أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!















المزيد.....

منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6332 - 2019 / 8 / 26 - 02:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل السياسات الأمريكية غير المتوازنة والمناخ الدولي المضطرب، وكذلك تفاقم الأزمة الإقليمية وصراع السيطرة على سوق النفط وتجارة الممرات البحرية في كل من مضيقي هرمز وباب المندب، وفي سياق التصعيد العسكري والسياسي ضد حكومة طهران وتوفير البيئة لعقد صفقات كبرى، جاء الاتفاق الأولي التركي – الأمريكي حول تأسيس (منطقة آمنة) في شمالي الجزيرة السورية ليزيد المشهد تعقيدا ولتدفع المسألة السورية نحو مستوى آخر من الاستعصاء والكارثية.
على الرغم من الاهتمام والشرح المسهب إعلاميا لهذه المنطقة والسيناريوهات المتوقعة لصيغ تشيكلها، إلا أنه مازال اتفاقا أوليا غير دقيق، ولم تثبت تفاصليه، أو لم تعلن عنه إعلاميا على أقل تقدير. وعلى الرغم من أن الاتفاق من منظوره العام أفضل من اللااتفاق، فهو بطريقة ما يبعد احتمالات التصادم والحرب التي نخرت خواصر المجتمع السوري، لكنه من منظور خاص يظل اتفاقا خطيرا ومؤشرا على بداية مرحلة جديدة في معالجة وتثبيط المسألة السورية عموما والكردية منها على وجه الخصوص. ويشكل احتمالا إضافيا لتحسين وضعية تركيا النيوكولونيالية الساعية للهيمنة الاقتصادية والسياسية عالم العربي، فضلا عن أنه مسعى صريح لمعادة أي تقدم في الملف الكوردي. ما يرجح هذه الفرضية أن الرئيس التركي رجب اردوغان قد ضمن رسالته بمناسبة عيد الأضحى من جديد أحداثا ذات دلالة تاريخية استعمارية وتوسعية، فقد أكد على أن شهر آب الحالي سيشهد المزيد من الانتصارات في سوريا لصالح تركيا كما شهد هذا الشهر أول فتح تركي للمنطقة يوم 26 آب عام 1071 ميلادية، مذكرا بمعركة ملاذكرد التي تم فيها احتلال شمالي كوردستان والتوجه غربا نحو الأناضول لمواجهة بيزنطة ومحاربة العالم المسيحي والتوسع على حسابه. مفتخرا في الوقت نفسه بمعركة مرج دابق في 24 آب عام 1516م التي تم بعدها احتلال وحكم العالم العربي من قبل الغزاة العثمانيين الأتراك. فالدلالة صريحة وواضحة في استحضار التاريخ العسكري والسياسي للأتراك وتفصح عن رغبة فاقعة في التفوق العسكري والهيمنة على العالم العربي عموما وسوريا خصوصا.
أول مؤشرات خطورة هذا الاتفاق تأتي أيضا من أن الطرف السوري غائب بكل تلاوينه ومستوياته السياسية. كما أن الطرف الإقليمي العربي أيضا مستبعد. فضلا عن سلبية أوربية فرنسية – بريطانية.
المؤشر السلبي الأول لهذا الاتفاق يكمن في أنه أمني عسكري، لم يتدخل فيه سياسيا بشكل فعال سوى ممثل أمريكا في متابعة المسألة السورية جميس جيفري (المعروف بتعاطفه مع تركيا)، إذ ظهرت من العناوين الأولية للاتفاق أن قضايا الادارة والمجتمع والمساهمة في الانتقال الديمقراطي غائبة تماما، بقدر غياب الفعاليات السورية، على الرغم من ضعف حضورها في معظم الاتفاقيات الأخرى في السنوات والأشهر الأخيرة.
ما ترابط وتشابك مع الاتفاق على أرض الواقع هو رد الفعل الروسي بالتنسيق مع حكومة دمشق وترجم عسكريا في محافظة إدلب وتصاعد حتى تم قصف قافلة عسكرية تركية ليلة 19 آب الجاري، وعلى ما يبدو أن أول ترددات الاتفاق على الأرض السورية قد تكون عملية دفع المسلحين من متطرفي المعارضة نحو الشمال، الذي سيسبب مزيدا من الاحتكاك مع المواطنين الكورد في عفرين ومنطقة الشهباء وقد ينتج عنه موجة نزوح مدني وعسكري نحو داخل حدود تركيا. فالاتفاق قد يدفع كل من روسيا وايران ليس للاختلاف بل والانتقام من تركيا بإخراج المزيد من التنظيمات التابعة لها من مناطق ريفي حلب وادلب.
الخطورة المتوقعة تكمن أيضا حال تطبيق الاتفاق في إزاحة قوات سوريا الديمقراطية نحو الجنوب وزيادة احتكاكها مع الأوساط المستاءة من المجتمع العربي في جنوب الجزيرة السورية وعلى طرفي نهر الفرات. وبالتوازي مع ذلك من المحتمل تسلل عناصر تابعة للحكومة التركية مهمتها زرع عدم الاستقرار والتسبب في المزيد من الشقاق بين الكورد والعرب وابتزاز المسيحيين في الشريط الحدودي ذات الكثافة السكانية العالية.
مسار الحرب والصراع في السنوات الماضية أثبتت ان مطالب تركيا وطموحاتها في الهيمنة على سوريا وصياغة ما يتبقى منها مستقبلا لا تنتهي، وما المنطقة الآمنة سوى أحد حلقات هذا المسلسل الطويل في المطالب والحجج، ففي جزئية شرق الفرات لن تتوقف تركيا عن السعي لمزيد من الكسب السياسي غير المشروع، سواء من حيث عمق المنطقة الآمنة أو طولها، فهي تستهدف في المحصلة الواقع الإداري والسياسي والاجتماعي الجديد الذي تشكل بعد عام 2012، وليس له علاقة حقيقية بالتهديد الأمني لداخل تركيا، خاصة أن جل المنطقة المحاذية لشمال سوريا هي مناطق كردية ولا توجد في المناطق الحدودية سوى عناصر من حرس الحدود التركي، وخط الحدود مسيج بأسلاك شائكة منذ عشرات السنين وتم بناء جدار كونكريتي في السنوات الأخيرة فضلا عن وجود ألغام أرضية منذ تأسيس الجمهورية التركية منذ حوالي مئة عام. فهدف حكومة أردوغان استراتيجي صريح في السيطرة على المنطقة والهيمنة سياسيا على معظم منطقة شرق المتوسط، وصولا الى لجم وتحديد مسار العملية السياسية في سوريا بدلالة المصالح التركية.
في حال تسبب الاتفاق في نزوح المدنيين جنوبا و ازاحة قوات قسد للتمركز والتمدد على ضفتي الفرات في كلتا الحالتين قد نشهد مزيدا من العنف والتصادم الاجتماعي، وسيتم غلق ما تبقى من المخارج الضيقة أصلا نحو الحل السلمي والانتقال السياسي في سوريا.
إقليميا ليس ثمة عوامل مساعدة لا على تأسيس منطقة آمنة صغيرة ولا على إيجاد حل مشرف وقريب للمسألة السورية، فالاقليم مشتعل وقد تتفاقم حالات التصادم الى حروب كبرى، لذلك فرص نجاح تأسيس منطقة آمنة تظل قليلة وستأخذ نتائجها في حال التطبيق وقتا أكثر من المتوقع.
أخيرا أثبتت تجارب الخمسين سنة الأخيرة أن القوات التركية عندما يسمح (غربيا) لها بالخروج الى خارج حدود تركيا في الجوار فإنها لن تعود الى قواعدها اطلاقا وتضم هذه الأراضي الى تركيا وتنفذ برامج تتريك وتغيير ديمغرافي وسياسي كما حدث في شمال قبرص وفي كوردستان العراق وكذلك بشمالي سوريا في السنوات الثلاث الأخيرة (من جرابلس وحتى محافظة ادلب مرورا بعفرين)، وهذا ما يتوافق مع سياسات حلف حزب أردوغان (AKP) والحزب القومي الفاشي (MHP) التي باتت تبتلع الأراضي السورية منطقة بعد أخرى، كما تبتلع المعارضة السورية مجموعة بعد أخرى.
في المحصلة مشروع الحل السياسي؟ دعم مسار السلم الأهلي، ترسيخ قيم المواطنة والمساواة والبدء بالانتقال السياسي فالتأسيس لنظام ديمقراطي سيتراجع بالضرورة مع تقدم وتعمق التدخل التركي على الأرض في سوريا فضلا عن تقدمها المستمر في تفشيل ما تبقى من المعارضة السورية. الاتفاق الأمني التركي – الأمريكي بصدد شمال سوريا يؤسس لمزيد من الاستعصاء، ولا يوفر بيئة مناسبة لأي حل جزئي أو كلي. فالإقليم مشتعل، ومن الصعب تحقيق سلام جزئي على رقعة صغيرة منه، وان كان مطلب المواطن السوري اليوم هو السلم الأهلي في المقام الأول.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إئتلافيّون أم أنفاليّون جدد في عفرين؟
- غصن الزيتون أم شجرة الاستيطان؟
- قصة أول بيان تضامني مع حلبجة قبل 28 سنة
- سنجار من منظور ثقافي وكتراث انساني
- لماذا تعادي بريطانيا-العظمى- كوردستان الناشئة؟
- الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟
- كوباني: قصة نجاح على حافة التجميد
- ملامح محنة العرب السنة
- داعش بين خيوط اللعبة الأمريكية
- معرفة الأكراد عربيا
- لماذا انحنت القوى العظمى أمام حكام طهران؟
- هل حقا كردستان مستعمرة دولية؟
- مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر
- الانتفاضات العربية: جوع للسلطة وكراهية لللاصلاح
- تركيا وخيارات شراكتها الصعبة
- من المدينة الفاضلة إلى مدينة الكينونة
- دور الحركة الكردية في الانتفاضة السورية خلال عام 2011
- الحركة الكردية ودورها في المعارضة السورية*
- يشار كمال في: سلطان الفيلة
- الاستخدام المُفرَط للتاريخ في الأجندات السياسيّة


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!