أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في قصة نزاهة الرئيس وفساد الحاشية














المزيد.....

في قصة نزاهة الرئيس وفساد الحاشية


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6342 - 2019 / 9 / 5 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يكثر الحديث عن مقارنات بين أفراد في المعارضة وأفراد في الموالاة من حيث النزاهة ونظافة اليد، وأتاح تشكيل جسم سياسي للمعارضة السورية في الخارج وظهوره بمثابة حكومة في المنفى لها موارد مالية وامتيازات وصلات مع دول ..الخ، فرصة للمقارنة الشخصية بين من هم في المعارضة ومن هم في السلطة في سوريا. كثيراً ما تسمع السؤال: هل فلان (المعارض) أنظف من فلان (الموالي)؟ هذا سؤال بريء وله مبرراته في إطار الوعي الشعبي المباشر ولكنه وفي الحقيقة يتضمن دعوة للقبول بما هو قائم، حين يجري طرحه في سياق إعلامي محدد، لأنه يريد من المتلقي أن يرى أن ما تدعو له المعارضة ليس أقل سوءاً مما هو قائم. وتقوم هذه المقاربة الشائعة، والتي يعتمدها إعلام النظام كوسيلة إقناع بعدم جدوى التغيير، على فكرة سطحية تقول: إن صلاح النظام من صلاح أهله، وعليه فإن التدليل على "فساد" أفراد في المعارضة يقود إلى برهان مسبق على فساد النظام الذي تدعو له المعارضة.
نقول إن هذه الفكرة سطحية لأنها تبرء النظام السياسي (أي نظام سياسي كان) من مسؤوليته في اصطفاء من يناسبه ومن لا يناسبه من الناس أولاً، ثم ومع الوقت في "تربية" الناس على قيم معينة هي قيم هذا النظام ومعاييره. النظام السياسي المكرس له آلية تشتغل على جذب نوعية من الناس ونبذ نوعية أخرى. وإذا مشينا مع فكرة تبرئة النظام السياسي الفاسد ورمي علة الفساد على الأفراد، أي إذا اعتبرنا أن العلة في الفرد وليس في النظام، فإننا إنما نمهد لفكرة مبتذلة ذات نكهة عنصرية تقول إن إنساننا "العربي" هو الفاسد وإن فساد أنظمتنا متأتية من فساد إنساننا، وإنه بالتالي لا يمكن أن ننتظر خيراً. ويتكرس هذا المفهوم شعبياً في مقولة "كما تكونون يولى عليكم"، التي ينسبها البعض إلى أحاديث الرسول محمد، وهو حديث ضعيف السند على أي حال. ينسى الناس أن هذه المقولة تصح فقط حين يكون ثمة تفاعل حقيقي بين كينونة الناس وكينونة النظام. ولكن حين ينقطع التفاعل بفعل الاستبداد المكرس، ويستمد النظام ديمومته من قوته الغاشمة وقدرته على إضعاف الناس وتذريرهم، فإن المقولة المعكوسة تصبح أقرب إلى الحقيقة، أي "كما يولى عليكم تكونون". حين يعجز الناس عن تغيير النظام الذي يرونه باطلاً، يسعون إلى التأقلم معه ويتطبعون بما يحميهم من بطشه، وبما يدر عليهم من مكاسبه. فتراهم يكذبون وينافقون ويسرقون ويرتشون ويقبلون المهانة صاغرين ويمارسون الإذلال على من هم دونهم ويركعون لمن هم فوقهم وهكذا. ففي ظل النظام المستبد الفاسد سوف تجد الناس أذلاء فاسدين، وذلك لأنهم يسعون للتأقلم مع نظام يعجزون عن تغييره وليس لأنهم بطبعهم أذلاء وفاسدون. وكان لافتاً أن الهتاف الأول الذي خرج من حناجر السوريين في دمشق في بداية الثورة "الشعب السوري ما بينذل". كان ذلك الهتاف بمثابة صرخة ضمير يعذبه الشعور بقبول الذل لعقود من الزمن.
النظام السياسي الذي يستمد مشروعيته من قدرته على فرض نفسه بالقوة، لا يمكنه أن يقبل في مفاصله شخصاً يؤمن بفكرة المشروعية المستمدة من الشعب. والنظام السياسي الفاسد لا يمكنه أن يقبل في مفاصله، الرئيسية على الأقل، شخصاً نظيف اليد، ذلك أن مثل هذا الشخص يشكل ثقلاً على ضمائر الفاسدين وعقبة في آليات الفساد. الشخص النظيف في نظام فاسد يشكل تهديداً للنظام سرعان ما يعمل على لفظه إن لم يتمكن من إغراقه في الفساد.
يحكى أن رئيساً استدعى أحد شخصيات نظامه، وأعطاه ملفاً ليدرسه. اكتشف هذا الشخص أن الملف يتضمن كل قضايا فساده المادي والأخلاقي، فأسقط في يده وظن أن ساعته قد حانت. غير أنه فوجئ بعدئذ أن الرئيس يطلب منه تشكيل الوزارة. في النظام الفاسد يشكل الفساد الملاط الذي يجمع النظام إلى نفسه ويمنحه التماسك. سواء من حيث أنه يلبي عند المسؤول النزوع الغريزي في الكسب والتملك والسيطرة، أو من حيث أنه يجعل هذا المسؤول، وقد غرق في الفساد، تحت رحمة النظام فلا يبقى أمامه إلا الانصياع التام له.
النظام الذي يمتلك آليات رقابة ومحاسبة شفافة، والخاضع لمراقبة من وسائل إعلام مستقلة، ومن أحزاب ومنظمات مدنية مستقلة، هو ما يعول عليه السوريون. من يعمل على تكريس مثل هذا النظام يعمل على خدمة الشعب السوري دون النظر إلى ميزاته الشخصية، فهذه لها مكان بحث آخر. ربما يكون رئيس النظام الفاسد أكثر نزاهة شخصية من الكثير من أفراد المعارضة ولكن هذا لا يلغي أنه رئيس نظام فاسد وأنه دعامة هذا النظام الذي يظلم ويقتل ويجوّع ..الخ. وربما نجد شخصاً جمع ثروته من الفساد، ويقف مع بناء نظام أكثر تمثيلاً وشفافية، دون أن يعني هذا أن فساده الشخصي يُفسد فكرته السياسية هذه .
شباط 2014



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمانية على هدي الرسول محمد
- نافذة في النافذة
- جبهة النصرة في تحولها أخيرا
- مقطع من المعارضة في ظل حافظ الأسد
- ماتريوشكا الممانعة
- مأزق لحاق الأقليات بالثورة السورية
- معركة الساحل الثالثة، خيار خاطئ
- لون جديد
- عن الانتفاضات العربية ومآلاتها
- من الرئيس إلى البلد.. والمعنى واحد
- منطقان في الثورة السورية
- من التشبيح الاقتصادي إلى التشبيح السياسي
- نظام قتل عالمي
- رحلة شيوعي صغير
- منكوبون ولامبالون
- تسلية مأساوية
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (2)
- الخطاب الموالي للنظام السوري: مواجهة الداخل بالخارج (1)
- يحدث في الثورة السودانية
- الجهاديون مرض الثورة السورية


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في قصة نزاهة الرئيس وفساد الحاشية