أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - الصيد والطموح: قصة مخاتلة














المزيد.....

الصيد والطموح: قصة مخاتلة


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6342 - 2019 / 9 / 5 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


"ذهب سائح إلى المكسيك فامتدح الصيادين المَحليين في جودة أسماكهم ثُمَّ سألهم: كم تحتاجون من الوقت لاصطيادها؟ فأجابه الصيادون بصوتٍ واحد: ليس وقتا طويلاً ، سألهم لماذا لا تقضون وقتاً أطول وتصطادون أكثر؟ فأوضح الصيّادون أن صيدهم القليل يكفي حاجتهم وحاجة عائلاتهم، فسألهم: لكن ماذا تفعلون في بقية أوقاتكم؟ أجابوا: ننام إلى وقت متأخر ..نصطاد قليلاً ..نلعب مع أطفالنا ..ونأكل مع زوجاتنا ، وفي المَساء نزور أصدقاءنا ..نلهو ونضحك ونغنى. قال السائح مقاطعاً: لدي ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد وبإمكاني مساعدتك، عليكم أن تبدؤوا في الصيد لفترات طويلة كل يوم، ومن ثم تبيعون السَّمك الإضافي بعائد أكبر وتشترون قارب صيد أكبر. سألوه: ثم ماذا؟ أجاب: مع القارب الكبير والنقود الإضافية تستطيعون شراء قارب ثاني وثالث وهكذا حتّى يصبح لديكم أسطول سفن صيد متكامل، وبدل أن تبيعوا صيدكم لوسيط، ستتفاوضون مباشرة مع المصانع، وربما أيضاً ستفتحون مصنعاً خاصاً بكم، وسيكون بإمكانكم مغادرة هذه القرية وتنتقلون للعاصمة، أو مدينه أكبر، ومن هناك سيكون بإمكانكم مباشرة مشاريعكم العملاقة. سأل الصَّيادون السّائح:كم من الوقت سنحتاج لتحقيق هذا؟ أجاب: حوالي عشرين أو ربما خمسة وعشرين سنة .فسألوه: وماذا بعد ذلك؟ أجاب مُبتسماً: عندما تكبر تجارتكم سوف تقومون بالمضاربة في الأسهم وتربحون الملايين. سألوه في دهشة: الملايين، حقاً؟ وماذا سنفعل بعد ذلك؟
أجاب: بعد ذلك يمكنكم أن تتقاعدو وتعيشوا بهدوء في قرية على الساحل تنامون إلى وقت متأخر .. تلعبون مع أطفالكم .. وتأكلون مع زوجاتكم ..وتقضون الليالي في الاستمتاع مع الأصدقاء. أجاب الصيادون: مع كامل الاحترام والتقدير، ولكن هذا بالضبط ما نفعله الآن. إذاً ما هو المنطق الذي من أجله نضيع خمسة وعشرين سنة نقضيها شقاءً وكد وتعب؟". انتهت القصة، ولم تنتهى الأسئلة.
هى قصة شهيرة متداولة على منصات التواصل الاجتماعى ومنتدياتها، وهى على بساطتها خطيرة، فالمعنى المباشر منها يشير إلى أنه يمكنك بلوغ السعادة بالرضا بما قُسم وليس بكثرة العمل والتوسع فيه. وأن غايات الحياة فى النهاية واحدة، فلم تعقيد الأمور والعمل الشاق وتضييع العمر؟ ولماذا علينا قطع مشوار طويل، إذا كنا سنصل لنفس الوجهة فى نهاية الشوط؟. وهنا تكمن الخطورة والمغالطة، فالقصة هنا تلغى أى قيمة للطموح الإنسانى وتدافع الناس وتكامل دور الفرد مع أعضاء مجتمعه، وهى فكرة تقضى على الحراك الطبقى من أجل الترقى واكتشاف الجديد والتعلم المستمر، فإذا ما كبر مشروعك فإنك حتماً تعطى فرصاً للآخرين ليعملوا فيه ويحققوا ذواتهم، فتكتمل دورة تنمية المشروع والمجتمع، وتحصل أنت لأسرتك على عوائد أفضل تفتح فرصاً لأبنائك فى تعليم أفضل وحياة أرقى، وتعطى المجتمع فرصاً للتحديث والتطور. فدون حاجة دائمة للعمل ما وصلت البشرية إلى الثورة الصناعية الرابعة التى نعيش عصرها الآن وإبداعاتها فى الذكاء الاصطناعى وثورة المعلوماتية والسماوات المفتوحة، وبرمجة الخلايا وتطورات صناعة الإنسان الآلى "الروبوت" التى وصلت إلى نسخته الـ "الهيومانويد – أى شبيه بشكل الإنسان وصفاته ومشاعره وقدرته على الحوار والعمل" كما فى حالة صوفيا التى زارت القاهرة وألقت خطاباً. ولما كنت تستطيع أن تحجز مقعدك على الطائرة وأنا تجلس أمام الحاسوب، والموبايل، وكل أشكال "الأتمتة – أى الاعتماد على الانترنت والكمبيوترات فى أداء الأعمال". ولا كنا وصلنا إلى الحياة الرقمية واقتصاد المعرفة وكل الاختراعات الجديدة التى حققت النمو الاقتصادى والاجتماعى وسهلت حياة البشر.
نعم العمل بذكاء أفضل من العمل ساعات طويلة وبشكل شاق، لكن هذا يختلف عن العمل البدائى المحدود – صيد السمك كما فى قصتنا – والاكتفاء بالبسيط والقليل دون طموح يدفع للتطور والحداثة والتنمية. لكل هذا حذرتك من القصة، فهى بالفعل خطيرة ومخاتلة.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدمة الأفكار فى عالم الأعمال
- عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء
- ثورة يوليو: فكرة استعصت على الاغتيال
- لا تسرقوا فرحة أحد
- الليبرالية الجديدة نظام شمولى - فلسفة معقدة لقارئ عابر
- الواشنطون بوست: عن مصر والخليج وترامب
- تفجيرات سيريلانكا ولعبة الأمم
- د.عثمان الخشت: عندما تسقط القيم الجامعية
- توماس فريدمان وقراءة خاطئة للشرق الأوسط
- فانتازيا السرد فى لاحكاية فتاة أحبها ولامسها
- ترامب وموسيقى الفك المفترس
- معلوماتكم خاطئة: بريتون تارانت لم يقتل المصلين فى نيوزيلاندا
- حوار مصرى أوروبى فى حزب المحافظين
- فنزويلا: غطرسة أمريكية وسفور أوروبى
- من الكون الفسيح إلى عالم -الرُبع فلامانك-
- رئيس تضع سياساته بلاده فى وجه العاصفة
- -شذوذ تاريخى- يعرض العالم للفوضى والخطر
- أنا النموذج ولاشئ غيرى
- الأسئلة وحدها هى المبصرة
- عالم مابين الحمار والفيل


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - الصيد والطموح: قصة مخاتلة