أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي الاخرس - قراءة وليس نقد














المزيد.....

قراءة وليس نقد


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6337 - 2019 / 8 / 31 - 09:25
المحور: حقوق الانسان
    


لا أنكر إنني اطلعت كثيرًا وعميقًا على الفكر الماركسي، والنظرية الماركسية بكل مفاصلها الأيديولوجية، ووقفت طويلًا أمام مفاصلها وجزيئياتها، وكذلك قرأت واطلعت على الكثير من السير والأفكار للشخصيات الدينية الإسلامية والفكرية، وتعمقت بفكر قادة الحركات الإسلامية بعيدًا عن الأسماء والمسميات، واستطعت أن أزداد عمقًا بالأديان وعلى وجه التحديد الدين الإسلامي، وعُرجت في الكثير من الأوقات لعلم الاجتماع ونظرياته، حتى راكمت معرفة لا بأس بها خلاصتها" إننا نقرأ لنكتب"، وماذا نكتب؟ كما كتبت جميع النظريات، وكما نصت كل الأديان، أن جميعها بلا حصر جاء لرفاهية الإنسان وعدالته، حتى نحن عندما نكتب، نكتب لأجل العدالة الإنسانية والرأفة بالفئات المهمشة والفقيرة، وبالفكر المعتدل الذي ينشر الحب والمحبة في ربوع الأرض التي خلقت ليعمرها الإنسان، منذ أن وطأت قدماه سطحها، ولكن هل نطبق ما نكتب؟! فعلًا لا نستدل على العدالة ولا نبحث عنها إلا عندما نحاول أن نحلم بها، فتتساءل ورأسك على وسادتك لو أصبحت ملكًا أو أميرًا أو رئيسًا أو وليًا سأطبق العدالة على الجميع غفيرنا وأميرنا، كريمنا وذليلنا في الوقت الذي نحن شخصيًا وفي اضيق الحلقات نمارس الفساد بكل تجلياته وعمقه، فمثلًا أنا شخصيًا كمدخن أبذر يوميًا مبلغًا من المال على رفاهيتي الشخصية كثمن سجائر، حارمًا فرد من أفراد الأسرة أو المجتمع من ما يوفر له متطلباته الضرورية، كما أقرأ للكثير من الأصدقاء الأدباء والمفكرون والمنظرون عن العدالة والحقوق في حين إنهم أكثر من يمارس الفساد الشخصي والعام ووفق منظوره لا يراه فسادًا، بل يعتبره حق من حقوقه أن يرسل إبنه أو بنته أو أخيه للدراسة بأفضل الجامعات الأوروبية كمنح هي بالأصل لعامة الناس، لكنها بمنظوره حق شخصي له، مثالًا آخر رجل الدين الذي ينظر في النهار ويقيم الليل ويقرأ القرآن، إن سرقت فاطمة أو زيد لن يقطع يدها أو يده لأنه لا يعتبر ذلك تعدي على ممتلكات الآخر، ولا يصنفها فساد بل يجدولها في نطاق الحقوق الشرعية له ولأسرته.
هذه المقدمة البسيطة تهدينا لما حدث في غزة قبل أيام من تفجيرات داخلية راح ضحيتها المُفجر كونه ضحية أفكار مارسناها نحن تحت منطق الدعوة، والشريعة، والفتوى، وترعرع عليها المُفجر حتى أعمت بصره وبصيرته، وكذلك المتفجر الذي ذهب ضحية أفكار تحريضية تربصية ربما لو سنحت له الفرصة لمارسها هو بنفسه، ولكنها مورست به لأننا خريجو نفس المدرسة، ونفس الأفكار، ونفس البدايات، وربما نمارسها على مدار تنظيرنا سواء تحت رداء وعباءة الدين أو الإنتماء الحزبي، فليس المتدين فقط بل حتى العلماني والليبرالي والقومي والطائفي والمذهبي يحملون نفس التعليب الفكري مع اختلاف التوجه الأيديولوجي، ويسنون رماح التحريض كلًا تحت رداء قناعاته.
فغزة ليست أم المدن، وغزة ليست المدينة الفجة الوحيدة التي قال القاتل صارخًا" الله أكبر" ، ونطق المقتول الشهادة مرددًا " لا إله إلا الله" فغزة كما كل المدن التي تزان بالتكفير والتفجير والفجور والسفور تحت مواثيق الكراهية والجهل والاستسلام لما هو منتج لها، غزة ككابول كمقديشيو كدمشق كطرابلس كبيروت كصنعاء كالقاهرة كتونس كالجزائر كالرباط، فحرف "ك" يجمعها مع صوت الله أكبر، هذا الشرك الذي أنتجه لنا من حرضوا ولا زالوا على السلم الأهلي لغايات ومصالح حزبية فردية وقودها الوعي المجتمعي، ورمادها السلم الأهلي.
فغزة كما غيرها كلًا يمارس الفساد والإفساد في حدوده العميقة ويصطنع له ألف مبرر بأنه يمارس حقوقه وواجباته، ودعواته لكلمة سواء، بحثًا عن الجنة والفوز بالآخرة، فاستبدلنا الحب والمحبة، بدعني أدخل به الجنة، فشيعنا القاتل والمقتول ولكن إلى أين؟!
خلاصة القول أن كل ما نقرأ هو لأجل أن نكتب فقط، لا لننفذ لا لنعدل مسار ذواتنا وأحلامنا بمدينة فاضلة نصنعها في حدود الخروج عن الذات فقط، فالماركسي فاسد لأنه يقف عند حدود الزمان، والمتدين فاسد لأنه يعود للزمان، والجميع فاسد لأنه أغمض عينيه عن الواجبات وأستنصر للحقوق الخاصة. فكلًا منا يقف لحظة ويسأل نفسه هل مارس الفساد بحق نفسه، وبحق الآخرين، وهل مارس الإرهاب ضد فكره وقناعاته ودعواته، وهل جانبنا الصواب ونحن نقرأ فقط لنكتب؟!
د. سامي محمد الأخرس



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان والمستقبل المدني
- معركة الأيديولوجيا
- متطلبات وقف الإتفاقيات مع دولة الكيان الصهيوني
- المقاومة بين الإستراتيجي والتكتيك
- مصر ورسائل الأمن
- مؤتمر البحرين عوار فلسطيني
- ثلاث حكومات في الربيع
- اليسار السوداني يقود ثورة فعلية
- المقاومة مشروع متكامل
- حصاد اليسار... التجمع الديمقراطي الفلسطيني
- حكومة فصائلية متطلب حالة أم هروب
- حرب نفسية في المواجهة مع دولة الكيان
- السودان في اتجاه معلوم
- اقليم ليس متمرد
- الظاهرة الطبيعية في انطلاقة الجبهة الشعبية
- ليسوا مطبعون بل منفذون
- رأفت النجار لا أعرفك ولكني أعرفك
- خطاب الرئيس محمود عباس بين القديم والجديد
- روسيا وتركيا في سوريا
- هدنة الوهم أم وهم الهدنة


المزيد.....




- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي الاخرس - قراءة وليس نقد