أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - الجينات الثقافية














المزيد.....

الجينات الثقافية


مهدي القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 6340 - 2019 / 9 / 3 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


نجح علماء أمريكيون في تعديل جينات بشرية لإزالة طفرات جينية تُسبِّب قصور في القلب لدى الشباب الاصحاء حسب تقرير لصحيفة الغادريان البريطانية ، وتعمل تكنولوجيا ( كريسبر-كاس 9) مثل مقص للجزئيات تتيح التخلص من الأجزاء غير المرغوب فيها لتحل محلها اجزاء من الحمض النووي الوراثي . لكن علماء الوراثة سيجدون صعوبة في تعديل بعض الجينات او خلق أجنة بمواصفات بعينها . ورغم ما فاضت به هذه المرجعيات من علم فأنا لنا الحق أن نضيف له قناعات اخرى
قد تكون في قابل الأعوام من المسلمات أو تكون المهاد لنظرية جديدة نغني بها العالم ، مع العلم ان معظم الاكتشافات العلمية بدأت بنظريات او تصورات غير قابلة للتحقيق . ففي أحيان كثيرة تقودك مخيلتك الى أماكن يصعب الوصول اليها ، المخيال يقرب البعيد ويلين الحديد ويزوجك وانت العاجز .
الجينات الثقافية قد يكون مصطلحاً جديداً وغير متداول لحد اللحظة لكنني استخلصته او استنتجته من خلال تجاربي ومشاهداتي الحياتية ، خاصة مع الذين وِلِدَ آباؤهم وأجدادهم في الأرياف وقد فرضت على هؤلاء الآباء والأجداد ، الجزء غير الواقعي من أخلاقيات القرية المتمثل بثقافة الانحياز للقبيلة بدون الرجوع الى العقل والامتثال القسري لتطبيق أوامر الإقطاع وقد استعان الإقطاع ببعض المحسوبين على الدين لغرض ترويج ثقافة تناصر وتتموسق مع أوامر وطروحات سطوة الإقطاع وإيهامهم بان هذا هو المقدس وبث روح التعصب القومي او الديني او المذهبي وبالتالي العمل على تجهيلهم ،وإبعادهم عن كل ما يمت للمدنية من افكار بصلة لغرض التجهيل والتبعية . هذه الممارسات سلبت من الفلاح انسانيته بعد ان لحق به حيف كبير مما ساعده على التفكير في الهجرة الى المدن وخاصة بغداد .
الأبناء الذين ولدوا في بغداد بعظهم دخل مدارسها وكلياتها وتبادلوا الثقافة مع السكان الأصليين في المدينة وخبروا سلوكياتهم وكيفية ممارستهم للحياة الاجتماعية والمدنية وانخرط معظمهم خاصة المتعلمي في المنظمات اليسارية ، وقد وفرت لهم المدن الكثير من المتنزهات والحدائق العامرة بالورود ودور السينما صالات المسارح والمكتبات وهذه الأخيرة منحتهم مئات العناوين من الكتب الادبية والثقافية والفنية والسياسية وغيرها الكثير . هذه المستلزمات الثقافية كانت ضرورية لإغرائهم للعمل في الثقافة والآداب وبالتالي ادركت الكثير منهم حرفة الأدب والصحافة والفن والكتابة في مجالات اخرى وتفوقوا فيها ووصلت شهرة بعضهم الى العربية والعالمية
وحصدوا الجوائز في معظم الاجناس الادبية والثقافية وتبوؤا المراكز الثقافية كرؤساء تحرير لمجلات ودوريات ثقافية وصحف يومية وأسبوعية .
هذه الأجيال خلعت جلباب الآباء والأجداد ظاهرياً بعد ان ادعوا تبنيهم لمفاهيم معاصرة كالحداثوية والمدينية وآمنوا( شكلياً) بالتحولات الاشتراكية والمرحلة الانتقالية ودافعوا عن الدولة المدنية وناصروا المرأة في حقوقها . ولكن رغم كل ذلك بقيت جينات الأسلاف نشطة ومتحفزة وجاهزة للظهور في اَي موقف يتطلب ذلك وبقيت في مأمن من فر ض إرادة الجينات الثقافية المكتسبة نظراًلقوة ارادتها المستندة على إرادة الأسلاف ، بل كان لها التأثير الفعال في توجيه حاملها الى السلوكيات الاجتماعية المتساوقة مع أهدافها بدون أية عوائق تذكر .فبأختبار بسيط لأحدهم في ذكر اسم زوجته امام الأصدقاء لأي سبب كان فتتحفز جينات الأسلاف الثقافية لتنتصر وبكل سهولة على الجينات الثقافية المكتسبة ، من الحوارات الشفاهية او المستخرجة من بطون الكتب ، وتضمحل أمامها جميع الأفكار المستلهمة من الحياة الثقافية والاجتماعية للمدنية فيما لو سمح القدر لأحدهم من مشاهدة ابنته الجامعية مع زميل لها داخل اروقة الجامعة . .
ولم تقف جينات الأسلاف مكتوفة اليدين او تمثل الدور السلبي بالنسبة للعراقيين الذين امضوا قرابة الربع قرن في بلدان الغرب وأمريكا والذين يتباهون كونهم اكتسبوا ثقافة ما بعد حداثوية من المجتمعات المتنورة والمتقدمة علمياً وثقافياً وتشبعوا بها وقد تبوأ معظمهم مناصب ثقافية حين عودتهم الى العراق ، ويفتخرون بوفرت كتبهم ودراساتهم المتنوعة لكننا لم نر اَي واحد منهم قد مارس دورا متحضراً أمامنا بتابطه ذراع زوجته او صديقته وهو يدخل علينا في اتحاد الادباء او في اَي من المنتديات الثقافية او المقاهي الادبية المنتشرة في بغداد ، مستبعدين المحافظات لأسباب معروفة ، على الأقل ليغيضونا ويثبتوا لنا انهم كانوا في بلاد الإفرنج وتشربوا من معينها الحضاري باستثناء رئيس الجمهورية السيد برهم صالح حين تأبط ذراع زوجته في شارع المتنبي في اول نزول له لشارع الثقافة . اما من امتهن الفنون السمعية والمرئية او المسرح فلم يجدوا في قواميسهم الدرامية سوى إضحاك الجمهور على لهجة أهل الريف والانتقاص من فعاليات الاسلاف والضحك عليها ولم يغادروا هذه المنطقة لوقتنا الحاضر .
جينات ثقافة الاسلاف لم تكن محافظة على كينونتها فحسب بل نمت وانتقلت بالوراثة ( كما حصل لجينات مندل ) لامتلاكها رصيد معنوي واشتغالات مؤثرة باستنادها على التراث الذي منحها القدرة على سحق المفاهيم الجديدة ، انتصارها يمثل ضعف وانهزامية الجينات الثقافية المكتسبة واضمحلال دورها واستسلامها في اول منازلة حضارية ، وهكذا يظهر زيف المتحضر المصطنع والاستعلام الفارغ ....



#مهدي_القريشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجاعيدالماء ومسارات النص المفتوح
- روشيرو
- غيمة بلا مزاج
- كيف تصبح أديباً فاشلاً
- أحياناً ... مرتبك انا
- صباح الخير علاوي الحلة ...السيناريو المحايد
- انتخابات الادباء والتحديات الجديدة
- بيت السياب
- فصل من مدينة مناضلة
- سيرة عصفور
- شجرة عيد الميلاد
- غيمة شجرة الميلاد
- رقصة
- كرنفال طريق الشعب
- أصدقاء
- جثة في منفى
- كامل شياع ... النبيل الكثير
- سوناتا الريح
- زجاج مدهون بالدهشة
- انت َ اللحظة … لستَ انت َ


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - الجينات الثقافية