أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - فن الأفكارلبثينة علي في عرض عالي ومفاجىء لنخب دمشق التشكيلية















المزيد.....

فن الأفكارلبثينة علي في عرض عالي ومفاجىء لنخب دمشق التشكيلية


متعب أنزو

الحوار المتمدن-العدد: 1551 - 2006 / 5 / 15 - 06:09
المحور: الادب والفن
    


بقيت التوصيفات التي أطلقت في تعميم اكتشافات " فنون مابعد الحداثة "كقيم جمالية مشروعة "توصيفات ناقصة" و مستهدفة في كثير من الأحيان حتى في مهدها الأول إبان ظهور التيارات التحريفية في أشكال الفن مع نهاية القرن التاسع عشر, انطلاقاً من أوروبا، و تحديداً فرنسا حيث تبلورت فيما بعد و تسربت إلى معظم أرجاء العالم و كانت إحدى صور التغيير الحاصل في البنية الثقافية التي شكل الدادائيين ممثلين " بأندريه بروتون وبول إلوار" ذروة انشطارها الأدبي.
هذه الاكتشافات التي تأسست معرفيا وفنيا بفعل أبحاث المدارس الباريسية ونظريات كل من مارسيل دوشامب وفرنسيس بيكون أو حتى البوب أرت الأميركي إن صح التعبير.
رغم ذلك قدمت هذه الفنون باعتبارها مدخلاً إلى مساحات لم تكن في حساب التطور التشكيلي الذي صيغ في القرون الوسطى تحت سقف و عين البابوية اليقظة و أطرته فيما بعد الذائقة البرجوازية وأمزجة صالات العرض , التي لم تعتد هذا الانقلاب الحاد في المفاهيم التقليدية للفن .
" installation " أو مايسمى بفن الأفكار- أو إن شئتم الفنون التركيبية- هو نسق من هذه الفنون التي تذهب بالتجربة الإبداعية بعيدا خارج حدود اللوحة إلى مايشبه التشكيل اللحظي, لتوحد بين السياق الذهني والروحي من جهة والافتراضات المستحدثة لاستخدامات المادة على تنوع خرائطها التقنية , فيأخذ الأثر الفني بفعل هذا الانحراف طابع السيرة الهاجسية للروح والصوت والرائحة والمكان وربما الأفراد ونظائرها في الطبيعة والكون بمعنى من المعاني.
شيء من هذا أو يقاربه كانت قد فاجأت به التشكيلية الناشطة في مذاهب ال " installation " بثينة علي, نخب دمشق المتابعة في عرض بصري وذهني في صالة الرواق العربي تحت عنوان " نحن " تضمن مشهدا مدهشا من مشاهد التنصيب التي توزعت المسارب الثلاثة في فضاء المكان الذي جاء اختياره لماله من أهلية معمارية تخدم، بفاعلية، المحتوى الروائي إذا جاز القول لمعرض يحمل في مكوناته بعضا من الهواجس الوجودية والأسئلة المعلقة التي تترافق وإياها الفنانة منذ طفولتها .... امتيازا معرفيا في إدارة المفردة الأولى من مفردات العرض يسجل ابتداءا لبثينة التي تدخل .... وندخل معها في عالم الصور المحاصرة بالمحرمات، دون أن نتمثل نوايا مبيتة أو مغيبة في اقتحام الفضاءات المحرمة أو المعاني المضروبة بالقمع ،ومن دون أن تسقط بثينة من ذاكرتها صورة وصوت المورث اللغوي والمعرفي الذي تدخل في ترجمة نسيج التشكيل الثلاثي الذي تأسست بفعله فكرة التنصيب.
فعلت بثينة علي _ التي أتمت تحصيلها الأكاديمي في الأكاديمية الوطنية العليا للفنون في باريس_ ذلك وتفعله تحت أحدى مسميات فنون مابعد الحداثة والتي تعني فيما تعنيه اختراق الحدود البصرية الموروثة للفنون , والتي لا تزال "سيدة الساحة الفنية" في المدينة وبين معظم مثقفيها. غير أنها تحافظ في الوقت عينه على علاقات انسيابية تربط نتاجها الفني بعلاقات وثيقة بالمادة والصورة لتتجاوز ذلك فيما بعد للمس بمفردات الصوت والرائحة والهندسة الفراغية المحكمة لمكونات العرض.
تقول بثينة مامعناه : " لافرق بين سطح اللوحة وسطح الأحلام أو ذرات الهواء في المكان أو حتى الخيالات البريئة التي تحاصرك ... هو المنطق أو التصور التي تمسك به تركيز الآخرين لتقود الرؤية باتجاه ماتريد قوله أو حتى الذي لاتريد قوله دون أستعارات ومواربة "
ما أن تدخل قاعة العرض وتنعطف يمينا أويسارا لتدخل في نسيج التشكيل حتى تنخطف بأمواج من التساؤلات المعلقة التي تهبط على هيئة خيوط ذهبية من أعلى حدود الرؤية, لتلتقط في اللحظة ذاتها أو ربما فيما بعد " أرواح سوداء" ممهورة بما يشبه الخوف " سياسة , جنس ,حب , أبن ,متعة , صوت , بقاء , صبر, ندم ,حرية , موت, روح . سكون , صمت, مرور, جسد , درب,تردد, وعد, ملل, أمل , إهمال" إلى آخر حدود اللغة الى قد لاتسعف أثناء السقوط من الأعلى أو من الأسفل.
حين تتجاوز المسرب الثاني لا تلبث أن تتعمد برائحة ملوثة بالأصفر وتدرجات البني والداكن والأزرق الكوبالت المتسخ.... رائحة تغشي دماغك وجزء من أطرافك. تكتشف فيما بعد أثناء ذهابك إلى منتصف التشكيل أنها رائحة روحك أو شيء أخر يشبه رائحة الدم المترسب فيما لديك من أصابع وحواس ووظائف وسيالات عصبية ربما.... بعد ذلك ودون أن تشعر تقودك أصوات بتونات ضبابية , لتخرج بك من إغماء رملي ممتد إلى لانهاية, تصدم بعده بشاشة كبيرة تتكرر مع دقاتها الضوئية المنتظمة ترددات كهربائية في داخلك .... رهاب وسكون مفزع يمرره لك المشهد بزمن يمتد بامتداد يقظتك وهروبك من فخ التنصيب الفني وطاقته الحسية و التأثيرية.... شيء من هذا أو يقاربه يبدأ بالتكون أمام عينيك بعد وقوف مؤكد يغري بتحريك الهياكل المتبقية من التشكيل في السياج الثالث من العرض , الممتلك سلفا, مساحة من الحلم المركب التي تجيد " بثينة علي " تثبيت افتراضاته بحرفية عالية وبامتيازات العارف , الامر الذي يشي بعلو كعب اكتشافاتها في الوسط الذي يقترب أو يقارب السحر الكثيف في فنون ما بعد الحداثة.ففيما يقوم مشهد التشكيل على تفاعل عضوي بين كيمياء المفردات, اعتبره البعض إلزاميا، بين طبيعة الفضاء المكاني الذي بني فيه التجهيز وطبيعة المعنى الذي ترغب بثينة في إيصاله الى الناس .وفي هذا التوجه يمتلك التجهيز فضاءه بخطفه الى تحقيق نوع من الإدهاش و الصدمة للمتلقي , وحدوث ذلك من اللحظة الأولى .
المعنى ذاته الذي يقود إلى أن الفكرة هي الأصل، لا تنفيذها. فبينها، كإنتاج ذهني خام، والعمل الفني كتجسيد مادي لها، تبقى الفكرة هي الركيزة والمرجع. بل لولاها لما كان العمل الفني الذي يكتسب بعض لمعانه من حيازته لكامل مساحة الإدهاش عند النخب المتابعة وبعيدا عن دعوى المغايرة وحسب.ولا اكتفى في كل ما يحققه من تجهيز وتركيب وصور فوتوغرافية ومواد ... الخ، من متابعة الحوار مع فكرته المركزية، أي الذاكرة البريئة التي تعني فيما تعنيه الكثير من الأسئلة الوجودية المعلقة التي لم ترد بثينة الانتهاء بها إلى أجوبة وإنما تمريرها إلى أسئلة أخرى تبحث بدورها عن إجابات , في الوقت الذي يقع فيه مرتادي العرض في هاوية التشكيل .
مما يعني في نهاية المطاف وصول بثينة إلى نتاج احترافي و ممارسة خارقة في النقض والاختلاف ,الأمر الذي يعفي بدوره الفن في تفادى السقوط في المحظور البصري لصالح إبراز الطابع الإنساني الخام لإنسان يعيش شيء من الإيحاء الوجودي "على افتراض حسن النوايا الفنية المؤكدة لدى فنانة لاتهدأ من الذهاب مرات عديدة وراء إغراءات الحداثة الفنية .
بثينة علي تمنت بتوقيع من عرضها المميز تسجيل مصالحة علنية مع الروح والشعور الإنساني بالوحدة في وجه التكنيك المبرمج للحياة .... توقيت جاء متزامنا مع الحاجة للمصداقية العالية في الفن متزامن أيضا مع الغنى التشكيلي لموسم العام 2006 في صالات دمشق وفي ذائقة مرتاديها من النخب المتابعة في ماتبقى من المدينة وهوائها والسلوك الغائب لمعظم مثقفيها الرماديين.



#متعب_أنزو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضياء العزاوي يجدد العلاقة بين الرؤية والنص الأدبي
- إدوار شهدا في غاليري أتاسي ....المرور بالأخرين إلى الذاكرة ا ...
- - طربق قصيرة إلى عراس - .....أو هي كذلك ......حازم العظمة من ...
- موسم باريس التشكيلي....يستضيف السوري سبهان أدم ... في أربع م ...
- فرنسيس بيكون... التدخل لدى افتراضات القبح
- استعارة النص من المتخيل اللغوي ...سليم بركات ينشط مجددا في - ...
- التمسك بأسوار الشعر الغربي.....- بلامغفرة- تكرار مهذب لأبحاث ...
- رهاب بزوايا مختلفة
- - رهاب الموصوفات ......عازفة البيانو -رواية ألفريدة يلينيك
- رؤية محرفة......عن علاقة الحدس باللوحة
- فن الأفكار ..ثلاث مشاهد منصبة في دمشق
- حوار مع التشكيليي العراقي هاني مظهر
- حوار فني مع الشاعرة اللاتينية أستري دي لوس ريوس
- يوسف عبدلكي


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - فن الأفكارلبثينة علي في عرض عالي ومفاجىء لنخب دمشق التشكيلية