أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية حكيم لباي ج13















المزيد.....

رواية حكيم لباي ج13


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6350 - 2019 / 9 / 13 - 02:07
المحور: الادب والفن
    


السيدة سليلة ومنذ أيام لم تغادر منزلها فقد أمنت أن البذرة التي زرعتها بدأت تشق الأرض لترى النور، ولا خوف على المدينة من أن تعود القهقري، ما يؤلمها حقا ما كان بينها وبين ذات الوجه المشرق، تمنت أن لو لم يحدث اللقاء أصلا، لكنها كانت هي من أرادت لنفسها أن تسمع ما سمعت ... يا ليتني كنت قد خرست في تلك اللحظة ولم أرد فكثيرا ما سمعت مثل هذا الكلام ... وأي كلام إنه يشق علي كل جدران الحزن المكبوت والمتخفي وراء الذاكرة .. أه لو أستطيع أن أعيد الزمن للوراء ... أه ... أه ...
القائد دالي أستلم مهمته رسميا من الحراس السابقين الذين كانوا من معية السيد فيروزي... شكرهم الحكيم داريو وأمرهم بالعودة إلى مقر أعمالهم وأبلغهم شكر الرب للسيد فيروزي.. سمه صاحب الشرطة هذا الكلام من رجاله وأشتاط غضبا من الحكيم داريو فقد كانوا عينه وسمعه على المعبد ومن يدخل فيه ويخرج منه، لا يريد هذا الأحمق المتهور ذيلام أن يرى مني ما يسره.. حتى لو كان زوج ابنتي وليس خطيبها فحسب... سأتولى أمرك أيها النزق أنت وهذه العاهرة التي تسببت بكل المصائب... سترون الموت أحمرا غاضبا وهو يعصركم بين فكيه ... سأنال منكم جميعا فأنا فيروزي أيها المغفلون..
من هذه اللحظة قرر الأنتقام منهم لم يعد في الأمر ما يمكن التصبر عليه أو التمهل فقد أجد نفسي في لحظة خارج هذا المكان ولربما يتهمني الحكيم أو تلك العاهرة بشيء ويغضب لهما ذيلام.. أين أنت أيها الدبوس الخفي رجل المهمات القذرة... أتوني بالدبوس الأزرق، كان ذلك أحد رجاله من اللذين لا يعرفون الرحمة وليس لديهم قلب أصلا... كان مجرما وسفاحا وقاطع طرق، ألقت الشرطة عليه القبض قبل سنوات فتوسط لدى قاضي المدينة أن يمنحه العفو إن أراد أن يكون رجل السيد فيروزي... هكذا تحول المجرم القاتل إلى رجل شرطة له سطوة وجبروت حتى على زملائه.
يمكن القول أن غالبية شعب لباي كانت تعيش حالة الاستيقاظ من النوم وهي نشطة، فيما هناك أخرون يفكرون كيف لهم أن يجعلوا الناس تفكر في العودة إلى الفراش فما من مجال لهم الآن أن ينهضوا والأمور لم تتضح بعد، المشكلة في الآخرين أنهم متمسكون بقوة بما يظنون أنه هو الأصح والأصلح حتى لو أدى ذلك إلى أن يعاد ترتيب الأوضاع بشكل معاكس... المهم أن يمضوا في طريقهم ... المهم أن لا تنكشف عوراتهم بدل طلب العفو والغفران.
هذا هو اليوم السابع لذيلام في السلطة ومن عادة أهل لباس يحتفلوا بالعدد خمسه أو ما يتصل به، قرر الزعيم الجديد لشعب لباي أن يدعو إلى أحتفال في وسط المدينة يحضر فيه الجميع إلا من كان يمنعه العذر بلا حول ولا قوة... من الصباح بدأ المنادون يجولون على المدينة وأطرافها لدعوة الناس للحضور ومشاهدة زعيمهم الجديد، أصبحت المدينة على وقع أخر فقبل أيام كان من الصعب أن تدعو أحد وينصت إليك أو تكلم أحد فيوليك أهتمامه ... كانت لباي أشبه بمخمور ثمل وقبل ذلك كان أبكما وأصم وأعمى... اليوم مدينة الرب ترفع أعلام الفرح والنجاة وتنفض عن نفسها كل أوان الموت والاستسلام.
ساشا أو الدبوس الأزرق كان على موعد مع القدر المجهول فقد علم مهمته وحدد زمنها وكيفية تنفيذ المهمة حتى جاء موعد الأحتفال عصر هذا اليوم فأعاد خط الأوراق، كان السيد فيروزي منشغلا مع رجاله في الإعداد لهذا التجمع وتنظيم الناس التي توافدت على المكان قبل الموعد بساعات، أمسك بيد ساشا وأخبره أن يمضي في الخطة وأن لا يترك أي مجال للتردد، فمصير المدينة اليوم بيديه .. كن حازما وسريعا ولا تدع عين تراك ولا أذن تسمع خطواتك يا بطلي.
أمر السيد ذيلام حرسه أن يكونوا على أهبة أي طارئ فقد يكون اليوم حاسما ويحمل من الخطر أكثر مما يحمل من الفرح... عيونكم ... عيونكم على كل شيء ... لا تتركوا أي حركة أو حدث يلهيكم عن الواجب... سيكون عليكم أن تهتموا لكل التفاصيل.. هنا وهناك وفي كل مكان... أولا وقبل بدء التجمع عليكم أن تأمروا الحرس أن يغلقوا الأبواب وأن تمسكوا الطرقات جيدا... من يخرج عن التجمع أو يذهب إلى مكان أخر عيونكم وراءه... لا تنسوا أن اليوم هو يوم الفرح وأن لا تضيقوا على شعب لباي بأي صورة..
جلس الجميع كل في مكانه المخصص خاصة السيد الحاكم الأكبر ثم أعضاء مجلس الشيوخ وقادة الجند والشرطة وحرس السور والقاضي وكل من له مكانة في المدينة، مهرجان من الأزياء والألوان والتفاخر كان بهيا غير السيد داريو الحكيم المعلم فلم يتغير فيه شيء فهو على ما كان عليه رغم أنه جلس مباشرة جنب الحاكم وأبيه، كان فخورا بنفسه وتواضعه... الهمس والكلام في المنصة يدور حوله... كيف يكون الكاهن هكذا في يوم أحتفال مدينة الرب بإبنها الجديد... إنها مهزلة وعدم أحترام لمشاعر الرب ... السيد فيروزي هو المتجهم الوحيد عيناه شاردتان ينتظر وينظر ولكن من غير تركيز على شيء محدد... أمر السيد ذيلام الجميع ألتزام أماكنهم حتى يلقي والده كلمته ثم يدلوا الحكيم المعلم بترانيمه وصلواته للمدينة وشعبها وبعدها سيتم الأستعراض... لا شيء هنا يبدو أن أستعراضا ما سيجري... هكذا فكر من في المنصة وخاصة قادة الجند والشرطة والحرس... السيدة سليلة كانت تترقب الوضع بين الجمهور فرحة بما ترى ... إنها صلواتها التي أيقظت الرب من سباته.
أكمل الحاكم الكبير كلمته وطلب من شعبه أن يكونوا يدا واحدة فما ينتظر المدينة أكثر من أن يحتمل ولكنها ستتجاوز كل ذلك بحبها وتلاحمها وبرعاية الرب... عليكم أن لا تنسوا أن ما كان هو برهان الرب لكم أنكم شعب لا يقبل أن ينهزم وعليكم أن ثبتوا أنك أقوى من الأيام... حاكمكم الشاب يبذل كل جهده من أجلكم والرب يرعاه ويرعاكم... قال الحكيم المعلم أن الرب يفضل لكم أن تعملوا قبل أن تصلوا وتنشدوا الترانيم ... ما يسعده حقا أن تكون قلوبكم نقية ونفوسكم تتألف على الحب والسلام ... لا كراهية ولا بغض وليحيا العدل... خرج السيد ذيلام شاكرا لشعبه أنه وثق به وأنه على الطريق لا يميل عن الحق وسيكون لكل فرد من شعب الرب شعب لباي قصة سعيدة يحكيها للأجيال .. الآن نبدأ الأستعراض وسترون كم كنا على جهل وظلم وإهدار لإنسانيتنا...
أنتظر الجمهور في كل الزوايا ليس هناك من أستعدادات ولا هناك شيء يوحي بأستعراض ما ... حتى خرج من زاوية قريبة لسجن المدين عدد من السجناء المفيدين واحدا للأخر بقودهم رجال وحرس الجند حتى وصلوا تماما أمام المنصة فتجمعوا .. كانوا هؤلاء أشبه بالعميان من طول بقاءهم في ظلام دهاليز السجن... قام السيد ذيلام مخاطبا شعبه... يا شعب الرب هؤلاء أبنائكم وأخوانكم جلسوا سنين وشهور في السجون بدون ذنب بدون أي جريمة أقترفوها ... البعض منهم كان يستحق أرفع النياشين... ولكن كانت هناك أيادي ونفوس وعقول مريضة أرادت للخير أن يموت ... إنهم اليوم أحرار وسيكون لكل منهم مرد مظلمة تتحملها خزينة المدينة... من كان في وظيفة فسيعود لها ومن كان بلا عمل سأتكفل أنا شخصيا بذلك.
الآن أيها الشعب العظيم باسم الرب وباسم شعب لباي المدينة التي بناها الرب وأكرمها وباسم الحاكم المعظم إليكم المراسيم التالية ... ستنفذ فورا من لحظة إعلانها....
أولا ... لا يبقى سجين في لباي فقد أمر الرب بالعفو عن الجميع ومن عاد لجريمته سيكون محل غضب الرب الذي لا ينتهي...
ثانيا ... عزل القاضي ومساعديه من كل مناصبهم ويوكل أمر أنتخاب بديلا عنهم إلى مجلس الشيوخ في جلسته غدا...
ثالثا... عزل صاحب الشرطة ومساعديه من كل ما له علاقة بعمل الشرطة وتوكل مهامه إلى قائد الجند لحين ما يقرر مجلس الشيوخ بشأنهم وأختيار البديل....
والآن يا شعبي لكم الآذن أن تفرحوا وترقصوا وتنتظروا يومكم القادم وأنتم في أمان ... للرب كل الشكر ولحاكمنا العظيم الوفاء وللحكيم المعلم نعلن أننا عشاق الرب وأحبائه ... هيا يا شعبي عودوا للحياة.....
ضجت المدينة بالفرح وبدأ الناس ينشدون أغان النصر وبدأ الجو وكأن يشارك أهل لباي الفرحة فالغيوم الرمادية تراكمت في وسط السماء ... كان وقع الحدث صاعقا على من كان في المنصة خاصة السيد فيروزي والقاضي وبعض أعضاء مجلس الشيوخ... فيما جرد قائد الجند السيد صاحب الشرطة من شارته وسيفه كما جرد القاضي من ما كان عليه من زينة القضاء... أرسل معهم حرسا من الجند ليرافقوا المعزولين من وظائفهم لدورهم، وأوكل إلى نائبه أن يستلم مقر الشرطة وأن يغير الحرس وأن يتحفظ على كل شيء أنتظارا للأوامر القادمة... تم تنفيذ كل شيء بأصوله وبدا بأن ما خطط له السيد ذيلام مع أبيه مضى ناجحا بكل التفاصيل..
أنتصف الليل والناس ما زالت محتفلة ترقص في ساحات المدينة والشموع والنيرات تضيء شوارعها وأزقتها.. نم تحرير السجن من كل من كان فيه ولم يعد هناك سجين واحد...الغيوم تتلبد في كبد السماء وأشتدت الظلمة بعد أن تم أطفاء الكثير من المصابيح وخمدت ألسنة النيرات التي أشعلها المحتفلون فيما بدأت الشوارع تخلو رويدا من المارة وهدأت المدينة وسكنت أنفاسها والفجر قريبا من الطلوع....
مضت ليلو ثقيلة جدا على البعض وخفيفة كأنها لحظة حلم على البعض وأصبح الصباح والناس تترقب الوضع، هل من جديد؟... هل سيثأر الخاسرون من الحاكم... هل يمكن للجند والشرطة والحرس أن يحفظا الأمن والأمان ... أسئلة وأمال وأحلام وقلق يراود الجميع حتى أنتصف النهار ويبدو أن كل شيء على مرام الهدوء المعتاد والناس في أعمالها... هناك من يعمل من البنائين والحجارين في أصلاح السور والنجارين وأصحاب المهم على الأبواب، الحكيم المعلم يملي للنساخين والوراقين ما سيكتبونه من كراريس للطلاب... لم يبقى من موعد الدراسة إلا أيام قليلة ولا بد من أن يكون كل شيء جاهز قبل ذلك... الفلاحون في حقولهم بعد أن بدأ الماء وفيرا في الآبار المحفورة ... الأسواق بدأت تخرج ما كنز من بضاعة مخزنة ... الجو العام يوحي بأن الحياة عادت تماما للمدينة.
كل زوار المعبد والمتعبدين جاؤوا وأدوا الصلوات وخاصة كبار السن والنساء... حتى الأطفال كان البعض يصحب ذويه للزيارة وتعلم أصول العبادة... الرب يسمع الجميع ويكلم الجميع هنا.. الحكيم المعلم حريص أن يفهم المؤمنون أن علاقتهم بالرب علاقة مباشرة وأن يتركوه لعمله فالرب منهم ولهم ولا يحتاج إلى وسيط بقدر ما يحتاج إلى قلوب نقية ليضع نوره فيها... تعلم البعض منه أنه كلما كان مخلصا للرب وصادقا سيسمع صوت الرب يطرق أذانه وقلبه.. لقد تحول المعبد إل مدرسة كبرى وهذا ما يريده الرب ... يريد شعبا واعيا يفهم بالإشارة ولا يريد عبيد يساقون بالعصا والتهديد والزجر والخوف.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية حكيم لباي ج11
- رواية حكيم لباي ج12
- رواية حكيم لباي ج10
- رواية حكيم لباي ج9
- رواية ح 8
- رواية حكيم لباي ج7
- كربلاء بين ذاكرة التاريخ وتأريخ الذاكرة
- رواية حكيم لباي ج6
- رواية حكيم لباي ج5
- رواية حكيم لباي ج4
- رواية حكيم لباي ج3
- رواية حكيم لباي ج2
- رواية حكيم لباي ج1
- قراءة دستورية في تركيب النظام التشريعي في الدستور العراقي.
- رواية (السوارية) ح8 _1
- رواية (السوارية) ح7 _2
- رواية (السوارية) ح7 _1
- رواية (السوارية) ح6
- رواية (السوارية) ح5 _2
- رواية (السوارية) ح5 _1


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية حكيم لباي ج13