أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ربيع نعيم مهدي - إمامٌ في حضرة الفقيه -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-















المزيد.....

إمامٌ في حضرة الفقيه -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-


ربيع نعيم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 6337 - 2019 / 8 / 31 - 01:41
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


"1"
منذ ان اعلن روح الله الخميني عن قيام جمهوريته الاسلامية باعتباره مرشدها الاعلى ولا زال الجدل دائراً في المجتمع الشيعي حول مشروعية "ولاية الفقيه" التي انتجت النظام الحالي في ايران، فما بين الرفض والقبول تباينت مواقف الفقهاء، حيث ان الإشكالية التي أوجدتها نظرية الخميني لم تكن وليدة أيام ثورة 1979، بل ان لها جذور عميقة في التاريخ الذي ساهم في بلورة التشيع الاثنا عشري.
فإذا نظرنا الى منظومة العقائدية للتشيع نجد ان مسألة الحكم وعدالة الحاكم من أهم المسائل التي ساهمت في نشوء التشيع الإمامي، والذي يشترط لتحقيق العدالة وجود المعصوم المتمسك بنهج القرآن، حيث ان القرآن يشكل الدستور الذي يحدد مسار الامام المعصوم عن الخطأ لإقامة دولة العدل الالهي، والتي ستُقام على يد الإمام الثاني عشر "المهدي الغائب المنتظر".
(2)
وهنا لا بد من تسليط الضوء على بعض الاحداث التي ساهمت في بلورة مفاهيم "ولاية الفقيه" المرتبطة بغيّبة الإمام الثاني عشر عند الشيعة الإمامية.
ففي مقدمة هذه الاحداث نجد ما عُرِف بالغيبة الصغرى للإمام المهدي، والتي دامت لما يقارب السبعين عاماً (260 هـ-329هـ)، حيث شهدت هذه الغَيّبة وجود السفراء الأربعة، وهم الوسطاء بين الإمام وعامة الناس، فمن خلالهم تنقل الرسائل والردود والأموال، وكان آخر السفراء "علي بن محمد السمري"، الذي انتهت بوفاته الغيّبة الصغرى، وبدأت الكبرى التي لا تزال مستمرة الى يومنا هذا.
ومع حلول زمان الغيّبة الكبرى خضع الشيعة الى عقيدة الانتظار لظهور المهدي، ولجأ علماء الإمامية الى إعادة تشكيل بعض المفاهيم لتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع الانظمة الحاكمة، إذ تم تقسيم مسؤوليات الإمام الغائب بين الفقيه والإمام ذاته، ولا أعلم هل ان هذا الامر تم بتشريع من الإمام أم باجتهاد من الفقيه.
حيث ان المسؤوليات التي تم تقاسمها من طرف واحد، منحت الامام المهدي صاحب الولاية المطلقة تشريعات معطّلة، كـ "رفع راية الجهاد" و"إقامة صلاة الجمعة" و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"......، فيما استحوذ الفقيه باعتباره صاحب الولاية الجزئية في زمن الغيّبة على بعض المسؤوليات كـ"جباية الخمس والزكاة" و"تصريف الأموال" وغيرها.
(3)
في المحصلة تمكن فقهاء الشيعة من صناعة أجيال من المنتظِرين للإمام المهدي والعاجزين عن إقامة سلطة أو انتخاب حاكم، وبالتالي تحول الشيعة الإمامية الى فئة مستضعفة ومستبعدة عن الحياة السياسية لعدة قرون، وللسيطرة على ابناء المذهب فرض الفقهاء على اتباعهم التقليد في العبادات والمعاملات، ليخضع غالبية الشيعة الى توجيهات الفقيه.
ان سيطرة الفقيه استندت على موروث كبير جداً من الاخبار والاحاديث المنقولة على النبي والأئمة الاثنا عشر، حيث عمل الفقهاء "الإخباريين" على جمع وتدوين الأخبار والاحاديث، لأنها المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن في زمن غيبة المعصوم، وهذا ما أدى الى سقوط التشيع في حالة من الجمود الخطر، والذي كان من الممكن ان يؤدي الى نتائج غير محمودة، لذلك سعى بعض الفقهاء الى اعادة تفسير وتأويل مصادر التشريع لإنعاش الواقع السياسي والاجتماعي للتشيع، وسريعاً تحولت هذه المساعي الى تيار مؤثر ، عُرف انصاره بـ "الأصوليين".
(4)
في الحقيقة ان مساعي الأصوليين التي بدأت بفتح باب الاجتهاد هي التي ساهمت في تكوين الأسس الفكرية لنظرية "ولاية الفقيه"، فمنذ ان كتب محمد الإسكافي (ت 378هـ) كتابه "تهذيب الشيعة" معتمداً على طرق فقهاء السنة في الاجتهاد واستنباط الاحكام، حتى دخل الفقهاء في جدلٍ أثمر عن ترجيح كفة الاصوليين، إذ استطاع المحقق الحلي (ت 676هـ) ان يحدد معالم الاجتهاد القائم على تحكيم العقل باعتباره معياراً في نقد الرواية والخبر.
ليأتي في وقت لاحق - الشهيد الأول - محمد بن مكي العاملي (ت 876هـ) ويعزز من موقف الفقيه بتوجيب الاجتهاد على من يمتلك القدرة والتقليد على عامة الناس.
(5)
وبالرغم من فرض الاجتهاد والتقليد على التشيع إلا ان الفقهاء التزموا بالابتعاد عن الشؤون السياسية لأنها كما أشرنا من اختصاصات الامام الغائب، لكن هذا الحاجز تم كسره في القرن العاشر، وعلى يد الحاكم، وهذه المسألة ملفتة للنظر.
ففي سنة 939 هـ فرض الواقع السياسي القلق على الشاه "طهماسب الصفوي" ان يلجأ إلى الفقهاء لمواجهة حركات التمرد، إذ ارسل الى المحقق "علي الكركي" (ت 940 هـ) طالباً منه ان يكون شريكاً له في الحكم، بعد ان وصفه بـ "نائب الإمام المهدي"، لكن قبول الكركي للشراكة مع الشاه أثار حفيظة علماء الامامية، لان الحاكم في زمن الغيبة لم يكن إلا ذلك المغتصب لسلطة الامام المعصوم.
ان موقف الكركي مع الشاه لم يقف عند حدود كسر الحواجز التي كانت بين فقاء الإمامية والحاكم، بل تجاوزها لتأسيس مشروعية تسمح للفقيه بالتدخل في السلطة والسياسة، وهذا ما عمل حكام الدولة القاجارية على استغلاله لتدعيم اركان سلطانهم، إذ أثمرت محاولات السلطان "فتح علي شاه" (ت1250هـ) في الاستفادة من تنظيرات الشيخ "أحمد النراقي" (ت1245هـ) حول "ولاية الفقيه"، والتي تضمنها كتابه "عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام"، حيث أجاز الولاية المطلقة للولي الفقيه المتمسك بأحكام وروايات الأئمة الاثنا عشر.
(6)
وكالمعتاد لم تسلم اطروحة الشيخ النراقي من النقد، لان اثبات مشروعية "ولاية الفقيه" بالاعتماد على الرواية يُعد من الامور المستحيلة، وهذا ما دفع المعترضين الى الدعوة لتحديد "ولاية الفقيه" بالاجتهاد والتقليد في الأمور الدينية والحياتية دون المساس بالأمور التي تعد من مسؤوليات الأمام المعصوم، لكن المحصلة أخرجت فقهاء الشيعة من الجدل الدائر بينهم بتكريس دورهم كنواب للإمام الغائب، وأثبتت مجادلاتهم ما بات يُعرف بـ "النيابة العامة" باعتبارها ولاية المستمدة من الله، فالعلماء والفقهاء هم ورثة الأنبياء والأئمة.
ليهمل البحث في ولاية الفقيه كنظرية أطلقها النراقي لفترة طويلة من الزمن، ولم يُعاد النظر في مفاهيمها والتنظير لها إلا بعد أن جاء آية الله الخميني في أواسط القرن الماضي.
(7)
ان السياسة التي أجبرت الحاكم على اللجوء الى الفقيه في الماضي هي ذاتها التي دفعت الفقيه الى البحث في الموروث الفقهي عن ما يمكن استغلاله في العمل السياسي، فمنذ ان دخل روح الله الخميني في دوامة السياسة - في ستينيات القرن الماضي- عمل جاهداً على إنضاج تصوراته لنظرية "ولاية الفقيه" التي أسس لها الشيخ النراقي.
وبالرغم من رفض المرجعيات الكبرى لطرح الخميني -المتأثر بشكل غير مباشر بفكر الاخوان المسلمين-، إلا ان الرجل لم يهمل العمل على تحشيد المؤيدين لأفكاره وإن كانوا من تلامذته في حوزة "قم"، فبعد نفي الخميني الى العراق سعى الى اقناع المرجع الاعلى "محسن الحكيم" بنظريته، لكنه فشل تغيير موقف الحكيم، لأن الاخير كان من أشد المعارضين لإقحام العمامة في العمل السياسي بشكل عام ، فالسياسة تستلزم الكذب والنفاق وهذا سيعود سلباً على العمامة ذاتها.
وعند النظر الى الاحداث السياسية في ايران قبل الثورة، نجد ان الخميني كان يدرك ان الطريق الى عرش الشاه بحاجة لنظرية تكسبه المشروعية في الشارع الايراني ذو الغالبية الشيعية، وهذا ما دعاه الى نشر تصوراته عن ولاية الفقيه في كتابه "الحكومة الإسلامية"، حيث أشار الى ان الأدلة التي تدل على وجوب الإمامة هي نفس الأدلة التي تدل على وجوب ولاية الفقيه, وأنها من الأمور الاعتبارية العقلانية (التي توجد بالجعل والتبني والوضع الإنساني) أيضاً, كجعل القيّم على لصغار, وأن القيّم على الأمة لا يختلف عن القيم على الصغار من ناحية الوظيفة، وأن الفقهاء باعتبارهم ورثة للأنبياء لم يرثوا العلم فقط, فالولاية قابلة للانتقال والتوريث أيضا، وبالتالي بإمكان الفقيه ممارسة مسؤوليات المعصوم في زمن الغيبة.
وهنا، لا بد من الاشارة الى ذكاء الخميني في قطع الطريق على غيره من فقهاء الشيعة إذا ما حاول أحدهم منافسته على الولاية، إذ حدد الاسبقية لإسقاطها عن الاخرين، فمما جاء في أحد كتبه: "إن الولاية بلا قيد ثابتة للفقيه, ولكن سبق أحد من الفقهاء موجب لسقوط ولاية غيره حال تصديه, .... فليس لأحد من الفقهاء الدخول فيما دخل فيه فقيه آخر لذلك".
وبالرغم من فرض ولاية الفقيه على النظام في ايران بعد الثورة إلا ان حدود وصلاحية الولي الفقيه لا تزال من أكثر المسائل جدلاً بين فقهاء الشيعة، فالأدلة التي تُثبت الولاية لا تستطيع حسم الجدل حول حدودها، حيث ان الوقع الذي فرضته نظرية الخميني يجعل من الولي الفقيه في منزلة الامام المعصوم لكنه بلا عصمة.
(8)
في ختام هذا المقال وباختصار شديد أوّد الاشارة الى نقطة مهمة، وهي ان فقهاء الشيعة منذ ان بدأ زمان الغيّبة وجدوا انفسهم مجبرين على إعادة رسم صورة الامام الثاني عشر ولأكثر من مرة، فالتعطيل والاستحواذ على المسؤوليات لم يكن في حقيقته إلا خرقاً متكرراً لمفاهيمهم حول الإمامة والغيّبة، وان ولاية الفقيه ليست سوى تحصيل حاصل لا مفر منه، وفي حال عدم ظهورها على يد روح الله الخميني فان فقيه آخر سيرفع رايتها في المستقبل، ولأسباب كثيرة يفرضها الواقع، وهو ذات الواقع الذي نشأت من رحمه "ولاية الفقيه".



#ربيع_نعيم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار والملالي -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-
- رواية العم سام -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-
- 8 ساعات في معسكر الرشيد
- قطار الموت 1963
- آبار الدولة الاسلامية
- بنادق الجماعة
- سطور من تاريخ التكبير
- إِمامٌ وشياطين -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ربيع نعيم مهدي - إمامٌ في حضرة الفقيه -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-