أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صلاح حسن رفو - احداث تافهة عاصرتها 9














المزيد.....

احداث تافهة عاصرتها 9


صلاح حسن رفو
(Salah)


الحوار المتمدن-العدد: 6328 - 2019 / 8 / 22 - 15:07
المحور: كتابات ساخرة
    


ن ملاحم الجياع 2

في منتصف الثمانينات من القرن الماضي بدء العمل بمشروع ري الجزيرة " المنطقة الشمالية" كخطوة اولية لعمل ملحق ومكمل له يسمى " مشروع ري المنطقة الشرقية والجنوبية" لمحافظة نينوى ، قيل حينذاك بأنه سيكون اكبر مشروع اروائي زراعي في الشرق الاوسط ، وبالفعل بدات الشركة الصينية وبأشراف عراقي صيني مشترك لتدشين اولى مهام العمل من منظومة انابيب اسمنتية وطرق ري عملاقة ومبتكرة تلتف لمئات الكيلومترات حول نفسها . توقف العمل في مراحله النهائية بعد غزو صدام للكويت وانسحاب المشاريع الاجنبية من العراق.
اثناء تواجد العمالة الصينية في المنطقة وفي ناحية ربيعة وضواحيها قل عدد الحمير والكلاب السائبة لدرجة كبيرة، اذ كان الاهالي يقايضون بيع تلك الحيوانات مع العمال الصينيين بحاجات بسيطة كأوراق اللعب ومساحيق التجميل ومرطبات البشرة واكسسوارات ولعب اطفال ويقوم العمال بطهي وكل لحوم تلك الحيوانات رخيصة الكلفة.
اصبحت فيما بعد تلك المنطقة مسرحاً لأكبر تجمع بشري في العراق من اجل الحصول على لقمة العيش المرة والصعبة بسبب الحصار الاقتصادي الذي فُرضَ على العراق، فباتَ اكثر من مليون شخص من سهل نينوى وسنجار وتلعفر يقومون بجهد ونشاط غير مألوف في زراعة الخضروات الموسمية لبيعها في الاسواق العراقية .
(الايزيديون) كانوا يشكلون العمود الفقري لهذه العملية، فألاغلبية المطلقة كانت تضطر لغلق ابواب بيوتها في " المجمعات القسرية" وترحل لبناء اكواخ موسمية في ربيعة في اراضي مستأجرة لزراعتها لحين انتهاء الموسم الزراعي لتأتي الجرافات لهدمها وتحضير وتجهيز تلك الاراضي للموسم القادم.
تبدا الاعمال في منتصف الشهر العاشر بزراعة شتلات الطماطة والرقي والخيار وانواع اخرى حسب الخطة الموضوعة لتلك السنة، تمر الاشهر الثلاثة الاولى من الزراعة بجوع وٍتعب وبردٍ وخوف من عدم نجاح النبتات ، كانت تسمى هذه المرحلة حينها وبتهكم بـ"ايام القحط الكبير" على وزن " ايام الزحف الكبير" الذي سميَ ابان الاستفتاء الذي اجري لأنتخاب صدام حسين رئيساً للجمهورية.
لكل شخصٍ اعرفه عشرات القصص ومئات الحكايات التي تضحك المرء وتبكيه حدثت معظمها في بساتين ربيعة التي خدمت اهالي المنطقة في ان لا يموتوا جوعاً، لكنها كانت تحمل ايضا كل سنة اخبار جديدة عن الوفيات غرقاً او لعدم توفر الادوية الطبية اللازمة لأنتشار الامراض الشائعة حينها نتيجة المياه الملوثة والحشرات والزواحف السامة، كانت امراض الكوليرا والتيفوئيد تفتك سنوياً بالالاف من الناس وكانت شوارع مدينة سنجار تفرش صيفاً مئات المرضى يومياً القادمين من ربيعة في انتظار فتح عيادات الاطباء ،وفي السنوات الاخيرة ظهر مرض (الليشمانيا) المعروف بـ" حبة بغداد" التي شوهت وجوه واجسام الكثير من العوائل العاملة هناك لخطورتها وكبر حجمها.
يقول (سربست دخيل) احد خريجي كلية الادارة والاقتصاد والذي يعمل حالياً محاسباً في احد متاجر السليمانية وقد قضى معظم طفولته هناك في بساتين ربيعة : كبرت وكنت اظن ان المعكرونة و"الشعرية" المحلية التي تشبه " الاسبكتي" هي عبارة عن لحم غنم ولحم دجاج ، هكذا اقنعتني امي لكوننا عأئلة كبيرة ومدقعة الفقر ولا حيلة لوالدي سوى الزراعة في ربيعة بعد تسرحه من الخدمة العسكرية لعدم توفر ادنى فرص عمل اخرى في المنطقة ، وكذلك لاننا لم نجد اللحم لسنوات في مطبخنا الا في مناسبات قلة لا اتذكرها في الحقيقة، لذا لجئت امي لهذه الحيلة بتسمية هذه الاصناف بهذه الاسماء ، والطريف ان اصدقائنا من الجيران_ والذين يتغيرون كل سنة بسبب تغيير المنطقة المراد زراعتها_ كانوا يحسدوننا كثيراً عندما نسال بعضنا بفضول الاطفال عن ما تغديناه اليوم نحن الاصدقاء، اذ يكون جوابنا نحن الاخوة : مرقة لحم غنم او مرقة لحم دجاج مع برغل !، ويضيف سربست ، في احدى السنوات ولكون البيوت الطينية التي نسكنها وقتية فتكون قليلة التكليف والتجهيز والبناء، اذ يوضع اخشاب وعصي قديمة للسطح لتغطينا لأشهر الصيف والتي بنهايته سيُهدم كما هو معلوم، وفي احدى الساعات الاولى لصباحات تموز الحارة وبعد عمل شاق لوالديا في اليوم الفائت في كرد الحشائش من سواقي نبتات الطماطة وبين شخيرٍ وزفيرٍ لي ولأخوتي الاربعة واذا بالسقف يغورُ بنا الى الغرفة بعد ساعاتٍ نومٍ هنيئة فوق سطح تلك الغرفة المسكينة... لم يتحرك احد منا من الارهاق والنعاس ، قال والدي بهدوئه المعتاد: هل تأذى احد منكم؟! ، الجميع اجابوا بالنفي... فقال بضحكة خافتة : اذن لننام والصباح رباح.

صلاح حسن رفو



#صلاح_حسن_رفو (هاشتاغ)       Salah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احداث تافهة عاصرتها 8
- احداث تافهة عاصرتها7
- احداث تافهة عاصرتها 6
- احداث تافهة عاصرتها 5
- احداث تافهة عاصرتها 4
- احداث تافهة عاصرتها 3
- احداث تافهة عاصرتها 2
- احداث تافهة عاصرتها 1
- طفولة على تل القصب 10
- طفولة على تل القصب 9
- طفولة على تل القصب 8
- طفولة على تل القصب 7
- طفولة على تل القصب 6
- طفولة على تل القصب 5
- طفولة على تل القصب 4
- طفولة على تل القصب 3
- طفولة على تل القصب 2
- طفولة على تل القصب
- 3 قصص قصيرة جدا
- اوراق من المهجر 19


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صلاح حسن رفو - احداث تافهة عاصرتها 9