئها، فبقي الملك في بريطانيا والسويد واسبانيا معفيا من شروط الديمقراطية، مع كونه لا يمثل سوى موقعا تشريفيا، لكن هذا الموقع التشريفي مخل بمبادئ الديمقراطية وان لم يعترف بذلك اصحابه.
وهناك الديمقراطيات النيابية/البرلمانية، التي منحت ممثلي الشعب سلطة فوق سلطة السلطة التنفيذية، ودون سلطة السلطة القضائية المستقلة. وهذا، في حال التزامه بحذافيره، هو أكثر النظم الديمقراطية انسجاما مع روح الديمقراطية ومبادئها الأولية.
لكن هناك أيضا النظام الرئاسي الذي يمنح الرئيس سلطات مستقلة عن البرلمان، كما في أمريكا، لكنه يقيد سلطات الرئيس بالكونغرس الأمريكي الى حد كبير، الا في الشأن العسكري، فمن صلاحيات الرئيس وفق الدستور الامريكي أن يتخذ قرار الحرب ويصدر الأمر للقوات العسكرية ان تخوض حربا في بلد آخر، لكن شرط الا يعلن عن حالة الحرب، لان اعلان حالة الحرب من صلاحية الكونغرس. لكن الكونغرس لا يقف امام الرئيس حين يعمل على تضليل الجماهير وصناعة رأي عام مساند له على أسس باطلة أو واهية، كما فعل الرؤساء الأمريكان في إقناع الجمهور الامريكي نسبيا بغزو أفغانستان، ثم بغزو العراق. فهنا يمارس الرئيس سلطة المستبد، لكن في إطار دستوري تسمح به الديمقراطية، أو الدساتير المدونة وفق مبادئ الديمقراطية.
أما ديمقراطيات الأنظمة الملكية الشرقية فهي أشبه بالسخرية، حيث يكون الملك خارج إطار النظام، منصوبا بالوراثة، مدعوما بسياقات دستورية تجعل استبداده دستوريا. فالملك في النظم الملكية الدستورية لا يخضع للانتخاب، إنما للنظام الملكي الوراثي. والمرشد الأعلى في ايران أيضا لا يخضع للانتخاب الجماهيري، والدستور يمده بالصلاحيات اللازمة ليمارس سلطته كحاكم أعلى في البلاد يتبع له الجيش والامن الداخلي وسائر القوى الامنية اضافة الى القضاء والاعلام. فتصبح سلطته الواسعة هذه سلطة دستورية. مع ان الديمقراطية في ايران هي ديمقراطية وهمية بالأساس، فالاحزاب السياسية ممنوعة بالأساس، فلا وجود لتعددية سياسية يسمح لشكل من أشكال الديمقراطية بالظهور، فليس هناك سوى الانتخابات الدورية. وحق الترشيح لمجلس النواب أو للرئاسة في هذه الانتخابات، مشروط بالتبعية لنظام ولاية الفقيه، واقع تحت رقابة مجلس الخبراء، والذي يتحتم على أعضائه مبدئيا حراسة نظام ولاية الفقيه.
أما على صعيد الحريات وحقوق الانسان، فقد نجحت الديمقراطيات الغربية أيما نجاح، لكن فقط في حدود الوطن القومي/ الدولة. أما خارجها فهناك التعامل مع الآخر المختلف، وقد أباحت الديمقراطية لنفسها استغلال الآخر المختلف وامتصاص ثرواته وقدراته، لزيادة في تمكين كياناتها القومية. وهي تمارس هذه السياسة حتى الآن دون ادنى رادع تفرضه مبادئ الديمقراطية. وليس بعد هذا نقضا لمبادئ الديمقراطية واخلاقياتها.
وهكذا، فبنسبة أو بأخرى، تؤول الديمقراطيات الى الاستبداد، ولو بنسب متفاوتة.
وقد عبر أحد الجبابرة عن هذا المضمون بقوله: "للشعب ان يقول ما يشاء، ولي أن أفعل ما أشاء". فهو هنا يضمن حرية التفكير وحرية الرأي وحرية التعبير وحرية الصحافة والاعلام، لكنه يحتكر لنفسه السلطة والقرار.
من هنا انبرى مفكرون اسلاميون معاصرون لإثبات قصور العقل البشري في الوصول الى النظام الأمثل للحكم، ناسبين هذه القدرة الى الله تعالى وحده، فهو العالم والكامل والقدير والعارف بدواخل النفس البشرية. لكنهم اخفقوا حتى الآن في اكتشاف هذا النظام الأمثل الذي يدعون له، ولم تتجاوز دعواتهم مبدأ العدالة الاجتماعية، دون الوصول الى صياغة النظام الذي يمكنه بلوغها أو تحقيق القدر الأكبر منها. فهذه حركة الاخوان المسلمين وقد نيّفت على التسعين من عمرها دون ان تقدم مشروعا اقتصاديا متكاملا. وهذه الجمهورية الاسلامية في ايران وقد تعدت الأربعين من عمرها، دون ان تعرف نظاما اقتصاديا إسلاميا، فوجدت نفسها مضطرة للخلط بين النظم المتعددة ولاستعارة قواعد فقهية ما زالت المنظومية الفقهية الشيعية ترفضها، مثل قاعدة المصالح المرسلة. وقد اعترف مهندس السياسة الاقتصادية في ايران، الراحل الشيخ رفسنجاني بهذا، وأشار في لقاء صحفي أجرته معه قناة الجزيرة، أشار الى كتابات السيد محمد باقر الصدر الاقتصادية، منوها بعدم صلاحيتها للتطبيق وإن كانت لا غبار عليها من الناحية النظرية.
وتأتي السياسة لتؤكد ان النظام السياسي في الاسلام هو نظام استبدادي بكل وضوح، سواء كان نظام الخلافة أو نظام الامامة، إنما هو محاط بقيم تشريعية واخرى اخلاقية تسدد مسار الحاكم مطلق الصلاحيات.
فالخليفة، الذي يتم انتخابه من قبل عدد محدود، هم قادة الرأي في الدولة، (أهل الحل والعقد) سيبقى يتمتع بالسلطة المطلقة، ومدى الحياة، إلا في حالات شاذة كأن يصاب بالجنون أو يفقد قدراته العقلية تماما، وله طوال عهده الحق في الاجتهاد في الأمور الشرعية وإيقاف العمل ببعض احاكم الشريعة، انطلاقا من قاعدة (تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان) وهي قاعدة ايجابية خلاقة تؤمن بها المذاهب الاسلامية المعروفة كافة. والخليفة هو الذي يعين القضاة، ويعين الولاة، وقادة الجيش، ومفتشي الأسواق، ويشرف على أعمالهم جميعا، ويثبت منهم من يشاء، ويطرد من يشاء بحسب المقتضيات. وله ان يشاور أصحاب الرأي، دون ان يكون ملزَما بذلك، ولا باتباع مشورتهم إن هو شاورهم. وكل هذا يكون أكثر تجسيدا وفقا لنظرية الامامة التي تفترض سلفا العصمة المطلقة للامام، فهو أغنى عن مشاورة أصحاب الرأي، وأبعد عن الحاجة اليهم، وان اختياراته معصومة لا يحق الاعتراض عليها. اما اختياره إماما فهو منوط بوصية الامام السابق وحده، وهو ما درج عليه الامامية في اثبات إمامة الامام اللاحق. وكل صلاحيات الامام المعصوم ستنتقل الى الفقيه المجتهد المتصدي للحكم بحسب نظرية ولاية الفقيه. فالنظام السياسي الاسلامي، بشقيه، هو تجسيد لنظرية المستبد العادل/ المستنير، رغم ان الاسلاميين قاطبة ينكرون هذا ويتبرمون منه تلاشيا لما تحمله مفردة الاستبداد في الوعي العام من دلالات سلبية.
ناهيك عن التقييد الصارم للحريات عامة ومنها حرية الرأي والتعبير، في الأنظمة الدينية قاطبة، ومنها النظام الاسلامي.
أما الديمقراطيات الفوضوية، حيث تتعدد مراكز القوة وتظهر القوى الموازية للدولة والمنافسة لها، وتطغى الهويات الثانوية على الهوية الوطنية الجامعة، فمآلها الى الاستبداد مآل شبه محتوم.
فلكي تتنجنب الأنظمة السياسية، على اختلافها، الوقوع في الازدواجية والخداع، عليها ان تنشئ تعريفا جديدا للاستبداد، يجعل قدرا منه مقبولا أخلاقيا لدى بني الانسان. فلا نعرف حتى الان على وجه الارض نظاما يحكم الانسان دون هذا القدر أو ذاك من الاستبداد.



#صائب_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب عبد الحميد - إخفاق النظم السياسية وسر الاستبداد