أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - الحمير الناطقة في التراث الديني














المزيد.....

الحمير الناطقة في التراث الديني


رماز هاني كوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6347 - 2019 / 9 / 10 - 14:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في المرويات الإسلامية يطالعنا حديثين عن حمار متكلم . و هذا الحمار هو عفير أو يعفور و قد كلم النبي شخصيا .
احدى الروايات ترد لدى الشيعة في كتاب (الكافي 1/184 كتاب الحجة : باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله) و نصه ما يلي (عن أمير المؤمنين علي أنه قال : إن أول شيء من الدواب توفي : هو عفير حمار رسول الله توفي ساعة قبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره . قال : إن ذلك الحمار كلّم رسول الله فقال : بأبي أنت وأمي ، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال : يخرج من صُلب هذا الحمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم . قال عفير : فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار) . و الرواية الأخرى ترد لدى السنة في كتاب (تاريخ مدينة دمشق .... ابن عساكر ... ج4 ص232) و نصه ما يلي ("عن أبي منظور: لما فتح اللهُ على نبيهِ خيبرَ؛ أصابهُ من سهمهِ أربعةُ أزواج نعال، وأربعةُ أزاوج خفاف، وعشرُ أواقي ذهبٍ وفضةٍ، وحمارٌ أسودٌ. قال: فكلم النبي الحمارَ، فقال له: ما اسمُك؟ قال: يزيدُ بنُ شهابٍ، أخرج اللهُ من نسلِ جدي ستينَ حماراً، كلهم لم يركبهم إلا نبي، ولم يبق من نسلِ جدي غيري، ولا من الأنبياءِ غيرُك، أتوقعك أن تركبني) . موجز الروايتين ان هذا الحمار هو من سلالة من الحمير التي كانت تحمل الأنبياء .
طبعا الروايتين ضعيفتين و لا قيمة واقعية لهما .لكن لنتعرف من اين أتت الروايتان للموروث الإسلامي .
يمكن رؤية جذور هذه الرواية في سفر العدد الاصحاح الثاني و العشرين حيث يكون بلعام راكبا أتانه ( أنثى الحمار)فيظهر ملاك الرب قاطعا الطريق أمامهم . الاتان ترى الملاك و تغير طريقها . يحاول بلعام اعادتها بالقوة فتحدثه الاتان هنا و تتكلم .
(فلما أبصرت الأتان ملاك الرب، ربضت تحت بلعام. فحمي غضب بلعام وضرب الأتان بالقضيب
ففتح الرب فم الأتان ، فقالت لبلعام: ماذا صنعت بك حتى ضربتني الآن ثلاث دفعات
فقال بلعام للأتان: لأنك ازدريت بي. لو كان في يدي سيف لكنت الآن قد قتلتك
فقالت الأتان لبلعام : ألست أنا أتانك التي ركبت عليها منذ وجودك إلى هذا اليوم ؟ هل تعودت أن أفعل بك هكذا ؟ فقال: لا)
تعود القصة للظهور بعد قرون في كتاب أعمال توما المنحول . في رحلة توما التبشيرية إلى الهند يقابل حمارا متكلما يصف نفسه بأنه ابن تلك الأتان التي كانت تحمل بلعام في العهد القديم . هنا نلاحظ التشابه مع الرواية الإسلامية ..... بسلالة الحمير التي اعتادت حمل الأنبياء و الرسل .
و كما نعلم فان دخول يسوع إلى أورشليم كان على ظهر حمار أيضا كما يخبرنا العهد الجديد في انجيل متى :
"ولما قربوا من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون،حينئذ أرسل يسوع تلميذين. قائلًا لهما:اذهبا إلى القرية التي أمامكما،فللوقت تجدان أتانًا مربوطة وجحشًا معها،فحلاّهما وأتياني بهما.وإن قال لكما أحد شيئًا، فقولا:الرب محتاج إليهما،فللوقت يرسلهما" [1-3]..
الدخول على ظهر الحمار هو استمرارية لفكرة المخلص اليهودية (المسيا) الذي سيأتي راكبا على أتان . و يظهر ذلك في قصة عودة اليهود من السبي بقيادة زربابل المنحدر من نسل داوود حيث كان زربابل عائدا الى اورشليم راكبا على اتان . من هنا يمكن فهم الاحتفاء بالحمار الذي تقوم به احدى الطوائف اليهودية المتشددة حين تقوم بتزيين حمار و رفعه و الاحتفال به وفي تأكيد لفكرة قدوم المخلص راكبا على حمار .
و هنا يأتي الدور على الموروث الإسلامي ليظهر لنا حمارا من سلالة الحمير التي رافقت الأنبياء و المبشرين في الحديثين المشار اليهم أعلاه . يتكرر الموضوع في روايات متعددة في الموروث الإسلامي منها رواية ركوب الإمام علي لبغلة النبي المسماة (دلدل ) و استعمالها في تنقلاته .... أو في توجه الإمام علي من المدينة الى مكة بليلة واحدة على بغلة النبي في قصة الجملين ضلال و وبال . البغلة دلدل أرسلت كهدية من المقوقس الى النبي كما يرد في السير و يبدو في ذلك إشارة لموضوع الحمير التي ركبها الأنبياء في اليهودية و المسيحية و استمرارية لمفهومه .
الرواية بأكملها وصلت للمرويات الإسلامية من الموروث الابراهيمي اليهودي و المسيحي .و سبب التركيز على كون الحيوان هو حمار أو أتان و ليس حصانا أو جملا مثلا هو للإشارة إلى شخصية الراعي و مرحلة حياة الرعي للبشرية . الراعي يرافقه حماره أثناء رعيه و سوقه الغنم الى المراعي الخصبة التي تفيد قطعانه . و الأنبياء هم رعاة للبشر الضالين و يهدونهم الى الطريق الصحيح بعد ضلالهم . و من هنا يمكن ربط تواجد الحمار تحديدا كوسيلة تنقل للأنبياء في الابراهيميات . مفهوم الراعي هو استذكار لمرحلة قديمة من تشكل المجتمعات البشرية و هي مرحلة الرعي و التنقل التي تسبق الاستقرار و الزراعة . و هو ما يتفق مع كون القبائل الإسرائيلية كانت قبائل رعوية قبل استقرارها في الهضاب الفلسطينية و هو ما نراه واضحا في مرويات التوراة عن إبراهيم و ترحاله مع قطعانه . فوجود الحمار بالرواية هدفه الإشارة لفكرة الراعي للبشر الذي يقودهم للطريق الصحيح . من هنا نرى إشارات انجيلية مختلفة بان المسيح ارسل الى خراف إسرائيل الضالة (انجيل متى ) .... و من هنا تأتي الفكرة عن كون الأنبياء عملوا بالرعي ببداية حياتهم في إشارة ضمنية لكونهم رعاة للبشرية .



#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زواج الأرض و السماء
- العرب في النقوش و السجلات التاريخية قبل الإسلام
- ميزان العدالة الفرعوني
- حور العين ما بين العربية و السريانية
- game of thrones و أساطير الشرق الأدنى
- أبناء الآلهة و المعراج للسماء
- تيس عزازيل ..... و طقوس الفداء و الأضاحي
- النسيج المقدس..... ما بين العذراء النساجة و انجلينا جولي
- من تدمر و البتراء .... إلى مكة
- طقس الاستسرار initiation ...(موت و حياة)
- العماد و استعمال الماء في طقوس الطهارة الشرقية
- الاشجار المقدسة


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - الحمير الناطقة في التراث الديني