أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - اينشتاين و نظرته الفلسفية للعالم















المزيد.....

اينشتاين و نظرته الفلسفية للعالم


سلام المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 6328 - 2019 / 8 / 22 - 18:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


احتلت النظرية النسبية موقعا بارزا بين الإنجازات القائمة للفكر العلمي الحديث ، إذ مكنت العلماء من تنقيح وجهات النظر التقليدية و التصورات حول بنية العالم المادي ، مبرزة الروابط العميقة و الوثيقة بين الفلسفة و علم الطبيعة ، و لهذا سبب لا يختلف الفلاسفة و الفيزيائيون حول أعمال اينشتاين ، فقد انجذب كلا الطرفين إلى حداثتها المتميزة .
لقد رأى علماء الطبيعة في النظرية النسبية الحل للتناقضات الداخلية بين الميكانيك الكلاسيكي و الكهروديناميك ، في الوقت اعتبرها الماديون الديالكتيكيون برهانا علميا طبيعيا على صحة الأفكار حول المادة و خصائصها التي صيغت في مبادئ مؤسسي الماركسية .
لقد نوقشت نظرة اينشتاين عن العالم لعدة عقود مضت ، و ظهرت حولها العديد من الآراء المتناقضة في الفكر الفلسفي ، حيث تم اعتبار اينشتاين بريكليا ، ماخيا ، كانطيا ، وضعيا ، أحد أنصار الإصلاحية ، تجريبيا ، عقلانيا ...الخ ، و اعتبره بعض الفلاسفة من انصار المادية الديالكتيكية ، و من خلال هذه المناقشات يتأكد لنا شيء واحد ، وهو ارتباط اينشتاين الوثيق بالفلسفة .
لقد شدد اينشتاين في العديد من المناسبات على أن الفيزياء الحديثة لا يمكنها السيطرة على مسائلها الحالية بدون المعرفة الفلسفية ، لقد حللت مقالات اينشتاين اغلب اتجاهات الفلسفية المتعارضة ، فقد قرأ اعمال ارسطو و افلاطون و ديمقريطس و لاميتري و سبينوزا و بريكلي و هيوم و ماخ و كانط و آخرين ، لكن لم يشاطر احدهم معتقداته الفلسفية المثالية أحادية الجانب ، وسيكون من خطأ الاعتقاد بأن آراء اينشتاين الفلسفية قد تقولبت بالفلسفة المثالية التي كان حسن الإطلاع عليها ، كان لاينشتاين معرفة عميقة و واسعة بعلم الطبيعة ، كما تشرب بعلوم و ثقافة عصره ، وسيكون ملائما تماما تطبيق كلمات هيغل على شخصية مثله .
و الآن دعونا نتعرف عن موقف ألبرت آينشتاين من المواقف الفلسفية تالية :

1_ موقفه من المثالية و المذهب الوضعي :
عدا عن المسائل الأخرى ، كان اينشتاين مهتما بالمسائل الابستمولوجية مثل ماهي المعرفة التي يمكن أن يولدها التفكير الخالص بدون الإعتماد على الإدراك الحسي ؟ هل توجد مثل هذه المعرفة ؟ و في حالة عدم وجودها ، فما هي بالضبط العلاقة بين معارفنا و بين المادة الأولية التي زودتنا بها الانطباعات الحسية ؟
لقد اكتشف اينشتاين أجوبة متناقضة حول هذه الأسئلة ضمن دراسته للفلسفة ، و قد تعاطف مع الريبية إزاء المحاولات لإيجاد معرفة عن العالم الخارجي من خلال التفكير الخالص فقط ، لقد وجد اينشتاين في تعاليم بيركلي أنه عند اتخاد قرار معين فإن الفرضية تكون أن حواسنا تدرك بشكل مباشر العمليات فقط ، و ليس مواضيع العالم الخارجي كما يصر التجريبيون ، و لكن بيركلي ينظر إلى مواضيع العالم الخارجي باعتبارها مجموعة من الأفكار ، في حين أن الحدس المادي لأينشتاين حفزه للإعتقاد بأن العمليات التي ندركها من خلال اعضائنا الحسية مرتبطة سببيا بالأشياء الموجودة بشكل موضوعي ، و المستقلة عن التصورات الذاتية .
كما أن دراسة هيوم قد أظهرت لأينشتاين أن المفاهيم العامة و الجوهرية ، مثل السببية لا يمكن استنباطها بصورة مباشرة و واضحة من نتائج الإحساس ، كما رأى اينشتاين أن كانطا قد خطا خطوة إلى الأمام في حل معضلة هيوم ، و لكن بالنقيض من كانط توصل إلى الاستنتاج بأن معرفتنا بالعالم الخارجي تنبع من الواقع من خلال العمل الذهني على نتائج الإحساس ، إن اينشتاين لم يؤيد اصرار كانط على وجود مفاهيم بديهية ، و رأى أن خطأه يكمن في اعتباره مثلا هندسة اقليدس ضرورية للتفكير و أنها معرفة أكيدة تتعلق بمواضيع الادراك الحسي ، من هذا الخطأ الذي يسهل فهمه ، استنتج اينشتاين وجود أحكام تركيبية التي تنتج من العقل فقط ، و أنه يمكن بالتالي الإدعاء بأنها ذات شرعية مطلقة .
و هكذا نرى أن الفة اينشتاين مع اعمال بيركلي و هيوم و كانط لم توصله إلى الثأتر بالإتجاه المثالي في الفلسفة الذي ارتبطت به هذه الاسماء ، لقد خاض اينشتاين في هولاء الفلاسفة المثاليين كمادي عفوي و ديالكتيكي .

2_ موقفه من الدين :
تحدث اينشتاين عن الدين في العديد من المناسبات ، و لكن ثمة أرضية للتوصل إلى أن اينشتاين كان متدينا ؟ هذا الاستنتاج الذي حاول العديد من الفلاسفة اللاهوتيين اثباته ، دعونا الآن نناقش موقف اينشتاين من الدين ، ماذا قال عنه وكيف فهمه ؟
لقد اعترف اينشتاين في مذكراته أنه كان متدينا في طفولته مثل الكثير من معاصريه ، و لكن ذلك قد انتهى بشكل حاد عندما بلغ الثانية عشرة ، و في مقالته " الدين و العلم " حاول اينشتاين أن يماثل بين أسباب الأفكار الدينية و الإيمان بالقوى الخارقة إلى آخره ،
و آمن بأن الدين تاريخيا في الطبيعة ، و ينبثق كما هو في مرحلة معينة من تطور المجتمع فعند شعوب مختلفة و في مراحل مختلفة تطورت هذه الأفكار الدينية لاسباب مختلفة ، وحسب وجهة نظر اينشتاين فإن الكائن السرمدي هو تحقيق للكينونة الإنسانية .
و بغض النظر عن موقف اينشتاين الرافض للدين و لفكرة و جود الخالق ، فقد اتجه إلى ما يسمى " الدين الكوني " أو " الإله سبينوزا " فماذا يعني هذا الإله بنسبة لاينشتاين ؟ هو الكون هو القوانين الطبيعية التي تحكم هذا الكون و وجودنا مع هذا الكون أو الوجود نشكل امتدادا لهذا الإله أو الجوهر في حين أن القوانين الطبيعية هي الفكر لهذا الجوهر أو الإله ، و هكذا نستنتج أن اينشتاين كان اسبينوزي محض .

3_ موقفه من استقلالية العالم الخارجي عن الوعي :
لقد رأينا أن اينشتاين لم يشاطر المثالية آراءها كما صيغت من ممثيلها قبل الكلاسيكيين ، بالرغم من رجوعه بين الآونة و الأخرى إلى أعمالهم ، حيث رأيناه رافضا الافتراضات الفلسفية الأساسية للمثاليين أو متحدثا بصراحة عن ثأثيرها السلبي على علم الطبيعة ، و لهذا نجد اينشتاين يقر بأن العالم هو واقع مستقل عن عامل الإنسان .

إن دراسة نظرة اينشتاين للعالم تبرر الاستنتاج بأنها لم تكن متطابقة مع أية نظرة فلسفية مثالية ، و إن محاولات ربط أفكاره بالبريكلية و الكانطية و الوضعية الجديدة لا يمكن دفاع عنها و تبريرها فهو لم يتفق مع أي من الآراء الأساسية لهذه المذاهب المثالية و في موقفه إزاء العالم الخارجي كان اينشتاين ماديا عفويا و ديالكتيكيا ، و يظهر هذا الاستنتاج من طبيعة اكتشافاته الفيزيائية ، إن النظرية النسبية أن تعتبر بحق واحدة من أهم اكتشافات علم الطبيعة المطابقة مع المادية الديالكتيكية ، فاكتشافات اينشتاين الفيزيائية أدت إلى تنقيح جذري للمفاهيم الميتافيزيقية القديمة حول الزمان و المكان .

المراجع :
اينشتاين : أفكار و آراء .
اينشتاين : مقالة في العلوم .
رودلف كاسير : سبينوزا ، مع مقدمة بقلم اينشتاين .
لينين : المادية و مذهب النقد التجريبي .



#سلام_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - الوضعية - بين عالم الاجتماع أوغست كونت و عالم الفيزياء إرن ...
- - غربة المثقف ... نيتشه كمثال -
- - موسيقار العدم يحن إلى ما قبل النشأة -
- سارتر و الوجودية


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - اينشتاين و نظرته الفلسفية للعالم