أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد بوزيان - ‏رؤى نقدية (5)















المزيد.....

‏رؤى نقدية (5)


زياد بوزيان

الحوار المتمدن-العدد: 6342 - 2019 / 9 / 5 - 00:26
المحور: الادب والفن
    


‏7 - البنيوية في المشهد النقدي الأدبي الجزائري المعاصر ، ربّ ضارة نافعة

يرغب هذه المقال المقارب للبحث القصير التماس نوع من المقاربة المُقْنعة للسؤال التالي : لماذا تتجه معظم البحوث النقدية الخاصة بتحليل و دراسة المنتوج الأدبي الجزائري سواء كانت بحوث أكاديمية ـ بما في ذلك مذكرات التخرج ـ أو أبحاثا مستقلة إلى المنهج البنيوي؟ ذلك المنهج الذي اصطُفي عربيا و غربيا في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي ثم بدأ يهوي خارجا رويدا رويدا من اهتمامات الفكر الغربي متبوعا بالفكر العربي في المشرق العربي بخاصة في مجال التخصص الذي نحن بصدده ، أي النقد الأدبي فاسحاً المجال للمناهج الما بعد بنيوية كالتفكيكية و التأويلية و حتى السيميائية / العلاماتية بمختلف اتجاهاتها. غير أن دراسة إحصائية إعلامية اطّلعت عليها مؤخرا تقول أن البنيوية مازالت من حيث الكم هي المسيطر على الساحة النقدية الأدبية في الجزائر، ليس ذلكم فحسب بل من مصادفاتي لعديد الدراسات النقدية النظرية و التطبيقية البنيوية عبر الإعلام الإلكتروني أصحابها جزائريون أو مغربيون. فإلى ما يعود السبب الحقيقي يا ترى؟

لعلّنا نبدأ من نموذج تطبيقي ثم نعود من خلاله لنعرج على نشأة البنيوية كمدرسة نقدية حداثية تعود أصولها المعرفية إلى مرحلة نهاية القرن 19 و بداية القرن اﻠ 20 في خضم ما عرفته الفلسفة المثالية و المادية آنذاك من محاولات حثيثة لترسيخ قميهما و عزل علوم الميتافيزيقا و العلمانية الإنسانية مستزيدةً من تطور العلوم التجريبية و الوضعية التحليلية و الذي يهمنا هو ميدان العلوم الإنسانية بداية القرن العشرين التي بدأت تخضع ظواهرها أول ما بدأت للمنهج العلمي التجريبي على يد أوجست كونت. لابأس أن نرى قبل ذلك كيف أن هذا الطالب الجزائري في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه الذي يقول في بحثه الأكاديمي : « يعتمد كثير من النقـاد في تحليلهم للنصـوص الأدبية على بعض الظواهـر الشكليـة، أو يتجهون بها خلف معطيات و تفسيرات نفسية أو تاريخية أو اجتماعية أو حتى مذهبية مما يجعل هذه النصوص تعيش خلف أسوارها.

إنّ هذه الدراسات الضّيقة التي لم تتعمق في أغوار هذه النصوص لاستجلاء مكامنها الجمالية و الإبداعية تعتبر معالجات و تفسيرات ضيقة غير ناضجة لا يمكن لها أن تفجر ما تنطوي عليه المعاني و العبارات.»[1] معتقدا أن المناهج السياقية لا تتعمق في أغوار هذه النصوص لاستجلاء مكامنها الجمالية و الإبداعية! بل أنها تفسيرات "غير ناضجة" و لا ندري ما يقصد بالضبط بمفردة "غير ناضجة" لكن بحسب فهمنا هو يقصد افتقاد هذه الدراسات النقدية للدقة العلمية الموضوعية كنتيجة لتوخي المناهج السياقية لهامش من الذوقية أو ذلك البصيص الذي لا بد منه من الذاتية ( و لعل تلكم الذوقية هي التي تميز الأدب عن سائر العلوم ، بل هي من تقف وراء ضعف الأدب الجزائري فتجعله مع "العلمية الانتقائية" مُضاعف الضعف ) في مقابل المناهج البنيوية التي تتعامل مع الأشكال و اللغة مفجرةً طاقاتها و حمولاتها الدلالية إلى أبعد الحدود.

لكن ما فائدة تلك المعاني و تلك الدلالات و التي لا أدري أيستشفها الناقد الجزائري عن ذوق لمَّا يطوف داخل بنية النص و مستويات العلائق و وشائج القربى التي تربط عناصر اللغة تلك؟ أي هل هناك ما يدل على الجانب الإبداعي أم مجرد آليات صماء ينهيها فقط؟ هنا يكمن مربط الفرس ، لأن المنهج البنيوي على موضوعيته يشترط تحليل بنية النص تحليلا و تركيبا لعناصره تذوُق ما يفوح من عبير لِعناصر تلك البنية أو هو الحدس بتعبير صلاح فضل لأنه بصدد عمل أدبي لا خطاب تواصل لساني: " .. منهج البحث العلمي للعمل الأدبي يحتاج في أحد حلقاته التي لا غنى عنها إلى هذا الحدس ، إذ أن التحليل العلمي لجميع العناصر التي يتكون منها العمل الأدبي مستحيل ، لأنها مركب لمجموعة من المركبات المعقدة والحدس وحده هو الذي يدلنا أمام العمل الأدبي على الجانب الذي يتسم بالخصوبة"[2]

فمفردة "عدم النضح" التي أتى بها الكاتب ها هنا قد أحسن أيما إحسان لما أتى بها لأنها مربط الفرس في موضوعنا و فجوة للنفاذ منها إلى الحقائق المطموسة ؛ عندما نقول عن العلم الفلاني أو المنهج الفلاني أنه غير ناضج ، العلم أو التوجه النقدي الذي ساد أصلاً في مرحلة كانت الممارسات الأيديولوجية شيئا عاديا ، و بالتالي هذا القول يعد من نافلة القول ليس إلا بل يستحسن على الدراسات و البحوث التي هي في مستوى الماجستير و ما فوق نبذها أفضل. أما الإصرار على قوله فيعد فجوة أخرى ننفذ من خلالها إلى بعض الحقائق المغيبة عن طلبتنا في الديار الجزائرية. أما عندما نقول عن الإنسان الذي يستعمل ذلك العلم و تلك الأداة أنه غير ناضج فالأمر هنا يختلف و لا يحتمل مقارنته بعدم نضج العلم / المنهج ، لأن الأيديولوجيا المدخل للذاتية و تغييب الروح العلمية من المفروض تكون في ذلك الوقت ألصق بالعلم و المنهج و ليس بالإنسان ، أما في وقتنا عصر تطور العلوم و المناهج نستطيع قلب الآية بكل أنفة و نقول عن من يلتمس أداة المنهج السياقي : التاريخي أو النفسي أو الاجتماعي أنه غير ناضج غير نادمين و ليس أداته الغير ناضجة! ببساطة لأن لكل نص أدبي بعد قراءته و فهمه مقاس بحث أو منهج يناسبه و ليس العكس ؛ فهناك من النصوص لا يليق لها غير المنهج السياقي. الذي يصفه صاحبنا أنه غير ناضج لأنه يسوق التحليل العلمي مغلفا بهامش من الذوقية أو الأيديولوجية إن شئت التي لها مصطلح مقابل كذلك في المناهج البنيوية وهي الرؤية حيث يعبر عن ذلك بشمولية الرؤية : وهي تتجاوز الصيغ اللغوية لتحتضن موقف الإنسان الكلي و رؤيته للعالم[3] ، و الحال في هذا اللبس ــ للأسف الشديد ــ أن حضرته هو "الغير ناضج" مع معشر زمرته من الباحثين بين مزدوجتين من الديار الجزائرية بصفة خاصة و الديار المغاربية بصفة عامة عندما لا يحيطون بهذه البديهيات. و لعلّ الفضيحة كل الفضيحة لا تكمن في نشر هؤلاء الطلبة لأبحاثهم ذات الدرجة avec mention دون العمل على تصحيحها بعد المناقشة بل في تجاوز لجان المناقشة ــ لا أعلم السبب ــ عن تلك الأخطاء البديهية جدا.

فمستواك أنت كباحث وناقد مع زمرتك من مستوى النص الأدبي الذي تود دراسته دراسة نقدية لأن مستوى النقد يتبع مستوى الأدب و هذه المزية قدمتها لكم البنيوية دون قصد حين عزلت منتج النص أو الذات المتعالية و كل العوامل اللاّ نصية عن التحليل و الدراسة ؛ فلكم انطبقت مقولة ربّ ضارة نافعة أو مصائب قوم عند قوم فوائد فيما يخص تطبيق المنهج البنيوي على ما نسميه المنتج الأدبي الجزائري ، لأن الجزائريين بخاصة الأكاديميين سيستغلون تلك المناهج النصانية كالبنيوية ( التي طورها الأوروبيون كي يبعدوا نصوص الوحي عن الأحكام الغيبية و الأخلاقية القيمية المقترنة بالمناهج السياقية ) للترويج لأدبهم القومي البعيد كل البعد في مستواه عن مستوى آداب الشعوب المماثلة له لظروف تاريخية و أخرى ليس بإمكاننا سوقها في هذه العجالة. أجل سيستغلونها جاعلين كل من هب و دب والجاً الكتابة الأدبية بلغة الضاد في مصاف المبدع و ليضعها نقادهم الغير ناضجون ( و صاحبنا مشروع لواحد منهم ) في مصاف القاص أو الشاعر أو الروائي وهو لا يستحق ذلك بل حسبُه أنه لا يجيد الكلام بلغة عربية سليمة أصلا كتلك التي يتكلمها طفل في مشرق البلاد العربي ، بل لا يعرف ما معنى المنظور و لا يعرف ما معنى المجاز و ما معنى النبرة و ما معنى البطل في الرواية أصلا ، مع ذلك تعتريه نشوة الكاتب راغبا في الشهرة بين ليلة و ضحاها! ــ ينطبق الأمر هاهنا فقط على اللغة العربية أما مع اللغة الفرنسية فأدب الجزائريين خاصة و المغاربة عامة فذو مستوى رفيع إجمالاً ـــ حري بهذه النصوص أن لا تحلل إلا تحليلا لغويا معياريا و تحليلا تاريخيا للكشف عن نضج صاحبها الأدبي من عدمه ، لا جرم أن يصفها الناقد المصري عبد القادر القط أنها " شدت الجيل إليها بحكم طرافتها وإن كانت تغطي على السطحية و عجز الموهبة " إثر موقفه من الأشكال النقدية الجديدة التي غزت ستينيات القرن الماضي ، لِأن الباحث الفرنسي عندما أوجد المنهج البنيوي لم يضع في الحسبان هذه الاعتبارات التي استغلتها الشعوب التي لا تمتلك زادا و موروثا لغويا صافٍ لكي تنتج به شيئا يدعى أدبا كالجزائر ، و لو أنه وضعها في الاعتبار و أدخل هذه القاعدة في الأساس لأصبح المنهج البنيوي محرّم تطبيقه على النصوص التي يغيب فيها الحد الأدنى من الأدبية ( مجرد حشد لكلمات في فقرات و الفقرات في صفحات ) تماما مثلما يُحرّم الإسلاميين قراءة نصهم الديني قراءة بنيوية مدّعين أنها تمثل انغلاق العقل الغربي و تمركزه حول ذاته وهل وُجد آخر بالنسبة للغرب منفتح عليه و غير متمركز على ذاته حتى يفعلوا!؟ مع ذلك فقد أبهجت البنيوية معشر نقاد الجزائر إلى أيامنا أيّما إبهاج عندما وجدوا فيها فرصة لا تعوض للقفز بأدبهم إلى خانة "التصنيف" فلم يتوقفوا على ترجمة كل التفاصيل التي تصلهم حولها من وراء البحار.

فكم أجاز هذا المنهج زورا و بهتانا لشريحة واسعة ممن لا يعرفون كتابة أسماءهم كتابة صحيحة تدوين أسماءهم في قائمة كتاب الأدب الجزائري المعاصر! يكفي شهادةً على أن هذا الباحث هو مشروع ذلك النُويقد الغير المتمرس و المتخرج لتوه بشهادة ماستر أو ماجستير[4] كصاحبنا المذكور أعلاه من معهد اللغة العربية و آدابها يجد صديق له صحفي ركيك اللغة و اللسان غاوي كتابة لكنه واقع تعسفا في صورة "هاوي كتابة" أو ابن عمومته أو ابن منطقته يأخذ روايته يدرسها دراسة أكاديمية/مذكرة دكتوراه ، وهي التي ستلقى ترحيبا و تحفيزا من لدن اللّجان العلمية بحجة واهية غير مدروسة وهي التمكين للمنتوج الجزائري أمام المنتوج العربي! فيساهم في ذيوع صاحبها من ثم نشر و ترسيم الرداءة نقدا و أدبا وهو الذي كتب روايته أو قصيدته الأولى صدفة أو ترويحا عن النفس ، فجأةً سيجد عمله محل الإشادة البنيوية إن صح التعبير أكاديميا و إعلاميا!

إن الفكر البنيوي خلق عقب نشأته ثم انتشاره رفضا و تعصبا ، بل نقاشا و صراعات فكرية حادة بين الحداثيين و الإسلاميين في الوطن العربي لأنها أطلقت مقولة موت المؤلف ، و شنّ عليه الإسلاميون و مازالوا حملات مسعورة مليئة بالمغالطات العلمية المدروسة منها ما اكتسى طابع النقد العلمي المنضبط من قبل إسلاميين فترة السبعينات و الثمانينات لكنه سرعان ما أخذ طريق اللا نضباط و اللا دقة العلمية بعد ذلك بخاصة في الجامعات الإسلامية ؛ يطرحون فيه على طلابهم و لغايات تعليمية حقائق مغلوطة عن أصول البنيوية و غاياتها كجامعة غزة الإسلامية أو جامعة الأندلس الإسلامية آخذين إياها بدورهم عن غلاتهم المتعصبين اتجاه علوم الغرب المادية حين يقول أحدهم : "و البنيوية عند ظهورها لا تعتبر اتجاها مماثلا و موازيا للاتجاهين الرئيسيين الموجودين آنذاك في أوروبا ( الشكلانية و الماركسية ) بل تعد منهجا تفرع عن أحد المنهجين السابقين أو كليهما"[5]

و حقيقة الحقائق التي لا تقبل المجادلة و التي لا يسمح موضوع مقالتنا من الاستفاضة فيها ، هو أن للفكر البنيوي أصول فلسفية وهو الذي انبرى مع ثلة من المفكرين : إيمانوال كانط ، لوي التوسير، أوجست كونت ، رومان جاكوبسن ، كلود ليفي شتراوس نقض أطروحات المدرسة الفلسفية المثالية ( أفلاطون ـ شلنج ـ هيغل ) التي تقول بالروح المطلق أو أولوية الفكر على المادة في منهجها و أطروحات المدرسة المادية أيضا التي ترى العكس بأن المادة هي التي تحث الفكر و بدونها لا يحدث التغير و الارتقاء و هو التفسير المادي القائم على صراع المتضادات أو المتناقضات ( ماركس فيبر ـ كارل ماركس ). إذن بين النظرة الإلحادية و الشيوعية التي تلغي تماما دور الميتافيزيقا أو ما أصبح يعرف بعلم الميتافيزيقا و بين الفلسفة المثالية و المدارس الكاثوليكية و المذاهب القريبة منها نشأ الفكر البنيوي من رحم الفلسفة التجريبية و العقلية محاولاً ردم الهوة بين المدرستين الفلسفيتين الأشهر في أوروبا آنذاك مع الوجودية[6] طارحا مرتكزه الأساس و هو أن الذات المتعالية /الله لا تعني هذا الفكر من قريب أو بعيد و هو لا يرفضها كالفكر المادي ( ليس إلحاديا ) لكن يحيدها عن العملية العلمية إلى مضاربها المرحبة بها وهي الطقوس والاعتقادات الروحية ، من ثمة تجاوز إشكالية أن الحقيقة/المعنى كامنة في الداخل/ في بنية الطبيعة و بين أن تكون كامنة في الفكر/ في خارج الكون ، دافعة بهذا الصراع الثنائي إلى الظاهرة في بنيانها و نظامها المشيّد و دون ذات متعالية ؛ لأن الفكر الديني يهوديا أو مسيحيا أو إسلاميا يناقض العقل أما النظرية البنيوية فترد مصدر الأفكار الدينية ردا عقليا بنيويا ألا و هو التضاد البنيوي المميز للطبيعة الكونية و ليس الوحي أو الإله كما يزعمون . على أن ليس هناك انفصاما بين اللغة و العقل / الفكر بل تكاملا يستقصى من خلال ثنائية ديسوسير الشهيرة دال ـ مدلول أي أن المعنى تابع للبنية ، لا وجود تصورا للعالم من دون مادة ، و لا نجد أفضل من الفيلسوف بول ريكور لدحض أقوال الإسلاميين المغلوطة اتجاه الأصول الفلسفية للبنيوية و حداثة الغرب عموما ، التي أعطتها دون أدنى شك البنيوية دفعا قويا زاعمين أنها مجرد اتجاه لقراءة النصوص الأدبية حيث يقول : " نميز هنا بين البنيوية الفلسفية عن الألسنية البنيوية .. لا شك أن البنيوية الفلسفية تنطلق من هذا التفكير و لكنها تضيف أطروحة حول الواقع الذي لم يعد يشكل أطروحة عند الألسنية بل عند الفلاسفة"[7]

و لعلّ ما أمد النظرية البنيوية أكسير حياة كي تنهض و تخرج من كونها مجرد فكرة فلسفية مكتسحة مختلف العلوم رافدان من العلوم الإنسانية ؛ بالتحديد من للغويات و هما : أبحاث فرديناند ديسوسير في قوله بالنسق أو النظام في دراسته العلمية اللغة و المدرسة الشكلانية الروسية على يد جاكُبسون الذي يعد أول من نطق اسم البنيوية ، و هناك من يضيف لهما تحاليل سيقموند فرويد النفسية. أما أن تأتي المغالطات غير المحسوبة العواقب بل القفز بالطلبة و الناشئة نحو المجهول ، المحكومين من طرف التيارات الإسلامية أينما كانت ، وإذا بنفس الباحث ( بلعفير ) يغض الطرف عن هذه الحقيقة مستهدفا نشأة البنيوية في بحثه بقوله : " وقد شهد القرن 19م الكثير من التطورات في علوم مختلفة .. ثم تلا بعد ذلك بدايات القرن اﻠ 20 ظهور عدد من النظريات و الآراء العلمية كان لها دور كبير في تطوير تلك العلوم .. و وصلت إلى نتيجة أن الظواهر العلمية ذات طبيعة معقدة ، و منذ تلك اللحظة ظهر لعلماء الغرب حقيقة وهي أن العالم كله مبني على أنظمة تسير عليها أموره جميعها ، وأطلقوا مقولتهم المشهورة التي تقول : لكي نستكمل معرفتنا عن العالم ينبغي أن نبحث عن بنية النظام"[8]!! بل الحقيقة الغير خافية على كل ذي لب هو أن البنيوية نظرية علمية و منهج من مناهج الحداثة الغربية صالح للتطبيق على كل العلوم ، بخاصة النصوص الأدبية فإذا ما صادفت الفكرين الأيديولوجيين المادي و المثالي في طريقها تحللهما بوضعهما على طاولة التشريح العلمي الدقيق وحده و على مسافة واحدة و على قدم المساواة. و هي النصوص الأدبية التي تقبل بها البنيوية فترسّمها فعلا نصوصا أدبية ، و ليست كبنيوية الجزائريين الخاصة التي حاولت و ما زالت تحاول غشنا بأنها بصدد النصوص الأدبية أو شيء من هذا القبيل مستغلة مقولة موت المؤلف بيد أنها في الحقيقة بصدد صفحات من حبر القلم على بياض الورق ليس إلاّ .


[1] ـ ينظر : الفصل الأول : الدراسة النظرية ، بحث دون اسم صاحبه متيسر على شبكة الأنترنت. ص5.
[2] ـ صلاح فضل : علم الأسلوب مبادئه و إجراءاته ، دار الشروق ، القاهرة 1989 ، ص142.
[3] ـ المرجع نفسه ، ص127.
[4] - نحن دائما نعنى بالاهتمام بالنقود والدراسات الأكاديمية لأن ترسيمها لواقع مزيف يخص النقد والأدب في الجزائر يكون أشد خطرا / مقبولا فهي تمثل مؤسسات رسمية ولا محيد عنها عكس المشتغلين بالنقد والأدب في الصحافة و مديريات الثقافة.
[5] ـ محمد بن عبد الله بلعفير: البنيوية النشأة والمفهوم مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية الاجتماعية ، عدد 15 مجلد 16 ، سبتمبر 2018، ص234.
[6] ـ المدرسة الوجودية فلسفة العبث بلا معنى من ناحية الفن و الأدب و الحرية العمياء كما يثبت ذلك زعيمها جون بول سارتر : أتقبل البنيوية متى بقيت في حدود المنهج أما إذا تخطت ذلك ، فإنها تخطت حدود شرعيتها فالبنيات لا توجد من عدم وإنما هناك من أوجدها ألا وهو الإنسان إذن كيف يمكن القول بثبات البنى والإنسان يخلقها باستمرار. ينظر محمد سبيلا و بن عبد السلام : الحقيقة ، المغرب ط2 1996.
[7] ـ بول ريكور : فلسفة اللغة ، ترجمة علي مقداد ، مركز الإنماء القومي ، بيروت 1979 ، ص24.
[8] ـ مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية و الاجتماعية : عدد 15 مجلد 16 ، سبتمبر 2018، ص232.



#زياد_بوزيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤى نقدية (4) تصورات مواطن جزائري يُقدمها للجنة الحوار الوطن ...
- رؤى نقدية (4)
- رؤى نقدية (3)
- رؤى نقدية (2)
- رؤى نقدية في الأدب و الثقافة (1)‏
- حكايات الدكتور سْفَر 10
- حكايات الدكتور سْفر 9
- آخر المرتزقة ‏
- حكايات الدكتور سْفَر 8
- حكايات الدكتور سْفَر 7‏
- عندما تستأثر إرادة الموت بالنفس البشرية
- حكايات الدكتور سْفر 6‏
- حكايات الدكتور سْفَر 5‏
- حكايات الدكتور سْفَر 4‏
- حكايات الدكتور سْفَر 3‏
- ‏ ‏‎ ‎حكايات الدكتور سْفَر 2‏‎ ‎
- حكايات الدكتور سْفَر 1 ‏
- السلطوية والرئاسيات في الجزائر، توزيع السكنات الاجتماعية لره ...
- في حضرة راوي الحكايات
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد بوزيان - ‏رؤى نقدية (5)