أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري














المزيد.....

مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6328 - 2019 / 8 / 22 - 22:04
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يوافق يوم ١١ فبراير مولد المفكرة الأديبة المبدعة مى زيادة، التى ولدت عام ١٨٨٦، وماتت ١٩ أكتوبر ١٩٤١، وهى فى ريعان شبابها وقمة إنتاجها الفكرى الأدبى، ماتت فى مستشفى داخل مصر، مهجورة من أهلها وعائلتها فى لبنان وفلسطين، منسية من أصدقائها وأحبائها فى مصر. لم تختلف مآسى حياتها وموتها عن المفكرات الكاتبات المبدعات فى الشرق والغرب والشمال والجنوب، منذ أن حكم الإله الذكورى يهوه فى كتابه العهد القديم (التوراة) على حواء وجنس النساء كله، بالسقوط والخطيئة، لمجرد أنه خلقهن إناثا وليس ذكورا، وقع الإله يهوه فى التناقض والعنصرية الجنسية دون أن يدرى، فكيف يكون هو الذى خلق الأنثى، ولم تخلق هى نفسها أنثى، ومع ذلك يعاقبها أشد العقاب على ما فعله هو، يلصق بها العار والدونية والعبودية والإثم، ونقصان العقل، ويجعل لزوجها السلطة المطلقة والشرف والعقل والكرامة والنخوة والشهامة، وهى مجرد متاع له، وعاء لأبنائه تحمل وتلد فى الأسى والألم والهوان وهو يسود عليها كما ورد فى التوراة بالحرف، وانتقلت هذه الكلمات من التوراة إلى ما تلاها من كتب دينية بلغات أخرى وتعبيرات مختلفة، لكنها تحمل المعنى نفسه.

كنت أقرأ هذه الكلمات فى حصة التاريخ والدين بالمدرسة الابتدائية الإنجليزية فى بلدة منوف وسط دلتا النيل، مع زميلاتى اليهوديات والمسيحيات والمسلمات، نشعر بالغضب المكبوت فى قلوبنا من التناقض الدينى الواضح لنا نحن الأطفال، والظلم الواقع علينا لمجرد أننا خلقنا إناثا وليس ذكورا.

كنت فى العاشرة من عمرى بالمدرسة الابتدائية حين سمعت أمى تقول ماتت مى زيادة يا نوال، كانت أمى تقرأ عنها أحيانا فى الصحف، وكانت الصحف تهتم بأخبارها الخاصة عن حياتها الشخصية، عن كونها أنثى جميلة متحررة سافرة لا ترتدى الحجاب، تخالط الذكور، تعقد صالونا أدبيا يجتمع فيه الرجال منهم عباس العقاد وغيره ممن يعشقونها.

أغلب الحكايات عنها سلبية لا تذكر الصحف شيئا عن أفكارها وكتاباتها الأدبية وفلسفتها فى الحياة، لكن أمى كانت تقول إنها كاتبة وأديبة عظيمة، يتجاهلها النقاد، لأنها امرأة، ولأنها سافرة وتخالط الرجال ولا تراعى التقاليد التى تخضع لها كل النساء.

لم نقرأ كلمة واحدة عن مى زيادة فى المدرسة الابتدائية ولا الثانوية، ولا بعد ذلك فى الجامعات، حين حصلت على الشهادة الثانوية وتأهبت لدخول الجامعة نصحنى أبى وأمى بدخول كلية الطب لأصبح طبيبة وليس أديبة، قال أبى الأدباء يا ابنتى يدخلون السجون ويموتون فقراء، والأديبات النساء تشوه سمعتهن مثل مى زيادة لا ينلن أى تكريم من أحد، يغدر بهن الوطن والزوج والعائلة والأصدقاء والأحباء والصديقات، يعشن، وحيدات ويمتن وحيدات.

سمعت كلام أمى وأبى ودخلت كلية الطب، وتخرجت طبيبة بتفوق، لكنى كنت أحتفظ بمفكرتى السرية منذ الطفولة أدون فيها أفكارى ومشاعرى، وما إن بدأت أكتب منذ نصف قرن وأكثر، وأعبر عن نفسى بحرية وصدق حتى انهالت على اللعنات ونهشت الإشاعات عظامى، حتى اليوم ١١ فبراير ٢٠١٩، تحتفل وزارة الصحة والسكان ونقابة الأطباء بقانون وبمشاريع محاربة ختان الإناث فى مصر، وحين قمت أنا منذ أكثر من نصف قرن، بالكتابة عن مآسى ومضار الختان الصحية والاجتماعية وطالبت بتجريمه ومنعه، أصدر وزير الصحة حينئذ، عددا من القرارات لإبعادى عن منصبى، وتشريدى، وأصدرت نقابة الأطباء ومشيخة الأزهر بيانات تشوه سمعتى، بأننى جاهلة بالطب والدين بل، كافرة ضد الأخلاق، واستحق العقاب.

تعود إلى هذه الذكريات يوم ١١ فبراير ٢٠١٩ فى عيد ميلاد الأديبة العظيمة مى زيادة، وأتوقع أن أموت مثلها وحيدة دون تكريم من أحد لكنى لن أكون أبدا حزينة أو نادمة، بل فخورة وسعيدة، فالسعادة تنبع من داخلى وأعماقى، ومن أعمالى الإبداعية والفكرية، وليست من الخارج.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة الزوج الثاني في المحكمة
- نوال السعداويأمر الله والانفجار السكاني
- الصراع الدامي التاريخي بين الآلهة والبشر
- مذكرات طبيبة بعد 63 عامًا من القهر
- أنت مختلفة.. أنت مختلف موسيقى أو نشاز؟
- ثمن العبودية أفدح من ثمن الحرية
- لجنة القصة بالمجلس الأعلى الدائم
- تجديد الفكر الدينى.. ماذا يعنى؟
- الأنانية الموروثة وروابط الدم
- القدم فوق الرأس والعقل بلا ثمن
- الحجاب والنفط والسلاح ونيوزيلندا
- منابع الإبداع فى عيد الأم المصرية
- تجربتى الذاتية والجدل حول الدستور
- أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة
- جائزة الاستغناء عن الجوائز
- الوزيرة وسلطة الزوج المطلقة
- الإنسان نعمة وليس نقمة
- عنب لذيذ فى احتفال العام الجديد
- الديمقراطية الرأسمالية تتهاوى فى فرنسا
- القانون والنقاب


المزيد.....




- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري