أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - منثور على عتبات بيوتنا القديمة محمود السرساوي














المزيد.....

منثور على عتبات بيوتنا القديمة محمود السرساوي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6335 - 2019 / 8 / 29 - 18:09
المحور: الادب والفن
    


منثور على عتبات بيوتنا القديمة
محمود السرساوي
عندما يكون الألم شديد لا بد من وجود/خلق من يزيل/يخفف هذا الألم، طبيعة النفس البشرية تميل إلى نظائرها، الرجل يميل للمرأة، والمرأة تميل إلى الرجل، لكن في حالة الشعراء تكون الصورة اكبر، من يتابع ما يكتبه "محمود السرساوي" يجد حالة من الألم الشديد في شعره، فهو الذي هُجر من مكانه مرتين، مرة من فلسطين ومرة من دمشق، لهذا لا بد من الاستعانة بالمخلصة، لتخرجه من حالة الحزن والألم ولو مؤقتا، فكما يطفئ الماء النار تطفئ المرأة الحزن، لهذا نجد مساحة في المضمون بين هذه قصيدة، "منثور على عتبات بيوتنا القديمة" وبقية القصائد، فالقصيدة مهداة إلى "" فالشاعر يطهر نفسه مما علق بها من ندوب وأوجاع، لهذا نجد الألفاظ المستخدمة تميل نحو البياض، رغم سعي الشاعر للتحرر من الواقع، واقع الهجرة والغربة والاغتراب.
يفتتح الشاعر القصيدة:
"يا هذه الأمكنة..
حدثينا عن الذين مروا على العتبات"
المخاطب مؤنث، يا هذه الأمكنة، وهي قريبة وبعيدة في ذات الوقت، "يا، هي" غالبا ما يعود (العربي) إلى الماضي، ليستمد منه شيء من الفرح/الكرامة بعد ان تفشى الذل والقهر في عصرنا، فالماضي ـ عند العربي ـ يساوي الكرامة والحياة السوية، والحاضر يعني البؤس والشقاء، لهذا نجد صيغة الماضي حاضرة في القصيدة "مروا"، وفعل الأمر "حدثينا" جاء بصيفة قريبة من الاستعطاف وطلب المساعدة أكثر منه بصيغة الأمر السيادي الفوقي، وتستوقفنا ألفاظ "يا، هذه، الأمكنة، حدثينا، مروا، العتبات" فهي بمجملها بيضاء وخالية من الحزن، لكنها ليست مفرحة، بل اقرب إلى العادية/السوية، وهذا يشير إلى حقيقة ما يمر به الشاعر.
"حدثينا عن ايقاع سرب الحمام في المساءات"
أيضا يكرر الشاعر "حدثينا" وهذا يشير إلى حاجته للماضي/للفرح، ويستخدم ألفاظ بيضاء: "حدثينا، ايقاع، سرب، الحمام، المساءات" في هذا المقطع يأخذ الشاعر بالتقدم خطوة نحو الفرح، فهناك سرب الحمام، والمساءات.
"حدثينا عن ليالي الصيف والموسم والبيدر
وكسيرات الخبز
واللقيمات الهنيئات المريئات "
يتقدم الشاعر بسرعة أكبر نحو الفرح، وكأنه (ذاق) حلاوة الحياة السوية، فتقدم بسرعة وبوتيرة عالية نحو الفرح، لهذا نج الألفاظ: "الصيف والمواسم، البيدر، كسيرات، الخبز، اللقيمات، الهنيئات، المرئيات" والشاعر يركز على المؤنث، ويستخدمه بصيغة جمل التقليل، أو جمع الكفاية: " ليالي، كسيرات، اللقيمات، الهنيئات، المرئيات" وكأنه يقول أنا أريد حاجتي من حياة السوية، ولا أريد زيادة عليها، فقط حاجتي الطبيعية وليس أكثر مما أحتاجه.
والملفت للنظر أن المؤنث تتفوق على المذكر، بعدد الألفاظ وبالجمع، وهذا يخفي ـ بطريقة غير مباشرة ـ الألم الذي يعانيه.
" حدثينا عن الوقت كيف يفر
وكيف يصير القادم خلف المتاهات
امنحينا شيئا من ذاكرة عتيقة
تعيد مجد الحب وتقدس القمح
وركعتي الفجر وأوراد الصباح
وأسرار التحيات "
إذن كلما كانت الأنثى حاضرة يميل الشاعر إلى الهدوء والسكينة، وكلما قل حضورها يميل إلى الواقع وما فيه من قسوة: فنجده ربط "الوقت" المذكر بفعل قاسي "يفر" والمذكر "القادم" ب"خلف، المتهاهات" لكنه عندما استخدم المؤنث "الذاكرة العتيقة، انعكست ايجابيا على الفرح فكان "المحب، وتقديس، القمح، ركعتي، الفجر، أوردة، الصباح، التحيات" فالعلاقة حاضرة بين المذكر القاسي، والمؤنث الناعم/الهادئ.
"حدثينا كيف رتبت جدتي الطريق لجدي
وأخبرته قبل موسم الزيتون
عن شتوة أيلول
وأين تتجه الغيمات!!
وكيف اعتلى أبي صهوة الحب
وكتب القصيد بعيني أمي
وطار للقدس
واعتلى الكرامة
وأشرقت من وجهه الصباحات"
ما جاء في هذا المقع يؤكد قوة وحضور الأنثى وأثرها الايجابي على الشاعر، بحيث لا نجد ولا أي لفظ قاسي، فهناك "الجدة، رتبت، لجدي، أخبرته، موسم، الزيتون، شتوة، تتجه، الغيمات، صهوة، الحب، كتب، القصيدة، بعيني، أمي، وطار، للقدس، اعتلى، الكرامة، اشرقت، وجهه، الصباحات" فالمقطع ناصع ومطلق البياض، بحيث يجتمع فيه اللفظ الأبيض ومعنى الفرح معا، وهذا ما كان دون وجود أنثى مزدوجة "المخاطبة/حديثنا" وجدتي، فكان أثرهما أكبر وأكثر مما سبق، فهذا المقطع أطول من كل ما سبقه من المقاطع، وهذا دليل على أن الأنثى كلما زاد حضورها كان أثرها أكبر على الشاعر وعلى القصيدة.
"حدثينا عن بركة الأيام وعن سر الطعم
في ماء الحياة "
يبدو أن الشاعر أخذ جرعة أكبر مما يحتاجه من الفرح، فقد أحبرنا فيما سبق ـ بالجمع التقليل/جمع الكفاية ـ أنها لا يريد أكثر من حاجته من الحياة السوية، لهذا نجده (يقتصد) في هذا المقطع، مكتفيا بالماء، وتأكيد على قناعة الشاعر وعدم طلب/أخذ إلا ما يحتاجه استخدم "بركة"، وفي هذا المقطع يجتمع الحجم واللفظ معا في خدمه فكرة الكفاية التي يريدها الشاعر.
"وحدثينا عن سر الأشياء في الأشياء
وعن سر السجاجيد ويد الفقير
والمعجزات....
يا هذه الأمكنة..
هل يستفيق فيك الحنين
ليمسح دمعي
ويعيد انتفاضة قلبي للحياة!؟"
الفاظ الخاتمة لم تكن بيضاء كحال فاتحتها ومتنها، وهذا يعكس حقيقة واقع الشاعر، فهو يعيش هجرة قرضت عليه، لهذا ظهر (غضبه) ب "وحدثينا" فبدا غير (ضابط) لمشاعره كما جاء في فاتحة القصيدة، فجاءت الألفاظ السوداء والقاسية: "سر، الفقير، دمعي".
يستوقفنا لفظ "دمعي" فهو الوحيد المتعلق بذات المتكلم/الشاعر ـ إذا ما استثنينا "حدثينا" وهذا يعكس واقع الشاعر الحقيقي، فهو لم يعد قادر على إخفاء ازمته.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجموعة -ذبيحة- هاني أبو انعيم
- ذات نداء موسى صالح الكسواني
- القرية اللبنانية في رواية طيور أيلول إملي نصر الله
- مناقشة كتاب صفحات من حياة رفعت النمر
- تاريخ الوطن العربي والغزو الصليبي
- قصة -العبد سعيد- محمود شاهين
- جرأة -مشهور البطران-
- رنا صالح في قصيدة -تراتيل عشق-
- الحدث والكتابة في ديوان اشتعالات الدم والزنابق أحمد غطاشه
- المرأة في ديوان ويندلع غنج البحر خليل إبراهيم حسونة
- المكان في المجموعة القصصية (سلون) للكاتب سعادة أبو عراق
- كمال الشخصيات في رواية -بنت من شاتيلا- اكرم مسلم
- التجديد والمعاصرة في مجموعة -أنزفيني مرة أخرى- عمار الجنيدي
- الوحدة والتنوع في ديوان مقامات قوس قزح مازن دويكات
- محمد ولد طالب امشي إليك
- الوقت في قصيدة -وعمت صباحاً/مساءً أيا وقتنا- كميل أبو حنيش
- مناقشة (ديوان ما يشبه الرثاء)
- الكلمة عند سمير التميمي
- لأسد الصراع على الشرق الاوسط باتريك سيل
- الفواتح في مجموعة عن الحب والموت -هشام البستاني-


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - منثور على عتبات بيوتنا القديمة محمود السرساوي